الفصل السابع

6.6K 576 45
                                    


( روايه بقلم رونا فؤاد....ممنوع تماما نقل الروايه أو نشرها في أي منصه أو صفحه حتي لو بأسمي حيث أن حقوق النشر لجميع رواياتي مسجله حصري ولا تقوم بنشرها الا علي صفحتي أو مدونتي الخاصه ومن يفعلها يعرض نفسه للمسائله )
انهي دياب أفطاره ليقوم ويتجه ليجلس بجوار جده بينما تحضر بهيه الشاي لهما وهي تتطلع الي ملامح وجه زوجها بانتظار أن تجده هاديء لتحدثه بما تريد
وضع دياب كوب الشاي الفارغ من يده والتفت الي جده متساءلا : عاوز مني حاجه يا جدي
اومأ دياب الكبير قائلا : عاوزك تنفذ كلمتك وتجيب اختك وسطنا ....خلاص الحداد خلص ولازمن ترجع تقعد في بيت اهلها
وعد جده أنه سيفعل ولكنه انتظر اليومين الماضيين حتي تكون وصال مستعده لترك منزل ابيها ليقول : أن شاء الله ياجدي انا بعد ما اخلص شغلي كنت هروح اجيبها هي وامي واعاود بيهم
هز دياب الكبير رأسه ليعتدل دياب ويقوم قائلا : السلام عليكم
وضعت بهيه العباءه الثقيله علي كتف زوجها بتمهل وهي تتبعه الي الباب لينظر لها دياب باستفهام : عاوزة ايه يا بهيه ؟!
رمشت باهدابها ليضحك دياب قائلا : عارف انك عاوزة تقولي حاجه ...قولي يا غاليه
حمحمت بهيه وخفضت وجهها الذي اكتسي بنظره حزينه الي الأرض وهي تقول : اتوحشت العيال اوي .....كنت بستاذنك اروح اراضي دنيا وارجعها
تلاشت ابتسامه دياب واحتقن وجهه بالغضب وهو يقول : لا !
نظرت له بهيه وهي تفرك يدها بتوتر : لا ليه يا اخويا ...لو عليا انا مش زعلانه منها
هتف دياب بنبره قاطعه : قولت لا يعني لا وبطلي كلام في الموضوع ده بدل ما اتعصب عليكي عاد
اومات بهيه بحزن ليتركها دياب ويغادر دون أن يطيل أكثر ولكنها مجرد بضع خطوات وكان يستدير إليها وهو يتذكر وعده لها : انا هخلص اللي ورايا وهرجع اخدك عشان تيجي معايا مصر
نظرت له بهيه ليتابع وهو يراضيها : انا وعدتك اخدك المستشفي ....هاخدك ونروح بعدين نعدي نجيب امي ووصال ونعاود
ابتسمت بهيه بسعه لتقول بخجل : ربنا يخليك ليا يااخويا بس هعطلك
ابتسم لها برفق : متقوليش كده ...ابقي البسي شال تقيل عشان الجو برد
اومات له واسرعت للداخل وهي تكاد تطير من السعاده !
......

صك صرير اطارات سياره هادي التي أوقفها أمام المنزل الاذان لتعقد حميده حاجبيها وتهب من مكانها بقلق شديد ما أن وجدته يعود بهذا الوقت لتسرع اليه تسأله بقلب لهيف وهي تري ملامحه التي تنذر بعاصفه : في ايه يا هادي ؟!
تجاوز هادي والدته دون قول شيء ليصعد بسرعه الي غرفته والشياطين تتراقص أمام وجهه وتعزف سيمفونيه من شرور العالم أجمع ....فتح الباب واندفع الي الغرفه وعيناه تبحث عنها ليستدير تجاه والدته التي لحقت به يسألها بنبره غاضبه : هي فين ؟!
لا يستطيع مجرد نطق اسمها لتسأله حميده بتعلثم وقلق : مين ...احسان ؟!
اوما هادي ووجهه ككتله من اللهب : راحت ياابني تطل علي امها
ازداد احمرار وجه هادي الذي اسرع ينزل لتلحق به حميده : في ايه بس يا هادي فهمني ....طيب عملت ايه ؟!
لم تجد اجابه لتلتفت تجاه نشوي التي خرجت من غرفتها تسأل : في ايه يا امه ؟!
قالت حميده وهي تضع يدها علي قلبها : والله ما انا عارفه بس رجعه هادي دي اكيد وراها أن !
مسح هادي وجهه بحنق شديد بينما صورته كمغفل تتراقص أمام عيناه .....امراه وراء الأخري تتلاعب به وتستغفله وهو لا يدري شيء ...!
وهاهي الدماء تفور بعروقه حينما نظرت صديقه والده احسان الي هادي بدهشه الذي سألها عنها : يمكن لسه جايه في الطريق ؟!
اندفع دون أن يروي فضول صديقه التي أسرعت الي ابنها هاتفه : واد يا محمود اتصل باختك بسرعه وهات اكلمها خليني الحق اقولها أن جوزها جه وبيسأل عنها
نظر محمود إليها وعقد حاجبيه قائلا باستفهام : وهي راحت فين اصلا
هتفت به صديقه بنفاذ صبر : يا واد انت لسه هتسأل
قال محمود ببرود : ممعيش رصيد
زمت المراه شفتيها وهتفت بحنق : قوم اتنيل من مكانك اتصرف وخليني اكلمها بسرعه الحق احذرها أن جوزها بيسال عنها وبيدور راحت فين
هتف الشاب بلا مبالاه : وهي تايهه ما تلاقيها جايه
رفعت صديقه حاجبيها بغيظ هاتفه : وحياه امك..!
ماهي لو جايه كان زمانها جت ولا كان شافها في الطريق ....زجرته وتابعت : قوم انت لسه هتتكلم... قوم بسرعه كلمها .
.....
لوت أحسان شفتيها بغيظ شديد بينما تهتف بقدورة متهكمه : اهو لا حصل لها حاجه ولا الواد نزل واهي خلفت
قالت قدورة وهي تزيد من جرعه البخور في القدر امامها : الصبر يا احسان احنا لسه بنشتغل
هتفت احسان بنفاذ صبر : صبر ايه ...! صبرت كتير
انا عاوزة اشوف بعيني شغلك ده ....زمت شفتيها وتابعت بحقد شديد : ده انا ماسكه نفسي بالعافيه اني اخنق الواد واكتم نفسه
اتسعت عيون قدورة من كميه حقد احسان علي الرضيع لتهتف بها : تموتيه ايه ... !!
انتي عاوزة تودي روحك في داهيه ....اصبري يا بت
اخرجت من صدرها قماشه صغيرة ملفوفه لتعطيها لها متابعه : خدي حطي الحجاب ده تحت مرتبه سريرها
زفرت احسان بحنق : تاني يا قدورة
اومات قدورة بثقه : تاني وتالت امال انتي جايه ليه ....رفعت حاجبها وتابعت : وبعدين مره تصيب ومره تخيب
انتفضت احسان من مكانها علي صوت رنين هاتفها وقالت بهلع : يالهوي هادي بيتصل
قالت قدورة بدهشه : ما يتصل فيها ايه ....ردي عليه
هزت احسان راسها وقد تشعشع القلق بوجدانها : ده قليل اوي لما يتصل بيا ....افرضي سألني انا فين ...اقوله ايه
قالت قدورة بلا مبالاه : قولي اي حاجه
التقفت أنفاسها وهي تجيب ليأتيها صوته الحاد الذي زاد من توترها : انتي فين
غابت عن عقلها حجتها التي قالتها لحميده لتقول بتعلثم : انا.... انا في السوق
قال هادي وهو يصك أسنانه : قولتي رايحه لامك
تذكرت كذبتها لتقول بتوتر : اه ماهو انا بعد ما بصيت عليها عديت علي السوق كان لازمني شويه حاجات وانا اصلا راجعه البيت خلاص .... في حاجه يااخويا
ضيق هادي حاجبيه بسخط شديد وحاول أن يتمالك غضبه فيبدو أن هناك الكثير كان لا يعلمه وليس فقط سرقه العقد
: لا ..ارجعي البيت وكلميني
بصبر نافذ وعقل ملتهب وعروق منتفخه بالدماء الحاره كان يتوقف علي الجانب الآخر في أحد الشوارع الجانبيه يتواري وعيناه مركزه علي مدخل السوق يسير معها الي نهايه كذبها
اسرعت احسان تضع في حقيبه يدها الصغيرة الحجاب وقالت لقدورة : انا همشي بسرعه
قالت قدورة وهي تتربع علي مقعدها : طريق السلامه يا حلوة
اسرعت احسان تخرج من الباب لتطل برأسها تجاه الشارع تنتوي أن تتلفت يمينا ويسارا قبل أن تخرج من بوابه المنزل الحديديه ليسقط هاتفها من يدها فاسرعت تلتقطه ولم تتلفت وهي
تخطو بساقها خارج المنزل بسرعه ...اتسعت عيون هادي الذي لمح تلك التي تخرج من أحد المنازل بنهايه الشارع حيث وقف متواري لتغلي الدماء بعروقه وينزل مسرعا تجاهها ما أن لمحها تخرج من هذا المنزل ذوالطابق الواحد ....
مدت احسان يدها الي الهاتف تنفض عنه التراب الذي وقع به وهي تسير مسرعه ليكاد قلبها يتوقف ما أن رفعت راسها وراته واقف امامها بقامته المديده !
تجمدت مكانها حرفيا وهربت الدماء من عروقها وهي تنطق اسمه بمفاجأه :  هادي !!
ليس هدوء أو برود بل غضب ضاري لدرجه لا يستطيع فقط إخراجها بجلبه أو صوت عالي بل تماوج الغضب بداخله لدرجه احمرار وجهه الذي توحشت ملامحه وهو ينظر إليها هاتفا من بين أسنانه : كنتي بتعملي ايه في البيت ده ؟!
شهقت احسان بهلع ما أن قبض علي ذراعها وأشار تجاه المنزل الذي رآها تخرج منه مزمجرا بغضب شديد : انطقي !
تعلثمت واصيب لسانها بالشلل فكيف عرف مكانها
لتتمتم بتعلثم شديد : انا ؟!
جذبها هادي من ذراعها ودفعها الي البوابه الحديديه للمنزل الذي كانت به واخيرا اختلي لها بعيد عن أعين الناس في الشارع ....
ليقبض علي ذراعيها بعنف شديد ويسألها وعيناه تطلق الشهب : كنتي هنا بتعملي ايه
صكت قدورة وجهها وصدرها بينما رأت من خلال النافذه هذا المشهد لتهتف بهلع  : يالهوي يالهوي عرف انها كانت عندي !! ...
ياخراب بيتك يا قدورة ...هيعمل فيا ايه لو عرف اني كنت بعمل له  و لأخته اعمال ...!! 
قبل أن تتابع ولولتها كان هادي يدفع الباب بقدمه لتنفلت صرخه مرعوبه من صدر قدورة التي ارتجفت أوصالها ونظرت الي احسان التي جذبها بقوة من ذراعها ودفعها لتقع علي الأرض أمامه .... توهجت عيناه بالشر وهو يتجه تجاه قدورة :
كانت عندك ؟!
اومات قدورة بينما التصق لسانها بحلقها الجاف ....بخطوات هوجاء غاضبه كان هادي يندفع هنا وهناك يبحث عن أحد آخر في المنزل بينما تلاعبت الظنون برأسه قبل أن يعود مسرعا تجاه احسان ينحني ليجذبها من خصلات شعرها التي كاد ينتزعها من اسفل طرحتها الحريريه لتقف احسان ترتجف أمامه وهو يسألها : كنتي عندها بتعملي ايه ؟!
انهمرت الدموع من عيون احسان تحاول أن تكسب بها وقت لتجد كذبه مناسبه وعيناها تناجي قدورة
الا تقول شيء : انا ....انا كنت
هتف بها هادي بغضب شديد : انطقي !
بكت احسان ومجددا حاولت أن تميل علي يده ليدفعها هادي بغضب من أمامه مزمجرا بقدورة التي ارتجفت رعبا : كانت عندك بتعمل ايه ؟!
انعقد لسان قدورة ونظرت احسان لها بعيونها التي حاكي لونها الأحمر احمرار الدماء تناجيها أن تجد كذبه تنقذ كلاهما من قبضته !
رعب شديد تملك منها وتراجعت للخلف صارخه ما أن ركل هادي طاوله البخور التي كانت تحول بينه وبين قدورة لتتطاير جذوات اللهب بكل مكان ....تراجعت قدورة بسرعه للخلف ولكن هادي انقض علي ذراعها
لتصرخ برعب وتحاول أن تخلص نفسها من قبضته ولكنه  جذبها بقوة من ذراعها حتي سقطت علي الأرض بجوار الفحم المشتعل والذي كان يحرق الكليم الصوف الذي يغطي الارضيه ليقرب وجهها من لفحات اللهب الساخنه مزمجرا : انطقي كانت عندك بتعمل ايه ؟!
تلجم لسان قدورة من الرعب وقبل أن يخرج صوتها كانت احسان تصرخ : عشان احمل
التفت لها هادي بعيون مرعبه لتهز راسها وتبكي بقوة : أيوة جيت عشان احمل
وافقتها قدورة وهي تعيد صياغه كلماتها بصوت متقطع : أيوة يا معلم .... ولاد الحلال دلوها عليا وجت تطلب مني ومن الأسياد أنها تحمل
احتقن أورده هادي بالغضب الضاري لتزداد قبضته عنفا علي عنق قدورة ويقرب وجهها أكثر من جذوة النيران : عارفه لو كنتي بتكذبي هعمل فيكي ايه ... مش هخليكي تنطقي تاني وهبلعك النار دي في جوفك
هزت قدورة راسها برعب وهي تهتف : مش بكذب وآلله مش بكذب ...وانا هكذب ليه حتي الحجاب في البوك بتاعها
ترك هادي قدورة لتبقي مكانها واقعه علي الأرض تلتقف أنفاسها بينما اتجه كالفهد تجاه احسان يخطف منها محفظه يدها يفتحها لتتوهج النيران أكثر بعيناه وسرعان ما يهوي علي صدغ احسان بصفعه قويه افقدتها السمع لتطن أذنها وتضع يدها سريعا علي وجهها ببكاء حار : حقك عليا ...والله ..
زمجر هادي بعنف : اخرسي بدل ما اقطع لسانك
بكت احسان بحرقه وارتمت اسفل قدمه تبكي : والله كان كل همي احمل واجيبلك حته عيل
اشمئز هادي من مجرد الفكره أن تكون تلك ام أطفاله لينظر حوله بغضب شديد فهي تدير اعمال واسحار
ليميل عليها يقبض علي خصلات شعرها بعنف يجذبها لتقف وهو يخرج من جيبه عقد والدته يرفعه امامها لتنتحب احسان وتلتف أحدي ساقيها بالآخري بينما نظر لها هادي نظرات مرعبه : وسرقتي العقد ليه ؟!
ابتلعت احسان بينما ملئ طعم دموعها فمها وهي تقول بكذب : عشان ....عشان ادفع لقدورة تمن العمل ...
صفعها هادي بقوة مجددا لتتحمل احسان قوه صفعته وهي تردد بضعف وتوسل : سامحني ...انا قولت اعمل اي حاجه عشان نفسي اجيب لك حته عيل افرحك بيه
لم تصدق قدورة أنها نفدت بعملتها بينما انحنت اسفل قدمه تتوسله وتبكي وتنوح أن نيتها كانت فقط اسعاده
تراجعت أحدي النسوه بسرعه ماان اقتربت من الباب المفتوح وهي تتحدث بصوت عالي :  مالك يا قدور سايبه الباب مفتوح ليه .. .ابتلعت باقي كلماتها ما أن وقعت عيناها علي ما يحدث
ليجذب هادي احسان من ذراعها بعنف ويخرج بها
.....دفعها الي سيارته لتظل تبكي وتنوح وتطلب منه السماح
بينما هو يحاول أن يخبر نفسه أن يكتفي بما فعل فهي لا تستحق أن يدخل في بلاء بسببها أو يتحدث الناس عنه بسوء
ظنت احسان أنها نفدت ككل مره لتتفاجيء به يوقف سيارته أمام منزل عائلتها ويدفعها من جواره هاتفا بسخط شديد : غوري من وشي عشان لو فضلتي قدامي هشرب من دمك
تمسكت احسان بباب السياره رافضه أن تغادر وهي مازالت تنوح وتتوسل : ابوس ايدك سامحني ... اعمل فيا اللي انت عاوزه ...قطع من لحمي وعاقبني بس بلاش تسيبني ....مالت علي يده تحاول تقبيلها باذلال :
انا هعيش خدامه تحت رجلك
جذب هادي يده بعنف وصرخ وهو يدفعها خارج السياره : ما انتي فعلا خدامه ...غوري من وشي
وقعت احسان علي الأرض بينما دعس هادي علي دواسه الوقود ما أن لفظها خارج السياره التي ترك بابها مفتوح وهو ينطلق بها مبتعدا ......التوي كاحل احسان اسفل جسدها حينما وقعت لتحاول أن تقوم لتلحق به ولكنه كان قد انطلق وانطلقت صرخه والدتها التي خرجت مسرعه علي تلك الأصوات لتشهق بهلع وهي تضرب صدرها بيدها : يالهوي يالهوي ..عملتي ايه يا ملكومه عشان يرميكي كده !!
..........
.....
جلست حميده علي جمر ملتهب قلقا علي ابنها لتلتفت الي نشوي  : ها رد عليكي
هزت نشوي راسها وهي تضع الهاتف بجوارها : مش بيرد
حكت حميده ذقنها تتساءل : يا تري في ايه ...حتي البت احسان مرجعتش لغايه دلوقتي
فرك هادي وجهه بقوة يحاول تهدئه غليان الدماء بعروقه
وهو يتجاوز سيل الاسئله التي اندفعت حميده خلفه تسأله بها ما أن عاد إلي المنزل
لتجده يدخل الي الغرفه ويندفع تجاه الخزانه يخرج كل محتوياتها من ملابس احسان بعشوائيه ويلقيهم أرضا ونظراته مليئه بالاشمئزاز لتسرع حميده تجاهه تسأله : ايه اللي حصل ...في ايه يا هادي
زمجر هادي بحنق : اميييي مش عاوز اسئله ...خدي الزباله دي وارميها
نظر حوله في كل شبر من الغرفه ووجد أنه مهما القي اشياءها خارجها لن يشعر براحه ليتجه الي خزانته قائلا : انقلي حاجتي اي اوضه تانيه يا امه ومن غير اسئله
حاولت حميده أن تنفذ ما طلبه ابنها ولكن فضولها لم يرحمها لتحاول مجددا سؤاله فما كان منه إلا أن غادر المنزل بأكمله لتبقي حميده تحترق بحيرتها
: يا تري عملتي ايه يا بت يا احسان !
كان نفس السؤال توجهه لها صديقه التي لم تتوقف عن النواح : ردي يا بنت عليوه عملتي ايه عشان يرميكي كده !!
قالت احسان من بين دموعها : عملت ايه ...؟! هكون عملت ايه ؟!
ماذا فعلت ..؟! ماذا فعلت لتستحق هذا !؟
سؤال لم تسأله لنفسها من قبل فهي لم تفعل شيء إلا أنها مدت يدها لتأخذ منها نصيبها ...!
ماذا فعلت ....أنها فقط لم تعد احسان الغلبانه كما كانوا يقولون عنها !!
Flash back
تراجعت احسان الي الخلف بضع خطوات وعيناها تطلق لمعه الانتصار بينما تستمع لصوت بكاء شروق وتوسلاتها لهادي بشماته أسرعت تخفيها ما أن فتحت حميده باب غرفتها وطلت منها تتساءل عن تلك الأصوات
: في ايه يا بت يا احسان ؟!
ابتلعت احسان بتعلثم بينما تتظاهر بالبراءه وهي تقول : اصل يا امه ...انا كنت طالعه اشوفك عاوزة حاجه مني وغصب عني سمعت
زجرتها حميده بحنق : سمعتي ايه ؟!
نظرت لها احسان بتردد زائف بينما أقسمت أن الليله اخر ليله لبقاء تلك الفتاه بالمنزل وحميده سلاحها الاخير
أشارت لها حميده أن تدخل الي غرفتها بصبر نافذ : في ايه يا بت سمعتي ايه ؟!
قالت احسان وهي تخفض عيناها للأرض : هقولك يا امه بس وحياه سي هادي ما تزعلي ولا تحطي في نفسك
وكزتها حميده بنار الحيره : انطقي يابت ..!
اتسعت عيون حميده بصدمه وهي تردد : مش عاوزة تحمل منه !!
اومات احسان ببراءه بينما علي الجانب الآخر كانت شروق تهتف ببكاء : لا لا متطلقنيش انا معرفش عملت كده ازاي ....أبعدها هادي بغضب هادرا : اخرسي وغوري من وشي ....
اسرع يغادر الغرفه دون أن يلتفت إليها لتحاول شروق أن تلحق به بخطوات هوجاء تتوسله : هادي اسمعني !!
اسرع هادي تجاه الدرج وخلفه شروق بخطوات متعثرة توقفت مكانها تماما ما أن استمعت إلي تلك الأصوات لتدير راسها تجاه باب غرفه حميده المفتوح فتأخذ صدمه عمرها بينما احسان كانت ببراءه تواسي حميده : ياما نصحتها وقعدت اقولها بلاش ... سي هادي ده اي واحده تتمناه وهي تقولي مش طايقاه وقاعده معاه بس عشان العيشه المرتاحه ...نقول ايه مش مقدره النعمه اللي في أيدها واحده غيرها تشكر ربنا أنها اتجوزت واحد زي سي هادي
صرخه قويه جعلت هادي يستدير بينما انفلتت اعصاب شروق من عقالها وانقضت علي احسان : اه يا بنت الكلب.....
حاولت حميده ابعاد أحسان عن شروق التي تركتها احسان تضربها وهي تزييف دموعها : حرام عليكي يا شروق هو انا عملت أيه ....ده انا زي اختك وكنت بنصحك
الحقيني يا امه حمييييده هتموتني
حاولت حميده ابعاد شروق عن احسان ولكن حركه شروق الهائجة طالتها فكادت تقع لولا إسراع هادي ناحيه والدته يمسك بها بعيون متسعه بينما دارات معركه بين الفتاتان لينفلت لسان شروق الحاد بأبشع الألفاظ والنعوت : باني علي حقيقتك وقولي انك عينك عليه
.....فاكره أنه هيبصلك يا شحاته يا جاهله يا بنت ال ....انخرست شروق ما أن هوت حميده علي وجهها بصفعه ما أن استعادت اتزانها : بتمدي ايدك عليا يابنت ال....
ابعد هادي والدته عن شروق التي نظرت إلي احسان بغل وحاولت أن تنال منها ولكن أحسان أسرعت تحتمي بهادي وتقف خلفه صارخه بضعف مزيف وهي تريد اشعال غيره شروق أكثر : الحقني يا سي هادي هتموتني وبتتهمني في شرفي
: شرفك يا زباله ....أسرعت تحاول أن تضربها ولكن هادي أبعدها ليجذبها من ذراعها ويجرها خارج الغرفه مزمجرا بغضب : انا كل ده مش عاوز اهينك بس كلمه كمان وهرميكي برا البيت بالجلابيه اللي عليكي ...دفعها باشمئزاز وهتف بها بسخط : قدامك دقيقه تكوني لميتي هدومك وتغوري برا البيت برااا
اسرعت شروق تحاول أن تتوسله بينما لم تحتمل أن تنتصر عليها تلك الخبيثه : هادي اسمعني ...البت دي هي السبب ....عينها عليك
أبعدها هادي عنه بسخط ونظر لها بغضب : اخرسي وهي البت اللي قالتلك متحمليش ....مش عاوز اسمع صوتك
نظرت له شروق بسخط شديد وهتفت بوعيد : لا هتسمع صوتي يا هادي ....هفضحك وهقول للبلد كلها انك كنت بتستغفلني مع البت دي ....هخلي منها الكيلو بقرشين في البلد كلها !
نظر لها هادي بغضب شديد : انتي بتهدديني !
اومات شروق بينما وجدت أنها بكل الاحوال خاسره : اه ...لو في حد لازم يترمي برا يبقي البت دي مش انا ...انا ستها وهفرج الناس عليها
بكت احسان بقهر مزيف وهي ترتمي اسفل قدم حميده : الحقيني يا امه شايفه
بغل شديد أمسكت حميده بذراع شروق تجذبها منه : ده انا اللي هخلي البلد كلها تشوفك وانا برميكي برا لو فتحتي بوقك وجبتي سيرة ابني يا قليله الربايه !
ابعد هادي والدته وهتف بشروق بتحذير اخير : افتحي بوقك بس بكلمه مش هتلحقي تكمليها عشان هقطع لسانك
التفت تجاه احسان هاتفا : علي ما تغور من هنا تكوني بعتتي لابوكي عشان عاوزه في موضوع مهم
ملئت الزغاريد منزل احسان تتعالي أكثر واكثر لتكيد شروق التي تعالي صوت والدتها بالصراخ وهي تعود إليها مطلقه وحميده لا تتوقف عن اخبار الجميع أنها زوجته ابنها بالثانيه لأن الأولي لم تحمل وكم كانت البلده تحب تلك الأحاديث فنالت شروق ما تستحقه وإحسان اختطفت نصيبها بالحيل والمكر والخداع ولكنها لم تكن تدري ان طال الزمن او قصر أن من عاش بالمكر يموت به وهاهي انكشفت وعادت الي منزل أهلها كما عادت شروق !
..........
.....
تراقصت دقات قلب بهيه وأخذت تتلفت حولها بانبهار : دي مصر حلوة اوي يا دياب
ابتسم دياب لها قائلا : ياما قولتلك تعالي افسحك لما انزل مصر تقولي لا
قالت بهيه بعفويه : ماهو انا مش لايقه علي أهل مصر
مال دياب ناحيتها يشاكسها بشقاوة : انتي احلي منهم في عنيا
قالت بهيه بسماحه : يخليك ليا !
دخل الي ذلك الشارع الذي اصطفت الأشجار علي جانبيه لتشهق بهيه وتتمسك بمقعد السياره ما أن مالت علي هذا المنحدر الذي أخذه دياب حيث جراج السيارات اسفل مبني المشفي الكبير
دخلت بهيه برفقته وهي تتمسك بذراعه : يابوي دي مستشفي كبيرة اوي زي اللي بتيجي في التلفزيون
اوما دياب لها لتسأله بعفوية: هو ابوك الله يرحمه كان دكتور زي الدكاترة دي
غامت عيون دياب بالذكريات لتقول بهيه وهي تعض علي شفتيها : حقك عليا يااخويا ..مقصدش ...انا بس اول مره اشوف حته زي دي وتلاقيني متلخبطه.
اوما دياب واتجه الي الاستقبال حيث انتظروا موعدهم لتميل بهيه ناحيته وتسأله بفضول : لهو وصال دكتورة ايه ؟!
عقد دياب حاجبيه للحظه ثم هز كتفه : والله ما انا عارف يا بهيه
قالت بهيه بتطلع : تكونش دكتورة نسا زي دكتورة الوحده الصحيه عندنا
قال دياب بجهل : معرفش ...ادي احنا هنروح ابقي اسأليها
توهجت وجنه بهيه بالحماس : ده انا جهزت اكل حلو اوي وفضيت اوضه الضيوف وفرشتها وخليتها زي الفل عشان تقعد فيها ... انا حبيتها لما شوفتها ....حاسه انها زي حته البسكوت
ضحك دياب علي عفويه حديث بهيه الذي لم تتوقف عنه وتابعها دياب به حتي لا تفكر أو تتوتر من لقاء الطبيبه التي تعرف جيدا تلك الحالات ولا تتحدث بكل شيء في اول زياره فكتبت الكثير من الفحوصات والتحاليل لتقول بابتسامه هادئه : الاسبوع اللي جاي تيجي في نفس الميعاد ومعاكي كل اللي طلبته
قالت بهيه بسذاجه ولهفه : يعني انا هخلف يا دكتورة
قالت الطبيبه بسماحه : أن شاء الله يا مدام بهيه ..مفيش حاجه بعيد علي ربنا
تنهدت بهيه بتطلع : يسمع منك ربنا ياست الدكتورة
نظر دياب الي بهيه وقال برفق : باين نسيت تليفوني جوه يا بهيه استني هدخل اجيبه
تذرع بتلك الحجه ليدخل الي الطبيبه يتحدث معها دون أن تسمع بهيه : طمنيني يا دكتورة في امل
قالت الطبيبه بهدوء : دايما في امل يا استاذ ...حالتها جايز تكون صعبه بس مش مستحيله .....اعملوا التحاليل والفحوصات وهنبدا العلاج أن شاء الله
تهلل وجه دياب وخرج الي بهيه التي ارتكزت علي الحائط بجوارها وقد انكسرت فرحتها ونظرت الي دياب بحزن تسأله : انا فاهمه انت ضحكت عليا وقولت نسيت تليفونك ليه
ابتسم لها دياب برفق وهو ياخذ يدها ويسير بها : ليه يا غاليه ؟!
نظرت له بعتاب : لو انا غاليه عندك قولي الدكتورة قالت ايه بصراحه
قال دياب : قسما بالله قالت اللي قالته ليكي
ابتسمت له بتردد : يعني مقالتش أني مش هخلف
هز دياب رأسه لتقول بحزن : هخلف ازاي بس
نظر لها دياب مشاكسا : هتخلفي يابت ....احنا بس نعاود البلد وعاوز من يدك جوزين حمام وهقولك هتخلفي ازاي
ضحكت بهيه بخجل ليبتسم لها قائلا وهو ينظر في ساعته : يلا خلينا نروح لوصال
........
..........
نظرت نشوي بدهشه الي والدتها التي لم تكتم دهشتها بل تحولت إلي استنكار : لو سألتك هترد ولا تسيبني زي اليومين اللي فاتوا كل ما اسئلك علي حاجه متردش وسايبني زي البهيمه مش فاهمه حاجه !
قال هادي بتهذيب : العفو يا امه انتي فوق راسي
هتفت حميده بحنق : ماهو دماغك دي نفسي افهم فيها ايه ؟!
قال هادي باقتضاب : واجب يا امه
رفعت حميده حاجبها باستنكار : واجب !
اومأ هادي قائلا : اه يا امه واجب تعزي الست ام دياب
التوت شفاه حميده بسخط : الست ولا بنتها !!
قبل أن يقول هادي شيء كانت حميده ترفع اصبعها امامه بتحذير : اسمع ية هادي أنا ساكته ولا فاهمه ليك حاجه من يومين بس اللي بتقوله دلوقتي انا فهماه كويس ومالوش الا معني واحد .....تلاقت نظرات هادي بنظرات والدته التي هتفت بثبات : انت لساتك بتفكر في البت دي !
سحب هادي نفس عميق وزفره ببطء لتزجر نشوي والدتها بنظراتها حينما اندفعت بحنق : لساتك بتفكر فيها بعد ما رجعوا في كلمتهم معاك ومع ابوك الله يرحمه !
مسح هادي وجهه بغضب لاح علي كل ملامحه ليهب واقفا ويقول بنفاذ صبر : خلصنا يا امه انا بسألك سؤال جايه معايا تعملي الواجب ولا لا
اشاحت حميده بوجهها وهتفت بإصرار : لا ... البت دي ملهاش واجبات عندي !
نظر هادي الي والدته بغضب وهز رأسه وهو يكبح بداخله عدم رضاه قائلا : براحتك يا امه
اتجه الي غرفته بالاعلي لتنظر نشوي الي والدتها قائله بعتاب : ليه يا امه زعلتيه ....ده اول مره يطلب منك طلب
هتفت حميده بسخط : انا اللي زعلته ولا بت الدكتور اللي مناخيرها في السما ...لا يا بنت بطني مش حميده اللي ابنها يتقال عليه لا
هتفت نشوي بتمهل : وايه دخل ده في ده ....بيقولك تروحي معاه تعزيها محدش جاب سيرة الموضوع القديم
لوت حميده شفتيها ساخره : لا يا بت .... لهو انا بهيمه ومش فاهمه ...دي واضحه زي عين الشمس ...لسه له غرض فيها وبيوصل اللي انقطع
هزت نشوي راسها بحيره : حتي لو ...فيها ايه
زمجرت حميده من بين اسنانها : فيها كتير ...ايه يا بت انتي مش شايفه اللي حصل ...يكونش عمل كده في البت احسان عشان رجع شاف الغندورة
حكت ذقنها وتابعت : هو كده مفيش غيره ....تنهدت وتابعت : إنما اقول ايه في ابني اللي محدش يعرف دماغه فيها ايه
اومأت نشوي بهدوء : طيب حتي لو كده يا امه ....انا شايفه انك متزعليش هادي وتروحي معاه تعملي الواجب واهو برضه تحاولي تفهمي إنما لو فضلتي مصممه اهو زعل منك ومش هتعرفي هو بيفكر في ايه إنما لو رضتيه جايز يحكي معاكي ويقولك !
........
....
ساعد هادي والدته لتجلس بجواره في السياره لتنظر حميده بطرف عيناها تجاه السعاده المرتسمع في عيونه مهما حاول إخفائها لتتمتم بهمس لنفسها : هو كده مفيش غيرها اللي قلبت حياتك يا ابن بطني
التفت هادي الي والدته بينما ينطلق بالسياره : بتقولي حاجه يا امه
قالت حميده بمكر : بقول دعاء السفر يا حبيبي
افلتت ضحكه هادي لتضحك حميده هي الأخري متمتمه : اقطع دراعي أما كنت بتعمل كل كده عشان تعيد القديم ! يلا يلا خلينا نلحق نرجع اختك قاعده بالواد لوحدها
اوما هادي وانطلق في طريقه الذي ظن أن العائق الذي كان أمامه قد زال بموت مهاب !
........
...

بساط السعاده حيث تعيش القصص. اكتشف الآن