حاول هادي أن يتحدث معها بعقلانيه : وانا هضحك عليكي ليه بس يا وصال ولا هضحك عليكي في ايه ...في حب بقاله سنين انتي عارفاه
اشاحت وصال وجهها وهتفت بقهر داخلي : انا معرفش انت بتتكلم عن ايه !
ضيق عيناه ونظر إليها بعتاب لتدير راسها وتهتف به بحده : مستغرب ليه ومين اللي حقه يستغرب ...انت اللي عيشت حياتك بالطول والعرض وكل افعالك بتناقض كلامك ولا انا اللي كل مره اتصدم فيك
تنهد هادي بيأس لاح في نبرته ولكنه لم يعرف طريق الي إصراره : انتي مش عاوزة تسمعيني
هتفت وصال به بانفعال : اسمع ايه ...اسمع انك اتجوزت مش مره لا تلاته
فتح هادي فمه ليبرر لتوقفه وصال باشاره من يدها : الحاجه الوحيده اللي عاوزة اسمعها دلوقتي هو سبب انك خبيت عني ...رفعت حاجبها بحنق وتابعت : ايه كنت فاكر اني مش هعرف
هز رأسه سريعا وقال بتبرير : لا طبعا وهي حاجه زي دي تستخبي
زمت وصال شفتيها بحنق : كويس انك عارف ان مفيش حاجه بتستخبي !!
تمهل هادي قليلا ليهديء من دقات قلبه التي زادت مع مغزي كلماتها ...لقد اكتشفت شيء لم يكن ليعرف كيف يخفيه حتي وان تحايل بطلاقه المتأخر إلا أنه في امان وبعد تلك المواجهه سيبتعد هذا الحمل عن ظهره وتبقي كذبته الأخري التي أكد لنفسه أنها مستحيل أن تكتشفها وتعرف أنه وراء تركها لعملها ليقول متنهدا : يبقي بلاش تتهميني اني ضحكت عليكي
هتفت وصال بحنق : ليها معني تاني
اوما هادي بمراوغه : معناها واضح .. أن مفيش جوازه منهم فرقت معايا وده اللي يهمك اني عيشت بقلبي وعقلي ليكي السنين دي
التوت شفاه وصال بسخرية : لا والله !!
اوما هادي بتأكيد لتواجهه وصال بسخط : وكنت بتتجوز بأيه ...احمر وجه هادي من زجرها له بزاويه للخروج منها وقبل أن يجد رد مناسب كانت وصال تتابع ساخره نبره مسرحيه : جسم من غير روح مش كده
تجاهل سخريتها وابتلعها وهو يهز رأسه : أيوة !
ابتسمت وصال له ببرود : لو بلعت مبررك ده يبقي تبلع انت كمان مبرري لو عملت زيك
اندفعت الدماء الحاره لعروق هادي ووجد نفسه يمسك ذراعها بغضب وغيره حارقه صارخا بعنف : اوعي تقولي كده تاني ...انتي مش هتكوني لحد غيري
دفعت وصال يده عن ذراعها وهتفت بعصبيه محذره : انت اللي اوعي ايدك واياك تفرد عضلاتك عليا وتقولي اعمل ايه ومعملش ايه ...انا حره اتجوزك أو اتجوز غيرك انا حره !!
وجد تحديه لها خاسر وكأنه يضرب رأسه بالحائط لتلين نبرته ويتطلع لها بعتاب عاشق : وقدرتي تقوليها
نظرت له وصال بهجوم : وانت قدرت تعملها
قال هادي بدفاع عن نفسه : غصب عني
صاحت وصال بانفعال : ايه حد كتفك وغصبك تتجوز
هز هادي رأسه وقال بتبرير : لا بس اتوجعت منك وخدتني الكرامه والكبر ووقعت نفسي في جوازه بس عشان ارد انك موافقتيش وبعدتي عني و التانيه زي ما قولتلك فكرت اني نفسي اعيش وانساكي والتالته
غص حلقه وتابع : معرفش بس وقتها برضه خدني الكبر والغرور ....!
..........
......
ابتسمت بهيه الي دياب وأخذت من يده تلك الرزمه الماليه التي أعطاها لها ككل شهر مصروف لها لتضعه علي طاوله المطبخ وتستدير إليه قائله : ربنا يخليك ليا
داعب وجنتها بحنان قائلا : ويخليكي ليا ...عاوزة حاجه
هزت راسها بابتسامه : أن شاء الله ما تعوز ابدا
تنهد قائلا : تسلمي يا بهيه
اتجه الي خارج المطبخ ليتوقف مكانه حينما لمح دنيا تنزل وهي تحمل أحد الأطفال ليمد ذراعه يحمله منها : تعالي يا مصطفي
هدهد الطفل وداعبه وهو يسأل دنيا : علي فين ؟
قالت دنيا وهي تعض شفتيها من الغيظ بعد أن قضت الليله تتقلب علي جمر الغيره : لسه نايم
اوما لها واعطاها الطفل ومد يداه الي جيبه وأخرج منها بعض المال وأعطاه لها قائلا : مصروفك
قبل أن تمد دنيا يدها المتلهفه كانت تقول بدلال : زود شويه يا دياب عشان عاوزة اروح لأمي واخد ليها شويه حاجات
نظر لها دياب بطرف عيناه قائلا علي مضض : هو مش لسه كنتي عندها من يومين وواخده ليها حاجات
قالت دنيا وهي ترسم رجاء مزيف : ربنا يخليك لينا بس انت عارف الظروف
اوما دياب واعطاها بعض المال لتقول وهي تأخذ من يده المال : ابقي معلش ابعت ليهم شويه فاكهه وخضار
زفر دياب بضيق ليس بخلا منه ولكن كراهيه للاستغلال ليقول ببرود : من غير ما ابعت اهلك بيروحوا ياخدوا اللي هما عاوزينه ايه الجديد
ابتلعت دنيا بضيق ولكنها لم تبديه وهي تقول متنهده : ماشي انا قولت يعني كأنك انت اللي باعت من نفسك
تهكم دياب قائلا : مش فارقه ...السلام عليكم
وقفت دنيا مكانها وهي تعض شفتيها بغيظ قبل أن تنزل الطفل أرضا ليحبو بينما وقفت تعد الورقات الماليه ثم تضعها بصدرها وتتجه الي المطبخ الذي سرعان ما لمحت فوق طاولته تلك الأموال التي تركتها بهيه مكانها لتقول بنعومه
: صباح الخير يا ابله بهيه
قالت بهيه دون أن تنظر إليها : صباح النور
وضعت بهيه من يدها أحد الاطباق وهي تقول : انا جهزت اكل العيال لما يصحوا فطريهم
قالت دنيا بخبث : ده مصطفي صحي من بدري وانتي عارفه مش بيأكل الا من ايدك
اخذت بهيه الطبق وخرجت من المطبخ لتبتسم دنيا بمكر وهي تتلفت حولها خارج المطبخ ثم تعود علي أطراف أصابعها وبخفه تسحب بضع ورقات ماليه وتخفيهم سريعا داخل صدرها وتخرج في أثر بهيه وعيونها يملئها المكر والثقه في أن بهيه لن تكتشف كما لم تفعل سابقا بينما اعتادت أن تأخذ منها أو من مهجه التي لا تحسب ماهو موجود في خزانتها من أموال تأخذها دنيا لتؤمن بهم نفسها !
........
.....
كان ما يزال هادي يحاول خطب ودها حينما تعالي فجاه ذلك الصراخ المستغيث ...!!
عقد هادي حاجبيه والتفت تجاه تلك الأصوات التي تعالت بالصراخ ....ادار رأسه يتبين من اي اتجاه يأتي هذا الصراخ الذي اتي من نهايه الطريق .... نظر إلي وصال بقلق وبعفويه كان يسحبها من ذراعها حينما ازداد علو هذا الصراخ الآتي من أحد البيوت والذي خرجت منه امراه تصرخ وتستغيث ليقول برفق : تعالي روحي دلوقتي يا وصال ونكمل كلامنا بعدين
....بدأت البغض يخرجون من بيوتهم علي صوت هذا الصراخ الذي كان من امراه تحاول الفرار من يد أحد الرجال : الحقوني يا ناس
أبعدت وصال ذراع هادي عنها قائله : اوعي كده
قال هادي برفق : تعالي يا وصال ابعدك عن هنا انا خايف عليكي احنا منعرفش في ايه
قالت وصال بحنق : لا متخافش
قال بنفاذ صبر بينما عيناه تركزت علي الناس التي بدأت تركض من حولهم تجاه الصراخ : يا امي اسمعي الكلام وسيبيني اشوف في ايه
زجرته وصال بعصبية: وانت شايفني ماسكه فيك ...روح شوف في ايه ومالكش دعوه بيا
زفر بضيق من عنادها ليقول بنبره أمره : طيب خليكي مكانك وانا هشوف في ايه
اتجه بضع خطوات ثم توقف مكانه والتفت لها بضيق حينما وجدها تتبع خطواته
ليهتف بها : انا مش قولتلك خليكي مكانك
قالت دون أن تنظر إليه : هشوف في ايه
قال بنفاذ صبر : وانا رايح اعمل ايه
زجرته وصال وهي تسبقه بخطوة : انا مالي ومالك
التفت هادي الي ذلك الرجل الذي سأله وهو يركض تجاه الصراخ : خير يا معلم هادي
زفر هادي لهذا الرجل وهتف به بسخط : وانا اعرف منين يا عبد الهادي ما انا زيي زيك
قال الرجل وهو يسرع بخطواته : ده صريخ جاي من بيت ابو رمضان
نظر الرجل الي وصال وتابع بفضول : مين دي يا معلم
نظر له هادي شزرا وهتف من بين أسنانه : روح يا عبد الهادي الله يسهلك حالك
عقدت وصال حاجبيها حينما اقتربت مواكبه خطوات هادي المسرعه ورأت امراه في الخمسينات من عمرها ترتدي جلبات اسود كما حال الاغلبيه من نساء البلده وتحيط وجهها بطرحه كبيرة من نفس اللون تضرب وجهها وتصرخ : بنتي ...بنتي بتروح مني يا عالم
غيتوني يا خلق
الأغرب لم يكن صراخ المراه واستنجادها بل هذا الرجل الاشيب الذي كان يمسك بها ويحاول تكميم فمها وجذبها عنوه الي داخل المنزل مزمجرا بها : اخرسي يا وليه وكفايه فضايح
مشهد غير واضح به الكثير من الاسئله لوصال كونها غريبه لا تعرف من يكونون بينما أخذ البعض يسألون ذلك الشاب الذي كان يعاون الرجل الاشيب في إسكات المراه ومحاوله سحبها الي داخل المنزل
: في ايه يا رمضان
زمجر بهم الشاب بضيق : مفيش كل واحد يروح لحاله
تبرطمت أحدي النساء وهي ترفع حاجبها : هو ايه اللي مفيش ....مالك يا أم نسمه.... ايه الي جري ؟!
مجددا تصرخ المراه والرجل يكمم فمها ويحاول سحبها الي داخل المنزل بينما الشاب يصيح بالناس : مفيش حاجه كل واحد علي داره
من اقرب الطرق كان هادي يقترب من الشاب وهو يوقف وصال خلفه بعيدا عن هذا الجمع ويسأله بخفوت: في ايه يا رمضان مالها الست ام نسمه
تعكرت ملامح الشاب ولكنه همس ببضع كلمات في اذن هادي لتضيق وصال عيناها تحاول سماع شيء بينما قتلها الفضول وكل ما ارادته أن تتجه لتبعد ذلك الرجل الاشيب عن المراه ولكنها ما أن همت بفعل هذا كان هادي يتوقعها ليشدد بنظراته علي وقوفها خلفه
سمع كلمات الشاب الخافته وهز رأسه ليبدو أنه فهم ما في الأمر ليخرج صوته تجاه المتجمهرين : يلا كل واحد يشوف مصلحته ....يلا مفيش حاجه تتفرجوا عليها
وانت يا رمضان خد حماك الحاج رضوان والحاجه أم نسمه دخلهم جوه واتكلموا
امتثل رمضان لكلام هادي لتتطلع وصال حولها الي الناس التي بدأت تتحرك بعيدا ولم يعد أحد منهم يبالي بسبب صراخ تلك المراه التي صكت وجهها بكمد حينما زجرها زوجها بغل من بين أسنانه : كفايه فضايح بدل ما ترمي عليكي اليمين ..قدامي علي البيت
توسلته المراه بدموع حاره : بيت ايه اللي اروحه واسيب بتي ..... بتي بتموت يا رضوان ...نسمه هتروح مني
التفت هادي الي وصال يشير لها أن تتبعه :
يلا يا وصال
توقفت وصال مكانها تتطلع إليه بعدم استيعاب فهل انتهي الأمر وحقا سيغادر كما غادر الباقون حتي دون أن يعرفوا لماذا تستغيث المراه
: نمشي !!
اوما لها : اه هنقف ليه !
قالت وصال بتلقائية : والست اللي بتصوت
: ملناش صالح ....امور بينهم بحلوها
قالت باستنكار : الست بتقول بنتها بتموت
قال هادي بلا مبالاه : ولا بتموت ولا حاجه ....يلا يا وصال
التفتت الي المشهد مجددا لتري اقدام المراه وملابسها كلها تلطخت بتراب الطريق الذي تتمرمرغ به رافضه الانسياق لذراع زوجها الذي يصر علي سحبها الي داخل هذا المنزل ولسانها لايترك الاستغاثة : بنتي بتموت غيتوني يا ناس
لم تطاوعها قدمها أن تتحرك لذا بلا تفكير التفتت وصال الي المراه وبجراه سألتها : مالها بنتك يا حاجه
كمم الرجل فم المراه وحاول سحبها وهو ينظر إلي هادي الذي احتدت نظراته لوصال وهتف بها من بين أسنانه : انا مش قولت ملناش صالح
هزت وصال راسها : ازاي نمشي و الست بتستنجد بينا
: ملناش صالح امور بينهم قولتلك
: وانا مش همشي
زجر الرجل المراه : يا وليه كفايه فضايح ....عاجبك كده
الناس تقول ايه
قالت المراه بعويل : يقولوا اللي يقولوه .....انا
لا يمكن ادخل واسكت بنتي لازم تروح الوحده الصحيه
صفعها الرجل بقوة مزمجرا : عاوزة تفضحينا
شهقت وصال حينما رأت ذلك الكف يهوي علي صدغ المراه الملكومه لتنظر الي هادي باتهام أنه واقف صامت وليس وكأنه رجل يرضي بالصمت علي هذا التشهد وبالفعل هادي لم يكن ليصمت بل كان يزمجر بالرجل : رضوااان ميصحش اللي بتعمله
قال الرجل بعتاب : ويصح اللي بتعمله يا معلم هادي
قال هادي بسخط : براحه
بكت المراه ليقول لها هادي برفق : ادخلي يا ست أم نسمه البيت شوفي بنتك وانت ابعد ايدك يا رضوان
هزت المراه راسها قائله وهي تثبت قدميها بالأرض : مش داخله يا معلم انا لازم انجد بتي
بجراه تقدمت وصال تسألها : مالها بنتك يا حاجه
استنكرت ملامح رضوان ونظر الي هادي لتتابع وصال دون أن تبالي بأحد منهم : ...انا دكتورة
نظر الشاب رمضان ورضوان الي هادي بامتعاض بينما صرخت المراه بلهفه : غيتي بتي يا دكتورة
زفر هادي ورمق وصال بنظره عدم رضي تجاهلتها وهي تسأل المراه : مالها البنت
قالت المراه وهي تفلت نفسها من يد زوجها وتركض تجاه وصال تمسك ذراعها برجاء : تعالي شوفيها
حك هادي عنقه بضيق بينما رضوان ورمضان نظروا إليه بحنق ليقول اخيرا بعد رأي إصرار وصال :
الدكتورة وصال اخت دياب يعني مننا خليها تشوف البنت وتطمن امها
صاح الرجل بامتعاض : بنتي زي الفل يا معلم بكفايه فضايح
زجر المراه قائلا بوعيد : والله لهيكون ليكي حساب معايا
هتفت وصال به بحنق وهي تبعده بجراه من امامها وتدخل الي المنزل برفقه المراه : ابقي حاسبها بعدين اوعي كده خليني اشوف البنت
سحبت المراه يد وصال الي داخل المنزل تجاه درج داخلي يقود الي شقه علويه مغلق بابها ....
طرقت المراه الباب باستماته وهي تنادي اسم ابنتها : نسمه ....نسمه
مرت لحظات طويله قبل أن ينفتح الباب لتعقد وصال حاجبيها حينما وجدت امراه تتلفح بجلباب اسود وملامح حاده تفتح جزء صغير من الباب وتضع يدها أمامهم : خير يا ام نسمه
هتفت المراه بهجوم تحاول ابعاد يد المراه : عاوزة اطمن علي بتي
تجاهلتها المراه التي بقيت تضع يدها امام الباب ونظرت الي ابنها الذي صعد خلفهم ووقف يتهرب من نظرات والدته بينما يقول بتبرير : دي دكتورة يا امه
لوت المراه شفتيها وقالت باستنكار :
برضه حماتك عملت اللي في دماغها وجابت ليك العار
لا تفهم وصال شيء ولكنها تحاول الفهم ليقول الشاب وهو يبعد عيناه عن سخط نظرات والدته : دي الدكتورة بنت الست ام دياب يعني مش غريبه .
لوت المراه شفتيها وهمت بقول شيء لم تمهلها وصال الوقت لتقوله بينما بجراه دفعت بيدها من أمامهم وهي تتبرطم : انت لسه هتعرفها بيا ...اوعي يا ست خليني اشوف البنت
دخلت وصال الي الشقه التي غلب عليها اللون الوردي من طلاء جدران حديث مزين بالرسومات فبدت كشقه عروس
سرعان ما تبعتها أم نسمه وهي تشير لها الي غرفه بنهايه طرقه صغيرة : تعالي يا دكتورة
فتحت المراه الباب وسرعان ما انبثقت من صدرها صرخه متوجعه بينما وقعت عيناها السرير المفروش بغطاء وردي مزين بالتل والخرز الملون
لم تجد ابنتها لتسرع الي الحمام تطرق علي بابه وهي تستمع الي صوت جريان المياه : نسمه ....اسم الله عليكي يا بتي ..كان مستخبي ليكي فين كل ده .. افتحي يا نسمه انا جبت ليكي الدكتورة
سالتها وصال : ايه اللى حصل ؟
بكت المراه بحرقه وهي تقول بعويل : نسمه كانت دخلتها امبارح وجيت انا وأبوها الصبح نطمن عليها لقيتها وشها اصفر ولاحاسه بالدنيا والكلمه مش طالعه منها ومش قادره تقف علي رجليها ....مالت علي إذن وصال وتابعت : ولقيتها غرقانه في دمها
قالت وصال باستنكار : ضربها
: لا
قالت وصال باستفهام : امال
خفضت المراه عيناها بخجل : اهو بقي يا دكتورة وانا
لما لقيت البت كده وشها اصفر ودمها مش بيقف قولت ناخدها الوحده الصحيه بس امه قالت فضايح
: اتحايلت علي ابوها ناخدها الوحده
مرضيش وكان عاوزني اروح واسيب البت كده
قومت رقعت بالصوت ...دي الحيله ومعنديش غيرها اسيبها غرقانه في دمها واسكت
طرقت المراه الباب مجددا تنادي ابنتها :
افتحي يا نسمه انا امك يا بتي
لم تلقي المراه اجابه لذا بلا تفكير أسرعت وصال تلتفت حولها وخرجت من باب الغرفه تبحث عن رمضان الذي نزل إلي الأسفل ووقف أمام والدته يأخذ سيل تأنيب وسخط : انا قولتلك من الاول البت دي متنفعكش
تدخل هادي بسخط : لازمته ايه الكلام دي ياأم رمضان
قالت المراه بشكوي : بت متدلعه وامها محلتهاش غيرها ....يرضيك يا معلم الواد اللي شقيت عليه وعملت له شقه متحلمش بيها اي واحده تكون دي صباحيته
تنهدت هادي بضيق وحرج لتلتفت المراه تجاه ابنها تنتوي أن تتابع ولكنها صمتت ما أن لمحت وصال التي صاحت بهم : انت واقفين ليه ....حد يجي بسرعه يكسر الباب
البنت مش بترد
تبرطم هادي بغيظ من بين أسنانه : ده انا هكسر رقبتك بس اطولها
صاحت وصال مجددا ما أن وجدت الجميع ما يزالون واقفوان مكانهم : انتوا لسه واقفين .بسرعه
تبرطمت والدته بسخط : اكسر من اولها يا رمضان
هتف الشاب بضيق وهو يركض للاعلي : اسكتي يا امه بالله عليكي
تدخل هادي قائلا لأم رمضان : عليا اللي اتكسر يا ام رمضان
بس نطمن علي البنيه
دخل رمضان ووصال تسرع خلفه ليضرب الباب بكتفه بقوة فسرعان ما انكسر لتصرخ المراه حينما وجدت ابنتها واقعه بأرض الحمام
حملها الشاب ووضعها علي الفراش لتهتف به وصال وهي تسرع تجاه الفتاه تحاول افاقتها
: اكشف بأيه طيب ....؟!
تلفتت حولها بينما تمرر أطراف أناملها علي جبين الفتاه بحركات معينه لتقول وهي تدون بعض الحقن والمستلزمات : بسرعه هات الحاجات دي من اي صيدليه ولا مستشفي
اسعفتها وصال قدر استطاعتها وسط بكاء وعويل والدتها
علقت لها وصال محلول وريدي واعطتها بعض الحقن لتبدأ الفتاه باستعاده وعيها لتطلب من والدتها أن تساعدها في اخذها اسفل الدوش
شهقت الفتاه حينما شعرت بالمياه تغمر وجهها لتحتضنها والدتها وتتركها وصال برفقتها حتي تبدل لها ملابسها
خرجت الفتاه تستند الي والدتها لتبتسم لها وصال قائله :
حمد الله علي السلامه
ربتت المرأه علي كتف ابنتها وهي تساعدها لتدخل الي الفراش : دي الدكتورة يا نسمه
ابتسمت وصال للفتاه التي بدأ وجهها يستعيد ألوانه بينما تساعدها والدتها علي شرب ذلك العصير الذي احضرته لها
نظرت وصال الي الفتاه وسألتها : ايه اللي حصل ؟!
سرعان ما داهمت الدموع عيون الفتاه التي قضت ليله لن تنسي تفاصيلها المؤلمه جسديا ونفسيا
كان نفسي السؤال يريد هادي طرحه ولكنه لم يفعل بينما يتوقع ماحدث بسبب عادات من عاش وسطهم
وهاهو رمضان يبرر وهو يهمس لهادي لعله يبعد شعوره بأنه ارتكب شيء خاطيء حتي الآن لم يصل إليه معناه
: امها كبرت الموضوع يا معلم وهات يا صريخ ...البت كانت هتطيب زيها زي بنت بس انت شوفت امها عملت أيه ...الناس تقول ايه لما اخدها يوم الصباحيه علي الوحده الصحيه
اوما هادي بصمت بينما يريد أن يخبر الشاب أن ما فعله خطأ وبنفس الوقت يعرف أن الخطأ كله بتلك العادات لذا صمت
قالت ام رمضان وهي تلوي شفتيها وترمق ابنها بنظراتها الساخطه كما تفعل مع رضوان والد الفتاه الذي أخذ جنب وجلس به صامت يتطلع الي الأرض : شوف المعلم هادي يشرب ايه
قال هادي قبل أن يقوم الشاب : مفيش داعي . ..تسلمي يا ام رمضان
ساد الصمت مجددا بينما بقي الشاب حبيس نظرات والدته الساخطه
بدأت اصوات خطوات تقترب من اعلي الدرج ليتلفت الجميع الي وصال التي نزلت وخلفها والده نسمه التي لا تتوقف عن شكرها
بوجه مازال يحمل اثار السخط مما سمعته من الفتاه كانت وصال تريد أن تغادر هذا المنزل وتلك البلده بأكملها بينما لم تظن أن تلك العادات التي فقط كانت تسمع عنها من الافلام القديمه مازالت قائمه والتي تتدخل بأدق خصوصيات الرجل والمراه المجبرين علي أن تبدأ حياتهم بليله يتطلع الأهل علي ضرورتها دون الأخذ بالاعتبار اي شيء اخر وكأن هذا الدليل هو فقط ما يطمأنهم علي ابنتهم وابنهم ولا يهم كيف يحدث ما يحدث المهم أن يحدث بتوقيت وضعوه وكأن هذان الزوجان مجرد اله ...نظرت وصال بسخط تجاه والد الفتاه الذي كان الأولي به أن يشجع زوج ابنته علي الرفق بها لا أن يأخذها بأي طريقه المهم أن يطمأن عليها بتلك الطريقه الدنيئه لا أن يطمأن علي كيف عاملها زوجها وعلي الجانب الآخر سددت وصال نظره أشد سخطا تجاه تلك الحماه التي تشبه الحمي بجلستها وتأهبها وكأنها لم تعيش يوما نفس ما حدث مع الفتاه فتترفق بها ....نعم سرعان ما ننسي وهناك دوما حماه تجعل زوجه ابنها تعيش ما عاشته !
تبرطمت ام رمضان متهكمه بمغزي جارح وهي تنظر إلي أم نسمه : ارتاحتي واطمنتي علي بتك يا ام نسمه .... ارتاحتي لما كل الناس سمعت بينا ويا عالم هيقولوا ايه
قبل أن تفتح المراه فمها كانت وصال تهاجم بضراوة تلك المراه : هيقولوا ابنك مفتري ...
التفت الجميع تجاه وصال التي تابعت بسخط : واللي بيقول غير كده يبقي متخلف وجاهل..!
اتجهت وصال رأسا لتقف أمام الشاب وتنظر له بغضب شديد مزمجرة وهي ترفع اصبعها أمام وجهه : اللي عملته ده جريمه والبنت كان ممكن تموت
قال رمضان باستنكار : وانا عملت ايه ؟!
اهتاجت اعصاب وصال لتصيح به بغضب متجاهله نظرات هادي : انت عارف عملت ايه ....معندكش دم مجرد حيوان وخلاص !!
اتسعت عيون الجميع من هجوم وصال بينما افلتت نبره هادي المحذرة وهو يتجه ليتوقف امامها :
وصااااال
التفت رمضان الي هادي بعتاب : عاجبك يا معلم
لم تبالي وصال باستنكارهم ولا لتحذير هادي بينما اعماها الغضب لتهتف به بعصبيه : عاجبك انت اللي عملته يا بني ادم
هتف الرجل مجددا بضيق : صالحك ايه انا حر اعمل اللي اعمله !
صاحت به وصال بتعنيف : لا مش حر ..كان في واحده ممكن تموت بسبب عملتك
زجرها هادي من بين أسنانه : وصال
مجددا هتف الرجل بعنفوان : عاجبك يا معلم
صاحت وصال مجددا بسخط : انت تخرس وتتنيل علي عملتلك...نظرت له من أعلي الي اسفل وتابعت : ايه مش صابر.... قالتلك استني بس انت عاملتها زي البهيمه واخدتها بالطريقه دي ...منك لله !
قبل أن يستوعب الشاب سيل التأنيب والتعنيف من جانب وصال كانت تتابع بتحذير وهي ترفع اصبعها أمام وجهه : اسمع بقي انا ممكن اعملك محضر بس هقدر انك متخلف زي الباقين واولهم ابوها اللي كان واقف يكست امها عشان الفاضيح
بدل ما كان يجري ببنته علي المستشفي !
احتدت نظرات رضوان والجميع ينظرون إلي هادي الذي أراد أن تنشق الأرض وتبلعه بعدما وضعته بهذا الموقف لتتابع وصال بقوة دون أن تبالي بأي من نظراتهم :
اياك تقرب منها لغايه ما تخف وتاخد بالك منها
التفتت الي والده رمضان التي كانت جالسه ونظرات السخط تمليء عيناها : وانتي يا حاجه اهتمي بيها...اهي زي بنتك برضه
احتدت نظراتها الساخطه وهي تتابع : كان ممكن تفهمي ابنك بدل ما يعمل في بنات الناس كده
اتسعت عيون المراه من جرأه وصال في وجهه نظرها والتي تابعت بلا اهتمام لنظرات المرأه : نسمه تأكل كويس وترتاح وتشرب عصاير كتير
التفتت الي هادي وتابعت : هادي هيبعت ليها فاكهه كتيررر تاكلها كلها وانا بكره هاجي اطمن عليها
انهت حديثها وسحبت نفسها إلي الخارج بخطوات غاضبه وداخلها لهيب متوهج من تلك العقليات التي ظنتها اندثرت وانتهت
قال هادي باعتذار : والله ما انا عارف اقول ايه حقكم عليا
هي حمقيه شويه بس طيبه وكل اللي قالته من خوفها علي البنت
قاطعته أم نسمه قائله بتبجيل : دي الدكتورة ست الناس ....نظرت بسخط الي حماه ابنتها وتابعت : كفايه أنها انجدت بنتي
نظرت إلي زوجها وتابعت : ولا ايه يا رمضان
تغصب الشاب وهو يقول :
حصل خير يا ام انسمه....التفت الي هادي وتابع : تكرم عشان خاطرك وخاطر المعلم دياب يا معلم هادي
خرج هادي بوجه محتقن ليلحق بوصال وسرعان ما يهتف من بين أسنانه : ايه اللي عملتيه ده ؟
التفتت وصال له بحنق : عملت ايه.... هو انا عملت حاجه ...ده حيوان كان لازم يتعاقب علي عملته .... قالت له مش عاوزة وهو بهيمه
اتسعت عيون هادي ليهتف بها : وصاااال
وقفت أمامه بجراه ونظرت إليه : وصال ايه .... قولت ايه غلط ....هو يعني مفيش صبر
قال هادي بتبرير : عوايدنا
هتفت وصال بانفعال : عوايدكم الغلط دي لازم تبطلوها ...تبرطمت بغضب : انا ايه اللي جابني البلد اللي تحرق الدم دي
استشعر هادي الخطر من بدايه انتقادها للبلد والذي ربما يدفعها لأن تغادر ليحاول بفطنه تغيير مجري الحديث فكان يبرر بهدوء : عريس ومش قادر يصبر ...!
قالت وصال بنفس العصبيه : ياخدها بالسياسة مش كده ...!
غمز لها بمكر وعيناه تحاصر عيناها الغاضبه : كده اللي هو ازاي
ضيقت وصال عيناها بغيظ من أسلوبه الذي تغير فجاه وأخذها الي غزل من نوع آخر لتهتف به بغيظ من بين اسنانها وهي تنظر للأرض الي الحجاره الملقاه علي جانبيه : تصدق بالله هضربك بطوبه افتح دماغك واطلع فيك كل الغل اللي جوايا
انصدمت ملامح هادي ليقول باستنكار : طوبه ...هي وصلت لكده ...لا لا كفايه فضايح وخليني اروحك وبعدها لينا كلام تاني !
: فضايح ايه ؟! ....كانت تلك جمله دياب الذي ظهر من العدم لتلتفت وصال الي أخيها بتوتر
: دياب
بدت ملامح الغضب علي وجه أخيها وهو يسألها : بتعملي ايه هنا ياوصال .... نظر إليها بقلق وتابع : عبد الهادي قالي أن كان في خناقه في بيت ام رمضان وانك فيها ...حد ضايقك ؟!
هزت وصال راسها وهي أمور قبضتها بغضب متبرطمه : ناس متخلفه متفكرنيش بيهم !
عقد دياب حاجبيه والتفت الي هادي الذي ظنه ركض كما حال الجميع ووجد وصال هناك ليسأله : ايه اللي حصل ..حد داس ليكي علي طرف ؟!
هز هادي راسه وقال متبرطما : ده هي اللي داست عليهم من كبيرهم لصغيرهم
التفتت وصال له بحده : انت بتدافع عنهم كمان
نظر دياب الي أخته : فهميني ايه اللي حصل ولو حد ضايقك اجيب رقبته
هز هادي رأسه قائلا : لا يا بوي وهو حد يقدر يضايقها ....مال تجاه دياب وتابع بصوت خافت : اختك جبروت وقادره وبهدلت الناس في بيتهم ..ده هما اللي ليهم عندنا حق !
رفع دياب حاجبه والتفت الي أخته بعد أن سمع من هادي ما حدث باقتضاب ليسألها : وانتي ايه اصلا خرجك من البيت وخلاكي تروحي الناحيه دي
تدخل هادي يحاول أن يصيغ سبب لدياب ولكنه انصدم حينما قالت وصال بجرأه : كنت رايحه اشوف حكايه الجوازات التلاته
كاد هادي أن يختنق بلسانه بينما توهجت نظرات دياب بالغضب وهو يهتف بأخته بتوبيخ : رايحه لهادي وكده بتقوليها قدامي ؟!
اومات وصال وقالت دون خوف : انا رايحه له الوكاله وحقي أسأل وافهم بناء علي ايه جاي يطلب يتجوزني وهو كان متجوز قبلي تلاته ...حقي ولا مش حقي
افلتت الكلمات الغاضبه من لسان دياب : جاك كسر حقك ....انا ليا حساب تاني معاكي ....امشي قدامي
امسك هادي بذراع دياب يوقفه : واحده واحده يا ابو مصطفي وخلينا نتكلم احنا الرجاله ....!
هتف دياب بسخط : معادتش فيها كلام واختي انا ليا صرفه معاها وانت ابعد عنها ياهادي أنا مش هستني لما الناس تجيب سيرتها
عشان لو شوفتك ناحيتها تاني مش هعمل حساب لحاجه
تفهم هادي غضب دياب ليقول بهدوء : اللي يجيب سيرتها بكلمه اقطع لسانه
وحقك تقول كده وانا لو مكانك هعمل زيك بس انت عارف نيتي من الاول و احنا فيها من بكره نكتب الكتاب
هتفت وصال باندفاع: عشم ابليس في الجنه
رقمها هادي بسخط متبرطما : يابوي علي طوله لسانك...انا بتكلم مع اخوكي
هتفت وصال بلا تردد : عن حياتي ...بتتكلموا عن حياتي انا
نظرت إلي أخيها و تابعت بجراة : انا مغلطتش يا دياب لما قولتلك الحقيقه وانت لازم تقدر ده ...ما انا كان ممكن اكدب واقولك كنت بتمشي وخلاص بس انا مش كدابه انا روحت له عشان اعرف بأي عين جاي يطلب يتجوزني
لا ينكر دياب أن بداخله اعجب بقوة شخصيه أخته ليقول مسايرا وهو يرمق هادي بنظرات متشفيه : بيطلب بعين قويه ومستني ردك ...كلمه واحده اه أو لا عشان نفض السيرة دي واخلص من حجته اللي كل شويت يقولهالي !
نظر هادي الي وصال التي فتحت فمها وهو ادري الناس بما يقذفه لسانها لذا قال بانسحاب مؤقت : مش مقامك ولا مقامي نقف نتكلم في الشارع يا دياب ....بليل هاجي بنفسي اسمع ردها منك ومن الحاج دياب !
قراءه ممتعه بقلم رونا فؤاد
ايه رايكم و توقعاتكم