مد هادي يداه الي ظهره واعادها أمام وجهه ليراها ملطخه بالدماء فيدرك خطورة إصابته ..التقت عيناه بعيون وصال التي تجمدت علي الأرض مكانها للحظه قبل أن تصرخ وهي تحاول أن تهب ناحيته وقد تراخت ساقيه واستسلم جسده لتلك السقطه بينما زحفت وصال ناحيته تصرخ باسمه ما أن رأت جسده يرتطم بالأرض : هادي ...!
تلاقت عيناها التي انفجرت منها الدموع بعيناه الواهنه ليهمس لها برجاء ممزوج بعتاب المحب : كفايه اشوف الكره في عينك يا وصال .... كلامك هو اللي قتلني مش المنجل !
افلتت كلمات العتاب من شفتيها دون أن تدرك قسوتها : انت السبب في كل ده ....انت السبب يا هادي !! انت اللي عملت فينا وفي نفسك كده
لم تلومه عن نفسه بل عن كلاهما
رددت كلماتها بلا وعي ولكن قلب هادي كان واعي لكل ما تقوله لتنحره كلماتها أكثر ولا يدرك أنها تقولها فقط من وجعها وصدمتها بينما ينتحب قلبها وتضمه إليها تصرخ بأسمه وتهذي وهي تمرر يدها علي وجهه الذي بدأت تبهت ألوانه : هااادي ....هادي ....رد عليا ....انا مش بكرهك انا بكره اللي عملته فيا !!
ركض دياب ناحيه ذلك الصراخ كما حال حميده التي نزلت الدرج حافيه القدمين تصرخ باسم ابنها دون أن تدري ما حدث له ولكن قلب الام انشق بسبب صرخه وصال !!
: ...هااادي !
اسرع دياب بخطوات مشتته لايدري الي اين ولكن قلبه يتبع صراخ وصال المستنجد
لتتسمر قدماه بالأرض ما أن خطي من المطبخ الي الحديقه الخلفيه ووقعت عيناه علي هادي الممدد علي الأرض بين ذراعي وصال التي تحاول عبثا ايقاف نزيف ظهره الضاري لتغرق يدها التي تحاول الضغط علي الجرح النازف بالدماء ....!
صرخت عيون دياب بالقلق الاهوج وصرخ كل انش به يتساءل ماذا حدث ولكن قلقه غلب كل اسئلته ليجثو سريعا بجوار هادي ودقات قلبه تتقافز بين ضلوعه بهوجائيه بينما هادي يصارع ذلك الالم الضاري الذي أخذ يفتك بجسده حينما بدء الخدر يسري بأطرافه ويتصاعد الي حواسه شيئا فشيئا لتتعلق عيناه بعيون وصال الباكيه ولأول مره يخطيء في تفسير نظراتها ولا لوم عليه بينما مازال صدي كلماتها يتردد في أذنه وينحر قلبه كما حال تلك الطعنه الغادره التي غزت ظهره ....!
كانت كل نظراتها عتاب موجع فهو من اوصلهم الي تلك النهايه التي ترفض وصال تصديقها ...هو من انحني لتصعد احسان علي ظهره بينما أن وقف كما اعتادته بشموخ ورفض أن يسير بالطريق السهل وواجهها لما كانوا وصلوا الي هنا .... تعاتب ليس لقسوتها ولكن لقله حيلتها التي لأول مره تشعر بها وهي تراه ممدد بين ذراعيها بتلك الحاله دون أن تقدر علي فعل شيء له بينما غاب عن عقلها كل ما تعلمته وتولي قلبها عزف سيمفونيه الالم
أخرجها صوت دياب من اليأس الذي تحكم بها بتلك اللحظه بينما يناجي هادي وهو يمرر ذراعه خلف ظهره : قوم معايا ياخوي ...قوم الله يرضي عنك
نظر إلي وصال التي تبكي بلا توقف وتجلس تحتضن جسده بين ذراعيها بلا حراك : وصااااال هتقعدي تبكي .....انتي دكتورة اتصرفي
رمشت وصال باهدابها وحاولت أن تستعيد ثبات عقلها بينما كان هادي مستسلم لتلك النهايه التي ظنها اخر سطر في حياته لذا لم يستجيب لكلمات دياب لأول وهله حتي شعر بذراع دياب القويه تحاول رفع جسده وهو يكرر نداءه برجاء : قوم معايا ياخوي خلينا نلحقك ....قوم يا هادي
شعر هادي بيد وصال تقبض علي يده بينما استعادت إدراكها واستجابت سريعا الي نداء أخيها بضرورة إسعافه وهي تسحب سريعا الوشاح الذي يضعه دياب حول عنقه وتحاول أن تحيط به جرح هادي الغائر وتضغط عليه وهي تقول بعزيمه : قوم يا هادي ...قوم معانا نروح المستشفي
تحامل هادي علي نفسه واستجاب لهم ليضغط علي قدميه بينما ذراعي دياب القويه تحيط به ليحاول أن يستقيم ولكن باغته ذلك السعال ليضع يده علي صدره متألما بينما يسعل بأنفاس متحشرجه لتحتبس انفاس وصال بصدرها وتتسع عيون دياب وترتجف أطرافه ما أن سالت تلك الدماء من فم هادي ......!!
انسابت الدموع بغزاره من عيون وصال بينما انفجرت من عيون حميده التي وصلت بأقدام حافيه وسرعان ما تعالي صراخها وهي تري ابنها بتلك الحاله بينما الدماء تقطر من جانب فمه ..!
تسمرت اقدام عوض الحارس والذي ركض علي صراخ حميده ليجد ذلك المنظر ويقف مكانه لايدرك ماذا يفعل بينما دياب تجاوز صدمه الجميع وحاول أن يركز فقط علي إسعاف ذلك الغارق بدماءه ليمد يداه سريعا تجاه فم هادي يمسح خط الدماء المنساب علي جانبه ويشجعه : هم بينا ياخوي ...هنلحقك !!
هز هادي رأسه بإستسلام وهو يهمس بصوت واهن بعد أن بدء الخدر يسري باطرافه : خلاص
رفض دياب اليأس المتشعشع بنبره هادي ليهتف بغلظه : مش خلاص ...هنلحقك ...هنلحقك بأذن الله بس هم معايا نوصل للعربيه
ارتدت وصال بقوة مكانها بينما كانت تحاول إسناد هادي من الجهه الأخري لأخيها ولكنها وجدت جسدها ينجذب بقوة من يد حميده التي انقضت عليها تصرخ باتهام : عملتي ايه في ابني ......عملتي ايه !!
لاينكر دياب أنه فكر للحظه نفس ما فكرت به حميده ولكنه لم يفكر بشيء ولم يتساءل بتلك اللحظه التي قد تفرق في إنقاذ هادي ولم يضيع اي لحظه في السؤال عكس حميده التي كانت أم ملكومه تري ابنها غارق بدماءه فتحكمت بها مشاعرها عن عقلها ...!
حاولت وصال ابعاد يد حميده عنها بينما هدر دياب بها : اوعي الله يرضي عنك يا ام هادي خلينا نلحقه
اخذت حميده تصرخ وتولول وترمي نفسها علي صدر ابنها تاره وتلطم وجهها تاره وآخري تنقض علي وصال لتعيق تحركهم فلم يكن من وصال إلا أنها ابعدتها عنها صارخه : معملتش حاجه ..... اوعيييي حرام عليكي خلينا نلحقه
انقضت حميده عليها دون أن تسمع شيء ليتمزق كتف بلوزه وصال : قتلتي ابني ...هشرب من دمك يا بت مهجه ...!
لوح هادي بذراعه التي رفعها بصعوبه من علي كتف دياب يحاول ابعاد والدته عنها ولكن قوته الخائره لم تساعده
ليسقط ذراعه علي كتف دياب الذي تابع طريقه
وهو يهدر بحميده التي لا تتوقف عن الصراخ والبكاء
: يا ام هادي خلينا نلحقه
جاهد دياب بتلك الخطوات بينما أخذ جسد هادي يتراخي بين ذراعيه ولم يتوقف دياب عن تشجيعه : شد حيلك يا اخوي ....هم بينا ..هنلحقك!
تعثرت خطوات حميده الهوجاء لتجثو أرضا تلطم وجهها وتصرخ فلم يلتفت لها دياب الذي ساعد هادي ووضعه بالسياره واخيرا ثم التف الي جانبه وهو يصيح بوصال التي دخلت الي جوار هادي : يلا يا وصال
زادت وصال من عقده ذلك الوشاح لتضغط به أكثر علي جرح هادي الذي كان في الرمق الاخير يقاوم انغلاق جفونه وهو يرفع يداه التي أدركها الخدر تجاه كتف وصال الذي تمزقت عنها بلوزتها يحاول أن يغطيه ...بكت وصال بقهر وأحاطت وجهه بيدها ونظرت الي عيناه تناجيه أن يصمد بينما زلزل قلبها كما يفعل كل لحظه تستشعر بها حبه الذي يتترجم إلي أفعال لا اراديه !
..........
.....
بأقدام هلاميه وانفاس لاهثه كانت قدورة تركض بلا توقف حتي وصلت إلي منزل ساميه لتتوقف لدي بابه لحظات تلتقف أنفاسها وتهندم من هيئتها قبل أن تطرق الباب ...فتحت أحدي بنات ساميه الباب لتبتلع قدورة وهي تحاول الا تبدي شيء من توترها يجعل الفتاه تشك بها وقد رسمت طريق خلاصها !
تلفتت قدورة حولها وهي تدخل الي المنزل : امك رجعت يا مني
هزت الفتاه راسها لتقول قدورة بابتسامه باهته : الله يسترك يا غاليه روحي لدكتورة الصيدليه وهاتي ليا علاج الضغط احسن عالي عليا
قالت الفتاه بتردد : بس ...بس امي قالت مطلعش من البيت وهي مش هنا
قالت قدورة وهي تتظاهر بالتعب بينما تمسك برأسها : بس انا عيانه اوي يا مني ولازمن أخذ دول الضغط
ترددت الفتاه مجددا : واخواتي
قالت قدورة برفق زائف : دي كلها دقايق يا بتي وانا هاخد بالي من اخواتك
سالتها الفتاه وهي تضع طرحتها حول راسها : حاضر يا خالتي ...اسمه ايه الدوا
قالت قدورة بتعلثم : قولي للدكتورة دوا الضغط وهي عارفه
اومات الفتاه بحسن نيه وخرجت من المنزل دون أن تنتبه لتحذيرات والدتها السابقه ألا تترك إخوتها أو تترك المنزل لحين عودتها من عملها !
تحركت قدورة علي أطراف أصابعها حيث كانت تلهو باقي بنات ساميه بالغرفه المجاوره لتتراجع سريعا وبعيون خبيثه تسدد نظراتها إلي هدفها المتمثل بغرفه ساميه والتي علي بابها ذلك القفل ..!
........
...
بدقات قلب متسارعه تقفز بين صدرها الذي يكاد ينفجر من أنفاسها الاهثه كانت احسان تركض بكل ما لديها من قوه ....صدي أنفاسها وأصوات خطواتها المرتطمه بالزروع التي تركض بينها كاد يصم أذنها ولكنها تابعت الركض مجددا حتي استنزفت طاقتها لتتوقف مكانها وتنحني تلتقط أنفاسها المتلاحقة بينما الم قوي ضرب كل انش بجسدها الذي مازال يرتجف بعد فعلتها ...!
تهدجت أنفاسها بينما اخذت تلطم وجهها وتولول : انا عملت ايه ....عملت ايه ...قتلته ...قتلته ....مش هيسبوني ....هيخلصوا عليا !!
ااااه صرخه قويت انبثقت من بين شفتيها بينما تلوت بطنها من هذا الالم لتحاول أن تقيم ظهرها المنحني وتضع يدها علي بطنها وبعقل بدء طريقه الي اللا عقل رددت لنفسها : ابني .....مش هسيبك ....انت اللي هتنجدني !!
عن اي نجده تتحدث بينما لا تدرك أنه من بحاجه للنجده وليست هي !!
........
..
اشرأبت قدورة برأسها من خلال النافذه المطله علي الأرض الواسعه أمام المنزل الذي خدعت الفتيات واغرتهم بالخروج واللعب أمامه لتسرع الي ذلك القفل وتهوي فوقه بتلك المطرقه التي اخذتها من المطبخ ....ضربه تلو الأخري وسرعان ما انكسر القفل واسرعت بخطواتها الي الغرفه تنبش بين محتوياتها لتلمع ابتسامه خبيثه بعيناها ما أن وجدت بغيتها اسفل كومه الملابس ....أسرعت تفرغ في منديل قماشي تلك العلبه البلاستيكيه التي وضعت بها ساميه كل ما ادخرته طوال تلك السنوات من نقود وقطع ذهبيه ...ربطت قدورة تلك القماشه واسرعت تخفيها بملابسها ثم تسرع خارج الغرفه وهي تتلفت حولها ومنها الي خارج المنزل الذي مازالت الفتيات تلهو أمامه !!
.......
....
عقد عليوة حاجبيه وهتف بصوت خشن ما أن فتح الباب ووجد احسان أمامه تلهث بأقدام مغبره ووجهه غارق بالعرق : في اين يابت ؟!
قالت احسان وهي تدفع بجسدها من خلال فتحه الباب : دسني يا ابوي ...دسني منهم هيخلصوا عليا !!
اتسعت عيون احسان حينما جذبها والدها بقوة من ذراعها مزمجرا : هما مين دول يا اللي تتقصف رقبتك ...عملتي ايه تاني ؟
ابتلعت احسان وقالت بأنفاس لاهثه بينما الالم الشديد يفتك ببطنها : دسني يا ابوي ....بطني بتتقطع ...الحقني يا ابوي
لم تتحرك اي عاطفه بقلب عليوة الذي فقط تحرك خوفا من مصيبه يقع بها بسبب ابنته : الهي تتقطعي كلك ...انطقي يا بت عملتي ايه ؟!
قالت احسان بدقات قلب متسارعه : قتلته يا ابوي ...قتلت هادي !!
........
....
نظر دياب الي وصال من خلال المرأه بتردد بينما تصيح مجددا : مش هينفع الوحده يا دياب .....اطلع علي المستشفي العام
ضغط دياب بقوة علي دواسه الوقود وهو يتبع ما قالته وصال التي أدركت أن حالته تحتاج إلي مشفي مجهز
.......
غص حلق عوض الذي بقي مع حميده التي مازالت تصرخ
وقد تجمع الناس علي صراخها دون أن يفهموا شيء إلا كلمه ابني التي لا تتوقف عن ترديدها
اتسعت عيون نعمان وهدرت دقات قلبه بقوة بينما همس له عوض بما حدث ما أن وصل يركض وهو يتساءل عن ما حدث
انت بتقول ايه يا عوض ؟!
قال الرجل بتأثر : معرفش اللي حصل يا معلم ....انا دخلت علي صوت الصويت ورا المعلم دياب وشوفت للمعلم هادي غرقان في دمه
هدر نعمان بقلق اهوج : وهو فين ؟!
قال الرجل : اخده المعلم دياب علي المستشفي
هرع نعمان لتلحق به حميده الباكيه: خدني معاك يا اخويا
اسرع نعمان ينطلق بسيارته وهو يخرج هاتفه يطلب دياب !!
..........
لطم عليوة وجه صديقه وهتف بها بصوت خشن : اخرسي يا وليه بدل ما ابلعك لسانك !
قالت صديقه بعويل بينما مازالت غير مصدقه أنه طرد ابنته التي جاءت تحتمي به : دي بتك يا راجل وجايه تستنجد بيك
هتف عليوة بغلظه : جايه وجايبه معاها مصيبه ....أطبق علي فك صديقه بعنف وتابع بقلب متحجر : بتقولك قتلته ....عاوزاني اسيبها هنا لما يجيوا اهله يخلصوا علينا
نظرت له صديقه بكمد وبجرأه لم تعتادها صرخت وهي تفك يده عن فكها : انا مش هسيب بتي !!
زجرها عليوة بسخط بينما تركض تجاه الباب الذي اغلقه أمام احسان : في ستين داهيه انتي وهي !!
