المأذون: بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير .. مبارك ان شاء الله
قال المأذون هذة الجملة ليُعلنهما زوجاً وزوجة يجمعهما ذلك الرباط المُقدس .. يجمع شخصان يمكن القول انهما الشئ وعكسه فإن كانت هي الشرق فهو الغرب, هي الشمس بتوهجها ونورها وهو القمر بجانبه المظلم, هي النهار بضوضائه وهو الليل بهدوئه وسكونه المهيب .. انصرف المأذون والشهود من منزل عزيز السيوفي ليقترب ذلك الرجل الوسيم الذي يُزين الشيب رأسه من فتاة رقيقة وزادها فستانها الابيض المزين بالورود الحمراء رقةً وجمالاً
عزيز(وهو يقبلها من جبينها): ألف مبروك يا حبيبتي .. مبروك يا قلب بابا
ابتسمت حنين ابتسامة بسيطة وهزت رأسها .. تحرك عزيز في اتجاة ذلك الشاب الطويل الذي رغم صغر سنه إلا ان حضوره المهيب ووقفته الشامخة يُعطوه هيبة ووقار لا يليقوا إلا به هو .. مراد الحديدي .. اقترب عزيز منه وعانقه
عزيز (بحنو ابوي): مبروك يا ابني .. حنين دلوقتي امانة في رقبتك, حافظ عليها واحميها يا مراد
ربت مراد على كتف عزيز
مراد (بابتسامة بسيطة): متخافش يا عمي
عزيز: حنين بعدي ملهاش غيرك يا مراد, اوعى تتخلى عنها .. هي صحيح تبان مجنونة شويتين بس قلبها ابيض وزي الطفلة الصغيرة من اقل حاجة تفرح ومن اقل حاجة تزعل .. (ثم اكمل بضحكة خفيفة وهو ينظر ناحيتها) .. مع انها مبتعرفش تزعل وحنية الدنيا فيها
مراد (هارباً بنظراته): وانا اوعدك مزعلهاش واحافظ عليها .. لحد ما مهمتي تخلص وأسلمك الامانة تاني
نظر عزيز لمراد نظرة طويلة وابتسم ابتسامة صغيرة وهو يربت على ظهره
عزيز: محدش عارف بكرة مخبيلنا ايه .. ربنا يقدم اللي فيه الخير
فهم مراد ما يرمي عزيز إليه لذلك غير الحديث
مراد: طب عن اذنك بقا علشان نلحق نروح, حضرتك عارف مرام في البيت لوحدها
عزيز: هي ماجتش ليه صحيح البت دي, انا مش قولتلك تجيبها معاك!
مراد: لاقيتها تعبانة شوية فقولتلها تستريح
عزيز(بخوف أبوي): تعبانة؟! ليه مالها؟
مراد: متخافش هي بس اجهدت نفسها شوية في الجامعة, حضرتك عارف بقا من ساعة ما بقت معيدة وهي مش راحمة نفسها وبتجهز الماجيستير
عزيز: ربنا معاها ويوفقها ويصلح حالها
مراد: امين يا رب .. عن اذن حضرتك
هز عزيز رأسه ونادى لحنين لكي تغادر مع مراد .. اتت حنين حاملة حقيبتها وعينيها تلمع بالدموع لفراق والدها الذي لم تفارقه منذ كانت طفلة .. وقفت حنين بجانب والدها بصمت
عزيز: مالك يا حبيبة بابا؟
حنين: ...
عزيز: طب ممكن تبصيلي؟
رفعت حنين وجهها لتظهر عينيها البنيتان وتغطيهما غيمة من الدموع وانفها ووجنتاها الحمراوتان من التأثر
عزيز: ليه الدموع دي يا قلبي؟
ارتمت حنين في احضان ابيها بدون سابق انذار واخذت تبكي بصمت
عزيز(وهو يربت على ظهرها بحنان): بس يا حبيبتي, انتي عارفة اني مبحبكيش تعيطي .. انا هبقى اجيلك وانتي هتجيلي .. مفيش حاجة هتتغير
حنين(بدموع): لأ ك.. كل حاجة هـ.. تتغير
عزيز وهو يرفع وجهها له وينظر لها بحب وحنو ابوي صادق
عزيز: طب اهدي كدا .. قوليلي ايه اللي هيتغير يا ست البنات؟
حنين(بتأثر): مش هـ.. ستناك كل يوم لما ترجع وتطمني عليك .. و.. ولا هتأكد انك أكلت وأ.. أخدت دواك .. و.. لو تعبت مـ.. مين هيكون جانبك .. مـ مين هيعملك الأكل
عزيز(بمزاح لتخفيف حدة الموقف): يااااااه كل دا .. طيب بصي, انا هبقى اكلمك كل يوم في التليفون اطمنك عليا, واوعدك اكل كويس وأخد الدوا في ميعاده .. ولو لا قدر الله حسيت اني تعبان هكلم مراد اخليه يجيبك تقعدي معايا شوية .. اما بقا بالنسبة للأكل فـ متنسيش مين اصلا اللي علمك تطبخي ها
قال اخر جملة بغمزة اضحكتها لتقضي على آخر ذرة عقل بقت لذلك الواقف الذي آثر الصمت ومتابعة حوار تلك الملاك ذات الملامح الطفولية مع ابيها .. كم هي بريئة وجميلة كطفلة صغيرة تماماً كما قال والدها
حنين: توعدني تاخد بالك من نفسك ومتعملش مجهود؟
عزيز(بابتسامة): اوعدك يا قلبي
حنين: وتكلمني اول ما تصحى وقبل ما تنزل واول ما ترجع وقبل ما تنام؟
عزيز(بمزاح): ولو ان الرصيد كدا هيتدمر بس امري لله
لم يتحمل مراد اكثر من ذلك, فقد شعر انه لو انتظر ثانية اخرى بجانبها سينتزعها من احضان ابيها لأحضانه هو .. فهي جميلة ورقيقة وحنونة للغاية وهو بحاجة لمثل ذلك الحنان في حياته القاسية .. وهنا اجبر نفسه على قطع هذة اللحظة ليُشغل عقله فـ هم بأخذ حقيبتها من الارض
مراد(وهو يتحرك ناحية الباب): انا هستنى في العربية
تحرك مراد باتجاة سيارته ولحق به عزيز وحنين
//////////
بغرفة العمليات بمستشفى الشاذلي يقف ذلك الطبيب الشاب الذي بالرغم من صغر سنه إلا انه استطاع ان يثبت نفسه ويبني سمعة تليق بعائلة الشاذلي ليكون حقاً خليفة لوالده الراحل د. محمد الشاذلي اكبر جراحين الوطن العربي .. يلتف حوله الاطباء المساعدين والممرضات وكل منهم يركز على شئ .. فمنهم من يراقب كل خطوة يقوم بها هذا الطبيب في تلك العملية التي راهن الكثير على فشلها إلا هو فصمم على انه سينجح بها .. ومنهم من ينتظر منه اشارة ليناوله الأداوات والمعدات اللازمة بكل مهارة ودقة .. وبينهم كانت تقف هي بعينينها الزرقاوتان تراقب كل شاردة او ورادة تخصه وكل حركة يقوم بها وكل كلمه ينطق بها
ممرضة١: النبض 90 والضغط 110/80
هز رأسه دون ان يرد او يحيد بنظره بعيدا عن ذلك المريض الذي امامه .. كان يركز فيما يفعله بشدة كأنه في سباق مع الزمن .. بل سباق مع الموت .. فكل حالة يقوم بعمل عملية لها يحس انه في سباق مع الموت الذي اخذ منه كل احبائه .. فبكل روح ينقذها يشعر بأنه يأخذ بثأره من الموت الذي ما ان يفرح بحياته يدخلها ليهدم اللذات ويفرق الجماعات .. فجأة يعلو صوت جهاز نبضات القلب
ممرضة١: النبض بقا 70 والضغط 95/70
لم يرد اكرم وظل لا يحيد بنظره عن ما يفعل .. تتجمع حبات العرق على جبينه وتنزل على عينيه لتسرع ممرضة بمسحهم له ليُكمل ما كان يفعل ببراعة شديدة
ممرضة١: يادكتور النبض بقا 50 والضغط 80/60 .. احنا كدا بنفقد الحالة يا دكتور
تضيق نظرات أكرم وينفصل عن ما حوله لا يرى شيئاً سوا الجرح الذي امامه .. تعمل يداه بسرعة ومهارة مدهشه كأنه آله او روبوت مبرمج على القيام بتلك المهام بكل سهولة
يعلوا صوت الجهاز الخاص بالقلب ولكن أكرم لا يُعيره اهتمام ويكمل ما يفعل
ممرضة١: يا دك..
تقطع الممرضة حديثها باشارة من د. محسن صديق اكرم ورفيق دربه .. فهو يعرف صديقه لن ييأس ولن يستسلم .. كل الانظار مركزة على أكرم، بعضها نظرات ثقة وبعضها خوف .. بعضها ترقب وبعضها نظرات من نوع اخر ... يستقيم خط القلب ليرتفع صوت اكرم
اكرم(بصراخ): AED بسرعة (جهاز الصدمات الكهربائية)
يأخذ اكرم الجهاز ويصعق القلب مرة .. لا استجابة .. الثانية .. لا استجابة .. الثالثة .. لا استجابة .. تبدأ الوجوه في العبوس ويتسرب اليأس لقلوب معظم من بالغرفة إلا قلب اثنان .. ذلك الشاب العنيد الذي لا يقبل الهزيمة أمام الموت .. فهو سيقاتل حتى آخر لحظة ويفعل كل ما بوسعه في سبيل الانتصار .. اما الاخر فهو ذلك الصديق الذي يثق ويعرف كيف يتعامل رفيق دربه مع هذه المواقف .. ليقوم اكرم بعمل صدمة اخري على اعلى طاقة للجهاز ليتفاجئ الجميع عند استجابة القلب وعودة نبضاته بعد عدد من المحاولات في إنعاشه
ممرضة١: النبض 65 وبيزيد والضغط 90/60
يكمل اكرم عمليته التي تُكلل بالنجاح كالكثير من قبلها .. يخرج اكرم من غرفة العمليات ليُطمأن بنفسه اهل المريض لتعلوا الابتسامة وجوههم وتنزل شلالات دموع الفرح من عيونهم ويُمطروا اكرم بالدعوات الطيبة وجُمل الشكر لتزيد سعادته ليس فقط لانتصاره في جولة اخرى ضد الموت ولكن لاستطاعته انقاذ حياه انسان ورب اسرة
//////////
بعد ان ودعهم عزيز رجع لبيته الذي اصبح اكثر وحشة وبه هدوء قاتل في الثانية التي خرجت بها حنين من المنزل .. جلس عزيز على الكرسي وتذكر ما حدث الاسبوع الماضي
*فلاش باك*
كان عزيز جالساً في مكتبه يعمل ليُقاطعه رنين هاتفه..
...: ازيك يا عزيز؟
عزيز: مين معايا؟
...: تؤ تؤ تؤ انا كدا ازعل, معقول نسيت صوتي
عزيز: انت؟!!
...: عامل ايه .. لسة عايش بتعيط عاللي اخدته منك
عزيز: انت واحد حقير وواطي وابن ..
...: احترم نفسك وانت بتكلمني احسنلك
عزيز: احسنلي!! .. هه تصدق ضحكتني وانا مليش نفس اضحك .. هتعمل ايه يعني؟
...: لا من ناحية هعمل فأنا عملت زمان ودلوقتي كمان اقدر اعمل اكتر .. اسمع نصيحتي خاف عاللي عندك
عزيز: انت عارف اني مبتهددش وعمري ما هوطي راسي لواحد وسخ زيك ولو فيها موتي
...: لسانك بقا قذر اوي .. واضح انك لسة منسيتش اني علمت عليك زمان هههه
عزيز: وديني وما اعبد ل زي ما وقفت جنبك زمان وعملتك وكان جزاتي انك غدرت بيا ل زي ما بنيتك أهدك, حتى لو هدفع حياتي تمن كدا
...:اسمع كلامي وانسى يا عزيز, انت مش قدي .. بطل تدور ورايا وشيلني من دماغك علشان مزعلكش
عزيز: مش هيحصل وأعلى ما في خيلك اركبه
...: دا اخر كلام عندك؟
عزيز: ومعنديش كلام غيره
...: ماشي يا عزيز, انت اللي اخترت .. سلام يا.. صاحبي هههههه
يغلق الخط ليشعر عزيز بالخوف للحظة ولكن ما لبث ان صرف عقله عن تلك المواضيع ليعود لعمله .. ويمر اليومين التاليين بهدوء ليحدث الشئ الذي غير مخططات كل ابطالنا
*عودة*
عزيز: البيت هيبقى وحش من غيرك يا قلب ابوكي .. بس معلش, كله يهون في سبيل انك تكوني في امان
//////////
يتحرك أكرم في اتجاة غرفته ليلحقه صديقه وزميله د.محسن ويضع يده حول عنق اكرم معانقاً إياه بود ومحبه
محسن(بسعادة وفخر بصديقه): الله اكبر عليك يا دوك .. ايديك تتلف في حرير 10/10 يعني من الاخر كدا شغل اوستيك على ماية بيضا
ضحك اكرم على صديقه الذي يتعمد قول تلك الكلمات العامية بدرجة كبيرة ليداري كونه تربى وتعلم بالخارج حتى انهى الثانوية, فلطالما كانوا يضحكون على كلامه الذي لا يخلوا من بعض الكلمات الانجليزية والكثير من العربي (المكسر) الذي لا يأخذونه على محمل الجد بسببه فصمم على تعلم اللغة العربية الصحيحة بل وتعلم الكلمات الشعبية والعامية أيضاً
اكرم(بمزاح): تتلف في حرير واوستيك وعلى ماية بيضا!! .. انت بتكلم السمكري اللي صلحلك عربيتك الاسبوع اللي فات .. يا ابني يا حبيبي ارتقي شوية بألفاظك .. انا مش عارف انت اتخرجت ازاي من كلية الطب .. والله لولا انك درست في الكلية معايا كنت قولت انك مزور الشهادة
محسن: اعمل ايه طيب ماهو انت شوفت انا عانيت ازاي لحد ما عرفت اتكلم مصري كدا زيكم .. والحاجات دي بتحتاج الواحد يراجع عليها علشان متتنسيش
اكرم: ملاقيتش غيري انا تراجع عليه
محسن(بابتسامة بلهاء): قدرك بقا
اكرم(مقهقهاً): اللهم لا اعتراض
محسن: بس بجد بقا براڤو عليك .. انت بجد عملت معجزة النهاردة
اكرم: دا كله من فضل ربنا .. انا بس سبب
محسن: ونعم بالله .. عارف يا اكرم، انا ساعات بحسك زي ما تكون واخدها عِند .. تحدي .. منافسة
اكرم: دا حقيقي فعلاً .. انا واخدها تحدي ضد الموت .. انا اتفجعت من الموت مرتين .. مرة لما اخد امي ومرة لما اخد ابويا وكان سبب في إن اختي ..
محسن(مقاطعاً): استغفر ربنا .. دا قدرهم وعمرهم .. وانت مؤمن مينفعش كدا
اكرم: استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم .. عارف ان تفكيري غلط وبحاول مفكرش كدا بس مش قادر .. انت اكتر واحد عارف انا مريت بإيه .. علشان كدا انا خليت دا حافز ليا اني اعمل كل اللي اقدر عليه علشان محدش يدوق من نفس الكاس اللي دوقته
محسن(مربتاً على كتفه): ربنا يقويك ويهديك يا صاحبي .. انا رأيي كفاية كدا النهاردة .. روح ارتاح وانا هنا متقلقش .. ولو فيه حاجة مهمة هكلمك
اكرم: تمام .. انا فعلا حاسس اني تعبان ومرهق .. هروح ارتاح شوية .. سلام
/////////
في سيارة مراد:-
آثر كل منهما الصمت حتى لا يزيدوا الموقف غرابة .. فهم يعرفون بعضهم معرفة سطحية فكيف بدون مقدمات اصبحوا زوج وزوجة حتى لو كان الزواج صورياً ولهدف معين .. كل منهم كان عقله مشغول بشئ .. حنين مشغولة بوالدها وكيف ستكون حياته بدونها وكيف ستكون حياتها هي بدونه, فهو كان كل حياتها منذ نعومة اظافرها, لقد كان ابيها واخيها وصديقها حتى انها رفضت منحة الجامعة لأنها كان يجب ان تسافر وتتركه, فبالرغم من كونها طالبة متفوقة وهو ما أهلها للحصول على تلك المنحة إلا انها آثرت البقاء معه والعناية به, حتى عملها كانت تقوم به من منزلها فقد قبلت ان تقوم بترجمة رسائل الماجيستير لعدة لغات لتعم الفائدة وتساعد الطلاب فهي تعرف عدة لغات كالإنجليزية والفرنسية والإيطالية والروسية وغيرهم, كما كانت تفكر في ذلك الذي اصبح زوجها, لماذا اختاره والدها دوناً عن غيره, لماذا هو بالتحديد, وهل سيعاملها معاملة كريمة كما قال لها والدها .. أما مراد فكان مشغولاً بها, كيف سيتعامل معها, وما الذي دفعه لقبول تلك الزيجة, ف لولا قرب والدها منه ومعزته لديه لما قبل, فهو يحبه ويحترمه ليس فقط لأنه كان صديق والده المقرب وكان يعتبره ابنه ولكن ايضاً اخذ عزيز مكانة والده احمد الجارحي لديه بعد وفاة والده منذ 5 سنوات, فلطالما كان عزيز الصديق والملجأ والداعم الاول لمراد في اي وقت وتحت اي ظرف .. طال الصمت إلا من النظرات المسروقة من كلٍ منهما للآخر ليقطعه مراد عندما وصلا للمنزل
مراد(بهدوء): وصلنا .. اتفضلي
هزت حنين رأسها ونزلت من السيارة في صمت وتبعته لداخل المنزل
//////////
كانت تقف على بُعد منهم تلك الفتاة التي تشبة عروسة باربي في الشكل من حيث البشرة البيضاء والشعر الاصفر والعيون الزرقاء وهي تراقبه وهو يتحدث مع محسن وما ان تحرك حتى اقتربت من محسن وهي تبتسم
لارا: هاي يا محسن
محسن(مبتسماً): هاي يا لارا ازيك؟
لارا: I'm okay .. هو اكرم راح فين؟
محسن(بإحباط): اكرم .. اه، اكرم روح
لارا: روح .. اووف .. طب معاك تليفونه او عنوانه اصلي كنت عايزاه في موضوع مهم جدا
محسن(بحدة): اي موضوع يقدر يستنى لبكرة .. ثم اني مظنش اكرم هيبقى مرحب بفكرة انك تروحيله بيته
لارا: ليه انت مش بتروحله؟
محسن: انا راجل زيه .. لكن انتي بنت
لارا: اوف ايه الكلام المتخلف دا .. ايه ولد وبنت وكل الهبل دا
محسن(غاضباً): هبل؟! .. طب طالما انا واحد اهبل واقفة تتكلمي معايا ليه
قال تلك الجملة وتحرك للذهاب لتُسرع لارا بمسك يده وقد أحست بخطأها
لارا: انا اكيد مش قصدي كدا I'm sorry..يا محسن بجد .. بس يعني .. اصل ..
محسن: خلاص يا لارا .. عن اذنك انا عندي شغل
لارا(ممسكة بيده): خلاص بقا بلاش يبقى دمك تقيل .. اقولك انا هصالحك .. تعالى معايا مكتبي وهعملك فنجان قهوة من ايدي وب البن بتاعي كمان
محسن(بابتسامة بسيطة): فرنساوي؟
لارا: done, يلا
تحركوا ناحية مكتبها وهم يتحدثوا سوياً بود فقد كانا اصدقاء وجيران بالخارج لسنوات وعندما نزل محسن مصر ظلوا على اتصال ببعضهم وحين عمل بالمشفى مع اكرم رشحها للعمل معه واخبرها فما لبثت هي لتنزل لمصر وتصبح زميلته وتعجب من اول نظره بأكرم وبشخصيته المثالية من وجهة نظرها
//////////
تحرك اكرم للخروج ولكن في اخر لحظة غير وجهته وصعد للدور الرابع الخاص بالعناية المركزة وتوجه للغرفة التي توجد بها توأم روحه ونصفه الآخر
//////////
في داخل تلك الغرفة ب مستشفى الشاذلي نجد شاب بملامح صارمة جالسا على كرسي امام فراش تلك الغرفة وممسكاً بيدها بمنتهى الرقة ف بالرغم من ملامحه الرجولية الشديدة وبنية جسده العريضة إلا ان عيناه كانت تتلألأ بها الدموع كطفل صغير وهما مثبتتان على الجسد الممدد امامه .. وعلى الفراش كانت هي نائمة بملامحها الرقيقة وشعرها الاسود الطويل كما كانت طوال ال ٥ سنوات الماضية .. خمس سنوات مروا عليها وهي غائبة في دنياها ومروا عليه كخمس قرون .. لم يمر يوم دون ان يتذكرها ولم تمر ليلة دون ان يزورها فبالرغم من انها منفصلة عن هذا العالم تماماً وبالرغم من آراء اكثر من طبيب في حالتها بأنها ستكون معجزة إن افاقت بعد كل تلك المدة وحتى إن حدث و افاقت ف بالغالب ستتأثر وظائف عقلها بهذه الفترة الطويلة إلا انه لم يفقد الامل, لديه يقين انها تشعر به و يشعر انها ستفيق ذات يوم لتكون جانبه ومعه مثلما حلم دائماً
مصطفى: بس يا ستي وهو دا كان يومي النهاردة
لما:...
مصطفى: انتي برضو هتفضلي ساكتة كدا .. مش ناوية تحني عليا بقا
لما: ...
مصطفى(بنبرة حزينة وعيون متلألأة بالدموع): انتي وحشتيني اوي .. وحشني صوتك، كلامك، جنانك .. حتى عنادك وخناقك معايا .. وحشني تحكيلي عن يومك مر ازاي .. مين قابلك، مين كلمك .. وحشني اسمع اسمي منك .. الحياة بقت وحشة جدا .. انتي اللي كنتي بتدي لحياتي معنى يا لما
لما: ...
مصطفى: برضو مش هتردي .. طب انتي عارفة إني لسة لحد دلوقتي مروحتش الشقة بتاعتنا .. اه والله .. اصلي حلفت مدخلهاش غير معاكي .. حتى لما الست اللي مسؤولة عن النظافة بتروح بفضل مستني تحت العمارة لحد ما تنزل واخد المفتاح منها
لما: ...
مصطفى(بدموع فشل في حبسها): انا .. انا تعبان اوي من غيرك يا لما .. زمان كنت بقعد اعد الايام اللي فاضلة على جوازنا .. دلوقتي عمال اعد الايام اللي فاضلة على رجوعك ليا علشان تنوري حياتي من تاني .. انتي طولتي في بُعادك اوي .. مصعبتش عليكي .. طب موحشتكيش
لما: ...
مصطفى: عارفة .. الناس و الدكاترة هنا مفكرني مجنون .. اه والله .. غلبوا يقولولي انك مش سمعاني .. حمير .. فاكرين انك علشان تسمعيني لازم تبقي فايقة هه، ميعرفوش ان انا وانتي بنحس ببعض
لما: ...
مصطفى: بصي بقا يا ست البنات، انتي تشوفيلك حل وتصحي بقا، معاكي لآخر الشهر دا .. عارفة لو مقومتيش هعمل ايه؟ .. هستناكي شهر كمان عادي جدا هه .. دا انا استناكي عمري كله
لما: ...
مصطفى(ناظراً لساعته): الوقت اتأخر ولازم اروح .. اصل عندي حتة اجتماع بكرة إنما ايه .. هحكيلك عليه لما اجيلك بكرة .. هتوحشيني الكام ساعة دول
رفع مصطفى يدها لفمه وطبع قبلة رقيقة عليها
مصطفى: تصبحي على خير يا عمري
/////////
دخل مراد للمنزل وافسح المجال لحنين التي لم ترفع نظرها عن الارض .. صعد السلم حاملاً حقيبتها وتبعته هي في صمت .. فتح باب غرفة وتنحى جانبا مشيراً لها بيده ان تدخل .. تقدمت حنين بارتباك وخجل ملحوظين ودخلت الغرفة دون ان ترفع عينيها عن الارض
مراد: احم .. دي اوضتي وانتي آااا .. يعني .. هتقعدي معايا هنا .. المفروض اننا متجوزين وااا .. انتي فهماني؟
هزت حنين رأسها بهدوء
مراد(وهو يتحرك في الغرفة): تمام .. دا الحمام بتاع الاوضة .. ودي اوضة الهدوم, انا فضيت مكان فيها علشان تحطي هدومك .. تحبي ابعتلك الدادة علشان تساعدك؟
حنين(بهدوء): لا شكرا انا هتصرف
مراد: تمام .. انا عايش هنا مع دادة فاطمة واختي مرام, وعلى فكرة هما ميعرفوش حاجة وفاكرين اننا متجوزين بجد .. مرام غالباً نامت, بكرة ان شاء الله تتعرفوا على بعض
رفعت حنين وجهها ونظرت إليه وابتسمت ابتسامة جميلة ورقيقة وهزت رأسها .. تعلقت النظرات ببعضها لثوانٍ .. احس مراد انه يُخطف بنظراتها لذلك قرر الهروب وارتداء قناع البرود
مراد(مديراً ظهره لها): انا بحب النظام جدا ومش بحب الهرجلة ولا الدوشة .. وحاجتي مبحبش حد يلمسها
حنين(مستغربة تقلب حالته): متقلقش .. انا مش..
مراد(مقاطعاً): انا مخلصتش كلامي
احست حنين بالاحراج واخفضت رأسها .. أكثر ما تكرهه هو ان يتكلم احد معها بنبرة قاسية او يقوم باحراجها .. امسكت طرف فستانها لتمنع نفسها من البكاء امامه, فهو حتى وان كان زوجها فهو غريب عنها .. احس مراد بالحزن لرؤيتها حزينة, ود ان يأخذها بأحضانه ويعتذر منها ولكن لا, فلابد ان يجعل هناك حدود في التعامل ولا يجعلها تقترب منه .. يجب ان يكون بارداً كي لا تتعلق به حتى لا تتألم حين يحين الفراق فهل سينجح ام سيُعلن قلبه الانقلاب والعصيان عليه!
//////////
خرج مصطفى من الغرفة ليجد اكرم امامه
اكرم: ايه يا ابني انا افتكرتك نمت جوا
مصطفى: يا عم ما اقعد ولا انام براحتي
امسك اكرم بمصطفى من ياقته بمزاح
اكرم: تنام مع اختي يلا
مصطفى: يا عم ما هي مراتي الله
اكرم: وانت فكرك عشان هي مراتك انك هتنام معاها في اوضة واحدة
مصطفى(رافعا حاجبه): اومال انا متجوزها علشان انام انا في اوضة وهي في اوضة
اكرم: ايوة طبعا دي الأصول
مصطفى(ممسكاً بتلابيب اكرم): اصول؟! .. دا انا هطلع..
اكرم: عيب كدا انا ليا مركزي في المستشفى برضو، وبعدين انت هتعمل عقلك بعقلي ولا ايه، روق كدا يا ابو نسب
تركه مصطفى وانفجر كلاهما ضاحكاً على شجارهما ومزاحهما المعتاد
مصطفى(بضحك): انت مش هتعقل يا ابني بقا
اكرم(بتهكم): سيبتلك العقل يا اخويا انت ومراد .. سبحان الله فولة واتقسمت نصين
مصطفى: بمناسبة مراد، مش ناوي انت وهو تيجوا الشركة شوية وتشيلوا عني ولا انتم شُركا بالاسم بس
اكرم: يا ابني يا حبيبي ١٠٠ مرة قولتلك انا دكتور ايه يفهمني في شغل الشركة والصفقات دي
مصطفى: يا سيدي تعالى وانا افهمك
اكرم: اه .. ومين بقا يدير المستشفى ها
مصطفى: يا سيدي ع الاقل ابقى تعالى ان شالله يوم في الاسبوع
اكرم: البركة فيك انت يا درش يا حبيبي يا ابو نسب
مصطفى(بتهكم): بلفتني انت كدا يعني؟
اكرم: وانا اقدر برضو .. طب دا انت حبيبي من ايام الجيزة
مصطفى: ماشي يا اخويا .. بقولك
اكرم: قولي
مصطفى: مفيش اي تطورات في حالة لما
اكرم(بحزن على شقيقته): للاسف لأ .. الوضع زي ما هو
مصطفى: إن شاء الله هتقوم وهتبقى كويسة واحسن من الاول كمان
اكرم(ناظراً لمصطفى):...
مصطفى: مالك بتبصلي كدا ليه؟
اكرم: صعبان عليا حالك وانت معلق نفسك بأمل مش حقيقي .. صدقني لو كان فيه امل ولو ١% كنت متأخرتش اني اعمله .. بس مفيش حاجه ن..
مصطفى(مقاطعاً وهو يتحدث بثقة كبيرة): هتقوم .. انا متأكد .. ربنا مش هيحرمني منها بعد دا كله .. ربنا ارحم من كدا .. انا متأكد .. مش ربنا قال انا عند حسن ظن عبدي بي .. وانا ظني بربنا كبير
اكرم: ونعم بالله .. يا رب
مصطفى: أيوة كدا، كل اللي في ايدينا اننا نقول يا رب .. يلا انا هطير بقا علشان الوقت اتأخر .. سلام يا كوكو ههه
اكرم: قولتلك ١٠٠ مرة متقوليش يا كوكو دي بتعصبني
مصطفى(وهو يتحرك للرحيل): هفضل اقولهالك لحد ما تفوق اللي كانت بتقولهالك
اكرم(بهمس وابتسامة حزينة): هي بس تفوق وتقول كل اللي هي عايزاه .. يااااا رب
///////////
دخل اكرم للغرفة ليقترب من الفراش ويملس على شعرها بخفة وينحني ليقبل رأسها
اكرم: لما .. لوما .. قلب اخوكي وعينيه وحياته كلها .. وحشتيني يا قمري وشمسي .. عارفة .. البيت وحش اوي منغيرك .. ٥ سنين عدوا عليا بتعذب فيهم .. دا احنا كنا مش بنفارق بعض غير وقت النوم، جالك قلب ازاي تبعدي كل السنين دي عني .. (قال تلك الجملة وهو يجلس بجانبها ويمسك بيدها) .. عارفة انا بقيت دكتور جامد اوي، اه والله، اكيد مش اشطر من بابا، كان نفسي يكون موجود دلوقتي، مش بس علشان يشوفني وانا رافع راسه زي ما كان بيتمنى بس يمكن كان قدر يساعدني ونعملك حاجة .. اللهم لا اعتراض، ربنا يرحمهم .. سامحيني يا لوما، انا مش قادر اعملك حاجة .. تقولي ايه بقا، باب النجار مخلع .. بس عارفة انا هعمل زي ما الواد مصطفى قال .. هدعي ربنا، ربنا قادر على كل شيء .. على فكرة الواد مصطفى دا طلع راجل بجد وجدع .. وبيحبك اوي كمان لا تكوني مش واخدة بالك بس هه .. عارفة، انا لما حصل اللي حصل دا ومعرفتش اعملك حاجة روحتله وقولتله لو عايز يطلقك او يتجوز انا مش همانع .. بس قالي كلمتين عمري ما هنساهم .. قاللي اختك ملت قلبي ومفيش مكان لواحدة تانية، انا بحب اختك وهفضل احبها لحد اخر يوم في عمري .. دا مش بيفوت يوم إلا ويجي يشوفك .. ربنا يقومك ليه وليا بالسلامة .. انا هروح بقا يا حبيبتي .. تصبحي على خير يا قلب اخوكي
قال اخر جملة وهو يطبع قبلة على جبينها ثم تحرك للمغادرة
///////////
مراد(بنبرة اهدأ متحركاً في تجاة باب الغرفة): تقدري تتصرفي في البيت زي ما تحبي .. عن اذنك
خرج مراد من الغرفة لتسمح حنين لدموعها بالنزول .. جلست على الكنبة الموجودة بالغرفة واخذت تهدأ من نفسها
حنين(لنفسها): اهدي .. اهدي .. فترة وهتعدي .. هترجعي تاني بيتك .. لأ انا مش هستنى الفترة دي, انا هكلم بابا واقوله اني عايزة اروحله
امسكت حنين بهاتفها واتصلت على والدها, فلم تمر ثانيتان حتى اتاها الرد وكأنه كان بانتظار مكالمتها
عزيز: حبيبة بابا
حنين: وحشتني اوي يا بابا
عزيز: انتي وحشتيني اكتر يا قلب بابا .. عاملة ايه يا حبيبتي؟
حنين: ...
عزيز: مالك يا قلبي .. فيه حاجة؟
حنين: لا يا حبيبي .. مفيش حاجة .. انت بس وحشتني
عزيز: متأكدة؟
حنين: ايوا يا حبيبي متقلقش .. اخدت دواك؟
عزيز: اه يا حبيبتي متخافيش .. اومال فين مراد؟
حنين: ...
عزيز: هو حصل حاجة بينكم؟ اتخانقتوا؟
حنين: لا مفيش بس .. بابا انا عايزة ارجع اقعد معاك .. انا مش هعرف اعيش مع البني ادم دا
عزيز: انا كدا فهمت .. رد عليكي رد بايخ وبطريقة وحشة مش كدا؟
حنين(متفاجئة): عرفت منين؟
عزيز(مبتسماً): لإني مربيه وعارفه كويس .. متزعليش منه يا حبيبتي, هو تحسيه جامد كدا وكلامه شديد بس والله طيب جداً وحنية الدنيا فيه
حنين(بتهكم ومزاح حتى لا تُحزن والدها): دا طيب دا؟! دا ناشف وبارد كدا .. دا كان بيتكلم كويس فجأة قلب وبقا بيحدف دبش, شكله عنده تخلف في المشاعر يا زيزو
عزيز(مقهقهاً): هههههه يخرب بيت شيطانك .. معلش متزعليش منه وحاولي تفهميه
حنين: وافهمه ليه .. هي فترة وخلاص وبعد كدا كل واحد هيروح ل حالة وارتاح من عم ابو لهب دا ههه
عزيز(بتنهيدة): اللي فيه الخير يقدمه ربنا .. انا هنام بقا يا حبيبتي, تصبحي على خير
حنين(بابتسامة): وانت من أهله يا حبيبي
قامت حنين وغسلت وجهها من اثار البكاء ومن ثم اخذت حقيبتها وبدأت في افراغ محتويتها .. لا تُنكر اعجابها بنظامه وترتيبه واختياراته في الالوان سواء لملابسه او لغرفته .. أنهت ما تفعل وكادت تبدل ملابسها لتُصدم وتقف في حيرة امامها, فهي معتادة على لبس قمصان نسائية عند نومها فكيف سترتدي تلك الملابس امامه؟!!!
///////////
يدخل اكرم منزله ويجلس على اقرب مقعد بدون ان يُشعل الضوء .. يرمي مفاتيحة وهاتفه على الطاولة الصغيرة امامه ويرجع بظهره للوراء مغمضاً عينيه
اكرم (لنفسه): يا ساتر اليوم كان متعب اوي النهاردة، خلاااص مش قادر، الحمد لله عدى على خير ورجعت البيت .. (وعند هذه الكلمة فتح عينيه يتطلع حوله للمنزل بنظرة حزن) .. البيت، اي بيت .. دا بقى سجن .. بارد وضلمة وكئيب .. بقا يخنق .. بقا دا البيت اللي كان مليان ضحك وفرحة .. كانت روحه فرحانه .. دلوقتي بقى زي التابوت الضيق .. بقا دا البيت اللي كان دوشة وكله اصوات وهزار، دلوقتي بقا هدوءه قاتل .. (يركز اكرم على نقطة امامه على الارض بوجه عابس وملامح ثابته) .. عمري ما كنت اتصور ان هيجي عليا يوم ابقى لوحدي كدا .. كلهم كانوا حوليا .. معايا .. دلوقتي بقيت وحيد .. ايوا وحيد .. مهما كنت بحاول اهرب من الحقيقة دي لازم على الأقل اعترف بيها لنفسي .. فيه ناس كتير ممكن يكونوا معايا الصبح .. نتكلم ونهزر .. بس لما الليل يجي ببقى لوحدي .. الكام ساعة اللي بيعدوا عليا دول بحس اني بتخنق فيهم .. بحاول كل يوم اتأخر في الرجوع علشان مكونش لوحدي .. انا بخاف .. بخاف اتعب وانا لوحدي .. بخاف يحصلي حاجة وانا لوحدي .. الخوف بياكل في قلبي .. او اللي فاضل فيه (قال تلك الجملة بتهكم وحزن) .. طب ابويا وامي وعمرهم ربنا كاتبه ومش بإيدهم سابوني .. و اختي وربنا اراد يحصلها اللي حصلها ودا قضاء وقدر، اللهم لا اعتراض .. بس هي ليه سابتني .. ليه مشيت وسابتني لوحدي .. ليه سابتني وهي عارفة اني هبقى لوحدي بعد ما كلهم راحوا (وهنا يتذكر اكرم ما حدث قبل ٥ سنوات)
*فلاش باك*
اكرم: يعني ايه اللي بتقوليه دا؟
مرام: يعني اللي انت فهمته
اكرم(بانفعال): انتي اكيد اتجننتي!!
مرام: ارجوك يا اكرم .. مفيش داعي للاهانة
اكرم: اهانة!! دي الحقيقة .. انتي اكيد حصل حاجة في عقلك .. دا المبرر الوحيد للهبل اللي بتقوليه
مرام: انا عقلي يوزن بلد واللي بقوله دا مش هبل دا واقع وياريت تعترف بيه علشان متتعبش
اكرم: واقع!! اي واقع دا اللي يقول ان بعد حب ١٠ سنين من واحنا عيال وخطوبة سنة تيجي دلوقتي وتقوليلي انك اكتشفتي انك مش بتحبيني
مرام:(بملامح جامدة): دي الحقيقة .. انا فكرت وعملت تقييم لعلاقتنا ولاقيت اننا مينفعش نكون غير ولاد خالة وبس
اكرم: ولاد خالة وبس؟! وانتي جاية تعملي التقييم دا بعد كل السنين دي؟!
مرام: انا كنت فاكرة ان مشاعري ليك حب يعني فسرتها غلط .. او يمكن كانت فعلا حب بس .. حب اخوي .. حب ك قدوة .. ك انسان محترم ومتعلم وناجح في مجاله واتمنى اكون زيه .. بس كشريك حياة وزوج، مظنش إن انا وانت هننفع لبعض
اكرم: خلصتي كل الهبل اللي انتي بتقوليه دا .. بلي بقا كل الكلام دا واشربي مايته .. اذا كنتي انتي مش متأكدة من مشاعرك او متلغبطة ف انا عارف مشاعري ايه بالظبط .. (قال هذه الجملة وهو يقترب منها ناظراً بعمق في عينيها) انتي عينيكي كانت ومازالت بتقول انك بتحبيني ومفيش في قلبك غيري، ليه بتعملي كدا؟ .. ليه بتكابري؟ .. ليه؟ .. بتهربي من ايه؟
مرام: (هاربة بعينيها وهي تبتعد عنه): ارجوك يا اكرم .. ملوش لازمة الكلام دا .. انا خلاص اخدت قراري .. من النهاردة انت ابن خالتي وبس وشبكتك تقدر تيجي تاخدها في اي وقت
اكرم: دا اخر كلام عندك يا مرام؟
مرام: ايوا
اكرم: ماشي .. انا هنفذلك رغبتك لاني راجل وعمري ما هبقى مع واحدة غصب عنها ولا هقبل اني اتذللك .. بس اوعدك لا انا هكون لغيرك ولا هتكوني لغيري (قال تلك الجملة وتحرك للخروج من المنزل دون انتظار ردها)
*عودة*
اصبحت عيونه حمراء كالدماء وهربت دمعة ساخنة فشل في حبسها لتجري على وجنته فيمسحها سريعاً ويقف بشموخ لا يليق إلا بأكرم الشاذلي .. اخذ نفساً طويلا ليهدئ من نفسه ثم دخل ليأخذ حماماً يطفئ النيران المشتعلة بصدره وينام بعدها مباشرة مُقصراً بذلك ساعات الليل الطويلة المؤلمة
///////////
حنين(لنفسها): يادي النيلة, اعمل ايه انا دلوقتي .. يادي القرف بقا .. انا مستحيل ألبس دول قدامه .. امري لله بقا هلبس بيجاما من بتوعي وخلاص
ارتدت حنين بيجاما عليها رسومات كرتونية (ميني ماوس) وتركت شعرها مفروداً على ظهرها .. تحركت في تجاة الشرفة ووقفت بها, وجدت مراد جالساً على احد المقاعد في حديقة المنزل .. ظلت واقفة تفكر في كلام والدها عن هذا ال"مراد", فحسب كلام والدها هو شخص طيب وحنون, رجل يُعتمد عليه وذكي .. كادت ان تصدق ذلك ولكنه صدمها بطريقته معها .. وفي نفس الوقت هو يُعرض نفسه للخطر لتبقى هي بأمان ووافق على الزواج منها ليحميها .. وعند هذه النقطة رجعت بذاكرتها لما حدث قبل ثلاثة ايام
*فلاش باك*
في غرفة حنين:-
عزيز: وافقي يا حبيبتي
حنين: يا بابا ..
عزيز: اسمعي الكلام, صدقيني دا الحل الوحيد
حنين: ....
عزيز: صدقيني يا حنين لو كان فيه اي حل تاني انا عمري ما كنت هغصبك على حاجة زي دي حتى لو فيها موتي
حنين (بلهفة): بعد الشر عنك يا بابا
عزيز: انتي شوفتي ان محاولاتهم مش بتخلص واخر مرة العواقب جت سليمة مش عارفين ممكن حصل ايه تاني
قامت حنين وتحركت في اتجاة الشرفة
حنين: اللي انا مش فهماه مين دول؟ وليه انا بالذات؟
عزيز(بهدوء ورجاء): هتفهمي كل حاجة بالوقت المناسب, اهم حاجة دلوقتي توافقي علشان احس انك بقيتي في أمان
لفت حنين وجهها لوالدها وهزت رأسها
حنين: حاضر يا بابا
اقترب عزيز منها واخذها في حضنه
عزيز: ربنا يحضرلك الخير يا حبيبتي
*عودة*
فاقت حنين من شرودها على لفحة من الهواء البارد, لتنظر وتجد ان مراد مازال جالساً بالحديقة .. ألقت عليه نظرة اخيرة قبل ان تدخل الغرفة لتنام .. اتخذت حنين من الكنبة سريراً لها, فقد رفض عقلها وكبرياءها نومها على سرير واحد مع هذا ال"أبو لهب" كما سمته وخاصة بعد طريقة كلامه معها
///////////
قضى الليل كله بحديقة منزله .. لا يعرف كيف وافق على ما فعله, كيف نكث عهده الذي قطعه على نفسه بأن لا يُدخل المزيد من الاشخاص في حياته, فما ان يدخل شخص حياته حتى يصاب بتلك اللعنة .. لعنة القرب منه .. فكل من يقترب منه لابد وان يتأذي فعمله جعل له اعداء كُثر, دار حوار بينه وبين نفسه
مراد(لنفسه): انا ازاي وافقت؟!! ازاي عملت كدا؟؟ ازاي اخلي حياتها تتعرض لخطر؟ .. يا سلام وهي يعني من غيرك مكنتش في خطر؟ .. اه اقوم انا بقى ازود البله طين وبدل ما يبقى خطرهم بس يبقى الضعف .. ما ابوها هو اللي اصر .. والنبي بلاش الكلام دا, انت لو مكنتش عايز تقبل مكنش فيه قوة في الكون كانت هتخليك تغير رأيك .. قصدك ايه؟ .. قصدي انت فاهمه كويس, البنت عجبتك .. ايه الكلام دا انت اتجننت؟! .. لا بقولك ايه, انا وانت واحد يعني متعرفش تكدب عليا .. اناااا .. انت البنت عجبتك وقولت مفيهاش حاجة و.. اسكت خالص ايه التخاريف اللي بتقولها دي, انت عارف اني من ساعة اللي حصل وانا واخد عهد على نفسي اني مدخلش حد تاني في حياتي .. اومال دخلتها هي ليه؟ .. مش عارف .. مش عارف ولا مش عايز تعرف؟ .. بقولك ايه انت هتصدعني, انا تعبت وكمان بردت انا هطلع انام .. اه اتلكك يا اخويا عشان تطلع الاوضة وتشوفها .. ايه هو انا هتتحرم عليا اوضتي كمان .. لا مش هتتحرم ولا حاجة بس بكرة تقول اني كنت صح .. طب روح بقا
//////////
...(على الهاتف): يعني هو جوزهاله .. عبيط فاكر انه كدا هيحميها مني .. اسمع عينك تفضل عليهم وتنقلي كل حاجة عايز كأني عايش معاهم, فاهم؟
اغلق الخط هذا الرجل الذي اقل ما يُقال عنه انه شيطان .. يسكن الشر عيناه ويمتلئ قلبه بالغل والحقد
...: نهايتك هتبقى على ايدي يا.. هه, يا صاحبي
///////////
تحرك مراد لداخل المنزل باتجاه غرفته, وما ان دخل غرفته حتى وقف محله حين رآها نائمة على الكنبة مرتدية تلك البيجاما ذات الرسومات الكرتونية وشعرها مبعثر على وجهها .. تأمل شكلها وهي نائمة وكيف تشبة الأطفال وملامحها جميلة ورقيقة .. سرح فيها وأخذه عقله لما حدث قبل يومان وكيف انتهى به الأمر متزوجاً منها
*فلاش باك*
بمكتب عزيز السيوفي بمنزله:-
عزيز(برجاء): ارجوك يا مراد .. ارجوك يا ابني .. صدقني انا فعلا محتاجلك
قام مراد من على الكرسي وتحرك بانفعال
مراد: يا عمي اطلب مني اي طلب غير دا, انت اكتر حد عارف اني مقدرش اعمل كدا
عزيز: وانا مقدرش اقف متكتف واشوف بنتي بتموت قدام عيني وانا مش عارف اساعدها
مراد(بانفعال): انا مستعد افديها بحياتي بس من غير ما انفذ اللي حضرتك بتقوله دا .. دا مستحيل
عزيز: صدقني دا الحل الوحيد اللي يديك كل الصلاحيات انك تتصرف في كل شئ يخصها ويخليني اطمن اني لو حصلي حاجة هبقى سايبها في ايد امينه تحميها وتحافظ عليها
مراد: ....
عزيز(بتوسل): ارجوك وافق يا مراد .. ارجوك .. انت فاهم يعني ايه اب يتحط في موقف زي دا؟
مراد: عارف وفاهم حضرتك بس..
عزيز(مقاطعاً): لا مش عارف ومش هتعرف غير لما تخلف وتعرف يعني ايه ابنك او بنتك اللي هما حته منك يكونوا في خطر وانت مش قادر تتصرف ولا عارف تعمل حاجة تساعدهم بيها
احس مراد بالألم لرؤية عزيز بهذه الحالة كما لمس كلامه قلب مراد
مراد: حاضر .. انا موافق
*عودة*
فاق مراد من شروده على حركتها .. فقد كانت تضم جسدها كأنها تقوم باحتضان نفسها وتحميها من هذا البرد .. تحرك بسرعة واحضر بطانية لها وقام بوضعها عليها بهدوء ومن ثم احكم اغلاق نافذة الشرفة .. اخد بيجاما له ودخل الحمام ليُبدل ثيابه .. غسل وجهه ونظر في المرآة ليضحك بتهكم, فلم يكن ليظن ان ليلة زواجه الاولى ستكون بذلك الشكل .. هو وزوجته بغرفة واحدة وتنام هي على الكنبة وينام هو وحده على السرير
مراد (لنفسه): بقا مراد الحديدي يحصله كدا, والله ورخصت يا تفاح ههه .. بس كتر خيرها والله نامت هي عالكنبة وسابتلي السرير وإلا كان نصي هيبقى على الارض .. بس برضو مينفعش, انا لازم اشوف حل, مينفعش اسيبها نايمة عالكنبة كدا
خرج مراد من الحمام وتوجه لسريره .. نام على جانبه وكان ناظراً ناحيتها
مراد (لنفسه): وبعدين بقا .. الواحد كدا مش هيعرف ينام .. ابعد يا شوشو الله لا يسيئك .. اوووف الواحد اعصابه مش هتستحمل كدا
نام مراد على جانبه الآخر معطياً ظهره لها .. وبعد محاولات عديدة للنوم اخيراً نجح في النوم لساعات قليلة .. وما ان بدأت الشمس في سطوعها حتى قام وارتدى ملابسه ونزل بسرعة لعمله هارباً منها ومن افكاره
كااااااااااات كفايا كدا النهاردة
********************************************
هل سيقدر مراد على الهروب ام ان قدره رُبط بحنين فلا فراق ولا بُعد
من هو الشيطان الذي يراقب ابطالنا وينتظر فرصته لتوجيه ضربته وهل سيقدر على ايذاءهم ام انه سيكتب بيده نهايته
ما سبب فراق مرام وأكرم وما الذي دفعها للابتعاد عنه
هل سيطول غياب لما في عالمها تاركة قلب عاشق يُعذب ببعدها ام سيرحم القدر قلبه ويروي ظمأه بعد سنوات عجاف
هذا ما ستكشفه فصول روايتنا(مستنية رأيكم ومتنسوش اللايك والشير الكتير ❤️😘)

أنت تقرأ
أنت عشقي 🖤🔥
Randomأنت عشقي 🖤🔥 بقلم حورية الإبداع/ حنين عماد 💜✨ هو هادئ وبارد كالثلج .. لم يكن كذلك ولكنه تألم في ماضيه، فَقَدَ احب الناس إليه فقرر اعتزال الحب، اغلق على قلبه ورمى المفتاح عازماً على اللا يُدخِل المزيد من الأشخاص في حياته حتى لا يُفجع مرة أخرى .. لم...