Part 19

229 8 3
                                    

الخوف المفاجئ أو عند حدوث شيء لم يكن متوقع، دائمًا ما تُظهر هذه اللحظات حقيقة مانشعر به.. فحتمًا ستأتي لحظةً تُظهر مدى إهتمامك وحبك وخوفك على هذا الشخص وكم هو شخصًا ثمين بالنسبة لك.. وربما حينها ستبدأ في فِهم كل شيء، ستفهم مشاعرك وعقلك وقلبك وحتى خوفك! فهذه اللحظات حقيقيه وجدًا..
ركض صالح بأقصى سرعته، وكانت خطواته تُثقله وبشده، خلفه كارتال يلاحقه بغير عقل، كل خطوةٍ منهم تزيد من قلقهم، يشعرون وأن كل ثانيةٍ تأخذهم بعيدًا حيثُ القلق والأفكار السوداويه، فماذا سيجدون في الطابق العلوي؟ هل هناك فقدًا آتي؟ ليمسحوا الدور العلوي بنظراتهم بسرعه.. ولكن حطت عينيّ كارتال على أخته التي تسبح بدمائها أمام باب الشرفه، ليهتف بصوتٍ مرتجف يكاد يخرج: ليـ.. ليلى، ليلتف الأسمر وقلبه بات يؤلمه وهو لم ينظر بعد، ليجدها بلا حراك، ليتجمّد للحظة، كل شيء حوله بدا وكأنه يتباطأ، تسارعت دقات قلبه، ولكنه ركض بسرعه إليها، في حين أن الآخر ظلّ واقفًا، عيناهُ متسعتان وكأنهما ترفضان تصديق ماهو أمامها، جسده تجمد في مكانه، وكأن الوقت توقف بالنسبة له، وليس فقط الوقت، بل عقله.. يداه ترتجفان، وقلبه يدق في صدره بعنف كأنه يحاول الهروب، أحس أنه في كابوسًا ما، ليعطيهم ظهره ويضرب رأسه بقوه وهو يصرخ مُغمض العينين "أنهض، أنهض، أيها ال*** أنهض، أختك لم يحصل لها شيء، أنهض"، ليشهق صالح عندما وضع يداه على رقبتها ليتحسس نبضها، ليشعر بنبضٍ بطيء، ليخرج هاتفه بسرعه يريد الإتصال بالإسعاف ولكن يداه ترتجفان فهو بالكاد يُمسك بالهاتف، ومع صوت صراخ كارتال، إزداد الوضع توترًا فهو لم يعد يشعر برأسه من شدةِ صداعه، ليصرخ: كفى كفى أصمت ارجوك.. ساعدني لنحملها أنها لم تذهب يوجد نبض أنها حيه، لينظر كارتال وكأن كلمات صالح ارجعته لصوابه ليسرع بخطواته نحوهم ليرفعها بسرعه ليُمسك صالح بها بقوه ويركض نزولاً للخارج، وخلفه كارتال الذي نزلت دموعه بقهر، ليأتي رجال كارتال من الحفره، وسرعان ما توزعوا حول القصر، أما علي ومراد فقد أسرعوا عندما رأوا صالح يخرج من القصر بسرعه ويحمل احدًا مصابًا، ليسأل علي وهو يركض ناحيتهم موجهًا سؤاله لسيده: سيدي، ماذا حدث!، ولكنه لم يلقى جوابًا، ليضع صالح ليلى بالمقعد الخلفي لينزع سترته ويربط كتف ليلى بها فهو لاحظ أنها أصيبت بها، وأصيبت أيضًا بمكانٍ آخر ولكن من شدة الدماء لم يعرف مكان الإصابة الآخرى، ليصرخ بكارتال: أُصيبت ببطنها أو صدرها أبحث عن مكان الإصابه وأضغط عليه بسرعه، وذهب ركضًا ليقود بينما أسرع كارتال وصعد بجانب أخته واضعًا رأسها على قدميه، يتحسس جسدها ليجد مكان الأصابة الآخرى، لتسرع السياره بشكلٍ جنوني تحت صدمة الجميع، ليصرخ علي: أتصلوا بالإسعاف فورًا هناك مصابين من رجالنا، وأنت "مُشيرًا إلى مراد" هيا معي لنلحق بالسيد الآن..
––––––––––––––––––––
الحفره.. منزل العائله
دخل ياماش غرفة والدته بهدوءٍ يعكس العاصفة التي بداخله، كانت تقف أمام النافذه تُعطيه ظهرها، ليقل: أمي.. لتقل لاحقًا بهدوء: والدك كان يرى في الحفره أكثر من مجرد مكان أو ملجئ لمن لا مأوى له، كان يعتبرها رمزًا لأمان العائله وإستقرارها، فنحن هنا جميعنا عائله اليس كذلك؟ مثل مايقولون "الحفره بيتنا، وإدريس والدنا" ولكن أيضًا كان يعرف أن الإستقرار والأمان لايدومان بالتأكيد.. لتلتفت إليه وتقل بحده: ولكنه لم يكن يفعل شيئًا إلا عندما يتأكد من جميع الأمور أو ماسيحصل إن أتخذ هذا القرار، سواءً كانت سيئه أو جيده.. كان يقيّم كل خيار بعقلانيةٍ وحرص.. لأنه كان يدرك أن التسرع قد يؤدي إلى عواقب وخيمه، كان يفكر بالأخرين قبل نفسه! لتقاطعه قبل أن يرد: أنا ناديتك إلى هنا لتسمع فقط.. ليقل بحده: أمي.. أنا أدير الأمور، كل شيء تحت السيطـ..، لتقاطعه مرةً اخرى بغضب: أنت لا تُدير شيئًا! أخيك صالح غائب، وجومالي الآن غاضب، والحي أصبح في فوضى عارمه، شبابه وأهله لايجدون مايأكلونه، وأكملها الهجوم الذي حصل، أخبرني لماذا ياسيد ياماش؟ ماذا سيحدث أكثر إذا أستمر هذا الجنون؟
="وهو يضحك بسخريه" جنون؟ اليس أنتِ من قلتِ أن أرجع صالح لأبنه؟ ماذا تغير الآن؟ لماذا تلومينني حين حاولت أن أفعل ماتريدينه؟ الم تقولي أنه لايوجد أحد غيري يفهم ويستطيع فعل هذا؟
–ليتني لم أقل.. لو علمت أنك ستدخله للسجن وستجلب على رؤوسنا مصائب أكبر، لم أكن لأنطق بحرفًا لك!
=اي والله يا أمي.. هل ناديتني لتقولي هذا الكلام؟
–"لتقترب منه بهدوء تسمح على وجنتيه" بني، أنت الذي أتى وحمى الحفره حين لم يكن هناك أحدًا ليحميها وكنّا على وشك الإنهيار.. وربما الموت، لماذا لاتفكر بعقلانيه الآن مثل أبيك؟ مثل ماكنت سابقًا لماذا تتسرع هكذا وتفعل أمورًا بدون أن تعرف عواقبها؟
="لامس يديّ والدته بخفه، ولكن سرعان ما أبتعد بغضب وصرخ قائلاً" أمي!!!! أنا لست أبي، ولن أكون، أنا ياماش، ولدي طريقتي الخاصه، صحيح أنني أخطئ أحيانًا، واخطأت الآن أنا مدرك لهذا، لكنني أفعل ما أفعله من أجل الحفره، ومن أجل العائله بالأكثر
–"بحنان" بني.. ولكن ألا تظن أن الأمور خرجت عن السيطره؟ أنت تحاول حماية الحفره، نعم، ولكن بأي ثمن؟ أنظر جميع من بالحفره يتعرض للخطر، كم مصابًا لدينا اليوم ها؟ "وأكملت وهي تعود لنفس مكانها أمام النافذه" ولولا.. ذلك الرجل، كارتال أم ماذا الذي أتى معك ماذا كان سيحدث؟، ليُمسك ياماش رأسه بغضب من ذكر كارتال، ليقل بغضب مكتوم: أمي يكفي..
–هل هو صديق أخيك؟ بالطبع هو كذلك لذلك ساعدكم..
= أمي.. أولاً أنا لم أطلب منه أن يأتي، أتى الخبر ونحن أمام المركز ولحق بي هو ورجاله وثانيًا ليكن مايكون فهو ليس حليفًا أو صديقًا أبدًا
–تمام.. ولكنه أتى معك ولمنزل العائله حتى! فقط للحمايه، والسؤال هو لماذا؟، لينظر ياماش بتوهان بعيدًا، ليقل لاحقًا: سأحل كل هذا.. فقط دعوني وشأني قليلاً لاتضغطوا علي أكثر، ليذهب ولكن قبل أن يخرج إلتفت إلى والدته، ليقل بهدوء وحزن مكبوت: صالح.. أنا.. قد فعلت كل مابوسعي، من الآن وصاعدًا سأهتم بأمانة أبي، ولن أركض خلف أحد هذه الآونه، أخبري إدريس بهذا، ليذهب بينما تنهدت سلطان وكأن جبلاً من الهموم يرتكز على صدرها
––––––––––––––––––––
عند صالح.. الذي كان يقود بجنون وهو يلتفت بالثانيه ألف مرةٍ للخلف فقط ليرى ليلى التي تنزف بين يدي أخيها، ليقل كارتال بتوتر وخوف: صالح.. أنها تنزف بشده لتفعل شيئًا، ليقل صالح بسرعه: سنصل سنصل فقط لاتترك مكان الإصابه أضغط عليه بقوة، ليُمسك صالح بشالاً كان مرميًا بالمقعد الذي بجانبه ليناوله لكارتال: خذ هذا وأضغط به إياك أن تترك ولو للحظه واحده إياك، وبعد دقائق كانت ساعات بالنسبة لهم، وأخيرًا ركن صالح السياره بسرعه أمام المستشفى، لينزل ركضًا للخلف، وهو يصرخ بالممرضين الذي يقفون بالخارج والذي أسرعوا أساسًا عندما توقفت السياره: أرجوكم.. أنها تنزف بشّده.. ليفتح الباب ويسحب ليلى من بين يديّ كارتال بحذر، وسرعان ما أتت النقاله، ليضعها عليها ويركض خلفهم فورًا للداخل، في حين أن كارتال الذي لازال داخل السياره، مُغيب بغير عالمه، وكأن الزمن توقف من حوله، فصوت الضجيج وصراخ صالح وأخذهم لليلى من حضنه لم يعد له وجود، كان كل مايراه، هو يديّه الملطخة بدماء أخته.. والشال الذي أمتلئ أيضًا في غضون دقائق.. ليهمس: مستحيل.. لن تنجو
––––––––––––––––––––
عودةً للحفره.. ولمنزل العائله
في المكتب جومالي الذي يجلس يُمرر مفتاح سيارةٍ بين يديه.. تحت أنظار اكين وتولغا وجيلاسون وميكي ومتين، ليهتف بعد صمتٍ لدقائق مخاطبًا محمود: ربما سيارة احدٍ من رجال ذلك ال*** هل أنت متأكد بأنها سيارته؟، ليقل محمود: متأكد يا أخي، فأنا رأيته ينزل منها وأيضًا هو ذهب مع ذلك المدعو كارتال وتركها هنا، ليهز جومالي رأسه، ليقل: إن أتى هو بنفسه لأخذها أخبرني فورًا، ليخرج محمود مع دخول ياماش، ليقل جومالي وهو ينظر للمفتاح: كيف خرج من السجن؟، ليقل أكين: بالتأكيد أخرجه ذلك ال*** الم يكن هذا شيئًا متوقعًا أساسًا؟, ليقل ياماش وهو يجلس: ولكنه قال لي صباحًا أمام المركز أنهم أحالوه إلى السجن، ليقل جومالي وهو ينهض: مهما يكن، جيد ماحدث، المهم لدينا شحنة أسلحة مساءً، وسنستلمها في الموعد المحدد، سيتم توزيع الأسلحة على الشباب في الحي ليتجهزوا لمهامهم القادمه.. ميكي، متين، تأكدوا من إبلاغ جميع شباب الحفره بهذا الأمر حتى يكونوا على أستعداد تام، وأنت "مؤشرًا لياماش" ستكون على رأسهم، وستأتي بالشحنه إلى مستودعنا الخلفي، ومن ثم إقترب من ياماش بخطوات بطيئه وهو يضع يديه خلف ظهره، ليقل بغضب: تفضل الآن وأخبرني ماهو سبب الهجوم الذي حصل اليوم؟ أريد التفاصيل هل سمعتني؟ التفاصيل سيد ياماش، لينظر ياماش لأخيه، ليقل ببرود: عندما بلغت على عملية التسليم لصالح، كان معه شخصًا وهو الطرف الآخر الذي سيستلم البضاعه، قبضوا عليه أيضًا، والباقي أنت تعرفه أساسًا، ليفعل جومالي حركة فمه المعتاده، ليقل: يريد الإنتقام لأنك أدخلته السجن وخسّرته بضائعه، اليس كذلك؟، ليهز ياماش رأسه وهو ينظر شاردًا، ليصرخ جومالي: هذا الرجل لن يترك الأمر يمر هكذا، هم كذلك عديمي الشرف، سيعود لينتقم مرارًا وتكرارًا، ليمسح وجهه بعنف ليكمل: أنت.. أنت أصبحت تفعل وتتصرف بدون أن تفكر، كل خطوه تأخذها تجرنا لمشاكل أكبر هل أنت مدرك لهذا؟ تتصرف وكأنك تعرف كل شيء لكنك تتجاهل العواقب، اليوم الهجوم قريبًا جدًا ولكننا نفذنا بدون خسائر، ولكن ماذا عن غدًا؟ بعد غد؟ هل تريد أن نخسر كل شيء بسبب قراراتك السريعه؟ فتصرف غبي مثل التبليغ على أخيك وسجنه وبحوزته أطنانٍ من المخدرات فقط لكي تسترجعه ويترك هذه الأعمال جرّنا لمشاكل كنا في غنى عنها، لينفجر الآخر وكأنه لم يعد يحتمل شيئًا البته، ليصرخ على أخيه بغضب: فعلت مافعلته لأنني أريد إسترجاع أخي!، لينظروا جميعهم متفاجئين من نبرة الآخر، لينظر جومالي ببرود، ليكمل ياماش: أنا أشعر وكأنني فقدت أخي مرتين، المرة الأولى عندما ذهب في طريقه لوحده بدون أيً منّا وكأننا لم نكن، والمرة الثانيه عندما عاد إلى ذلك العالم، كان هناك أمل، أمل صغير بأنه سيعود إلينا، إلى أبنه، إلى العائله، ولكن.. يبدو أن هذا الأمل ذهب، ليجلس جومالي وقد انقلبت ملامحه حزنًا، ليكمل ياماش تحت أنظارهم جميعًا: نعم.. فعلت خطئًا، وأعتذر لأنني جلبت مشاكلاً وأعداءً نحن في غنى عنهم مثل ماقلت يا أخي، ولكنني أبدًا لن أعتذر لأنني فكرت بصالح أولاً.. ليقل جومالي: وماذا الآن؟، ليرد ياماش: لاشيء.. أنا تعبت، من الآن وصاعدًا سنهتم بالحفره مثل ماكنا نفعل من قبل، ليقترب من جومالي بعد أن هدأ، واضعًا يده على كتفه: سلمت يا أخي.. لأنك فكرت بالحفره، لأنك دائمًا تضع الحي والعائلة فوق كل شيء، أما أنا، شعرت بالضياع منذ أبتعاد صالح... لم أعد أعرف إن كنت أفعل الصواب أم لا، ولكن يكفي سنعود للعمل مثل ماكنّا في السابق وسيرجع كل شيء كمثله، وأولها أستلامنا للشحنة الليله.. ليبتسم جومالي بمراره، لينهض ويعانق ياماش، ليقل بغضب مصطنع وهو يفصل عناقهم: أنت تظن أن الأمور بسيطةً هكذا؟ نحن هنا نتعامل مع حياة وموت، سنكون مستعدين للتعامل مع هذا الذي تسلّط علينا، وأيضًا أنا لا أحتاج إلى أعتذارك عن التفكير في صالح، فأنت فعلت ما كنت تراه صحيحًا، لكن هذا لا يعني أنك كنت على حق!، ليبتسم الأصغر ويعود ليجلس، سادَ صمتٌ في المكتب للحظات، لينهض متين ليقل: أيها الأخوه، سأذهب لكي أطمئن على شباب الحفره الذين ذهبوا إلى المستشفى، ليقل جومالي: صحيح.. أذهب معه ياميكي أنت وجيلاسون، أطمئنوا عليهم وأسألوا إن كانوا بحاجة لشيء.. وأخبرونا، لينهضوا جميعًا، ليقل جيلاسون: تولغا هيّا رافقنا.. ليقل جومالي: لا، سيذهب هو واكين مع ياماش للمقهى لكي يناقشوا شحنة الليله، ليخرجوا جميعهم، ليتوقف ياماش وينظر لأخيه بتساؤل، ليهتف جومالي: أنا سأقضي اليوم على الأسطح فبسببك أيها الطفل الشرطه بالتأكيد ستداهمنا، ليضحك ياماش بخفه، ليقل: لاتقلق سأتعامل معهم، ليذهب كلاً منهم في طريقه..
––––––––––––––––––––
عودة للمستشفى..
حيث صالح وكارتال ينتظران أمام غرفة العمليات، كارتال الذي يجلس أرضًا مُنكمشًا على نفسه، ينظر ليديّه المليئةِ بدماء أخته.. وصالح الذي يمشي ذهابًا وإيابًا بملامحٍ لاتستوعب ماحدث، ليجلس بعد لحظات، ليهتف كارتال: دماءها لاتزول من يديّ.. لن تنجوا أنا أعرف.. لينظر صالح له بحيره، ليقل بهدوء: ستنجو.. هي قويه، أقوى مما تظن، وعنيده.. ليرد الاخر ولازال ينظر ليديّه: أنت لاتفهم.. لقد كانت بين يديّ هاتين، لقد كانت تنزف لحينِ وصولنا، لم يتبقى بها قطرةُ دمٍ واحده، ليتنهد صالح بينما وصل مراد وعلي ركضًا إليهم، ليهتف صالح فورًا: علي، خذ سيدك وأجعله يغسل يديّه، لينظر علي بإستغراب، ليقل صالح بغضب: قلت لك خذه! أجعله يغسل يديه ووجهه ليعود لوعيه، ليتقدم علي مُمسكاً بيد سيده بخفه ليجعله يستقيم وذهبوا.. ليتقدم مراد أمام صالح ليقل: سيدي، ماذا حصل؟
–لا أعلم، ذلك ال*** هاجم القصر وليلى كانت هناك
=وكيف وضعها، هل.. هل هو خطير؟
–"وهو يتنهد ماسحًا على وجهه" لا أعلم ننتظر الطبيب، وسرعان ماضرب بقوه بقبضةِ يده الكرسي الذي بجانبه، ليفزع مراد، بينما نهض صالح وهو يهتف بنبرةٍ عاليه: لا أفهم! ماذنبها! ماذنبها أيها ال***، ليسير بخطوات سريعه ومضطربه، أصبح يتنفس بصعوبةٍ وكأنه يحاول السيطرة على غضبه المكبوت، ليمرر يديه على رأسه ومن ثم عاد ليمسك بوجهه، لينظر مراد بحذر، ليقل: سيدي.. لا تضغط على نفسك بهذه الطريقه، ليتمتم صالح وهو يجلس ماسكًا رأسه: بسببي.. بسببه، إذا حدث لها شيء لن أسامح نفسي، ليكتفي مراد بالصمت، مرت لحظات، ليأتي كارتال وقد إستعاد وعيه قليلاً، ليجلس صامتًا يهز رجله وهو ينظر لغرفة العمليات أمامه، بينما صالح الذي يُمسك رأسه بقوه، وهو يرجوا أن تنجوا ليلى فقط..
––––––––––––––––––––
الحفره.. منزل العائله
خرجت كاراجا، لترى تولغا وياماش يتحدثان أمام المكتب، لتقل وهي تتقدم ناحيتهم: ماذا حصل لعمي صالح، لماذا ذهب هكذا؟، ليجيب ياماش: لا أعلم، ليتقدم ماسكًا كتفيّها، ليقل: كاراجا.. لا أريد أن أراكِ مرةً أخرى تخرجين في وسط هجومٍ ما حسنًا؟ لتقل بإنزعاج: أجيد إستخدام السلاح جيدًا، وإشتبكت مراتٍ عديده، لا تخاف عليّ ياعمي، ليقل ياماش: أعلم، وأعلم أنكِ قويه ولكن نحن نكفي حسنًا؟، لتقل فقط لكي تنهي الحديث: حسنًا، ليقل ياماش: جيد، وأكمل مخاطبًا تولغا: هيّا فلنذهب للمقهى اكين ينتظرنا هناك.. ليذهب بينما نظر تولغا لكاراجا مُبتسمًا، ليقل: إمرأة قويه تجيد إستخدام السلاح، مثل القنبله.. لتضحك الآخرى، لتقل: دعك، متى سنتحرك بموضوع عمي ياتولغا؟ اليوم لم أحتمل رؤية كارتال أبدًا، ليقل: قريبًا لاتقلقي.. لتقل وهي تقترب: أنا لايهمني سوى الأوراق التي تورط عمي، أريد إيجادها وإتلافها بأي طريقه، ليتقدم تولغا ليمسح أحدى وجنتيها بأصبعه بلطف، ليقل: شجاعه أيضًا.. لترد وهي محرجه: ماهذا الآن؟، ليضحك تولغا بخفه، ليقل بهدوء: أعدكِ سنُخلص صالح من كل هذا، ثقي بي فقط، لتقل: أثق.. وكثيرًا، ليتقدم تولغا بتردد، ليقبل وجنتها بهدوء، ليذهب يلحق بياماش للمقهى، لتلمس كاراجا وجنتها بخفه وهي تبتسم، لتقل: معتوه..
––––––––––––––––––––
في مقهى الحفره.. بعد ساعات وعلى مشارف المساء، يجلس ياماش وتولغا واكين وجيلاسون ومتين وميكي، كلُ واحدًا يجلس على كرسيًا وأمامه كأسًا من الشاي، ليقل ياماش وهو ينهض بهدوء، ليقف في المنتصف: الشحنة هذه مهمة جداً بالنسبة لنا أنتم تعرفون، لذلك لن نتمكن من تحمل أي خطأ، علينا التأكد من إستلامها وإحضارها هنا لمستودعاتنا الخلفيه بأمان، ليقل تولغا: هل لديك خطه إحتياطيه إذا حدث شيئًا غير متوقع؟، ليقل ياماش: لا للأسف، لماذا؟ لأننا نريد هذه الشحنه، هذه الشحنه ستأتي إلى هنا حسنًا؟ ليومئوا جميعهم، في حين هتف اكين مخاطبًا عمه: وماذا إن لم تأتي؟، لينظر ياماش بهدوء ليقل: ستأتي.. وإن لم تأتي سننهار أكثر من قبل، ليقل متين: لاتقلق يا أخي سنحضرها مثل ماكنا نفعل دائمًا، وسيعود شباب الحفره للعمل، ليقل ياماش: سلمت متين.. رنّ هاتف اكين لحظتها برقمٍ غريب، ليرد وهو يخرج من المقهى: نعم؟
–مرحبًا، سيد اكين كوشوفالي؟
=نعم أنا، تفضل؟
–أنا مساعد الطبيب رينارد، أتفق معنا السيد صالح على موعد بخصوص زوجتك ياسمين، أتصلنا به ولكنه لايُجيب لذلك أتصلنا بك، ليشرد اكين يحاول الإستيعاب، ليقل المساعد: الو؟ سيد اكين هل تسمعني؟، ليرد اكين فورًا: أجل أجل أسمعك، متى الموعد
=سنصل إلى تركيا غدًا، يمكننا ترتيب موعد في أحد المستشفيات الكبرى في المدينه، سيكون الطبيب متاحاً في أي وقت يناسبكم، فأنتم من طرف السيد صالح لانريد إلا رضاكم..
–"لتدمع عيناهُ فرحًا" حسنًا سنأتي فور قدومكم
=جميل، ولأخبرك سنرى أولاً حالة السيده ياسمين، وسيتفق معك الطبيب بعدها على كل شيء
–"وهو يبتسم" حسنًا، سنكون على تواصل
=صحيح، سيد اكين، اعتذر لإتصالي بوقتٍ متأخر ولكن لدينا مواعيدًا كثيره لذلك لانجد وقتًا مناسبًا أحيانًا..
–لاعليك، شكرًا حقًا
=هذا عملنا، بلغ سلامنا للسيد صالح
–"بحزن" حسنًا، ليغلق الهاتف ويمسح وجهه وهو يبتسم، ليخرج ياماش، ليقل: ماذا حدث دعنا نبتسم معك..
=لقد أتصلوا علي من ألمانيا بخصوص الطبيب المختص بمثل حالات ياسمين والذي سيساعدها لكي تشفى، سيأتون غدًا إلى هنا، لينظر ياماش بدهشه: هل يعني ذلك أنها ستتلقى العلاج الذي تحتاجه؟، ليومئ اكين بإبتسامه تشق وجهه، ليعانقه ياماش وهو يقول: وأخيرًا خبرًا جميلاً في وسط هذه الفوضى..
––––––––––––––––––––
في المستشفى.. الجميع على حاله، كارتال وصالح والرجلين يجلسون ينتظرون خروج اي شخصٍ ليخبرهم بالذي يجري في الداخل، قاطع تفكير كلاً منهم قدوم ماڤي، التي أتت بخطواتٍ سريعه، لتقل: كيف حالها؟ كيف حدث؟، لتتقدم نحو كارتال وتنحني، لتقل: هل.. هل ذهبت؟، ليقل صالح بتوتر: لاتقولي هذا أيتها المحاميه، لن تذهب، لتقل: إذًا أخبروني كيف حالها؟، ليرد كارتال بقهر: لانعلم، هي في الداخل منذ أربع ساعات، لانعلم شيء، وحين أنهى كارتال كلمته، خرج الطبيب ومعه ممرضه، لينزع الطبيب قفازاته وكمامته، ليتوجهوا إليه جميعهم ماعدا صالح الذي بقي في الخلف، ينتظر نطق الطبيب بما سيقوله، ليقل كارتال: أرجوك أيها الطبيب.. ليقل الطبيب، وهو يأخذ أوراقًا من الممرضه: أولًا أهدئوا، للأسف لقد تعرضت لإصاباتٍ بالغه، في كتفها وفي معدتها، كانت في وضعٍ سيء عندما وصلت، كانت تعاني من نزيف داخلي حاد، وفقدت الكثير من الدماء، نحن فعلنا كل ما في وسعنا، ولكن حالتها غير مستقره الآن، لقد دخلت في غيبوبه سنحتاج إلى متابعه حالتها بشكل مكثف في وحدة العنايه المركزه، سنبذل كل جهد مُمكن من أجلها، ولكن الوضع حساس، أدعوا لها فقط.. ليتجمد كارتال في مكانه، بينما تقدم صالح، ليقل: ولكن.. ولكن هل ستكون بخير؟ ستستيقظ قريبًا صحيح؟، ليقل الطبيب: لا يمكننا التنبؤ بدقه، قد تكون الغيبوبه مؤقته أو قد تستمر لفترة طويله، يعتمد ذلك على كيفية إستجابة جسمها للعلاج، ليقل كارتال بنبرة غضب: أريد أن أراها، ليقل الطبيب: مستحيل.. وضعها خطير الآن لن أستطيع المخاطره وإدخال أحدًا عندها، لتستقر حالتها قليلاً وعندها سنرى، ولكن يمكنكم رؤيتها من خلف الزجاج حين تخرج وتوضع في العنايه، ليذهب الطبيب تحت أنظارهم المصدومه جميعهم، لتجلس ماڤي على أحد الكراسي وهي تضع يدها على فمها بحزن، ليقل كارتال بنبرة حاده وهو ينظر لرجله: ستخرج جوزيف هذا من تحت الأرض، حتى لو كان بالسجن أسمعت؟، ليقل علي: سيدي ولكن.. ليقاطعه كارتال: لايوجد لكن.. ستجده سأشرب من دمه الليله، ليقل صالح: ليس الان، لينظر كارتال بغضب، ليقل: لماذا تتدخل؟ لعلمك أختي في الداخل بسبب أخيك، أختي تموت في الداخل بسببك، أنت أدعوا أنني لم أقتله للآن، ليتقدم الآخر بغضب وهو يصرخ: لن تلمسه، سأحرقك أن لمست شعرة منه أو من أحد أفراد عائلتي أتفهم؟، ليصرخ الاخر: أن لم أفعل أنا هو سيفعل عاجلاً أم اجلاً، سينهيكم جميعًا، وأنت هنا عاجز عن فعل شيء، أختي ماذنبها أريد أن أفهم؟ ليضرب الجدار خلفه وقد أنهار بشكلٍ سيء، ليلتفت يرفع سبابته بوجهه صالح وهو يردف بصراخ ودموع: أعوامًا من عمري ضاعت بسببك، تسلط عليّ بسببك، أخذني وقيّدني بسببك، أختي في الداخل بين الحياة والموت بسببك، لينقض على صالح، في حين أن الآخر لم يقاوم بل كان ينظر بصدمةٍ وشّك، ليقل: أنت ماذا تقول؟، لتتقدم ماڤي بسرعه، لتقل وهي تفصل بينهم: يكفي! لن يفيد عراككم هذا بشيء، ليقل كارتال بصراخ: أن حدث لها شيء سأقتلكم جميعًا، ليذهب سريعًا نحو مكتب الطبيب، ليلاحقه علي، في حين أقتربت ماڤي من صالح لتضع يدها على كتفه، لتقل: هو غاضب.. ليدفع صالح يديّها بغضب ليذهب، خرج ووقف أمام باب المستشفى لينظر إلى السماء ليحاول التنفس بعمق ولكنه لم يستطع، ليجلس على الدرج أمامه، ليضرب على صدره بقوه، لتُمسك يدًا يده بنفس القوة، والذي لم يكن سوى مراد الذي لحق بصالح، ليّمد بهدوء إليه علبة ماء، ليرفع صالح عينيه بصعوبه نحو مراد، وكأن ثقل العالم بأسره جاثمًا على صدره، أخذ علبة الماء بيدٍ مرتجفه، وشرب منها ببطء، ليحني رأسه نحو الأرض، ويضغط على العلبه حتى تشوهت قليلاً بين أصابعه، ليقل بصوتٍ مبحوح: لا أستطيع التنفس.. لينظر إلى مراد مرةً اخرى، ليقل: أين سيارتي؟ ليقل مراد بهدوء: بقيت في الحفره على ما أعتقد، ليتمتم صالح: الحفره.. ليستقيم بترنح، ليخطوا نزولاً، ليقل مراد: سيدي دعني أحضرها أنا لك.. ليرفع صالح يده بدون أن يلتفت، ليتنهد مراد بأسى..
––––––––––––––––––––
في المساء.. حيث الصمت الذي يلفّ شوارع الحفره، يمشي صالح بخطواتٍ ثابته، لا يرى الوجوه والأعين التي تنظر إليه وليسوا إلا شباب الحفره الذين يتكفلون ويتناوبون لحماية حيّهم، لم يكن في داخله إلا شيئًا واحدًا وهو الوصول إلى سيارته التي تركها على عجل عندما ذهب مع كارتال حين تلقوا خبر الهجوم على القصر، ليذهب ويبحث عن جوزيف ليقتله بيديّه، ليرفع صالح قبعة سترته، وأخفى بها أغلب ملامح وجهه، ليصل أخيرًا لبيت العائله، ليلمح سيارته في نفس مكانها، ليتقدم بخطوات سريعه، ليروه سالم ومحمود، ليذهب محمود بسرعه للمكتب ليخبر جومالي كما أمره، في حين أن صالح تفحص سيارته بسرعه، فهو بالطبع يريد الخروج والذهاب بسرعه، ولكنه وجدها مُقفله ولم يجد المفتاح الذي يتذكر أنه بقي داخل السياره، ليأتيه صوت أخيه الأكبر الذي قال وهو يضع يديه خلف ظهره: أهلاً وسهلاً.. ليلتفت صالح ليقل بسرعه: جئت لأخذ سيارتي، أين المفتاح؟
–"بهدوء" أهكذا؟ تذهب وتعود كما تشاء صالح؟
="بغضب مكتوم" أنا أتيت لأخذ سيارتي ليس لدي وقتًا للحديث، أين المفتاح؟، أخرج جومالي المفتاح من جيبه، ليرفعه أمام أعين صالح وهو يقول: هل هذا من أتى بك إلى هنا؟ هل هذا الشيء المهم الذي تبقى لك بالحفره؟ مجرد مفتاح سياره؟
–"وهو يحاول السيطره على غضبه" لا تجعل الأمر أكبر مما هو عليه، قلت لك جئت لأخذ سيارتي وليس لدي ما أتحدث به معك
="وهو ينظر بغضب" حقًا؟ ماذا يحدث لك أريد أن أفهم؟
–أعطني المفتاح
="وهو يتفحص صالح بأسى وغضب" أنت حقًا أصبحت شخصًا آخر، الشخص الذي كان يقف بجانبنا.. بجانب ياماش أبن أبيه! يدافع عن كل شيء، صالح.. هل حقًا مات؟ حتى فارتولو لا أراه، ماذا أصبحت الآن؟ مجرد ظل لشريكك العزيز كارتال؟
–"وهو يصرخ بغضب" أنا لم أكن يومًا ظلاً لأحد سيد جومالي أنا من حمَل هذه الحفره على كتفي وحماها عندما كنتم غائبين، أنا من بقي هنا عندما كنت أنت مشغولاً بحياتك، واليوم تأتي وتلقي عليّ اللوم؟، تقدم جومالي خطواتٍ من صالح الذي أصبحت يداه ترتجف ولكنه يشّد على قبضتيه، ليقل جومالي وهو يشير بيده غاضبًا: لست أنا من تخلى عن العائله! لست أنا من أختار الإبتعاد! كل شيء تغير منذ أن أصبحت تهتم بنفسك أكثر من إهتمامك بنا وبالحفره، أتوا ياماش واكين وتولغا عندما سمعوا الصراخ، ليستغربوا من نقاش الذين أمامهم، في حين أن صالح أمسك بياقة جومالي وصرخ به بعيونٍ تشتعل غضبًا: أنا؟ أهتم بنفسي؟ هل تعرف ماذا مررت به؟ لا.. لماذا؟ لأنكم لم تحاولوا حتى أن تسألوا.. كنت دائمًا هنا لأجلكم، لكنكم لم تكونوا يومًا هنا لأجلي، حاول جومالي إبعاد يديّ صالح عنه وهو يقول بغضب: نحن كنا هنا لكنك أنت الذي أخترت الهروب كالجبناء، حميت الحفره لسنوات وأصبحت تمنّ علينا بذلك! لعلمك الجميع مُكلّف بحمايتها، جميعنا نحميها، ترك صالح ياقة جومالي فجاءه، وتراجع خطوة إلى الخلف، ليبتسم بإستهزاء، ليقل بألم: أمّن عليكم؟ وجميعكم تحمونها؟ ها.. هذا هو الأمر أليس كذلك؟ لطالما كانت الحفرة لكم، أنا مجرد شخص غريب مجرد أداةٍ أستعملتموها عندما كنتم بحاجة لذلك، ثم رميتموها عندما لم تعد لديكم حاجةً لها، لينظر جومالي بإستغراب ودهشه من كلام الآخر، ليقل ياماش: لم يقل أحد منّا لك ذلك، ليصرخ صالح مؤشرًا بسبّابته لياماش: أنت أخرس! أصمت! لا أريد أن أسمع صوتك أساسًا كل مايحدث بسببك أنت!، ليصرخ ياماش بصدمه: لماذا تصرخ؟ ليقل جومالي: كفي أصمتا!، وأكمل مخاطبًا صالح: وأنت بماذا تهذي؟ لاتجعل الأمور أسوء، أنت تعرف جيدًا أن الحفره عائلة لنا جميعًا، هي أمانة أبـ..
–"قاطعه بقهر" عائلتكم نعم.. لكنني لم أكن جزءًا من تلك العائله لطالما كنتُ دخيلاً، أنت طردتني من هنا قبل سنوات.. وقلت أن مايمنعك من قتلي هو لكي لايربى أبني بدون والده، ليقترب بعدها منه بغضب وعينه أحمرت بقوه، ليقل بهدوء: ولماذا؟ لأنني أنا قاتل أخيك، وهذا سبب الكره الذي أراه في عينيك وفي أعينهم كل يوم، أغمض ياماش عينيه بألم، ليتقدم تولغا بتوتر فقد شعر أن الحديث يجب أن يتوقف، ليُمسكه ياماش مانعًا أياه، اما اكين فكان يقف بجانب البوابة بعيدًا قليلاً يستمع ويشاهد بصمت، بينما وضع جومالي يده على فم صالح محاولةً لجعله يهدئ، فهو على مايبدو لايفكر مليًا فيما يقوله.. لتمتلئ عينيّ الآخر بالدموع، ولكن نظراته لازالت تشتعل غضبًا، لينظر جومالي، وقد تناقضت مشاعره، مابين الصدمه والغضب، المرارة والألم، عليه وعلى أخاه الذي أمامه وقد كانت نظراته كفيله لتوضح مايعانيه بسبب فعلته هذه.. ليقل جومالي بنبرة خافته: يكفي.. أصمت، ليزيح صالح يد جومالي بعنف وهو يبتسم بقهر، ليقل: عندما تقول أنت حلال، ولكن عندما يعترف المجرم بذلك تقول أصمت؟، كل شيء واضح أساسًا، أنا لم ولن أكن يومًا جزءًا من العائله التي تتحدث عنها، والآن أثبتت لك ذلك بما فيه الكفايه، أتركوني وشأني، لاتقتلوني مرارًا وتكرارًا وتلقون اللوم عليّ، أبتعدوا عني، ليمسح وجهه بعنف، ليلتقط مفتاحه الذي سقط من أخيه حين أنقض عليه، وأسرع بخطواته لداخل المنزل، بينما لاحقته أنظار ياماش وتولغا، واكين الذي لحق بعمّه للمنزل، وأما جومالي الذي أتكئ بيديه منحنيًا على السيارة أمامه.. وهو يفكر بماذا يشعر حقًا، هو يكره قاتل أخيه.. ولكنه لايكره صالح أبدًا، بل يكره فارتولو، حقًا لايفهم مايشعر به فهو معلقًا في الوسط، مابين أخيه وقاتل أخيه، مابين صالح وفارتولو، يعلم.. هو يعلم أن أخيه كما يقولون لديه شخصيتين، لم يصدق ذلك بالبدايه ولكنه رأى، رأى الأبوة والعطف والحنان والقلب الطيب لصالح، ورأي أيضًا الشر والقوة والسوء لفارتولو، ولكنه يعجز، يعجز عن فهم نفسه وعن فهم أخيه بالذات.. ليلتفت لهم لاحقًا، ليقل: أين ذهب؟ ليجيبه ياماش بهدوء: للمنزل على الأرجح سيرى إدريس قبل أن يذهب، ليقل جومالي وهو يمسح وجهه: جيد، هو بحاجة لذلك أساسًا، لاتتحدثوا معه أتركوه يرى أبنه ويذهب، من الآن وصاعدًا من يتحدث معه أخنقه بيديّ أسمعتم؟ وأخبروا الجميع بذلك، ليذهب، لتتسع أعين ياماش صدمةً، بينما إبتسم تولغا بإستهتزاء، وكأنه لا يأمل من أخوة صالح شيئًا.. ليذهب تولغا خارجًا من المنزل كله، بينما في الجهة الآخرى، وقف صالح أمام باب المنزل، مسح وجهه وأرجع شعره المتساقط على وجهه للخلف، ولم يكن يرفع يده ليطرق الباب، إلا وفُتح، لتظهر كاراجا التي تبتسم بهدوء، لتقل: أهلاً ياعمي.. إستغرب من فتحها للباب وكأنها تنتظره، وبالفعل هي كذلك فقد سمعت من شباك غرفتها صراخ أعمامها بالخارج، وسمعت صوت عمها صالح لتراه يتجه نحو المنزل فأسرعت للأسفل، لتهتف كاراجا عندما رأته شاردًا: عمي؟ هل أنت بخير؟، لينظر إليها ويبتسم بالقوة، ليوجّه نظره خلفها للمنزل قائلاً بصوتٍ مبحوح: إدريس؟
–لم يخرج من غرفتك منذ ذهابك صباح اليوم، ليتنهد بعمق، ليتقدم وهو ينظر لكل شبرٍ في المنزل أمامه، وأسرع بخطواته للأعلى، تحت أنظار كاراجا الحزينه، ليدخل اكين وهو يخلع حذاءه، لينظر لكاراجا، ليقل ببرود: لاتنظري هكذا ياورد عمكِ السوداء، لقد أختار عمكِ طريقه منذ وقتٍ طويل ولكن لا أحد يفهم، لتنظر كاراجا ببرود، ودخلت إلى الصالون بدون أي إجابه، وصل صالح لغرفته بخطواتٍ ثقيله.. ليقف أمام الباب بتردد، تراجع لاحقًا للخلف والتفت ليذهب، ولكنه توقف بمنتصف الممر، ليشّد على قبضتيه، ليلتفت اخيرًا عائدًا للغرفه وقد حسم قراره، ليفتح بابها بهدوء، ليتقدم ويغلقه خلفه، الغرفه كما هي.. منذ رحيله، مثل ماتركها تمامًا، تقدم أكثر ليرى أبنه نائمًا بمنتصف السرير بشكلٍ مبعثر وعكسي، لتهرب منه ضحكة خفيفه حين رأى شكل أبنه، لتسقط دمعة أسرع بمسحها، لينقل أنظاره في أرجاء الغرفه، فعلاً هي كما تركها.. فعلبة أدويته القديمه لازالت على الرف العلوي، أحدى ستراته على الكرسي الذي في الزوايه، صوره هو وسعادات وأبنه على الأدراج بجانب السرير وعلى الرفوف أيضًا، ليتنهد واضعًا يده على فمه عندما لمح صورتهم العائليه في يوم ختان أبنه، ليتحاشى النظر إليها، ليذهب للسرير ويجلس متكئًا على يده لكي يقترب من أبنه، لينظر إليه بحنان عميق، مد يده ليمسح شعره المُبعثر على الوساده، وهو يتنفس ببطء وكأنه يحاول أن يستجمع قواه، ليتمتم بصوتٍ خافت: إدريس.. بني، ولكن الصغير لم يتحرك، فقد كان غارقًا في نومٍ عميق، إبتسم صالح بحزن، ليقل وكأنه يتحدث إلى نفسه أكثر من إبنه: أنا اسف.. اسف على كل شيء، أعدك بأنك ستفهم يومًا أنني أفعل كل هذا لأجلك، لأجل ألا تُصاب بأذى.. وليس فقط أنت بل أنتم جميعكم.. لتلمع عيناه بالدموع، ولكنه سرعان ما مسحها بسرعه قبل أن تتساقط، لينحني أكثر مُقبلاً جبين أبنه بحب وألم في ذات الوقت.. ليجد نفسه يستلقي بجانب أبنه، وسرعان ما تساقطت الدموع التي منع ظهورها، وكأنها تجد طريقها دون إذنه، لينهار باكيًا بصمت، يشعر بأن روحه محطمه، لكن وجود أبنه بجانبه الآن، أعطاه لحظات من السكون، وإن كانت مشوبة بالحزن، ليهمس بصوتٍ مكسور: كل مايحصل بسببي، كل من يقترب مني يتأذى، لهذا أنا بعيدًا، أنا اسف بني.. أنا اسف لكل ما جعلتك تمّر به..، كان يتمنى لو أن إدريس يستطيع سماعه، أو أن يفهم حجم المعاناة التي يعانيها من أجله، بل من أجلهم جميعًا، لكنه يعلم أنه ما زال صغيرًا على إستيعاب كل هذا، ليمد يده مرةً أخرى ماسحًا على شعره، ليشعر بهدوءٍ وسكينه، وكأن وجود أبنه في هذه الحياة هو الشيء الوحيد الذي يبقيه متماسكًا.. بقي مستلقيًا بجانب أبنه، يحاول أن يجد بعض الراحه وسط كل هذا الألم، ومع كل دمعة تتساقط من عينيه، كان قلبه يزداد ثقلًا، لكنه في نفس الوقت كان يشعر ببعض الراحه، وكأن بكاءه الصامت قد حرره قليلاً من الألم الذي يحمله بداخله، وبعد لحظات.. أخذ التعب منه مأخذًا، أغمض عينيه ببطىء، ليغفوا بهدوء رغم الألم الذي لا زال يعصف بداخله، نوم هذه المرةِ بدون دواء.. بدون منوم..
––––––––––––––––––––
حيث ماڤي.. التي تجلس في سيارتها وهاتفها في يدها، لتضعه على أذنها تنتظر إجابة من تتصل به، جاء الصوت من الطرف الآخر بهدوءٍ ممزوج بالبرود، قائلاً: هل ماتت؟
–لا، دخلت في غيبوبه والجميع في حالة فوضى، دعنا ننهي الأمر ونتخلص منها
=حسنًا، سأتكفل بذلك، هل تحدثتِ مع أيٍّ منهم؟
–لا، كارتال غاضب بشدة، وفارتولو أيضًا، لقد أختفى ولا أعلم إلى أين ذهب
=هي لم تخبرهم بأنها كشفت شيئًا عنكِ، صحيح؟
–لا، لم تتمكن من ذلك، وقت الهجوم كان مثاليًا
=هل هم مقتنعون بأن جوزيف هو من نفذ الهجوم على الجميع؟
–نعم.. أعتقد ذلك، أنا سأكون متواجده أساسًا وسأخبركم بكل جديد
=جيد.. غدًا سنتخلص منها، فخطة الكبير لن تفشل أبدًا
–نأمل ذلك يا كنان، أبلغ الكبير بكل التفاصيل، إلى اللقاء، لتغلق الهاتف وهي تهمس لنفسها بصوت خافت: لم أتوقع أنكِ ذكيةً لهذه الدرجة يا ليلى، لتكتشفي أن صداقتي معكِ كانت مجرد وسيله للإيقاع بأخيكِ.. لكن هذا متوقع منك، فأنتِ لم تصبحي صحفيةً عبثًا، إبتسمت إبتسامة بارده، وألقت الهاتف على المقعد بجانبها وهي تتنهد..
––––––––––––––––––––
بعد ساعه.. دخل ياماش للمنزل لتستقبله إيفسون التي كانت تنتظره، ليبتسم وهو يعانقها، وسألها فورًا عن إبنته، لتجيب: في الأعلى، لقد نامت هي وآسيا منذ وقتٍ طويل
–إدريس؟
=نائمًا في غرفة والده.. أنه حزين لم يخرج منها منذ ذهاب صالح صباحًا، ليتنهد ياماش بحزن، ليقل: ألم تتكلم أمي معه؟
=بخصوص ماذا؟
–تمام، لاتهتمي.. سأذهب لأرى إدريس والأطفال وسآتي، وقبل أن يصعد السلالم، هتفت كاراجا: عمي هنا.. ليلتفت ياماش قائلاً: هل عاد عمك جومالي؟، لتنفي وهي تقول ببرود: عمي صالح، لينظر ياماش بتوتر، ليقل: هنا منذ ساعه؟ لتنظران إليه بإستغراب، ليركض هو للأعلى بدون تردد، ركضت كاراجا ورائه وقد خافت عندما رأته ركض بهذه الطريقه، ولحقتهم إيفسون، ليفتح باب الغرفه بعنف قليلاً، ليتقدم ينظر نحو السرير، ليرى أخيه نائمًا، ويده على رأس أبنه، ليتقدم بهدوء وهو يرتعد خوفًا، ليمد يده عندما إقترب ناويًا الإحساس بنبضه، ليرى صدر أخيه يرتفع وينخفض بهدوء، ليتراجع وهو يتنهد بخوف، ليخرج قبل دخول كاراجا ، ليقل: لايوجد شيء، نائم أتركوه، لتدخل كاراجا لغرفتها بشكلٍ غريب، بينما أمسكت إيفسون بيد ياماش لتقل: أنت بخير؟
–بخير.. قلقت فقط
=يبدو أنك بحاجة لبعض الراحه ياماش، فأنت لم ترتاح جيدًا منذ أيام، تعال لتنام..
–"وهو يبتسم بهدوء" لا يمكنني
=ياماش.. أرح عقلك قليلاً
–أعلم إيفسون، لكن الأمور لا تتوقف عن الدوران في رأسي
=أعلم أن هناك الكثير من الأمور تشغل بالك، لكنك لن تستطيع حل كل شيء الآن، احيانًا تحتاج إلى أن تهدأ حتى تتمكن من رؤية الأمور بوضوح، ليبتسم وهو ينظر بإرهاق، ليقل: سأرى ماسال، وسأذهب لدي عمل، ليلتفت ينظر لغرفة صالح، لتقترب إيفسون بهدوء، عندما لاحظت نظراته، لتقل بلطف: ياماش، لا تقلق كثيرًا بشأنه، هو أقوى مما تعتقد، ومرَّ بالكثير من قبل، ربما يحتاج إلى بعض الوقت ليجد طريقه، لكنه لن يضيع..
–"بنبرةٍ مكسوره" لقد تغير كثيرًا يا إيفسون.. قلقت عليه لأنه بالأمس تعب في المركز، وأعطوه دواءً وماشابه، اوف أنا مشوش، حقًا لا أعرف الصواب لكي أفعله
=الأمور ستُحل.. لاتقلق فقط التفت للأهم الآن، ليومئ بهدوء، بينما بعد دقائق بالأسفل بعد خروج ياماش دخل جومالي للمنزل، أنزل قبعته وسترته الطويله، وخلع حذاءه بصمت، كان الإرهاق واضحًا في كل خطوة يخطوها، أتجه نحو المطبخ بخطواتٍ ثقيله ليشرب الماء، وجد سلطان، لتسأله بحزم: أين كنت؟
–"وهو يتنهد ويضع الكوب على الطاوله" في الخارج كنت بحاجة لبعض الهواء، وأساسًا الشرطه تراقب منذ هجوم اليوم، أين داملا؟
=هل ستنتظرك المرأه لهذا الوقت؟ بالطبع ستنام، ليخطو بخطواته خارجًا وهو يقول: تصبحين على خير يا أمي، لتقل قبل أن يذهب: صالح نائمًا بالأعلى، ليلتفت بإستغراب، ليقل: هل أنتِ متأكده؟ الم يذهب؟، لتقل: لا، أخبرني لماذا تعالت أصواتكم؟ ماذا حدث مجددًا؟
–لاشيء، حالة صالح المعتاده مؤخرًا، أصبحت لا أستطيع فهمه ولا معرفته.. الأمور أصبحت معقده، ونحن جميعًا في فوضى
=هناك حلول للمشاكل جميعها، وكل ما نحتاجه هو الصبر
–هو هكذا.. بدأنا نحاول إرجاع الأمور مثل ماكانت، إن شاءالله يحصل ونرتاح جميعًا
=والذي هاجمنا اليوم ماذا ستفعلون بشأنه؟
–سنجده.. وسنكون مستعدين في ذات الوقت، وأنتم كذلك يا أمي حسنًا؟
="لتبتسم بهدوء" قلت لك أهتم بالحفره، وأترك ياماش يهتم بأخيه، ولكنه معك الآن..
–لن يتدخل بعد الآن، ولن يتدخل أحدًا
="لتنظر بتساؤل" ماذا يعني هذا؟ كيف لن يتدخل أحدًا؟
–لأنني أنا من سيتدخل وسيحل هذا الموضوع، فعلى الأغلب هناك أشياءً لانراها ولانعرفها، لتقل سلطان: ما أريده هو أن لا نفقد أحدًا، ليقبل جومالي رأس والدته بهدوء، ليلتفت ليذهب للأعلى، لتتحرك من كانت تراقبهم بخفه خلف الجدار، لتذهب بسرعه لغرفتها، دخلت كاراجا وأغلقت الباب، لتتمتم: متى سنتحرك يا تولغا متى؟ فهي قد سمعت حديث عمها وجدتها، وتوترت من فكرة أن عمها جومالي قد يتحرك قبلها هي وتولغا، فهي تعلم جيدًا بحقيقة الأمور، لكن عمها جومالي لا يعلم، وهذا قد يعقد الأمور أكثر بدلاً من حلها، إستلقت كاراجا على سريرها، وراحت تتأمل في السقف، مشوشةً وغارقةً في أفكارها..، في حين أن جومالي، فتح باب الغرفة بهدوء، تقدم أيضًا بهدوء، ليرى أخيه نائمًا بجانب أبنه، لينظر بأسى، ليتقدم ويجلس بهدوء، على طرف السرير، ليمسح على ظهر إدريس بخفه، ليتمتم: والدك ينام بجانبك ولكنه بعيدًا عنك، ولكن سأحله لاتقلق، ليضحك بخفه ليتبع: أصبحت مثل عمك ياماش، أحله ولا أعرف ماذا.. لينظر لصالح الذي ينام وهو عاقدًا حاجبيه، ليتنهد جومالي وقد تذكر سعادات، ولايعرف لماذا، ليمد يده بهدوء وتردد، ليضعها على كتف صالح، وسرعان ما فّز الآخر بخوف، وجلس بسرعه، ليقل جومالي بسرعه: أهدئ! أنه أنا، ليتفحص صالح الغرفة بأعين متسعه، لينظر لاحقًا لجومالي الذي يبادله بإستغراب، ليقل: هل أنت بخير؟، لينهض صالح وهو يُمسك رأسه ليسقط هاتفه، ليسرع بإلتقاطه وبخطواته للخارج، ليتنهد جومالي بعمق وهو ينظر لإدريس الذي بدى بالتحرك، ليتقدم نحوه ماسحًا على ظهره لكي يعود لنومه، بينما صالح الذي خرج بسرعه، إتجه لسيارته ليصعد ويغلق الباب، ليفتح الدرج الذي بجانبه، ليُخرج دوائه، ويتناول حبة بدون ماء، ليلتفت ينظر لمنزل العائله، ليغمض عينيه بأسى، شغل سيارته ليذهب وهو بالكاد يفتح عيناه من ألم رأسه..
––––––––––––––––––––
في المستشفى..
عند كارتال الذي يقف أمام الزجاج للعناية المركزه، عينيه معلقتان على جسد أخته الذي يبدو ساكنًا بلا حياه، الأجهزه تحيط بها، تزعج بأصواتها، لكنه لا يسمع شيئًا، فالصمت يملأ قلبه، وكأن كل شيء في العالم توقف إلا الألم الذي يجتاحه، يحدق فيها وكأنه ينتظر منها حركه، إشاره، أي شيء يدل على أنها لن تذهب، لكن جسدها الذي يراه أمامه لا يستجيب، كانت دائمًا قويةً في عينيه، لكنه الآن يشعر بالعجز أمامها، عاجز عن إنقاذها، عاجز عن حمايتها، ضغط كف يده على الزجاج بشده، وكأنه يحاول كسر الحاجز بينهما، عيناه مشتعلتان بالغضب، وبالحزن، ليقل بصوت مرتعش ومليء بالألم: أين كنت عندما إحتجتِني؟ كيف سمحتُ لهم بأن يصلوا إليك؟ ويأذوكِ.. كان يجب أن أكون هنا، كان يجب أن أمنع هذا.. ولكنهم جعلوكِ تدفعين الثمن.. أرجوكِ لاتذهبي، أرجوكِ ليلى.. ليكمل وقد تحولت نبرته للغضب: سأجعلهم يدفعون الثمن كل واحد منهم.. لن ينجو أحد بما فعله، ليمسح وجهه، ويذهب بغضب..
––––––––––––––––––––
عند كاراجا.. قاطع تفكيرها صوتًا من شباك غرفتها، لتنهض بدهشه، ذهبت ببطىء وفتحت الشباك، لترى جيلاسون أسفلاً وبيده أحجارًا كان يرميها على شباكها ليجذب إنتباهها، لتنظر إليه بإستغراب، ليؤشر لها لمكانٍ وراء المنزل، لتتنهد وتذهب لتفتح باب غرفتها، لترى باب غرفة عمها مفتوحًا، لتدخل ببطىء لتلمح عمها جومالي يمسح على ظهر إدريس، لتبتعد للخلف بهدوء وقد علمت أنها عمها صالح غادر، لتتنهد بحزن ونزلت بسرعه لكي لايراها أحدًا، لتأخذ سترتها وتخرج ذاهبةً لجيلاسون الذي ينتظر في الهواء البارد، لتتقدم وعيناها لاتفارقان جيلاسون الذي يُعطيها ظهره، لتقل: ماذا تريد جيلاسون؟، ليلتفت بهدوء لينظر وقد تضاربت مشاعره، ليقل: كيف حالك؟
–بخير.. وأنت؟
=بخير
–"نظرت مستغربه" ايي لماذا ناديتني؟
=اليوم صباحًا، خرجتِ بسلاحكِ، لازلتِ تخفين ألمك بالبحث عن القوه اليس كذلك؟
–"بإستغراب" ماذا؟ أنت بماذا تهذي؟
=كاراجا.. أنتِ وأنا جميعنا مررنا بعلاقاتٍ نعاني منها ليومنا هذا، لم نتعافى بعد ولم نحاول حتى..
–"بشك" جيلاسون؟ بماذا تتحدث؟ هل شربت أو تعاطيت شيئًا؟
="وهو يقترب بغضب، يريد إيضاح جديّته بالحديث" أتعاطى؟ فقط لأنني أتكلم بما في داخلي أصبحت أهذي؟
–حسنًا، هل توضح سبب مناداتك إليّ هنا؟
=لنعطي أنفسنا فرصه.. ربما نحتاج إلى بدايةٍ جديده، لنتعافى وننسى الماضي ونواجه مشاكلنا معًا، أريد أن نبدأ كلينّا من جديد، نظرت كاراجا بقلق، لتقل بعد ثوانٍ: جيلاسون، لا أعتقد أنني قادره على التعايش مع هذا الآن، لا أستطيع أن أبدأ من جديد.. خصوصًا في ظل هذه الفوضى
–" ببرود" بسبب الفوضى، أم لأنه معي أنا؟
=ماذا تقصد؟
–تولغا..
="بدهشه" ماذا؟
–"ببرود" رأيتكِ مؤخرًا معه، أعتقد أن هناك شيئًا بينكما، هل هو السبب في ترددك؟
="بغضب" لا أنت حقًا بدأت تهذي.. لتلتفت لتذهب، ولكن جيلاسون أمسك بيدها بسرعه، ليقل: سيبدأ أو سينتهي هنا كاراجا
–"لتنفجر بغضب" من أنت جيلاسون؟ هل بالإجبار ستجعلني أحبك وأجعلك تتعافى بما مررتَ به؟
="بألم" أنا لا أطلب منكِ أن تحبينني ولكن كوني صادقه معي..
–"وهي تنظر بغضب" سينتهي هنا جيلاسون، سينتهي! ساعد أعمامي وأشغل نفسك ستتعافى، أبحث عن القوة مثلاً.. لتعطيه ظهرها بعد كلمتها هذه وتذهب للمنزل وقد إنهمرت دموعها بشدّة، بينما جلس جيلاسون بمكانه، خاليًا من المشاعر ولكنه يتألم، كان المغزى من حديثه فقط لكي يتأكد بأنها تحب تولغا وقد تأكد، فرفضها.. وغضبها عندما أتت سيرته، كان دليلاً واضحًا.. لينهض لاحقًا ويذهب هو الآخر..
––––––––––––––––––––
في منتصف الليل.. وعلى أحد الطرقات المهجوره، يقف ياماش متكئًا على مقدمة سيارته، وهو ينظر للشاحنتين التي تتجه نحوه، ليقف الجميع مُتأهبًا، ليتقدم اكين، ليقل: كل شيء على مايرام ياعمي، ومتين يتنظرنا بالحفره.. ليقل ياماش، جميل، لينزل الطرف الآخر وهو يقول: ياماش كوشوفالي اليس كذلك؟ ليتقدم ياماش مُبتسمًا، ليقل: نعم سيد نجاتي، شكرًا لأنك ستخدمنا بهذه البضاعه
–لاتقل هذا أيها الشاب، والدك ساعدنا وخدمنا كثيرًا، لم نستطع أن نوفيه حقه، فلنوفيه لأولاده..
=أنت تُكرمنا بكلماتك يا سيد نجاتي، ووالدي كان دائمًا يفتخر بصداقات مثل صداقتك
–"وهو يبتسم بحزن" رحمه الله.. "وأكمل وهو يُشير إلى الشاحنات خلفه" هذا أتفاقنا مع أخيك جومالي، أبلغه بسلامي، وأيضًا هذه الأسلحة ستعيد الحفره إلى قوتها إن شاءالله
=بالتأكيد.. سلمت..
–لاداعي لهذا الكلام ياولد.. ليتجهوا إثنين من شباب الحفره الذين أتوا مع ياماش لكي يتفقدوا الشاحنات ويستلمونها، ولم يكاد يصلوا إلا وإنفجرت أحدى الشاحنات بشكلٍ قوي، ليتراجع الجميع بسرعه، ليصرخ ياماش وهو يتفادى الحِطام المتطاير: ماذا يحدث ياهذا!، وسرعان ما تلى الإنفجار إنفجارًا آخر من الشاحنة الأخرى، وفي تلك اللحظه، فوق التلال المُطله على المكان، يقف وهو يضع يديه خلف ظهره، وفي أحداها جهازًا صغيرًا يبدو أنه المسؤول عن الإنفجار، ليبتسم ببرود ويقل بهدوء ولكنه يحمل في نبرتةٍ الغضب: ياماش كوشوفالي.. لا توجد صفقات في هذه الليله نعتذر.. لايوجد سوى هذه النيران والخراب الذي تراه..
إلى اللقاء في البارت القادم..

لا يوجد سوى الألم..حيث تعيش القصص. اكتشف الآن