أغلق فهد حقيبته وارتمى على الفراش متطلعاً أمامه للحظات شاردًا بعينين غائمتين يتذكر لحظات وداعه لهمسة... رفع كفيه يرمقهما بألم مستعيدًا عناقه لوجهها وجسدها الذي ضمه للمرة الأخيرة، قبل أن تبتعد كسراب وتتركه ولم تكف قطرات غيثها لإروائه بل زادته عطشاً إليها... دفن وجهه بين كفيه وكلمات عماد القاسية تتردد في أذنيه
"ما الذي اعتقدت نفسك تفعله بذهابك هناك يا فهد؟... هل فقدت عقلك؟"
صورة عماد بوجهه المنفعل الغاضب تمثلت حية أمامه بعد أن عرف بتصرفه الأحمق كما وصفه... كيف يلومه؟... كيف لا يشعر به وهو في نفس موقفه؟... ألا يحترق ويتمزق وكل هذه الحواجز تفصله عن حبيبته؟... هو محق... لقد فقد عقله... سيطرت عليه رغبته في رؤيتها ولم يحتمل، ولم يهتم... انفعاله وغضبه كلها أخرجه فيه وهو يصرخ بحدة
"نعم يا عماد فقدت عقلي... كيف تريدني ألا أفقده؟... كيف تبقى أنت هادئاً بعد كل ما حدث؟"
صرخ مقابله
"أنا لست هادئا... تبًا يا فهد... أنا أتمزق من داخلي... خسارتي مضاعفة وفوق الاحتمال... لم يعد بيدنا تغيير ما حدث، لكننا اتفقنا أن نصحح أخطاءنا فهد وما فعلته أنت يفسد الكثير... لم يكن في صالحنا هذه الخطوة الآن"
ضرب بقبضته على الحائط هاتفاً
"ماذا كنت تريدني أن أفعل؟... أستسلم... أفقدها للأبد وبسبب ماضٍ لعين لم يكن لي يدٌ به؟"
هز رأسه يخبره بتهكم مرير
"وبسبب حاضر ارتكبنا فيه نحن أخطاءً بشعة بحقهم فهد... هل تظنهم يفتحون لك أذرعهم ويرحبون بك في حياتهم ويعطونك ابنتهم؟"
اتسعت عيناه وهو يهتف
"ابنتهم؟... أنت من تقول هذا عماد؟"
تنهد بقوة وهو يجلس على الفراش
"لم يعد هناك مجال للإنكار فهد... هي ابنتهم ومصيرها أن تعود لهم في النهاية"
اقترب يهتف برفض
"همسة تنتمي لنا أيضاً عماد... أنت ربيّتها... هي لم تعرف والدًا غيرك... أنت حميتها وحافظت عليها وصنعت منها تلك الفتاة الرائعة في الوقت الذي لم يكونوا يعلمون فيه شيئاً عنها"
ابتسم بمرارة
"ومن السبب في كونهم لم يعلموا عنها شيئاً؟"
"لم نكن نحن عماد... ليس ذنبنا"
هز رأسه مرددًا
"ولا ذنبهم... نحن ببساطة ندفع ثمن أخطاء الكبار فهد... همسة تنتمي لهم دماً وهذا لن يغير حقيقة أنّها تنتمي لنا بقلبها وروحها... هذا ما جعلني أهدأ ويطمئن قلبي... مهما حدث سنظل جزءاً من حياتها... أنا لن أسمح لهم بمسحنا من ذكرياتها وإبعادها عنا، لكن أولاً علينا تصحيح ما أمكن من أخطائنا في حقهم... علينا تعويضهم"
أنت تقرأ
سديمُ عشق "ثلجٌ ونار"(الجزء الثاني من سلسلة حكايات الحب والقدر) (قيد المراجعة)
Romanceنظرت في عينيه اللتين أخبرتاها بصدقه .. هي تعرف هذا .. تعرف أن ما فعلته قديماً قضى على كل أملٍ لديها لتحصل يوماً على مغفرته .. لكنّها لا تبحث عن المغفرة وحتماً لن تركع لتطلبها .. قاومت تأوهاً كاد يغادر شفتيها وأصابعه تنغرس في ذراعيها بقسوة، لكنّها فش...