تمر الايام على ابطالنا دون جديد يذكر سوى زيادة التقرب بين لما ومصطفى .. مقابلات وخروجات ومفاجآت من مصطفى لها .. يريها اماكن ذكرياتهم ويعيد احياءها من جديد معها .. كان لا يعلم أيشعر بالسعادة وهو يرى نظرة الفرح والانبهار بعينيها في كل مرة يذهبوا لمكان جمعهم ام يحزن وهو يراها لا تتذكر اي من ذكرياتهم بتلك الاماكن ولكن الشئ الذي يعرفه ويتأكد منه انه يشعر بالسعادة بقربه منها حتى وإن لم تكن تتذكر أي شئ فيكفيه وجودها .. أما لما فيدق قلبها لتصرفات مصطفى التي لم تعشها من قبل؛ فقد كان مصطفى اول من دخل حياتها وأول من دق قلبها له .. لا تتذكر وقوعها في عشقه أول مرة ولكن يؤكد قلبها لها أنه وقع وبإرادته في عشقه للمرة الثانية .. تعشق كلامه, هدوءه, رزانته مع الجميع وجنانه معها, تبتسم كلما تتذكر كلماته التي تشعرها وكأنها مراهقة تقع في الحب لأول مرة, يخفق قلبها لكل نظرة منه وكل حرف ينطق به في مكالماته الليلية معها .. يغرقها بكلامه المعسول الذي يأسرها ويدفق الدماء لوجنتاها .. الانثى كائن رقيق ويسهل كسب قلبها إن عرفت سبيله .. فإن قالوا إن اقرب طريق لقلب الرجل معدته, فإن اقرب طريق لقلب الانثى اذنها .. يدق باب منزل اكرم لتتقدم لما وقد اخبرها قلبها بمن يدق .. تفتح الباب بهدوء لتجد باقة كبيرة من الورود امامها .. تبتسم بخجل ليُحرك هو الباقة من امام وجهه بابتسامة فتاكة تزين ثغره
مصطفى(بابتسامة وهيام): وحشتيني
لما(بخجل): ...
مصطفى: بقولك وحشتيني
لما: سمعتك على فكرة
مصطفى: طب مش هتقولي حاجة؟
لما: حاجة ايه؟
مصطفى: يعني اني وحشتني مثلاً
لما(بخجل شديد): ...
مصطفى(بعبوس وهو يعطيها الورد): طب اتفضلي الورد دا ومفيش مفاجأة
لما: مفاجأة ايه؟
مصطفى: مفاجأة كنت محضرهالك بس خلاص بح
لما: ليه؟
مصطفى(وهي يرفع حاجبه وينظر لها بنظرة ذات مغزى): ...
لما(بخجل شديد): يووه بقا
مصطفى(بمكر): براحتك مفيش خروج ولا مفاجآت لحد ما تقولي وحشتك ولا لأ
لما(وهي تضغط على شفتيها بخجل): ...
مصطفى(بهيام): ها نعيد تاني .. وحشتيني
لما(بهمس وخجل): وانت كمان
مصطفى: انا كمان ايه؟
لما(بهمس): وحشتني
مصطفى: ايه؟
لما(بهمس مرتفع قليلاً): وحشتني
مصطفى(بمكر): مش سامع
لما(بصوت عالي نسبياً): وحشتنييييي
مصطفى(وهو يمسك قلبه بدرامية): آآآه قلبي الصغير لا يتحمل
ضحكت لما على حركته ليشاركها الضحك وهو يتأمل ضحكتها التي تزين وجهها
لما: ها؟
مصطفى: ها ايه؟
لما: ايه المفاجأة؟
مصطفى(بابتسامة): مش هتبقى مفاجأة لو قولت .. يلا غيري هدومك بسرعة علشان نتحرك
لما(بحماس): ماشي
كادت لما باغلاق الباب لتجده يدفعه بخفة مرة اخرى
مصطفى(بخفة وهو ينظر لها): طب مش هتقوليلي اتفضل اشرب حاجة كل لقمة .. دا انا يتيم ومفيش حد ياخد باله مني
لما(وهي تحاول عدم الضحك): مصطفى
مصطفى: عيونه
لما: استنى تحت لحد ما اغير هدومي
مصطفى: ماشي بس خليكي فاكرة انتي الخسرانة
تحرك مصطفى لتبتسم لما وهي تغلق الباب وتسرع بتغيير ملابسها في حماس وفضول لرؤية مفاجأته
//////////////
بمنزل مراد تستيقظ حنين لتلاحظ عدم وجود مراد بجانبها .. تبحث عنه بالغرفة بل بالمنزل كله ولا اثر له .. تشعر بانقباضة قلبها وكأنها تشعر به .. كادت بالاتصال به لتجد باب غرفة مفتوح قليلاً .. تقترب ببطئ من تلك الغرفة التي لطالما كانت مغلقة منذ ان دخلت هذا البيت .. تستمع لصوت بكاء محتد بالداخل .. تفتح الباب بهدوء لتجد مرام تجلس بالداخل وهي تمسك بصورة وتبكي بانهيار .. تهرع حنين لعندها وتجذبها لاحضانها بخوف وحنان
حنين(بلهفة): بسم الله الرحمن الرحيم مالك يا ميمي .. مالك يا قلبي .. اهدي يا حبيبتي اهدي
مرام(ببكاء حاد): آاااه يا حنين .. وحشوني .. وحشوني اوي
رأت حنين الصورة وفهمت سبب بكاء مرام لتزيد من احتضانها وهي تهدأها
حنين(وهي تربت على ظهرها بحنان): بس يا حبيبتي بس .. ربنا يرحمهم يا رب .. انتي كدا بتزعليهم
مرام(بدموع): مش قادرة .. وحشوني اوي اوي
اخذت مرام تبكي في احضان حنين وتحاول حنين تهدأتها والتهوين عليها وهي تشاركها الدموع .. بعد فترة طويلة هدأت مرام قليلاً لتتكلم حنين بهدوء وهي تمسح دموعها بحنان
حنين(وهي تمسح دموعها بحنان): بس يا حبيبتي بلاش عياط .. ايه رأيك نعمل حاجة تفرحهم
مرام(بنظرة طفولية): حاجة ايه؟
حنين(بابتسامة بسيطة): قومي معايا
جذبت حنين يد مرام بهدوء وتحركت قليلاً لتتفاجئ مرام حين وجدتها تتوضأ
حنين: يلا اتوضي وحصليني
هزت مرام رأسها بهدوء لتتوضأ هي الاخرى وتخرج لتجد حنين افترشت مصليتين ولبست اسدال جميل وهادي .. اسرعت مرام بجذب اسدالها الذي طال وجوده بدولابها دون ان تلمسه .. وقفت بجانب حنين بهدوء لتحس فجأة بقشعريرة تعتري جسدها حين وقفت بين يدي من وسعت رحمته كل شئ .. بدأت صلاتها بهدوء واخذت تتلو آيات الله والدموع تجري على خديها, فلمن نبكي ونشكي همومنا إن لم نشكي لمن هو احن علينا من اي مخلوق والاقرب إلينا من حبل الوريد .. من أعلم بحالنا منه ومن ارحم بنا منه .. أنهت صلاتها لتجلس بهدوء وراحة تحتل صدرها لتناولها حنين مصحف صغير ويبدأوا بقراءة بعض آيات الله ويهبوا ثوابها لروح من سكنوا قلوبهم واختارهم الله ليزين بهم جناته
//////////////
تجلس لما بجانب مصطفى بهدوء يشوبه الخجل وخاصة وهي تلاحظ نظراته لها وخاصة حين قام بتشغيل اغنية (يوم ما اتقابلنا) وهو ينظر لها برومانسية .. لم تعلم سبب اختياره لتلك الاغنية بالذات -ولكن قريباً ستعرف- .. يصل مصطفى بسيارته امام عمارة كبيرة وفاخرة لينزل بهدوء وتتبعه لما في فضول .. كاد بالدخول للعمارة ليتوقف حين لمح علامات عدم الفهم والفضول يرتسموا على وجه لما وهي تتطلع حولها ليقترب منها بهدوء
مصطفى: مالك يا لوما وقفتي ليه؟
لما: ايه العمارة دي واحنا جينا هنا ليه؟
مصطفى(بابتسامة): انتي مش كنت عايزة تشوفي شقتنا
تطلعت لما حولها لتتذكر العمارة, فهي نفسها التي اشار عليها مصطفى يوم خروجها من المشفى .. يرتسم الفرح المخلوط بالتردد على وجه لما ويلاحظه مصطفى
مصطفى: لو مش حابة تطلعي دلوقتي مش مشكلة ممكن ..
لما(مقاطعة): لأ هنطلع .. (ثم نظرت له) .. انا محتاجة اشوف البيت
امسك مصطفى بيدها بهدوء وهو يبتسم
مصطفى: وانا معاكي
هدأت لما قليلاً لاحساسها بدعمه لها ووجوده معها رغم الخجل الذي دب في جسدها من إمساكه ليدها .. تحركت معه بهدوء ليصعدوا لعش الزوجية الذي قاموا بتجهيزه ليجمعهم فكان للقدر رأي اخر وحكم عليهم بالفراق ليعودوا مرة اخرى متحديين القدر بحبهم فهل سينتصروا عليه تلك المرة
///////////////
حوش كبير ذو باب حديد اخضر يُلاحظ تجمع التراب عليه وعليه لوحة من الرخام مكتوب عليها بخط مزخرف غاية في الرقي والروعة "مدافن آل حديدي" .. بالداخل نجد جسد شاب يجلس على ركبيته بكل الضعف والحزن الموجود بالعالم .. لم يكن سوى مراد الحديدي ذو الهيبة والشموخ والحضور المتبقي منهم في ذلك الوقت مجرد اطلال .. ينظر بشرود وألم للمدفن المحتضن جسد والداه .. تغرق الدموع وجهه وتداري ملامحه الرجولية .. يسكن الحزن عيناه الحمراء اللامعة بالكثير من الدموع .. يمر شريط ذكرياته معهم امام عيناه لتزداد دموعه وتزداد شهقاته .. مَن قال ان الرجل لا يبكي فحين يبكي الرجال اعلم ان الحمل قد فاق تحملهم .. يبكي الرجل فقدان احد ابويه فما باله وقد فقد كلاهما .. يبكي الرجل حين تموت أمه فغيابها يقلب الدنيا بين ليلة وضحاها, فمهما كبر الرجل يبقى صغيراً ما دامت أُمه بجانبه فإن ماتت شاب فجأة .. يبكي الرجل حين يموت أباه فغيابه يعني ان ظهرك بات مكشوفاً للدنيا لتسدد له ضرباتها القاسية, غياب الأب هو غياب السند والصديق, غياب الأب هو قسمة للظهر .. فقدان الأهل يغير حياتك كلها وليس ملامحك فقط
مراد(بألم ودموع): وحشتوني اوي .. وحشتيني يا امي .. وحشني دعوتك ليا كل يوم الصبح "ربنا يسترلك طريقك ويحبب فيك خلقه" .. وحشتني مكالمتك ليا الساعة 8 علشان تقوليلي متأخرش وارجع .. وحشتني ابتسامتك اللي كانت بداية يومي ونهايته .. وحشني حضنك اللي كنت بترمي فيه وارجع تاني عيل مش شايل اي هم .. وحشتني طبطبة ايدك الحنينة على راسي وانا نايم على رجليكي .. وحشني صوتك, شكلك, وشك, كلك وحشتيني .. (صمت قليلاً ليلتقط انفاسه من بين دموعه ليُكمل بألم واضح بنبرته) .. وحشتني يا بابا .. وحشتني طبطبتك على كتفي .. وحشتني اوامرك اللي كنت بتقولها بكل حنية .. وحشتني نظرة عينك ليا .. وحشتني ريحتك .. وحشني فنجان القهوة اللي كنا بنشربه سوا في الجنينة .. وحشني خوفك عليا .. وحشني كلامك وسكوتك .. وحشني اني لما اتعب وابقى مش عارف اتصرف اجري عليك واقولك تلحقني, دلوقتي انا مش عارف اروح لمين .. وحشني لما حمل الدنيا يزيد عليا الاقيك بتشيله معايا, دلوقتي انا حاسس ان ضهري مش بس تعب .. انا ضهري اتقسم من بعدك .. الحياة بقى طعمها ماسخ ودمها تقيييل اوي من غيركم .. الدنيا فضيت عليا من بعدكم .. انتوا سيبتوا فراغ في قلبي لا يمكن حد يملاه ابداً .. وحشتوني اوي اوي
تغرق الدموع وجهه بشده ويزداد بكاؤه ونحيبه ف على من سيبكي إن لم يبكي عليهم .. تحتد عيناه بألم وهو يتوعد لمن فرقه عنهم ان يذيقه ويل الامرين .. يقسم بغلاوتهم في قلبه وبكل عزيز عليه ان ينتقم منه ويجعله يرى عذاب جهنم على الارض .. نعم سيريه جحيم مراد الحديدي .. جحيم الصاعقة
//////////////
بعد وقت ليس بقصير تنظر مرام ناحية حنين بهدوء وامتنان لتتكلم حنين بابتسامة صغيرة ترتسم على وجهها
حنين(بهدوء وابتسامة): احسن؟
هزت مرام رأسها بهدوء وابتسامة صغيرة ترتسم على وجهها الجميل
حنين(وهي تتطلع حولها): دي كانت اوضتهم؟
مرام: ايوة .. من يوم اللي حصل وانا ومراد قافلينها .. بس انا بدخلها من وراه في اليوم دا
حنين: هو النهاردة ذكراهم؟
مرام(بحزن): ايوة .. انا بستغل ان مراد بيكون بره وبقعد في اوضتهم شوية جايز احس بيهم جنبي
حنين(بهدوء وابتسامة): بس هما فعلاً جنبك .. هما هنا .. (قالتها وهي تشير لقلبها) .. اللي بنحبهم عمرهم ما بيسيبونا، بيفضلوا هنا .. جنبنا دايماً .. شايفين فرحنا وضحكنا وزعلنا .. عمرهم ما بيفارقونا
هزت مرام رأسها بهدوء وقد هدأت وتوقفت عن البكاء لتتكلم حنين بانتباه
حنين(بانتباه): ميمي, انتي بتقولي مراد بيكون برة النهاردة؟
مرام: ايوة .. هو كل سنة في اليوم دا بيقفل موبايله ويخرج ومبيرجعش غير على الفجر .. مراد مبيحبش حد يشوفه ضعيف علشان كدا في اليوم دا بيختفي .. لا بيكلم حد ولا بيتعامل مع حد ولا بيرجع البيت غير على النوم
حنين(بتفكير): طب انتي عارفة هو بيبقى فين؟
مرام: ايوة .. انتي بتفكري في ايه؟
حنين(بابتسامة): هقولك
///////////////
فتح مصطفى الباب بهدوء لتقف لما امامه بتردد لثوني .. تعلو دقات قلبها لتجد يده تعرف طريقها ليدها مبثاً الامان والراحة في نفسها .. كادت بالدخول لتجده يوقفها
لما: فيه ايه؟
نظر مصطفى بهدوء وابتسامة لقدمها وهو يهمس
مصطفى(بهمس): برجلك اليمين
ابتسمت لما بهدوء لتخطي بقدمها اليمنى باب المنزل وتدلفه ويدها مازالت متشابكة مع مصطفى الذي يراقب ردة فعلها بانتباة شديد وقلب ينبض بترقب .. ابتسمت لما بهدوء وهي تتطلع حولها ف ذوق المنزل كان رقيقاً جداً ومشابة لذوقها لحد كبير, كيف لا يكون مشابة له وهي من اختارت كل قطعة به واختارت ألوان كل شئ بدقة وهدوء ليبعث الراحة بالنفوس
لما(باعجاب وابتسامة): حلو اوي .. شبهنا
استبطت مصطفى من جملتها عدم تذكرها ولكن لفتت انتباهه كلمتها ليسألها بهدوء
مصطفى: شبهنا؟
لما: اها, هادي .. رقيق .. دافي .. وفيه لمسة جنون
قالتها بابتسامة وهي تتطلع لصورة معلقة لها هي ومصطفى وهم يقوموا بعمل حركات مجنونة وكوميدية بسعادة واضحة ومرسومة على وجوههم .. ابتسم مصطفى لجملتها ليتكلم بهدوء
مصطفى: معاكي حق .. (ثم اكمل بابتسامة) .. لفي واتفرجي براحتك وانا هروح اعملنا كوبيتين عصير
هزت لما رأسها بهدوء ليتحرك هو في اتجاة معين استنبطت لما انه المطبخ لتقوم هي بالتحرك بهدوء مستكشفة بيتها الذي دخلته مئات المرات اثناء تجهيزها له ولا تتذكر ولا مرة منهم
/////////////
ينهي مراد كلامه والدموع تلمع بعينيه مرة اخرى في محاولة للهبوط على وجهه ولكنه يمنعها تلك المرة .. كفى بكاء فقد علمه والده انه لا بأس إن ضعف لفترة ولكن عليه ان يقف بعدها وكأنه لم يقع قط .. يأخذ نفساً عميقاً معبئاً صدره بالهواء عله يطفئ نار صدره .. يملس بيديه على رمل المدفن ليقف بعدها بشموخ وقوة يليقوا به .. لف وجهه وكاد بالتحرك ليجد تلك الحورية تدخل من باب المدفن وهي متشحة بالسواد الذي لا يضيفها إلا جمالاً فوق جمال .. تصنم محله وكأنه فقد حاسة النطق وفقد القدرة على الحركة ليجدها تقترب بخطواتها البسيطة وتقف بجانبه مواجهة المدفن .. ترفع كفيها وتمتم بآيات سورة الفاتحة بهدوء يحتل ملامها الرقيقة .. يتطلع لها بذهول وبدقات قلب عنيفة ليجدها تمسح على وجهها بهدوء بعدما انتهت من قراءتها لتلف وجهها نحوه بهدوء وهي تنظر في عينيه بعمق وكأنها تخبره بأنها بجانبه حين يستقر الحزن فؤاده .. كانت نظرتها حنونة ويسكنها الحزن لحزنه وفي نفس الوقت بها امان وطمأنينة وراحة كبيرة .. تنظر له وكأنها تخبره بأنها جاءت لتضمد جراحه ولكن عليه ان يتحمل فتح تلك الجراح مرة اخرى فعليها لمسها وتعقيمها لتغلقها ولكن تلك المرة للأبد
مراد: ايه اللي جابك وعرفتي ان انا هنا ازاي؟
حنين(بابتسامة بسيطة): عرفت ان انت هنا من مرام .. اما اللي جابني فإني كنت عايزة ازور عمي وطنط ل تكون فاكر اني جيت علشانك مثلاً
مراد: انا مبهزرش .. ايه اللي جابك وجيتي هنا ازاي لوحدك؟
حنين(بهدوء): اللي جابني اني حبيت اكون معاك في يوم زي دا وماسيبكش لوحدك .. اما جيت ازاي لوحدي ف انا مكنتش لوحدي .. بابا وصلني وكان عايز يدخل بس انا قولتله اني حابة ادخل لوحدي ف مشي .. ثم اني هاجي لوحدي ازاي يعني واشيل كل الصندوق دا على قلبي
مراد(بعدم فهم): صندوق ايه؟!
حنين(بصدمة): الصندوق!! دا انا نسيته برة تعالى بسرعة
خرج مراد وراءها ليجد صندوق كبير امامه .. اشارت حنين له ان يحمله وتعاونت معه حتى ادخلوه للحوش وسط نظرات الفضول وعدم الفهم من مراد .. نظرت حنين له لثواني قبل ان تفتح الصندوق بهدوء ليرتسم الذهول على وجهه حين وجدها تخرج من الصندوق نباتات كثيرة كالصبار وغيره .. تقدمت منه وهي تعطيه احدى النباتات وتريه كيفية اخراجها من القصيص ثم بدأت بوضعها ورصها حول المدفن بهدوء .. مر الوقت لتنتهي حنين مما كانت تفعل وتقف وهي تنفض يديها من الرمل والتراب .. رُسمت ابتسامة رضا على وجهها وهي تنظر للمدفن الذي تغير شكله للأفضل لتتكلم بهدوء
حنين(بابتسامة): بذمتك مش كدا احسن .. ايه رأيك؟
مراد(وهو ينظر لها بشرود بها وبتصرفاتها): ليه عملتي كدا؟
حنين(بهدوء): علشان حسيت اني عايزة اعمل كدا .. علشان حبيتهم
مراد: حبيتيهم؟!!
حنين(وهي تهز رأسها): اه حبيتهم .. حبيت طنط امال من كلام مرام عنها .. وحبيت عمو احمد من كلام بابا عنه .. وكلامك انت كمان اللي خلاني اعرف قد ايه كانوا حنينين .. وحبيتهم اكتر علشان جابوك انت مرام للدنيا .. بذمتك بقا مش من حقي احبهم
مراد(وهو ينظر لها): ليه جيتي؟
حنين(بصدق وهي تنظر في عينيه): حسيت اني عايزة اكون جنبك النهاردة .. حسيت اني عايزة اقاسمك وجعك واداري ضعفك
مراد: ضعفي؟!
حنين(بهدوء): اها .. الدموع والوجع والخوف دول ضعف ومفيش انسان معندوش نقطة ضعف .. مش عيب اننا نضعف ولا عيب ان ضعفنا يبان بس المهم يبان قدام مين .. لما بتبين لحد ضعفك بتكون كأنك اتعريت قدامه وسمحتله انه يشوفك من جواك .. انا لما عيطت قدامك اختارت اني ابين ضعفي دا ليك علشان كنت عارفة انك هتداري ضعفي دا وتغطيني .. ودلوقتي جه دورك انك ترمي عليا شوية من همومك .. جه دورك انك تشيل قناع البرود والقوة اللي دايماً لابسهم وترتاح شوية, ومتخافش انا هداريك .. هداري ضعفك وخوفك عن كل الناس وعمري ما هسمح ان حد يشوفك إلا وانت واقف بقوتك على رجليك .. هساعدك تطلع الحزن اللي جواك بدل ما الحمل يتقل عليك ويكسرك ودا اللي لا يمكن يحصل ابداً
صمت مراد قليلاً لينظر لها بشرود ودقات قلب متواثبة
مراد: ليه؟
حنين(بهدوء وابتسامة): علشان ناديتني .. (ثم اكملت وهي تقترب منه وتشير لقلبه) .. دا ناداني فلبيت الندا .. (ثم اشارت مرة اخرى لقلبها) .. ودا دق ومقدرتش امنعه
مراد: دق؟!!
حنين(بابتسامة): اها دق .. دق لأول مرة .. دق وحاولت امنعه بس مقدرتش .. حاولت اوقفه وماعرفتش .. حاولت افكره بسبب الجوازة وانها مسألة وقت علشان اخليه يبعد بس لاقيتني غصب عني بغرق فيك اكتر .. لاقيتني غصب عني بتشد ليك وبتصرف بدا ..(واشارت لقلبها) .. ولاغية دا خالص (اشارت لعقلها) .. لاقيتني مش لاقية امان غير وانا جنبك .. ومش حاسة براحة غير في حضنك .. وساعتها عرفت
مراد: عرفتي ايه؟
حنين(بابتسامة هادئة): عرفت ليه حصل كل دا .. ليه فيه ناس حاولت تقتلني وليه بابا فكر في جوازنا وليه كل اللي حصل دا حصل .. عرفت ان دا كله كان خطة ربنا لينا علشان نلاقي بعض .. علشان نكمل بعض .. علشان نكون سند لبعض .. علشان ابقى جنبك في حزنك وضعفك وتبقى جنبي .. علشان وقت ما تتعب تتسند عليا ووقت ما اقع ايدك تشيلني .. علشان الوجع اللي جواك وجوايا عمره ما هيروح وكل واحد فينا لوحده .. وعلشان بحبك
مراد(بصدمة وارتباك من الكلمة): بتحبيني؟!!!
حنين(بابتسامة): صدقني لو كنا في زمن غير الزمن وكانت الظروف مختلفة عمرك ما كنت هتسمعها مني بسهولة كدا ولا كنت انا اللي هقولها الاول .. جايز كنت هتقل عليك واطلع عينك شويتين تلاتة لحد ما تسمعها مني .. جايز كان هيمنعني كسوفي اني اقولها ويخليني اهرب .. بس دلوقتي لأ .. دلوقتي انا لا هتقل ولا هتكسف ولا ههرب وهقف قدامك واقولها تاني .. انا بـ حـ بـ ك
خُطف قلب مراد من كلامها وتلك الكلمة التي جعلت ضرباته تتواثب .. صمت مراد قليلاً بعد جملتها لينطق بألم
مراد: ليه انا؟
حنين: الحب مفيهوش ليه ..(ثم اشارت لقلبها).. دا دق ليك انت وبس .. من غير سبب .. هو شاف انك تستاهله
مراد(وهو يهرب بنظراته): بس انا ماستاهلهوش .. انا..
حنين(مقاطعة): انت تستاهل احلى حاجة في الدنيا ..(ثم نظرت لعينيه بحنان).. افتح قلبك
مراد: مش هينفع .. مش هقدر ..
حنين: هتقدر وانا معاك
قالتها وهي تمسك بيده برقة وتنظر في عينيه
مراد: هتتعبي
حنين: يهون كل التعب وانا جنبك
مراد: هتزهقي
حنين: عمري ما هزهق
مراد: ...
حنين: سيب قلبك ليا ومتكتفهوش .. سيب مشاعرك تتحرك زي ما هي عايزة .. انا مش طالبة منك حاجة غير كدا .. ومتأكدة ان هيجي اليوم اللي دا ..(قالتها وهي تضع كفها الرقيق على صدره فوق موضع القلب).. هيحس ويدق لدا (اشارت لقلبها)
انهت حنين جملتها ليعم الصوت المكان ويكون للنظرات الحديث .. كانت نظراته يسكنها التردد الممزوج بالحب .. كان مراد يحاول الهروب منها ولكنه لا يعلم ان كونك تهرب من شخص خوفاً من الوقوع بحبه هو ذاته الحب .. اما هي فكانت نظراتها له حنونة ودافئة وكأنها تخبره انها لن تستسلم ولن تتركه بعد ان وجدته .. تُرسم ابتسامة بسيطة على وجهها وهي تنظر بعمق في عيناه وكأنها تقول له "الحياة مرة, والموت مرة, وأنت عشقي في كل مرة"
//////////////
تقف لما امام مكتبة كبيرة بغرفة يغلب على ذوقها الهدوء الكلاسيكي .. فبعد ان تفقدت كل شبر من البيت ورأت هنا غرفة نوم جميلة بطابع هادئ يشوبه الرومانسية الواضحة في اختيار الالوان .. وهنا غرفة اصغر لكائن اصغر, فقد كانت غرفة اطفال خالية من كل شئ سوى السرير الصغير الذي يتوسط الغرفة والدولاب الصغير ذو اللون الابيض المماثل للسرير وللستائر الخفيفة التي تزين شباك تلك الغرفة الهادئة والرقيقة .. اما هنا فتلك الغرفة جذبتها ليس فقط لطابعها البسيط والمريح وانما هناك شئ يبعث الراحة في النفوس فيها بل في المنزل بأكلمه, فهي منذ ان وطأت قدمها ذلك البيت شعرت وكأنها مغترب عاد لوطنه الذي ينتمي له بعد فراق طويل .. شعرت براحة وسكينة غريبة يعتروها وهدوء يسكن قلبها وروحها .. تتطلع بهدوء للمكتبة الضخمة التي امامها والتي تضم الكثير من الكتب والروايات .. لاحظت وجود الكثير من كتب مصطفى محمود ومحمود درويش اللذان تعشق قراءة كتبهم وتُتيم باسلوبهم كما تلاحظ وجود العديد من الروايات الرومانسية .. يلفت نظرها رواية (أعلنت عليك الحب) لغادة السمان لتمد يدها بهدوء وتأخذه بابتسامة تزين ثغرها .. لطالما كانت من عشاق الروايات الرومانسية .. تقلب الصفح بهدوء لتجد عبارة مظللة بلون فسفوري بديع .. تقرأ لما العبارة بعينيها أولاً لتبتسم وتعيد قراءتها بلسانها
لما: أيها البعيد كذكرى طفولة .. أيها القريب كأنفاسي وأفكاري, أحبك
مصطفى(بهدوء وهمس يلفح اذنها): وأصرخ بملء صمتي: أحبك!
تغمض لما عينيها وابتسامة جميلة تزين وجهها من طريقة نطقه للكلمة .. أحبك كلمة بسيطة من اربع حروف ولكن لطالما كانت وستزال لها تأثير غير هين على القلوب .. لطالما كانت وستظل قادرة على احداث ربكة بدقات القلب واشعال ثورة بالمشاعر .. تلف وجهها بهدوء ناحيته ليظهر خجلها وارتباكها من قربه المهلك منها فقد كان يفصلهم بضع سنتيمترات .. تغلق عينيها بدقات قلب متواثبة .. عبير انفاسه يلفح وجهها ويزيد من ارتباكها .. يحارب مصطفى للسيطرة على نفسه حتى لا يقدم على فعل متهور يدمر ما بناه من حب وثقة لديها .. يقترب بوجهه منها وتزداد ضربات قلبها حين احست بقربه لترتسم ابتسامةعلى وجهها حين احست بشفتيه يطبعوا قبلة رقيقة طويلة على جبينها .. يبتعد مصطفى قليلاً لترفع لما عينيها وتقابل عينيه شديدة السواد وكأنها الليل الكحيل .. تنظر له بعينيها الزيتونية بحب يسكنهم له هو فقط .. يرسم ابتسامة جميلة على وجهه وهو يتكلم بهدوء دون ان يحيد ببصره عن عيناها
مصطفى(بابتسامة): مش عايزة تعرفي المفاجأة؟
نظرت لما له بفضول فهي قد ظنت ان مجيئهم للبيت هو المفاجأة لتجده يخرج من جيبه علبة قطيفة جميلة ويفتحها بهدوء .. يظهر بداخل العلبة خاتم جميل وساحر من الألماظ الحر الذي يبرق بشكل بديع ويتوسطه فص من الالماظ ليس بكبير ولا صغير فقد كان حجمة مثالي بشكل لا يصدقه عقل ويزين جانبه فصين من الألماظ ذو اللون الأزرق كماء البحر العميق .. تلمع عينيها بفرحة وسعادة ويشهق قلبها من جمال ذلك الخاتم الذي اقل ما يُقال عنه ليس له مثيل
مصطفى: دا كان امانة عندي وجيه الوقت ارجعهالك
نظرت لما له بعدم فهم لتجده يُكمل
مصطفى: دا خاتم خطوبتنا .. لما دخلتي المستشفى انا شيلته معايا وجيه الوقت انك تاخديه تاني
لمعت عينا لما بدموع الفرح .. أكل ذلك الحب بقلبه لها هي فقط؟ أتستحق كل تلك السعادة؟ أيرضى عنها الله لتلك الدرجة حتى يرزقها به في حياتها .. يرتسم الخجل على وجهها وتدب القشعريرة بجسدها حين أمسك يدها ليُزين اصبعها بخاتمه .. تذكرت كلام حنين حين تكلمت عن تلك اللحظة فهي تحس بكل كلمة الآن .. كل شئ مثالي, الوقت والمكان والشخص والشعور .. يرفع يدها لفمه بعد ان زينها بالخاتم لطبع قبلة رقيقة عليها فيزداد خجل وارتباك لما
مصطفى(بهيام): حمد الله على رجوعك ليا يا لومتي
لما(بابتسامة وهي تنظر بحب وخجل لعينيه): ...
مصطفى: يلا علشان نشرب العصير
تحركت لما مع مصطفى بخجل وفرح يعتروها وبحب باتت متيقنة من وجوده بقلبها لذلك العاشق المتيم بها
//////////////
يدخل مراد المنزل وحنين ممسكة بيده .. تنظر مرام -التي كانت جالسة بالصالون- ناحيتهم لتبتسم لها حنين بهدوء .. تبتسم مرام وهي ترى ان حنين ليس فقط استطاعت التكلم مع مراد ولكن اعادته للمنزل في هذا اليوم .. تتحرك حنين في اتجاة غرفتهم ويتحرك مراد معها بهدوء وكأنه طفل بيد أمه .. دخلوا الغرفة لتلف حنين وجهها له بهدوء
حنين: غير هدومك عقبال ما اجي
مراد(وهو يمسك يدها): رايحة فين؟
قالها بنبرة وكأنه طفل يخشى ابتعاد امه عنه لتبتسم حنين بهدوء
حنين(بابتسامة وهي تربت على يديه): راجعة على طول
قالتها حنين وهي تخرج من الغرفة ليتحرك مراد بطاعة غريبة ليغير ملابسه .. مرت دقائق ليجد مراد الباب يُفتح وتدخل حنين منه وهي حاملة صينية صغيرة بها ساندويتش وعصير .. وضعت حنين الصينية بهدوء لتجلس على الكنبة بجوار مراد الذي كان يتطلع لها بهدوء يشوبه الذهول مما تفعله
حنين: طبعاً ماكلتش حاجة من الصبح .. عملتلك بقا ساندويتش بإيدي انما ايه
قالتها وهي تقرب الساندويتش من فمه بهدوء .. نظر لها مراد لثواني قبل ان يفتح فمه ويقطم من الساندويتش دون ان يحيد ببصره عنها .. ابتسمت حنين لاستجابته واخذت تطعمه بهدوء وحنان وكأنها أمه وهو صغيرها .. انهى مراد اكله لتتكلم حنين بهدوء وابتسامة
حنين: ألف هنا وشفا .. يلا بقا اشرب العصير دا عقبال ما اغير هدومي .. هدخل اغير في الحمام ها
قالتها بنبرة مزاح لتذكره بما قاله لها في ثاني يوم لوجودها بالمنزل عن اتمام ارتدائها لملابسها بالحمام .. ظهر شبح ابتسامة بسيطة على وجهه حين تذكر تلك الذكرى ليُمسك بكوب العصير منها ويشربه بهدوء وتتحرك هي في اتجاة الحمام .. مرت دقائق ليجد مراد حنين تخرج وقد ارتدت بيجاما بناتي جميلة .. تبتسم له بهدوء وتمسك بيده لتجعله يقف بعدما انهى شرب عصيره .. تتحرك به ناحية سريرهم لتُجلسه عليه وتجلس هي بجواره .. كان يتحرك معها بهدوء وطاعة غريبين وكأنه يستغل فرصة وجود من يهتم به ويعامله بحنان .. يطلع لها بعدم فهم عندما وجدها تفتح يديها بهدوء وخجل بسيط ليجدها تقول
حنين: ممكن اكون مامتك النهاردة؟
ذهل مراد من جملتها ليصيبه الذهول اكثر حين وجدها تكمل
حنين: اسمحلي اني اكون مامتك النهاردة وانيمك في حضني .. انت طول الليل منمتش وانا كنت حاسة بيك .. تسمح بقا ترتاح وتنام شوية
مراد(بتردد واضح في نظراته لها): ...
حنين: وقف دا شوية ..(قالتها وهي تشير لعقله).. وغمض عينيك ونام
اقترب مراد ببطئ منها ليضع رأسه بهدوء في حضنها .. دق قلب حنين بعنف من قربه منها ولكنها رسمت ابتسامة بسيطة وهي ترفع احدى يديها لتجذب رأسه لأحضانها ورفعت الاخرى لتعبث باصابعها الرقيقة بشعره
مراد: حنين ...
حنين: ششششش متقولش حاجة .. غمض عينيك وارتاح
اغمض مراد عينيه براحة لم يشعر بها منذ زمن بعيد .. تبتسم حنين بهدوء وتقبله بشعره بخفة لتغمض هي الاخرى عينيها وهي تضع رأسه على صدرها وبين احضانها وفوق نبض قلبها
/////////////
تجلس لما بفرحة بجانب مصطفى في السيارة بعد ان انهت مشاهدتها للبيت عدة مرات .. كانت وكأنها لا تريد المغادرة، لا تريد البعد عنه، لا تريد تركه، وكأنها ارتبطت به، وكأنه همزة الوصل بينها الآن وبين تلك التي جهزته منذ سنوات .. تمسك بيدها بابتسامة وفرحة يدق بهما قلبها وهي تتطلع للخاتم الذي يزين اصبعها .. تحس وكأنه كان جزءاً مفقوداً منها والآن عاد لها .. يراقب مصطفى ابتسامتها بفرحة فإن سعادته تكمن في سعادتها .. تتكلم لما بهدوء
لما(بهدوء وهي تنظر له): مصطفى
مصطفى(بابتسامة): عيونه
لما: هو انت ليه اديتني الخاتم النهاردة بالذات؟
ظهر التوتر على وجه مصطفى ليقوم بإيقاف السيارة على جانب ويلتفت بجسده لها بهدوء يشوبه الارتباك .. يمسك يديها بحنان وهو ينظر لعينيها بهدوء ويرى فيهما علامات عدم الفهم
مصطفى(وهو ينظر في عينيها): انتي عارفة النهاردة ايه يا لوما؟
صمتت لما ولكن ارتسمت على وجهها علامات عدم الفهم ليُكمل هو بهدوء يشوبه التوتر
مصطفى: النهاردة .. ذكرى كتب كتابنا
سكنت شهقة حادة صدر لما .. ففي ذلك اليوم فقدت اباها حتى وإن لم تكن تتذكر التفاصيل .. في ذلك اليوم انقلبت حياتها رأساً على عقب لتغيب سنوات بسبات طويل .. تلك الذكرى المؤلمة التي فقدت فيها خالتها واباها وزوج خالتها الذي لطالما اعتبرته اب ثاني لها .. امتلئت عيناها بالدموع لتُسرع يد مصطفى بمسح دموعها بألم يكوي صدره لرؤيتها حزينة
لما(بدموع): كلهم راحوا .. مبقاش ليا حد إلا اكرم
مصطفى(وهو ينظر لها بلوم): وانا يا لوما؟
لما(وهي تنظر له بحب): انت! انت اكبر نعمة ربنا رزقني بيها .. (صمتت قليلاً لتتكلم بنبرة تحمل الألم) .. مصطفى
مصطفى: نعم يا قلبي
لما(برجاء): اوعى تزهق مني .. اوعى تسيبني لو ماعرفتش افتكر
مصطفى(بنظرات مليئة بالحب والعشق): اسيبك!! اسيب روحي؟! يا لوما انتي البنت اللي قدرت تخطف قلبي من نظرة واحدة منها .. انتي الوحيدة اللي اتمنيت اني ابني انا وهي بيت واسرة بعد ما كانت حياتي شغل وبس .. انتي حياتي يا لما ومحدش بيقدر يعيش من غير حياته
لما(بابتسامة على كلامه): ربنا ما يحرمني منك
مصطفى(بفرحة ومزاح لتخفيف حدة الموقف): يااااه اخيراً حنيتي عليا بكلمة
ضحكت لما بخفة وهي تنظر لهذا العاشق الذي احبها من صميم وجدانه لينحني قلبها امام ذلك الحب العظيم .. امسك مصطفى بيدها مرة اخرى ولكن تلك المرة ونبرة مرحة تسكن صوته
مصطفى(بابتسامة بسيطة): مش عايزين نفتكر اي ذكرى وحشة في اليوم دا .. انا وديتك البيت واديتك الخاتم النهاردة علشان يكون النهاردة ذكرى اليوم الحلو دا .. يوم كتب كتابنا .. يوم ما بقيتي مراتي واختي وبنتي .. يوم ما تكتبتي على اسمي وبقيتي حرم مصطفى الرفاعي
لمعت عينا لما بفرح من كلامة لتجده يكمل
مصطفى: لوما .. ايه رأيك نسافر
لما: نسافر؟!
مصطفى: اه .. نسافر نغير جو بيتهيألي كلنا محتاجين كدا الفترة دي .. ايه رأيك؟
لما: هنروح فين؟
مصطفى: لبنان
لما(بفرحة): بجد!!
مصطفى: اها، فيه عميلة عندنا في الشركة عاملة اعادة افتتاح للفندق بتاعها في لبنان وعرضت اني اجيبك ونروح نقضي يومين هناك
لما(بغيظ وغيرة): وهي كل عميلة عندك بتعزمك تقضي كام يوم في الفندق بتاعها
مصطفى(وقد لاحظ غيرتها): انتي بتغيري يا لومتي؟
لما(بتوتر): ها، لا طبعاً غيرة إيه .. (ثم تكلمت محاولة الهروب) .. هو احنا هنروح لوحدنا؟
مصطفى: بصي هو انا نفسي طبعاً بس عارف انك مش هتكوني مرتاحة كدا ف ايه رأيك نضرب عصفورين بحجر
لما: ازاي؟
مصطفى: نسافر كلنا .. انا وانتي وحنين ومراد واكرم ومرام .. يعني منها نغير جو ومنها تبقى فرصة نقرب مرام واكرم من بعض بعد اللي حصل
لما: فكرة حلوة اوي بس تفتكر اكرم هيرضى يسافر لو عرف ان مرام طالعة معانا
مصطفى: سيبيه عليا انا المهم انتي موافقة؟
ابتسمت لما وهي تهز رأسها بموافقة
مصطفى: خلاص تمام انا هرتب كل حاجة للسفر وانتي بقا قولي للبنات علشان يستعدوا
ابتسمت لما بحب لذلك الذي يسعى دائماً لراحتها وإسعادها .. يتحركوا بالسيارة مرة اخرى ويقضوا اليوم سوياً بذكريات جديدة ناسيين كل ما يحزنهم .. يمر باقي اليوم بهدوء على ابطالنا ويسدل الليل ستاره على قلوبهم التي منها من تحمل الحب والشوق بداخلها ومنها من تحمل الحزن والألم من الفراق ومنها من تدق بأسم من عشقته ومنها من يتردد في فتح بابه للحب
كااااااااااات كفايا كدا النهاردة
********************************************
اعتاد مراد على الانفراد باحزانه ولكن جاءت حنين لتشاركه فيها وتمحي ببراءتها وعفيتها اي ألم يسكن قلبه
اعترفت حنين بعشقها لمراد واغلقت ابواب الهروب فما اصبح امامه سوى مواجهة طوفان عشقها الذي سيغرقه ببحور تلك الجميلة
يسعى مصطفى دائماً لإسعاد لما ف ماذا يخبئ لهم القدر بتلك الرحلة
باتت لما واقعة بعشق مصطفى الذي نساه عقلها ولكن القلب لا ينسى من يسكنه فهل سيكتب لقصة حبهم النجاة ام ستهزم امام القدر من جديد
يستمر اكرم في بعده عن مرام فهل سيقبل السفر معها
هذا ما ستكشفه فصول روايتنا
أنت تقرأ
أنت عشقي 🖤🔥
Ngẫu nhiênأنت عشقي 🖤🔥 بقلم حورية الإبداع/ حنين عماد 💜✨ هو هادئ وبارد كالثلج .. لم يكن كذلك ولكنه تألم في ماضيه، فَقَدَ احب الناس إليه فقرر اعتزال الحب، اغلق على قلبه ورمى المفتاح عازماً على اللا يُدخِل المزيد من الأشخاص في حياته حتى لا يُفجع مرة أخرى .. لم...