تجلس حنين على الارض وهي تضم جسد حسن لصدرها وتربت عليه بحنان .. يدور عقلها في ما حدث وتكاد تجن من تلك الاحداث ليتوقف عقلها فجأة عن التفكير وتختفي الاصوات من حولها حين رأته يقف امامها .. يقف على باب الغرفة!! هو هنا!! مرادها هنا!! .. يقف بشموخه وقوته رغم آلامه وملامحه التي يشوبها الكثير من الدماء التي لا تستطيع اخفاء جمال ملامحه الرجولية الآسرة .. في اقل من ثانية كانت تندفع نحوه بلهفة ودقات قلب متواثبة لترتمي بين احضانه بقوة ارتد على اثرها للخلف قليلاً .. يحاوطها هو بحب وتملك وتتمسك هي بقميصه بأظافرها وتكاد تقطعه من فرط تمسكها به وكأنها تخشى ان تكون بحلم .. تخشى ابتعاده عنها .. يستنشق كل منهم عبير الآخر بلهفة وجنون كما المدمنين .. يمسك وجهها بين كفيه ويغرق كل شبر من وجهها بالقبلات الحارة المليئة بالشوق واللهفة بينما تحكم هي لف يديها عليه رافضة تركه والدموع تنهمر على وجهها ولا تعرف أهي دموع فرح ام حزن ولا تجد سبيل لإيقافها .. تغمض عينيها بشدة وكأنها تخشى إختفاءه إن فتحت عينيها بينما يزيد هو من ضمها لأحضانه وهو يدفس وجهه برقبتها حابساً رائحتها بداخل صدره .. يكاد ان يكسر ضلوعها من فرط قوة ضمته لها ولكنها لا تأبه لذلك بل تزيد من تمسكها به بجنون ولهفة ودقات قلب تعلن احتفالها بعودة من يسكنه .. يُجبر نفسه على الابتعاد قليلاً ليجدها تزيد من تمسكها به رافضة ان يبتعد .. تهز رأسها برفض وهي تتمسك به وتدفس رأسها بداخل احضانه ليهمس لها
مراد(بهدوء ونبرة آسره): حنين
ازداد دق قلبها بعنف حين نطق بإسمها لتتأكد انها لا تحلم .. هو حقاً هنا!! .. ليس خيال ولا سراب .. ليس وهم ولا لعبة من عقلها بل هو موجود حقاً .. مازالت عيناها ترفض النظر له وكأنها لازالت لا تصدق وجوده ليُعيد هو نطقه بأسمها وهو يحاول ان يجعلها تنظر له فتزيد هي من تمسكها به اكثر وهي تهمس برفض
حنين(بضعف وهي تهز رأسها بعنف): لأ .. لأ مش هفتح .. هتختفي تاني
مراد(بحب وألم لحالتها): مش هختفي يا قلبي .. انا هنا وعمري ما هبعد عنك تاني .. بصيلي
حنين(برفض وهي تزيد من دفس وجهها بصدره): لأ .. لأ
مراد(بنبرة هادئة): حنين .. بصيلي
وكأن نبرته الآمرة اعادتها للواقع لتفتح عينيها ببطئ وهي تنظر له .. تلاقت العيون في لقاء أشبه بالعناق .. نعم, فكل منهم كان ينظر للآخر وكأنه يحتضنه بنظراته .. تجرى الدموع على وجه حنين بضعف وهي تهمس بانهيار وضعف
حنين(بضعف ودموع): خطفني .. ماما .. رصاص .. دم .. انا..
مراد(بهدوء وهو يحتضن وجهها بكفيه): شششششش خلاص .. خلاص كل حاجة خلصت .. ششششش .. اهدي
قالها وهو يجذبها لأحضانه بحنان ويربت على ظهرها لتكمل هي همسها بين احضانه
حنين(بدموع): ماما ماتت .. سابتني تاني
مراد: متخافيش هي لسة عايشة
حنين(وهي تنظر له بلهفة): عايشة؟!
مراد: ايوة .. الاسعاف وصلت واخدوها هي وفيكتوريا وعمي راح معاهم .. ونور معاه جميلة وسبقنا على المستشفى .. هجيب كرسي حسن ونتحرك
قالها وهو يتحرك ناحية الشرفة ويدخل منها لغرفة سها .. نظرت حنين في اثره بنظرات مصدومة وشاردة .. كيف عرف عن حسن؟! .. كيف عرف انه يحتاج لكرسيه المتحرك؟! .. تشرد قليلاً وهي تتذكر ما حدث في المواجهة بينه وبين حسين .. أكان يعلم بوجودها هنا؟!! .. أخطط لكل ذلك؟!! .. تتحجر الدموع بعينيها وتنظر لسريرها بتوهان .. كان هنا حقاً!! لم يكن حلماً!! نامت بأحضانه ولم يشأ ان يثلج صدرها بإخبارها بكون حي يرزق!! .. يزداد تسارع انفاسها حين تذكرت عندما قال حسين انها حامل وكيف لم يتفاجئ .. أكان يعلم بذلك أيضاً؟!! .. أخاطر بها وبطفلهما!!
مراد(وهو يدفع كرسي حسن): يلا يا حبيبتي
حنين(وهي تنظر له بشرود): ...
مراد(وهو يلاحظ صمتها ونظراتها): مالك؟ انتي تعبانة؟
حنين: ...
حسن(وهو ينظر لمراد): انا عايز ماما
مراد(بهدوء): حاضر يا حبيبي ماتخافش .. يلا بينا
قالها مراد وهو يحمل حسن بالكرسي وينزل به السلم لتنظر حنين في أثره لثواني قبل ان تلحق به بصمت قاتل احتلها .. عليها ان تطمئن اولاً على والدتها ثم سيحين وقت الحساب
////////////////////
يقف نور -بذراعه الملفوف اثر الرصاصة التي اصابته اصابه سطحية- بتوتر امام غرفة الفحص وهو ينتظر الطبيب الذي طال غيابه بالداخل وهو يرى ماذا حدث لتلك الفتاة الصغيرة .. يخرج الطبيب وعلامات العبوس مرسومة على وجهه
نور(وهو يلاحظ عبوس الطبيب): ماذا حدث؟ هل هي بخير؟
الطبيب: للأسف حدث ضرر كبير لعصب الذراع الايسر وربما لن تستطيع استخدام ذلك الذراع مرة اخرى
نور(بصدمة): ماذا؟!!
الطبيب: للأسف الحادث كان شديداً على بِنية جسدها الضعيفة
نور: أليس هناك أي حل؟
الطبيب(بعملية): لن نستطيع تحديد ذلك قبل مرور 48 ساعة وللأسف سيكونوا الاصعب .. فهي لن تحتمل الألم الذي سيسكن ذراعها
نور: إذا اعطها منوم .. مسكن .. اي شئ
الطبيب(بهدوء): بالطبع سنعطيها مسكن ولكن ذلك لن يجعل الألم يختفي .. ثم إن مقدار الألم هو المفتاح الذي سنحدد على اساسه مدى الضرر الذي اصاب ذراعها .. عن اذنك
تحرك الطبيب لينظر نور للباب الذي تقبع خلفه فتاة صغيرة وجميلة لم تُذنب في شئ سوى انها احبت شيطان تجسد في صورة ابيها
/////////////////////
في الناحية الاخرى من المشفى يجلس عزيز امام غرفة العمليات بترقب وهو يكاد يخترق الباب بنظراته .. ينهش القلق قلبه وهو لا يعرف لما مازال يخاف عليها؟! .. أمازال يحبها؟! أمازال هذا القلب يدق لها ؟! أبعد كل الذي فعلته مازال يهتم لكونها بخير؟! .. يقترب مراد الذي يدفع بكرسي حسن ومن خلفهم حنين التي تمشي كالميت .. جسد بلا روح .. يظهر التعب جلياً على وجهها وملامحها .. ما ان رأت حنين والدها حتى جرت نحوه ورمت بنفسها بين احضانه ليحاوطها هو بحنان وحب
حنين(بضعف): بابا
عزيز(بحنان وهو يحتضنها): قلب ابوكي وروحه وعقله .. انتي كويسة يا نور عيني؟
هزت حنين رأسها بلا لتدفس رأسها أكثر بضعف داخل أحضان ابيها وهي تبكي بشدة
عزيز(وهو يملس على رأسها بحنان): بس يا قلبي .. بس يا حبيبتي .. بس علشان خاطري .. طب بس علشان اللي في بطنك
وكأن تلك الكلمة هي الزر الذي جعل حنين تتوقف عن البكاء ولكن من داخلها كانت تبكي دماً وليس دموعاً .. ترفع وجهها من صدر ابيها وهي تغلق عينيها بضعف مقاومة التعب والدوار الذي تشعر به
مراد: إن شاء الله خير .. هو مفيش حد من الدكاترة قال حاجة؟
عزيز: كل واحد يدخل وميخرجش وماحدش راضي يقول كلمة
حسن(بدموع تلمع بعينيه): هي ماما هتموت؟
قالها حسن ببراءة ودموع تحتل وجهه لينتبه عزيز لوجوده وكأنه ظهر من العدم .. يدق قلبه بشدة ما ان رأى ملامح وجهه .. وكأنه نسخة مصغرة من عزيز .. يشبه ويشبه حنين لدرجة كبيرة .. تقترب حنين من حسن بحنان وهي تمسد على وجهه الجميل
حنين(وهي تحاول رسم ابتسامة صغيرة على وجهها): ماتخافش يا حبيبي .. ماما هتقوملنا بالسلامة .. ادعي ربنا انها تقوم
حسن(وهو يغلق عينيه بشدة): يا رب تقوم
تجذب حنين حسن لحضنها وينظر عزيز لهم بدقات قلب مرتبكة وكأن قلبه يخبره ان كلاهما جزء منه .. ينتموا له .. ينتبه الجميع لخروج الطبيب من غرفة العمليات
مراد: ماذا حدث؟
الطبيب(بنبرة حزينة): للأسف المريضة فقدت الكثير من الدماء وفصيلة دمها نادرة .. حالتها حرجة كما ان حالة قلبها ضعيفة جداً
حسن(بخوف): ماما هتموت؟
حنين(بدموع وهي تجذبه لحضنها): ...
الطبيب: إن لم نجد متبرع يوافق فصيلتها للأسف...
عزيز(باندفاع ودون تفكير): انا نفس فصيلتها خد مني
الطبيب: انت فصيلتك O- ؟
عزيز: ايوة
مراد: وانا كمان .. خد مني
حنين: وانا كمان
حسن: وانا
الطبيب: هذا رائع ولكن لن استطيع ان اخذ منك او منه
قالها وهو يشير لمراد وحسن
مراد: ليه إن شاء الله؟
الطبيب(بعدم فهم): ماذا؟!
مراد: اقصد لماذا؟
الطبيب: انت مصاب ..(قالها وهو يشير للجروح التي في وجهه وجسده).. وهذا طفل صغير
مراد: انا بخير واستطيع التبرع
الطبيب: انا اسف لن اغامر
حنين(بلهفة): إذا خذ مني انا
عزيز: لا انتي حامل مينفعش .. انا اللي هتبرعلها
حنين: يا بابا..
عزيز(بنبرة لا تقبل النقاش): ولا كلمة ..(ثم التفت للطبيب).. انا جاهز للتبرع
الطبيب: جيد .. تفضل معي
جلست حنين بضعف على المقعد وقد ازدادت حالة الاعياء التي اصابتها وازداد تعبها ليتكلم مراد بلهفة حين لاحظ شحوب وجهها
مراد(بقلق): مالك يا حبيبتي؟
رفعت حنين عينيها له وهي تنظر له بنظرة لم يستطع تحديد ماهيتها ولكن شعر بقلبه يتألم منها .. كاد ان يسألها عما بها ليُقاطعه صوت نور
نور(وهو يقترب منهم): مراد .. ايه الاخبار؟
مراد: لسة في العمليات .. حالتها حرجة
نور: وعمي فين؟
مراد: راح يتبرعلها بالدم .. فيكتوريا حالتها ايه؟
صمت نور بحزن ليفهم مراد انها لم تنجو من رصاصة ذلك الحقير .. شعرت حنين بالحزن عليها وهي لم تعرفها ولكن كلامها عن اختها ايميلي ولهفتها على جميلة جعلتها تتعاطف معها
حنين: جميلة فين؟
نور: في اوضة ٢٠٦ .. ربنا معاها
حسن(بلهفة طفولية): جميلة مالها؟
حكى نور باختصار ما قاله الطبيب له ليتألموا جميعاً لما حدث لتلك الفتاة الصغيرة وبالأخص حسن الذي حزن بشدة على رفيقة طفولته ليهمس بحزن وبراءة
حسن(برجاء): انا عايز اشوف جميلة
حنين(بهدوء): تعالى معايا
تحركت حنين وهي تدفع كرسي حسن متجاهلة مراد وكأنه لا يقف ليزداد تعجبه من حالتها .. منذ دقائق كانت تتمسك به ولا تريد الخروج من بين احضانه والآن لا تنظر لوجهه .. يصرف عقله من ذلك التفكير ولو بشكل مؤقت
/////////////////
تصرخ جميلة بهياج وقد فاقت وبدأ ألم ذراعها يدق عظامها بقوة .. تبكي بشدة وهي تمسك بذراعها لتندفع ممرضة للداخل وتحاول تهدأتها
ممرضة: اهدئي صغيرتي .. اهدئي
جميلة(بصراخ وألم): مامااااااااااااا .. عايزة مامااااااااااا .. آآآآآآآآآآآآه
تدخل حنين الغرفة بلهفة وتجري ناحية جميلة وتأخذها في حضنها بحنان
حنين(بدموع وهي تربت على رأسها): بس يا حبيبتي .. اهدي يا قلبي بس
جميلة(بوجع ودموع): دراعيييييي آآآآآآه
تُزيد حنين من احتضانها بقوة وهي تبكي على حالتها لتستغل الممرضة الفرصة وتحقن جميلة بمسكن قوي لعله يهدئ آلامها ووجعها .. تهدأ جميلة قليلاً ولكن مازالت الدموع تعرف طريقها لوجهها الجميل الملطخ بالدماء اثر ضربة حسين لها وانقلاب السيارة .. يقترب حسن بكرسيه من سريرها ويمد كفه الصغير نحوها .. لم يكد يلمس كفه ذراعها حتى علت صرخاتها بألم ووجع فسحب هو يده وهو يبكي على حالها .. تبكي جميلة بضعف وهي تهمس
جميلة(بدموع تحتل وجهها): ماما .. عايزة ماما
حنين(بهدوء وهي تمسح دموع جميلة): ماما في العمليات يا حبيبتي .. ان شاء الله هتخف وتقوم وتيجي تشوفك .. او لما دراعك انتي يخف نروحلها ايه رأيك؟
جميلة(برجاء): طب ممكن تجيبيلي صورة مامي من البيت؟
حنين: صورة ايه؟
حسن: صورة طنط ايميلي .. جميلة بتشيلها دايماً تحت مخدتها
حنين(وهي تهز رأسها بهدوء): حاضر يا حبيبتي .. اهدي بقا وانا هروح اجيبهالك
هدأت جميلة قليلاً وأخذت حنين تقرأ القرآن على رأسها حتى غفت بفعل المسكن وصوت حنين الشبيه بالمُهدئ .. لم يُرد حسن ترك جميلة لتتحرك حنين من جانب جميلة عائدة لغرفة العمليات لترى إن كان قد جد جديد في حالة والدتها
///////////////////
انتهت عملية سها ولكن مازالت في مرحلة الخطر .. يرتاح عزيز بإحدى الغرف بعد ان تعب قليلاً بسبب تبرعه بالدم .. يجلس مراد مع نور وهو يتكلم بنبرة ذات مغزى
مراد: عملت اللي قولتلك عليه؟
نور: متقلقش .. حصل
مراد(وهو ينظر له): متأكد؟
نور: جرا ايه يا مراد قولتلك حصل
مراد: تمام .. انا هروح اجهز للرجوع
نور: انت متأكد انهم هيسمحولنا؟ .. حالة مدام سها وجميلة متسمحش ابداً
مراد(بغيظ): وجودهم هنا خطر .. طول ما الورق لسة متسلمش والقضية متقفلتش لسة فيه خطر
نور(باقتناع): معاك حق
تقترب منهم حنين وهي تتحامل على نفسها حتى لا تسقط من فرط تعبها .. ينتبه مراد لاقترابها لينهض سريعاً ويتجه لها
مراد(لهفة): فيه ايه؟ انتي تعبانة؟
حنين(بجمود متجاهلة سؤاله): ماما كويسة؟
نور: متقلقيش العملية خلصت وهي دلوقتي في الرعاية وعمي بيرتاح في الاوضة دي
حنين(بجمود): انا عايزة اروح الفيلا
مراد(بحدة بسيطة): تروحي فين؟! انتي اتجننتي؟!!!
حنين(وهي تنظر له بجمود): فيه حاجة مهمة هناك لازم اجيبها
كاد مراد بالرفض ليتقدم نور وهو يلاحظ نبرة حنين وصوتها
نور: تمام .. انا هروح معاكي
مراد(وهو ينظر لنور بغيظ): تروح فين انت التاني؟!
نور(بهمس لمراد): اكيد حاجة مهمة يا مراد اللي مخلياها عايزة تروح هناك .. ثم متخافش انا معاها وعقبال ما انت تخلص اجراءات الخروج والسفر هنكون رجعنا
نظر مراد لحنين قليلاً ليرى علامات الإصرار والجمود يرتسموا على وجهها
مراد(بهمس لنور): خد بالك منها
هز نور رأسه وتحرك وهو يُشير لحنين .. ألقت حنين نظرة اخيرة على مراد قبل ان تتحرك للخروج .. نفس النظرة! نفس النظرة التي لا يفهم مكنونها ولكن يرى اللوم والألم يسكنوها .. يتحرك ناحية غرفة الطبيب ليُجهز اجراءات خروجهم
///////////////////
تجلس حنين بجانب نور بشرود وعقلها يدور في دوامات كثيرة .. تُطيح الافكار به وكأنه حبة رمل امام رياح عاصفة .. يلاحظ نور شرودها ليتنحنح قليلاً
نور(بهدوء): احم, مراد كان هيتجنن عليكي الايام اللي فاتت دي .. متتصوريش كان هيبوظ المهمة ازاي
حنين(وهي تستمع دون اي ردة فعل): ...
نور(مُكملاً بنبرة خفيفة): ولا عمي واللي عمله .. دا كان كل شوية يتصل بمراد يقوله هاتلي بنتي
اغمضت حنين عينيها بألم .. إذا فقد أصاب تفكيرها .. كان يعلم بكل ذلك .. كانت خطة .. وليس ذلك فقط بل إن والدها ايضاً مشترك .. وبالتأكيد امها كذلك .. ونور .. من بقى لم يخدعها .. من بقى لم يكذب عليها .. من بقى لم يعاملها وكأنها مغفلة .. يزداد دوارها وتمسك رأسها بتعب
نور(بقلق): انتي كويسة؟
حنين(وهي تتحامل على نفسها): اها .. دايخة شوية
نور(بهدوء): اه .. معلش هو اكيد من الحمل + تعب النهاردة .. لما نوصل الفيلا ابقي اغسلي وشك وانتي تفوقي
هزت حنين رأسها وهي تغمض عينيها غير راغبة في التكلم معه او مع غيره .. وكأن الكلام قد حُبس بصدرها بعد معرفتها الحقيقة .. وصلوا للفيلا وتوجهت حنين لغرفة جميلة لتأخذ الصورة .. نظرت حنين لصورة ايميلي لترى نسخة طبق الاصل من جميلة ولكن بهيئة شابة جميلة وليس طفلة صغيرة بملامح طفولية كما العرائس .. العروسة! .. ألتفتت حنين لتمسك بعروسة صغيرة تشبه جميلة لحد كبير وذات شعر اصفر مثلها .. اخذت حنين الصورة والعروسة وتحركت ناحية الدرج لتتذكر علاج والدتها .. فقد اخبرتها سها انها لا تستغنى عنه ابداً لتُسرع مرة اخرى لغرفتها وتأخذه .. كادت بالتحرك لتقف مرة اخرى وهي تنظر للغرفة بنظرات ألم يشوبها التهكم .. هنا كانت تراه .. هنا نامت بأحضانه .. هنا انقذها من الانتحار .. غبية! كيف لم تُلاحظ .. كيف؟!! .. تضغط على شفتيها بألم رافضة ان تبكي لتتحرك ناحية السلم .. تتمسك بالسور وهي تنزل مقاومة الدوار الذي يدق برأسها .. تتحرك بصمت مع نور مرة اخرى عائدة للمشفى
/////////////////////
مرت ساعات واصبح ابطالنا على متن طائرة مُجهزة بأحدث الاجهزة الطبية وبها طبيب وممرضة تحسباً لأسوأ الظروف .. فقد استطاع مراد اخراج سها وجميلة ولكن بعد معاناة وبعد ان حمله الطبيب مسئولية حدوث اي شئ لهما .. تجلس حنين بالطائرة بصمت كما التمثال على عكس البركان الذي يثور بداخلها .. تعمدت عدم الجلوس بجانب مراد او عزيز واتخذت الكرسي المجاور لحسن لتنام أو بمعني اصح تدعي النوم متجنبة اي تعامل مع من سكن قلبها والآن آلم قلبها بكل قسوة .. تحس حنين ب اقترابه لتغلق عينيها مُدعية النوم ولكن تهرب دمعة ساخنة من عينيها .. يقف مراد امامها وهو يلاحظ تحرك جفنيها ويعلم بكونها مستيقظة ولكن لا يريد الضغط عليها فربما اعصابها متعبة من احداث اليوم .. يمد يده ليزيح تلك الدمعة من على خدها لتُصيب القشعريرة جسدها .. مازالت لمسته حتى في اشد حالات الخصام قادرة ان تُرجف جسدها وتجعله كمن لمسه تيار من الكهرباء .. تحس ان داخلها مقسوم نصفين, نصف يريد ان يدفع يده التي لمستها بحدة وغضب والآخر يريد ان يمسك تلك اليد ويجعلها تزيح كل الاوجاع التي تسكن قلبها الصغير الذي لا يتحمل كل ذلك الألم والوجع .. تريد ان ترتمي بين احضانه وتشتكي له ولكن كيف تشتكي له منه .. تريد ان تصفعه على وجهه بحدة ثم تقبل مكان الصفع وكل شبر بملامحه التي تعشقها واشتاقت لها .. ما هذا التناقض؟! كيف يريد الشخص الشئ وعكسه؟!! كيف تريد الهروب من المكان الذي تود الاختباء به؟!! .. يا الله ما هذا العذاب الذي يسكن الروح ويعتصر القلب؟! .. إنه عذاب الحب .. بل إنه اقصى مراحل العشق .. أن تتألم ولكن ليس للسبب وإنما للشخص .. أن يصرخ عقلك بشئ عكس قلبك والاثنان لا يوافقوا على قرارهم .. فالعقل يقول البُعد ولا يرغب به والقلب يقول القُرب ولا يقدر على المسامحة .. تحس حنين بابتعاده عندما ابتعدت رائحته عنها .. لماذا ذهب؟! لماذا اخذ مهدئ روحها وتركها وحدها .. بينهم خطوات ولكن قلبها يحس بالوحشة إن ابتعد عنها سنتي واحد .. تحاول ان تهدأ قليلاً وتوقف جحيم عقلها كي تهنئ بالقليل من النوم ولكنه هو الآخر يهجرها ويتركها وحيدة شريدة بين متاهة عقلها لساعات وساعات
////////////////////
مرت الساعات واسدل الليل رداءه على عالم ابطالنا ومعه وصلت الطائرة بسلام لأرض الوطن الحبيب .. مرت رحلة العودة بسلام ولم تتأثر جميلة بها وكذلك سها وكأن قلبها شعر بعودتها لبلدها بعد ان كانت محبوسة بمعتقل ذلك الشيطان واخيرا تحررت .. كما انها الآن اصبح لديها اكثر من سبب لتتمسك بالحياة .. ما ان وطأت قدم ابطالنا ارض المطار حتى اسرع المسعفون بنقل سريري سها وجميلة للعربة ليتوجهوا للمشفى تحت الحراسة المشددة كما خطط مراد ونور .. اصر عزيز على الذهاب مع سيارة الاسعاف ليتوقف على صوت حسن
حسن(برجاء ونبرة طفولية): ممكن تاخدني معاك؟
نظر عزيز له بهدوء يشوبه دقات قلب متواثبة فقد كان يتفحص ملامحه طوال رحلة العودة وعقله وقلبه يصرخان بشئ يخاف ان يصدقه
حسن(برجاء ونظرة بريئة آسرة): لو سمحت خدني معاك .. عايز اتطمن على ماما وجميلة
هز عزيز رأسه بصمت ليبتسم حسن بهدوء طفولي آسر سرعان ما اصبح يشوبه الدهشة حين وجد عزيز يدفع بكرسيه بخفة .. لم يقم احد سوى سها وجميلة بفعل ذلك له .. لا يعلم سبب فرحة قلبه الطفولي ولا لما أحس بالأُلفة ما ان رأى عزيز .. نفس شعوره حين رأى حنين .. أحس وكأنه يعرفه منذ زمن .. وكأنه ينتمي له .. تحرك عزيز بحسن واتجهوا مع سيارة الحراسة نحو المشفى
//////////////////
تقف حنين بصمت وقد بلغ تعبها ذروته لتجد نور يقترب منها هو ومراد .. يقف مراد امامها بهدوء وعيناه تتفحص ملامحها المتعبة
مراد: حنين .. روحي مع نور, هيوصلك البيت وهتلاقي هناك مصطفى واكرم ولما .. انا دقايق وهحصلكم
نظرت حنين له بصمت وجمود ومازالت تلك النظرة تسكن عينيها لتتحرك ناحية سيارة نور دون ان تقول كلمة واحدة .. ينظر مراد في اثرها باستغراب ودهشة من تعاملها معه بتلك الطريقة ليُسرع هو الاخر ناحية سيارته لكي يذهب لوجهته المنشودة
///////////////////
بمنزل مراد:-
يقف مصطفى في الداخل بغيظ من نور الذي لا يرد على مكالماته ليهتف بأكرم
مصطفى(بغيظ): الحيوان دا مابيردش ليه؟!
اكرم: قولتلك ماتتعبش نفسك هو من ساعة ما كلمني من ساعة وقاللي اكلمك واخليك تجيب لما وتيجي مبيردش
مصطفى: تفتكر يكون عرف حاجة عن الزفت اللي اسمه حسين؟
اكرم(وهو يضع رأسه بين كفيه): ماعرفش .. انا خلاص مابقتش عارف حاجة
قالها اكرم بنبرة حزن وألم ليلاحظ مصطفى ذلك ويجلس بجانبه بهدوء وهو يربت على ظهره كأخ أكبر بحنان .. يغلق اكرم عينيه بألم ليتكلم مصطفى بنبرته الهادئة والرزينة دائماً
مصطفى: هون على نفسك يا اكرم .. انت كدا هتتعب اوي
اكرم(بوجع): هتعب! انا بموت .. عمري ما كنت اتخيل اني اشوف الايام دي .. موت مراد كسرني اوي يا مصطفى .. وغياب مرام معذبني .. انا تعبان .. هو ليه كل دا بيحصلي .. ليه الدنيا مستكترة عليا افرح .. ليه انا
مصطفى(بلهفة): استغفر ربك يا اكرم .. دا قضاء وقدر ولازم نرضى بيه .. ربنا ابتلانا ابتلاء علشان نصبر عليه ف يفرجها علينا
اكرم(بضعف): بس دا ابتلاء صعب اوي .. ابتلاء انا مش قده
مصطفى(بهدوء يشوبه وجع): "لا يُكلف الله نفساً إلا وسعها" .. استغفر ربنا وارضى بقضاه علشان يفرجها علينا ويرجع الفرحة حياتنا
اكرم: اللهم لا اعتراض .. ياااا رب
قالها اكرم بنبرة مختنقة ليجذبه مصطفى لأحضانه وهو يحاول التماسك ف كلام اكرم كان لا يصف سوى نقطة في بحر ما يشعر به مصطفى .. ف فراق مراد يذبحه بسكين بارد ولكن عليه الصمود وعدم السماح لنفسه بالانهيار؛ فهو اكبرهم وعليه ان يكون لهم السند بعد ان غاب سندهم ولكن من سيسنده هو ويُعينه على الحياة بدونه .. سمعوا صوت اقدام تقترب لينظروا ناحية الباب ويتفاجأوا بوجود حنين بجانب نور
نور(بابتسامة): ايه رأيكم في المفاجأة دي؟
اسرع مصطفى واكرم ناحية حنين بلهفة اشقاء وخوف حقيقي
مصطفى(بلهفة): حمدا الله على سلامتك يا حنين
حنين(بنظرات شاردة): ...
اكرم(بقلق وهو ينظر لها): انتي كويسة؟
قالها اكرم وقد لاحظ شحوب وجه حنين وصمتها القاتل فقد كانت تنظر لهم وهي تحاول معرفة إن كانوا على علم بوجود مراد ام لا .. تحاول ان تستشف إن كانوا قد شاركوه في خطته وخدعوها معه ام هم مثلها مخدوعين ف كذبته الكبيرة .. يلاحظوا صمتها الغريب وهدوئها المُقلق لينظروا ناحية نور
مصطفى: في ايه يا نور .. هي حنين مالها؟ وايه اللي في دراعك دا؟!!
اكرم: انت جبت حنين ازاي اصلاً؟!!
نور(بهدوء): هقولكم كل حاجة بس المهم نادوا لما
قالها وهو يشير بعينيه ناحية حنين ليفهم مصطفى ان هناك مهمة لمحبوبته تجاة تلك الفتاة المجنونة سابقاً والشاردة حالياً .. ينادي مصطفى عليها دون ان يصعد لتخرج هي من غرفة مرام
لما: ايوة يا مصطفى, فيه حا.. حنيييين!!!!
قالتها لما بلهفة ما ان رأت حنين لتسرع بنزول السلم وتجري بلهفة ناحيتها وهي تجذبها لأحضانها بحب وحنان يشوبهم الكثير من اللهفة
لما(وهي تحتضنها بلهفة): يا حبيبتي يا حنين .. حمد الله على سلامتك .. انتي كويسة؟
حنين(وهي تنظر لها بصمت): ...
لما(وقد لاحظت شحوب وجهها): هي مالها؟!
نور(بهدوء): بعد اذنك يا لما خوديها ترتاح فوق شوية
نظرت لما بقلق ناحية مصطفى ليغلق هو عينيه مطمئنها لتهز رأسها وتتحرك بحنين وهي تحيطها بذراعها بحنان بينما تسير حنين بجانبها بصمت وشرود وعيون تتحجر بها الدموع
///////////////////
يجلس عزيز بالمشفى امام غرفة العناية الموجود بها جسد سها المُوصل بالعديد من الاسلاك والاجهزة .. يجلس حسن على كرسيه بجانبه وهو ينظر امامه بشرود طفولي ليهمس
حسن(بخوف يسكن نبرته): هي ماما هتموت؟
نظر عزيز له ولا يعرف ماذا يقول ليرسم ابتسامة بسيطة وهو يربت على ظهره
عزيز: ماتخافش .. ان شاء الله هتبقى كويسة
حسن: يا رب
قالها حسن ليعود مرة اخرى لصمته وشروده بينما ينظر له عزيز وقد تحكم من عقله فكرة يخاف ان يصدقها فيكتشف كونها سراب .. يتنحنح عزيز ليتكلم بهدوء
عزيز: هو انت اسمك ايه؟
حسن(ببراءة): حسن .. حسن حسين الجزار
تألم قلب عزيز حينما قال حسن اسمه يتبعه اسم ذلك الحقير ولا يعرف لأي شئ حزن اكثر .. لكون سها حقاً تزوجت هذا الشيطان بل وانجبت منه ام لكون فكرته سراب .. ولكن لماذا مازال قلبه لا يُصدق كونه ابن هذا الحقير .. لماذا مازال يصرخ بكونه ينتمي له هو
عزيز(بارتباك): هو .. انت عندك كام سنة؟
حسن: 10 سنين
تتسارع دقات قلب عزيز بشدة .. نفس عدد السنوات .. نفس الملامح .. نفس الطباع الهادئة .. نفس احساسه ناحية حنين .. يُطيل عزيز النظر له وهو يأمل ان يكون ما يشعر به قلبه صحيحاً ولكن عليه التأكد أولاً
///////////////////
بمنزل مراد:-
مصطفى(بغيظ وحدة): يا بني ادم ما تتكلم هو انا هشد الكلام منك!!
اكرم(وهو يهتف): ما تنطق يا نور, ايه اللي حصل وازاي جبت حنين ووصلت للي اسمه حسين دا ولا لأ؟
نور(ببرود واستفزاز): يا جدعان هتكلم بس ارتاح شوية .. دا انا مصاب خلي في قلوبكم رحمة
مصطفى(بغيظ وغضب): يا جدع انت بطل برود متخلينيش اقوم اضربك
اكرم(بغيظ وهو يكاد يقوم): لا وعلى ايه انا اللي هقوم اكسر الترابيزة دي على دماغه
...: قلبك ابيض يا دوك
جحظت عيون مصطفى واكرم وتصنمت اجسادهم حين استمعوا لصوته .. ألجمتهم الصدمة وهم يروه يقف امامهم .. أهو حلم؟! لا فكلاهما يراه .. وهم أم حقيقة؟! كيف ذلك؟! .. اقترب نور من مراد وهو يضحك
نور(وهو يضحك بخفة وينظر لهم): اخيراً جيت دول كانوا هيدفنوني بسببك .. انا كان فاضلي ثانية واعترف بكل حاجة
ابتسم مراد بسخرية على جملة نور أما مصطفى فما ان استمع لكلام نور حتى رتب عقله كل شئ .. فَهِمَ انها لعبة من مراد!! .. اقترب منه بهدوء قاتل حتى وقف امامه .. ينظر كلاهما للاخر ليُفاجئ مصطفى مراد بلكمة قوية في وجهه ارتد على اثرها للخلف قليلاً .. يرفع مراد وجهه بصدمة لينصدم اكثر حين وجد مصطفى يرتمي في احضانه ببكاء كما الطفل الصغير
مصطفى(بانفعال وبكاء): انت حيوان .. ومتخلف .. وجزمة قديمة .. ازاي تعمل كدا فينا .. انت .. انت..
يربت مراد على ظهر مصطفى وهو يحتنضه بحنان ليزيد مصطفى من احتضانه
مصطفى(بضعف وهو يحتضنه): اوعى تعمل كدا تاني .. انا كنت هموت
يبتسم مراد وهو يبعد جسد مصطفى عنه بهدوء ليتقدم من اكرم الذي تيبست اقدامه بالأرض وينظر ناحية مراد بجمود وعيون تلمع بها الدموع .. يقف مراد امامه ليتكلم بمشاكسة
مراد: مش هتقولي حمد الله على السلامة؟
اكرم(وهو يهز رأسه ب لا): ...
مراد(بابتسامة مشاكسة): طب مش هتديني حضن مطارات؟
اكرم(وهو يهز رأسه ب لا مرة اخرى والدموع تلمع بعيناه): ...
مراد(بحنان وابتسامة): طب انا نفسي احضنك
قالها مراد وهو يجذب اكرم لأحضانه .. كانت يدا اكرم تدفعه في البداية بعناد ليستسلم سريعاً اما اصرار مراد وحضنه القوي ليبادله الحضن وهو يبكي بشدة بين احضانه
اكرم(بضعف وبكاء): ليه سبتني انت كمان يا مراد .. حرام عليك
مراد(وهو يزيد من احتضانه): حقك عليا يا حبيبي
اكرم(بدموع ووجع): بُعدك كسرني اوي
مراد(وهو يبعده عن احضانه وينظر لعيناه): ما عاش ولا كان اللي يكسر اخويا
اندفع اكرم مرة اخرى لأحضان مراد ليفرد مراد يده الاخرى ناحية مصطفى الذي لم ينتظر لثانية واندفع هو الآخر لأحضانه .. ابتسم نور على هؤلاء الرجال الاشداء الذين يبكوا كما الاطفال الصغيرة غير خجلين ان يظهروا ضعفهم امام بعضهم لأنهم يعلموا ان من يروا ضعفهم هذا لن يستغلوه ابداً
نور(بمزاح وهو يندفع نحوهم): احضن معاكوووووو
قالها نور بنبرة كوميدية وهو يندفع ناحيتهم مشاركهم هذا العناق الحميمي الهادئ .. طال العناق بينهم ليقطعه صوت كسر زجاج لينظروا جميعاً ناحيته بلهفة ويروا لما التي خرجت للتو من المطبخ, فقد كانت تُعِد كوب عصير لحنين التي لم تنطق بكلمة منذ ان وصلت وتنظر فقط امامها بشرود .. تنظر لما ناحية مراد بصدمة ودقات قلب متسارعة ليقترب هو منها بهدوء وابتسامة
مراد(بابتسامة): وحشتيني يا لوما
لما(بدموع تلمع بعينيها): انت عايش؟! .. قصدي .. انت هنا بجد؟!
هز مراد رأسه بهدوء لتندفع الدموع بشدة من عينيها وهي تنظر له ليمسك هو رأسها ويطبع قبلة خفيفة على جبينها
لما(ببكاء): انا .. انت...
مراد(بهدوء وهو يمسح دموعها): ششش خلاص .. متخافيش يا لوما .. انا معاكم ومش هبعد تاني
ابتسمت لما من وسط دموعها لتُسرع بفرحة ناحية السلم صاعدة لغرفة حنين وهي تظن انها لم تعرف بعد عن عودة زوجها من موته المزعوم .. ينظر مراد في أثر لما بابتسامة وهو يرى مقدار الحب الذي يحظى به من عائلته الجميلة
مصطفى: مش هتحكي ايه اللي حصل وليه عملت كدا؟
اكرم: اظن من حقنا نعرف
مراد(وهو ينظر لهم): حاضر .. تعالوا
/////////////////
تندفع لما ناحية حنين الجالسة بشرود على سريرها والدموع تنزل بصمت من عينيها لتنتبه على صوت لما الذي يحتله الفرح وهي تقول
لما(بلهفة وفرحة): مراد عايش يا حنين .. والله عايش .. قاعد تحت مع مصطفى واكرم ونور
حنين(وهي تنظر لها بجمود): ...
تفاجأت لما حين لم تجد استجابة من حنين فظنت انها لا تصدق
لما(بلهفة): انتي مش مصدقاني! والله مراد عايش, دا..
قطعت لما جملتها حين وجدت حنين تقف بجمود وهي تمسح حبات اللؤلؤ التي تحتل وجهها الجميل والشاحب في آن واحد لتتقدم بهدوء دون النطق بكلمة وتخرج بهدوء متوجهة للصالون
/////////////////
يجلس مراد ومن أمامه الشباب ليبدأ بحكي ما حدث من البداية منذ ان اخبره عزيز بحقيقة كون والدة حنين على قيد الحياة وكيف اخبره عن فيكتوريا التي تساعده للانتقام من حسين ولم يعرف سبب ذلك وقتها مروراً بكيف عرف خطة حسين للتخلص منه وكيف وضع خطته هو ونور وعزيز للانتقام من ذلك الشيطان وكيف توجب عليه تزييف موته لإحكام الخطة .. انهى مراد كلامة بعد ان حكى لهم كل شئ حتى انتهاء المواجهة بينه وبين حسين وعودتهم جميعاً .. عم الصمت لدقائق ليقطعه صوت تصفيق بارد .. ينظروا ليجدوا حنين تقف امام باب الصالون بدموع متحجرة بعيونها .. تتقدم وهي تصفق ببرود وهي تبتسم ابتسامة مهزوزة يشوبها التهكم
حنين(بابتسامة باهتة وهي تصفق ببرود): برافو يا حضرة الظابط .. برافو .. خطة في منتهى الذكاء
مراد(وهو يتقدم منها): حنين..
حنين(بتهكم): لا لا لا .. حنين ايه يا راجل .. قول الهبلة .. العبيطة .. الغبية .. (ثم اكملت كلامها وهي تضحك بقهر وقد هربت دمعة ساخنة من عينيها) .. كمل كلامك .. كمل .. احكيلهم والنبي لما كنت هموت وانا بشوفك بتضرب وتضرب وانا محبوسة في العربية .. احكيلهم ازاي حسيت ان قلبي انخلع من بين ضلوعي وانا شايفاك بتقع قدامي والدم مغرق صدرك
قالتها بألم كبير يسكن صدرها ليتألم مراد من نظرتها ونبرة صوتها ليجدها تُكمل وهي تتكلم بنبرة يسكنها وجع العالم
حنين(بوجع): ولا اقولك احكيلهم ازاي كنت بعيط زي الهبلة وانت مرمي قدامي على الأرض .. ازاي كنت بصرخ ب اسمك وقلبي كان هيقف وانا شايفاك مش بترد عليا ..(قالتها وهي تضرب بقبضتها موضع قلبها بقهر).. ياااه, دا انا عبيطة بشكل
مراد(وهو يقترب منها ويمسك بكتفيها): حنين اهدي
حنين(وهي تبعد يديه عنها وتكمل بقهر وهي تنظر له): لا لا .. انا هادية خالص .. طب بص علشان خاطري احكيلهم ازاي قدرت تسيبني بإيدك للحيوانات دول ياخدوني .. احكيلهم ازاي قعدت اصرخ ب اسمك وازاي حاولت انهي حياتي علشان انت مبقتش في دنيتي
قالتها بوجع وهي تشير على معصمها الملفوف بالشاش لتقترب لما التي كانت تغرق الدموع وجهها
لما(وهي تمسك بذراع حنين): حنين تعالي معايا
حنين(بانفعال): سيبيني يا لما .. (ثم نظرت لمراد مرة اخرى لتُكمل بأنفاس محتدة) .. قولي عملت ايه لما عرفت اني حامل .. كان عادي برضو؟!! .. كان عادي وانت سايبني انا وابنك في ايد الكلب دا اللي حاول يتهجم عليا .. كان عادي وانت شايفني بعيط وبترجاك تيجيلي .. كان عادي وانت شايفني قربت اتجنن وبشوفك في كل حتة وبحلم بيك
مراد(وهو يقترب منها ويحاول تهدئتها): اهدي يا حبيبتي
حنين(بحدة وصراخ): ماتقولش حبيبتااااااي .. انا مش حبيبة حد .. ابعد عني .. انت ايه؟!! .. ازاي قدرت تعمل كدا؟!!! .. لا وكنت مخليني احس اني مجنونة .. كان هنا, لأ خيال .. نمت في حضنه, لأ حلم .. أنقذني من الموت, لأ مش هو .. كان معايا, لأ سابني .. انت اييييييه .. حراااام عليييك
مراد(وهو يمسك بذراعيها محاولاً تهدئتها): اهدي يا حنين
حنين(بحدة وهي تدفع يديه): متقولش اسمي .. متنطقهوش .. انت مين اصلاً؟! .. انا مش عارفاك!! .. انت مش مراد اللي عرفته وحبيته .. انت واحد كداب وغشاش وخاين .. واحد خان ثقتي فيه .. واحد رضي انه يشوفني بتعذب .. واحد لعب لعبة كبيرة اوي عليا بس خلاص اللعبة خلصت لحد كدا .. (قالتها حنين بوجع حاولت ان تخفيه بجمود لتنظر له مدعية القوة) .. طلقني
مراد(بانفعال وهو ينظر لها): انتي بتقولي ايه؟!! انتي اتجننتي؟!!!
حنين(بصراخ وحدة): ايوة اتجننت وانت السبب .. انت اللي جننتني
نور(متدخلاً): اهدي يا حنين
حنين(بصراخ وهي تنظر لهم): ملكوش دعوة بياااااا .. سيبوني في حالي بقاااا ..(ثم نظرت لمراد).. هسألك سؤال واحد, انت كنت تعرف ان ماما عايشة؟
صمت مراد لتنظر حنين له بألم
حنين(وهي تراقب تعابير وجهه): كنت عارف من امتى؟ .. شهر؟ .. اتنين؟ .. من اول جوازنا؟
مراد(وهو يهرب بنظراته): ...
حنين(بوجع ودموع تنزل بقهر على عينيها): يااااااه .. ضحكت عليا كل الفترة دي .. كنت بتسمعني وانا بحكيلك عنها واقولك قد ايه متعذبة ببُعدها عني وعادي بالنسبالك .. كنت شايفني هبلة صح وممكن تضحك عليا
مراد(بلهفة وهو ينظر لعينيها): لا يا حنين .. انا مكنتش عايز اهز صورة والدتك في عينيكي .. عمي كان مآمني على السر دا وانا ماكنش ينفع اخون الامانة ابداً
حنين(وهي تضحك بتهكم): والله فيك الخير .. بس بجد احييك .. اديت دورك على اكمل وجه ..(قالتها بدموع تلمع بعينيها لتضربه بقبضتيها في صدره وهي تهتف به).. طلقني
مراد(بقوة ورفض): لا يا حنين
حنين(بحدة وهي تضربه في صدره مرة اخرى): لا هتطلقني .. طلقني علشان انت كداب .. انت غشاش .. طلقني انا بكرهك
كانت حنين تقول كل كلمة بقهر وهي تضربه بصدره بقبضتيها ليُمسك هو يديها ويقربها منه وهو ينظر لعينيها بقوة
مراد(وهو ينظر لعينيها): لأ يا حنين, انتي بتحبيني وانا بحبك
حنين(بهستيريا وهي تحاول التملص من يديه): انت مبتحبنيش .. انت كداب .. كدبت في كل حاجة
مراد(وهو يمسك بها وينظر في عينيها بقوة يشوبها الحب والوجع في آن واحد): لا يا حنين .. انا ماكدبتش غير علشان كنت خايف عليكي .. انتي ماتعرفيش انا حصلي ايه ولا ازاي كنت بتعذب وانا شايف دموعك بتنزل على خدك وانتي فاكراني ميت .. كنت هتجنن, عايز اخدك في حضني واقولك انا هنا وجنبك .. ماتعرفيش كام مرة كان هاين عليا ابوظ ام المهمة كلها واخدك ونرجع تاني .. ماتعرفيش حسيت بإيه لما عرفت انك شايلة حتة مني جواكي وانا بإيدي سايبك في بيت الوسخ دا .. فاكرة انه كان سهل عليا؟ .. انتي ماتعرفيش انا ازاي كنت بتعذب كل ليلة وعيني ماكانتش بتنام من خوفي عليكي و ع اللي في بطنك .. ماتعرفيش الرعب اللي كنت عايش فيه ولا الافكار السودا اللي كانت بتسكن عقلي .. ماتعرفيش انا حسيت بإيه وانا شايف الحيوان دا حاطط المسدس على راسك .. لأول مرة احس كأني مشلول ومش عارف اتصرف .. كان اهون عليا 100 مرة انه يضربني بالرصاص ولا اني اشوف دمعة واحدة نازلة من عينيكي .. خاطرت بيكي علشان تبقي في امان بقية حياتك ومتعيشيش في خوف من كلب ولا يسوى .. كدبت علشان نعرف نعيش حياتنا من غير ما ابقى خايف ل اصحى في يوم مالاقيكيش .. كدبت علشان ماشوفش نظرة خوف واحدة في عينيكي .. ماسألتيش نفسك انا عملت كل دا ليه .. بعد كل دا بتقولي اني مابحبكيش .. بعد كل دا بتقولي طلقني .. بعد كل دا عايزة تسيبيني .. (ثم اكمل بنبرة قوية يشوبها الوجع) .. مش هطلقك يا حنين .. انتي مراتي وهتفضلي على ذمتي لآخر يوم في عمري, فلو عايزة تسيبيني ادعي ربنا يعجل بموتي
قالها وهو يترك يدها ويتحرك مغادراً لتتسارع انفاس حنين ويقع قلبها .. وقعت جملته الاخيرة عليها كالصاعقة .. فكرة موته كانت غير مقبولة بالنسبة لها .. هل سيموت ويتركها حقاً؟!! .. كيف قست عليه لتلك الدرجة! .. كيف قالت كلامها الذي اوجعه وذبحها! .. كيف نطقت كلمة الطلاق فهي لن تعيش ثانية بدونه .. تواثبت دقات قلبها وتحجرت الدموع بعينيها .. لفت حنين جسدها بسرعة لتجده عند الباب ويكاد يخطو للخروج لتصرخ بأسمه
حنين(بصراخ): مرااااااد
لم تتحمل حنين اكثر من ذلك واغلقت عينيها باستسلام للدوار والتعب الذي بلغ ذروته ليترنح جسدها وتسقط مغشياً عليها بين يدي لما التي اسرعت نحوها بصراخ
لما(بصراخ ولهفة): حنيييييييييييين
تصنمت قدم مراد امام الباب حين استمع لصراخها ويليه صراخ لما .. يلف جسده بلهفة ليجد جسدها واقعاً ارضاً بين يدي لما ليندفع نحوها ويكاد قلبه يتوقف وهو يراها لا ترد ولا تستجيب لندائاتهم وقد ازداد شحوب وجهها
كااااااااااات كفايا كدا النهاردة
********************************************
ماذا حدث لحنين
ماذا حدث لجنين الصاعقة والمجنونة وهل سيقدر على الثبات امام كل ذلك التعب
هل سيكتشف عزيز حقيقة كون حسن ابنه وماذا ستكون ردة فعله
هل ستستطيع جميلة تحريك ذراعها مرة اخرى
هل برجوع مراد ستعود مرام لنا مرة اخرى
هل انتهى الخطر فعلاً ام مازال موجوداً
هذا ما ستكشفه فصول روايتنا

أنت تقرأ
أنت عشقي 🖤🔥
Randomأنت عشقي 🖤🔥 بقلم حورية الإبداع/ حنين عماد 💜✨ هو هادئ وبارد كالثلج .. لم يكن كذلك ولكنه تألم في ماضيه، فَقَدَ احب الناس إليه فقرر اعتزال الحب، اغلق على قلبه ورمى المفتاح عازماً على اللا يُدخِل المزيد من الأشخاص في حياته حتى لا يُفجع مرة أخرى .. لم...