-الفصل الرابع والثلاثين: مآب-

43 5 43
                                    


⚠️سيتم تضمين مشاهد تشير للعنف الجسدي

⋆˖⁺‧₊☽◯☾₊‧⁺˖⋆

ستة أشهر..
أم أنها سنوات؟

كان صوت احتكاك الثرى بحذاءه هو كل ما يكسر سكون المكان، كل ما يكسر فقاعة الصمت التي تحيطه من كل صوب.

حاول أن يحمل معطفا في طريقه للخروج، أراد أن يتوسل ليبقى.. لكنه وبطريقة ما وجد نفسه ملقى أمام الأبواب في هذا الوقت المبكر من النهار.

لم تشرق الشمس بعد، لكنها على المشارف بالفعل.
ولم تهدأ افكاره أبدا. لست أشهر..
لم تتوقف أبدا عن التضارب والصراخ بين جدران عقله المتصدعة. لم تكف عن نهش وعيه وإثقال خطواته وكلماته وكل الأنفاس التي كانت تطبق على صدره.

لازالت إبرة المحلول موضوعة بظاهر يده ولا يدري كيف أبقاها والده، بل.. لا يكاد يصف كم هو ممتن لأنه حصل عليها، لأنه استطاع زيارة الطبيب أخيرا الأسبوع المنصرم.

كانت ست من العذاب والهوان.
ست من البكاء والحسرة.
ست علم بها أن والده هو الأبقى، أن الكل راحل وهو باق، أن الجميع سيتركه وهو لن يفعل.

وأن تصديقه لسيهون كان خطأ فادحا.

توقفت خطوات أمام البيت الوحيد الذي يدرك له طريقا. الوحيد الذي قادته نحوه خطاه بدلا من الكنيسة.

الوحيد الذي ظن جدرانه آمنة، ظنها ستبقيه ووضع كل ثقته بمن فيه.

الوحيد الذي خدع بدفءه وضوءه النافذ.

فتمايل رأسهبانهاك وتشوشت نظرته تماما، ترنح خطوة متعبة للخلف ومسح على ذراعيه ليخفف شيئا من البرد الذي يرجف أوصاله.
لكن ذلك لم يحدث..
لم يستطع تخفيف شيء أبدا. لا البرد ولا الألم ولا شيء سواه.

فدار على كعبه وقرر العودة وحسب.
كل الأماكن باردة، كل الطرق معتمة وكل الناس جفاة. سيعتذر ويتوسل ليعود إلى فراشه الذي حمل شيئا من الدفء.

لا مكان يحتمله سوى جدران غرفته الرطبة وسريره المتسخ. لا مكان سوى يدي والده مهما بلغت قسوته.
لكن ألم يستحق ذلك؟

واستند بكفيه على ركبته مائلا بجذعه للأمام يلهث أنفاسه الساخنة بوهن، ظل ينظر إلى حبات الثرى وهي ترسم نفسها بأثر قدمه الذي كان ذاهبا توا، وها هو ذا عائد من حيث أتى.

أسدل جفنيه واستشعر الصهد الصادر منهما حين رفع أحد كفيه ليمسح وجهه.

لقد استحق ذلك.
لقد أخبره والده أنه مخطئ، أخبره أنه لن يجد مكانا آخر سوى هذا المنزل. أخبره أن لا ينصت لأي كانت تلك الأحلام والوعود التي يتلوها سيهون على أسماعه.

 TAKE ME HOME حيث تعيش القصص. اكتشف الآن