الفصل الرابع والثلاثون

7.3K 237 43
                                    

تراجع عماد بشحوب يحدق في عمه الذي ألقى قنبلته لتنفجر مباشرة في قلبه وسقط فوق الأريكة مرددًا بارتجاف

"ما الذي تقوله عمي؟... هذا مستحيل... أنا لا أصدق"

أطرق أحمد رأسه هامساً بمرارة

"هذا لن يغير شيئاً مما سمعت عماد... أنت طلبت الحقيقة مهما بلغت قسوتها"

ارتجفت شفتاه واحترقت عيناه بدموع مكبوتة... هذا مستحيل... بالتأكيد هناك خطا... عقله أخبره بمرارة أنّه لا يتوهم وأنّ كل الشواهد تشير لصدق عمه... ليته ما سأل... لا، بل ليته مات قبل أن يعرف... شعر باختناق شديد وهو يتذكر وجه سؤدد الذي شحب بشدة وهو يسألها عن سبب كراهيتها لتوفيق... حديثهما الذي لم يكتمل ورعبه من شحوبها وتهربها من مواجهته دفعه ليأتي ويسأله عن شكوكه التي قضى معها ليلة طويلة معذبة... أراده أن يدفع تلك الشكوك بعيدًا لا أن يؤكدها... نهض هاتفاً بعنف

"كلا... لا يمكنني أن أصدق هذا عمي... لا يمكنني"

"عماد... أخبرتك أنّك لن تحتمل الحقيقة... لقد أخبرتك قشورها فقط ولم تحتملها بني... ما حدث لسؤدد أبشع بكثير"

اختنق صوته بدموعه وتعلقت عينا عماد به في هلع بينما عقله يسترجع كل مرة كانت تشحب عندما يقترب منها... تشنجها عندما يقترب منها رجل ولو مصادفة... المرات التي فقدت فيها وعيها أو كادت عندما أخافها باقترابه... والمرة التي انهارت فيها وقاومته بشراسة... كلماتها وصراخها واستنجادها به... لا يمكن أن يكونوا قد فعلوا بها ما فهمه... انقبض قلبه بعنف وردد بارتجاف

"ماذا تعني بأنّ ما حدث لها أبشع؟... لا... لا تقل أنّهم قد"

عيناه توسلتاه ألا يقتله بتلك الكلمات... سيحتمل فقط ما سمعه بالبداية... أنّها اختُطفت وعذبوها انتقاماً منه... لن يحتمل شيئاً آخرا... صمتُ عمه ووجهه المنخفض جعلا قلبه يتوقف فأسرع نحوه وركع أمام فراشه وأمسك كفه هاتفاً بحرقة

"أرجوك عمي... لا تكذب علي... لا تقلتني بكلامك"

نظر بألم في عينيّ ابن شقيقه الدامعتين تتوسلانه بلوعة فهمس يخبره ما حدث... كل كلمة كانت تسقط كالسوط على قلب عماد الذي حدق فيه برعب وصدمة يهز رأسه رفضاً بينما صورة سؤدد المقيدة للحائط بجسدها الصغير العاري تمزق قلبه وصدى صرخاتها يتردد داخله محرقاً خلاياه... لم يحتمل فنهض يدور كليث جريح في الغرفة بينما عمه يواصل

"كل لحظة فصلت بيننا وبين العثور عليها كانت تقتلها... توفيق أراد قتلي بتحطيمها... كنت أعرف أنّه قادر على تنفيذ تهديده... هو لا يملك ذرة رحمة واحدة بقلبه... أخبرني أنّه سيبيعها في الرقيق الأبيض"

عض شفته بقوة يغرس أظافره في كفيه حتى أدماهما وكل كلمة تنتزع منه الحياة

"كانت كالجثة الهامدة حين وصلت إليها... عرفت أنّها انتهت وأنا أفك قيودها لتسقط بين ذراعيّ خاوية الروح ومنتهكة بأبشع الطرق... صغيرتي المسكينة... لم يرحموا ضعفها ولا براءتها"

سديمُ عشق "ثلجٌ ونار"(الجزء الثاني من سلسلة حكايات الحب والقدر)  (قيد المراجعة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن