( روايه بقلم رونا فؤاد....ممنوع تماما نقل الروايه أو نشرها في أي منصه أو صفحه حتي لو بأسمي حيث أن حقوق النشر لجميع رواياتي مسجله حصري ولا تقوم بنشرها الا علي صفحتي أو مدونتي الخاصه ومن يفعلها يعرض نفسه للمسائله )
خرجت وصال تجر ساقيها وتنكس راسها تتطلع الي الأرض بينما تلفحها نسمات الهواء البارده وهي تسير بخطوات مشتته بلا هدي ليدق قلب هادي بصدره وتنحره نظره الانكسار بعيونها ما أن توقف امامها !!
قبل أن ينطق هادي بكلمه كانت وصال تسحب نفس عميق وتزفره ببطء وتقول بوهن شديد امتزج بحزنها فقد استنزفت طاقتها ومشاعرها ولا تحتمل أن يزيد عليها شيء فما بها يكفيها : هادي لو سمحت انا اللي فيا مكفيني بجد ومش قادره اتكلم
زدات نبرتها الواهنه من تأنيبه لنفسه وندمه ليقول بتعاطف شديد : وانا مش هزود عليكي ...انا بس شوفتك ماشيه لحالك في الوقت المتأخر ده .... قاطعته وصال باندفاع ظنا منها أنه يلمح مجددا علي عملها لوقت متأخر : قولتلك يا هادي مش عاوزة اتكلم ...متأخر ولا بدري سيبني في حالي بقي ...
همت ان تتحرك ليسرع هادي يتوقف امامها ويقول برفق : انا مكملتش كلمتي يا بنت الناس ...كنت هقولك مهونتيش عليا وخوفت عليكي تمشي في الوقت ده لوحدك ....تعالي اوصلك
هزت وصال راسها بالرغم من الشعور الذي تملك منها بتلك اللحظه بالاحتياج ...الاحتياج لأن يكون بجوارها أحد تتحدث معه أو فقط تشعر بأنها ليست وحيده
كرر هادي رجاءه باستعطاف : عشان خاطري يا وصال بلاش تعاندي ....الوقت متأخر والدنيا برد...تعالي يا أمي والله هوصلك ومش هضايقك ولا حتي افتح بوقي بكلمه لو مش عاوزة تتكلمي !
تنهدت وصال ونظرت إليه ولم يبدر لذهنها سبب رجاءه المستميت ولا رفق نبرته أنها بسبب شعوره بالذنب تجاهها ...!
نظر إلي حزن ملامحها بتأثر شديد قبل ان يدير السياره ويتحرك بها ببطء ....أسندت وصال راسها الي النافذه المغلقه التي أبعدت عن جسدها بروده الجو حولها ليظل هادي يستمع إلي كل تنهيده ضائقه تخرج من صدرها وكأنها طعنه تزيد من ضراوة شعوره بالذنب
تنهد هو الآخر قبل أن يتجرأ ويسألها لعله يفهم سبب هذا الحزن الشديد ...نعم تسبب في مشكله بعملها ولكن اين المشكله ...فهي ليست بحاجه لأن تعمل أن عادت لتبقي مع أسرتها ....تفكيره لا يأخذه لأبعد من هذا لذا سألها
: مالك يا وصال ؟!
مجرد كلمتان منهم كلمه اسمها الذي نطقه بعذوبه لامست قلبها المفتقد للاحتواء والمشاعر ...ظنها لن تتحدث ولكنه وجدها تتنهد قبل أن تقول بحزن شديد : حصلت مشكله في الشغل !!
استمع لها باهتمام شديد وهي تحدثت باستفاضه لأنها كانت بحاجه لمن تتحدث معه كما اعتادت أن تفعل مع ابيها بينما شعورها بأنها ستعود الي اربع حيطان وحيده لا تجد من يستمع إليها شجعها أن تتحدث إليه
اكل الذنب قلبه لأنها شرحت الأمر بهذا الحزن لتختم حديثها بتخلي : جايز اكون خالفت القوانين بس دي حاله مينفعش فيها افكر في أي قانون ..... الطفل ده لو كان جراله حاجه ازاي كنت ممكن اسامح نفسي ....دكتور حازم عنده حق بس انا كمان من جوايا عندي حق ....مررت يدها بعنف بين خصلات شعرها وهي تتابع بعتاب لنفسها : كنت اعمل ايه يعني ...اسيب الولد يموت !
سحب هادي نفس عميق والتفت إليها قائلا بعد أن أنهت حديثها ليوقفها عن تأنيب نفسها : اللي حصل حصل وخلاص ....والدكتور ده يغور بالمستشفي بتاعته هو كان اشتراكي يعني ولا انتي محتاجه للشغل
نظرت وصال إليه وابتسمت ابتسامه باهته : بالبساطه دي ؟!
قال هادي برفق بينما يوقف السياره اسفل المنزل : هتصعبيها علي نفسك ليه ... مفيش داعي منه الشغل اللي يحرق دمك ده
زمت وصال شفتيها وقالت بأسي : بس مش دمي اللي اتحرق ياهادي.... مستقبلي كله هيتحرق
عقد حاجبيه لتتابع بحزن شديد : الله اعلم بنتيجه التحقيق هتكون ايه بس اكيد مش هتكون في صالحي بعد اللي حصل
التفت لها هادي باستفهام : تحقيق ؟!
هزت كتفها وتابعت بحزن : وانت فاكر ايه ...خناقه وخلاص ...لا طبعا المستشفي فتحت تحقيق ..قاطعها هادي بنفاذ صبر بينما لا يفهم ابعاد أمر كهذا وكل ما ظنه مجرد وقيعه تخيفها وتجعلها تترك عملها
: أيوة يعني فهميني تحقيق ايه ....؟! ممكن يضروكي
هزت كتفها قائله : معرفش
اندفعت الدماء الحاره بعروقه خوفا عليها لتخرج نبرته حاده وهو يسألها : يعني ايه متعرفيش ... محدش يقدر يأذيكي ....!! ازدادت عصبيه نبرته وهو يتابع : هو فين طريق الدكتور ده وانا ....قبل أن ينطق بتهديده المندفع كانت وصال تلتفت إليه باستنكار : ولما تعرف طريقه هتعمل له ايه ....؟!
قال هادي بانفعال : اعمل اللي اعمله ...المهم محدش يأذيكي
هزت وصال راسها وقالت بقليل من التوبيخ : مش هتعمل حاجه ولا هتتدخل اصلا ...وبعدين د حازم بيشوف شغله يعني مش مستقصدني مثلا عشان تفكر تفكيرك ده
اغتاظ لا ينكر من معالجتها للأمر بطريقتها المثاليه ليهتف بها بانفعال : يشوف شغله بعيد عنك .....و تفكيري ده هو اللي هيبعد الراجل ده عنك ويخرجك من مشكلتك
زفرت وصال بينما بالكاد هي تتمسك باعصابها وهاهو يزيد عليها بتفكيره المندفع لتهتف به بقله لياقه لم تقصدها : ادي انت قولت مشكلتي يعني انا اللي احلها وبطريقتي ...!
التفت لها باستنكار شديد هاتفا : يعني اطلع انا منها وانتي هتتصرفي مش كده
اومات وصال بإصرار : هو كده ....قبل أن يقول كلمه كانت وصال تفتح باب السياره وتنزل منها هاتفه بتأنيب لنفسها استمع إليه : انا غلطانه اني اتكلمت معاك وبدل ما اتكلم عن مشكلتي في شغلي بقيت بتكلم في خلاف ما بينا ...صفقت الباب خلفها بعنف وهي تتابع متبرطمه بخزلان : انت زي ما انت مش هتتغير ابدا ! ايدك سابقه عقلك !
لم يحتمل هادي لينزل من الجهه الأخري ويهتف بها بغضب : وانتي دماغك انشف من الحجر يا دكتورة !
رمقته وصال بنظره غاضبه واتجهت الي داخل المنزل دون أن تقول شيء ولكن بداخلها اشتعل غضب شديد وكأن السنوات لم تمضي وهي واقفه أمام صخره لا تتزحزح تتمثل في عقله !
ضرب هادي اطار السياره بقدمه بعنف متبرطما : في الاخر برضه انا اللي غلطان عشان خايف عليها !!
حقا صدقت مقوله ( هم يضحك وهم يبكي ) فهاهو لا يري أنه السبب في ما وصلت إليه ويري أنه خائف عليها وهي العنيده !!