كيف حالك يا أبي؟..
ذهبت تلك المرأة الغامضه وأختفت في غمضةِ عين، تنهد صالح بقلةٍ حيله، وأستلقى مكانه وأتكئ على الجدار خلفه للحظات سامحًا لنفسه بالتنفس بعمق لكي يستعيد شيئًا من قوته التي أستُنزفت، حطت أنظاره على صاحب الورشه الذي تخترق رأسه سكين تلك المرأه، ليهمس لنفسه "قتلت من جئت لأجله، حمقاء" ظّل صالح ينظر حوله لثوانٍ، ليُقرر أن يذهب للورشه لعّله يجد شيئًا هناك، فهو لن يذهب خالِ الوفاض، تقدم لصاحب الورشه وأخذ يبحث في جيوبه عن مفتاحها، ليجده، ليقل "على الأقل هناك إحتمالاً بأنني لم آتِ إلى هنا عبثًا" لينظر إلى السكينه التي لاتزال مغروسة في رأس من أمامه، تأملها لثوانٍ، كانت سكينه قتال كلاسيكيه سوداء، ولكنها تحمل على جانبيها، حرفان "A" باللون الذهبي، مدّ يده وأخرج السكين بقوه، مسحها على سترته ليتخلص من الدماء التي عليها، أمعن النظر في السكين للحظه، ثم تنهد بغضب ووضعها في جيب سترته، أستقام وخرج من الزقاق التي إمتلئت رائحته بالدماء، خرج يمشي بترنح من ألم صدره ودوران رأسه، مسّح وجهه بعنف بأكمام سترته من دماء الرجل التي تناثرت عليه قبل قليل، وحينها شعر بألم جرح خده، ليشتم في داخله حالته وقلةِ حيلته هذه، تقدم للورشه وهو يُخرج المفتاح من جيبه، نظر إلى المفتاح في يده وإلى باب الورشه أمامه، التفت برأسه سريعًا ليلمح سيارته بعيدًا متأكدًا أنها في مكانها، أخرج سلاحه ثم أدخل المفتاح في الباب وفتح الورشه، دخل بخطواتٍ بطيئه ولم يرى إلا ظلامًا ورائحة الحديد وزيت السيارات تملئ المكان، مدّ يده بجانب الباب نحو زر الإضاءه، ضغطه لتشتعل الأنوار، وسرعان ماتحولت نظراته إلى صدمه، شّد على سلاحه وهو يتلفت يمينًا ويسارًا، متوقعًا بأن يكون هناك من يُراقبه
––––––––––––––––––––
منزل صالح..
فتحت عينيها للمرةِ الثانيه، ولكن هذه المره كانت أفضل من سابقتها، إستدارت بخفه وهي تُناقل نظرها في الغرفه، أستغربت المكان من حولها، فهي لا تتذكر ماحدث آخر مره، رفعت يدها تتلمسّ رأسها تحاول أن تتذكر سبب وجودها هنا، وحين حركت يدها الأخرى، شعرت بألمٍ فضيع في كتفها، وكأن شيئًا ثقيلًا قد سقط عليه، حاولت أن تتحامل على نفسها وأن تعتدل جالسةً، ولكن جسدها بأكمله كان يؤلمها، وكأن كل عضلةٍ فيه تتمزق إربًا، تأوهت بشكلٍ خفيف من الألم، أرخت نفسها وتنهدت بعمق، تشعر بتعب وكأنها باتت قرونًا نائمه، نقلت أنظارها مرةً أخرى نحو الغرفة تتأملها، غرفة كبيره بعض الشيء، تحوي بابين في الجهتين، لايوجد بها أثاث، فقط سريرها التي تستلقي عليه الآن، وطاولة صغيره بجانب السرير وكرسي في الزاويه وأجهزةً خاصه بالمستشفى، حين إستيعابها لوجود هذه الأجهزه، تناهى لذاكرتها فورًا صرختها وسقوطها أمام باب الشرفه، وبالحراره التي إعتلت معدتها وكتفها آنذاك، وسرعان مانظرت بهلع ناحية باب الغرفه، لحظة دخول الممرضه التي أتسعت عينيها دهشةً، تقدمت بسرعه وهي تهتف: سيده ليلى!، أخذت تتفحص الأجهزه فورًا بينما الأخرى تنظر إليها بتوتر، لتهتف ليلى بصوتِ مبحوح وبصعوبه: أيـ.. أين أنا؟ ماذا.. حدث؟، أجابت الممرضه بهدوء عندما رأت هلع الأخرى التي تنظر إليها بقلق وخوف: أهدئي، أنتِ في منزل السيد صالح، لقد أصبتِ ولكنها عدت بسلام، لاتقلقي، أبتسمت الممرضه وهي تستمر بفحص الأجهزه المتصله بجسد ليلى، ثم أردفت: أنتِ في أيدٍ أمينه، كل شيء على ما يرام، أخبريني كيف تشعرين الآن؟، حاولت ليلى أن تعتدل وتجلس ولكنها تراجعت من الألم، لتقل بإرتباك: لا أعرف أنا اتألم، كيف.. كيف وصلت إلى هنا؟، لم ترد الممرضه للحظات، ثم أجابتها بنفس الهدوء: الألم متوقع لاشيء يدعوا للقلق، لقد جلبكِ السيد صالح إلى هنا من أجل حمايتكِ، لتهمس ليلى لنفسها بهدوء: صالح!، وكأنها للتو أستوعبت حديث الممرضه، لتردف: أين هو؟، أجابتها الأخرى وهي تُبعد عنها جهاز رصد نبضات القلب: مشغول قليلاً فقط لاتقلقي، كان ينتظر إستيقاظك بشّده، لتنظر ليلى بإستغراب، لتقل: لماذا؟ كم نمت؟
=أنتِ أتركي التفكير في أي شيء، فقط أستريحي الآن، وسأتصل بالطبيب لكي يأتي في أقرب وقت ممكن
–"بإصرار" كم نمت؟
=أسبوعًا وثلاثة أيام..
–"بدهشه، وبصوتٍ خافت" ماذا؟
=أجل، لقد كنتِ في غيبوبه بسبب الإصابات التي تعرضتِ لها، لكنكِ الآن بخير، وحالتكِ مستقره، تمتمت ليلى بصوتٍ خافت وهي تنظر شاردة أمامها تحاول الإستيعاب: أسبوع وثلاثة أيام!، فُتح الباب في لحظتها بهدوء: لتلتفت الممرضه لمراد الذي كان يحمل بعض الأدويه للحقن قد أتى بها من المستشفى، ليقل مُخاطبًا الممرضه بدون أن ينتبه لليلى: أعذريني لو لم تذكرينني لنسيتُها في السيارة حتى الصباح، أبتسمت الممرضه وأزاحت قليلاً ليرى مراد ليلى التي تنظر إليه، ليقل: أختي.. أستيقظتِ!، أبتسمت ليلى وقد أرتاحت عندما رأت مراد فهي تأكدت أنها في أيدِ أخيها وصالح بالفعل، ليقترب مراد وهو يضع كيس الأدويه على الطاوله، ليقل: كيف حالكِ يا أختي؟، أجابت بصعوبه وهي تتنفس بعمق: بخير على الأغلب.. أين أخي؟، أنقلب وجه مراد لوهله عندما أتت سيرة كارتال، ولكنه تمالك نفسه بسرعه لكي لايتضح لها شيء، ليقل: لديه بعض الأشغال يا أختي، المهم أنكِ الآن بخير، جميعنا خفنا عليكِ حقًا، لتقل ليلى بخفوت: مراد.. هل أخي حقًا بخير؟، تجمدت ملامح مراد، فهو توتر من إصرارها وكأنها تشعر بأن شيئًا حدث، ليقل بهدوء: والله بخير يا أختي، هو مشغول فقط، وهذا المنزل لأخي صالح، لتقل الممرضه: حسنًا يكفي.. لندعها ترتاح قليلاً، فهي للتو إستفاقت، أومى مراد بهدوء وخرج، بينما تقدمت الممرضه وساعدت ليلى لتعتدل في وضعيةٍ مريحه، لتقل لها بإبتسامه: أرتاحي.. إستدارت ليلى للجهة الأخرى وهي تنظر للنافذه، لتخرج الممرضه خلف مراد
––––––––––––––––––––
عودةً لصالح الذي يقف في الورشه التي أصبحت وكأنها إعصارًا داهمها وقلبها رأسًا على عقب، تقدم ببطىء للجثه المُلقاه أمامه، عيناه تحوف المكان بأكمله تحسبًا لأي شيء قد يحدث، جلس على ركبتيه بالقرب من الجثه ينظر للكتابة التي بجانبها، الكتابه التي كُُتبت بالدم، بدم الجثة نفسها، تمعّن فيها وهو يضغط على فكيَه بغضب، كان المكتوب أمامه واضحًا، يوضح أن ما خاضه قبل قليل لم يكُن إلا مجرد لعبه، وأن صاحب الورشه الحقيقي هو الميت الذي أمامه الآن، أستقام وركل طاولة أمامه بغضب، وأعاد نظره حيث الكتابه "لن تصل" "Ulaşamayacaksın" خرج من الورشة غاضبًا، صعد لسيارته، ونظر لوجهه في مرآة السياره، ليجد جرحه عميقًا بعض الشيء وعاد ينزف قليلاً، ليهمس لنفسه "هي محقه و***، يحتاج إلى غرز" أخرج منديله ووضعه على خده، وأسند رأسه للأمام على مقود السياره وهو يتنهد بتعب، لاحقًا ركن سيارته أمام منزله، دخل بهدوء، فهو لايريد لأحدٍ أن يراه بملابسه التي تلطخّت بالدماء وجرحه الذي لازال ينزف بخفه، فلم يجد أمامه إلا غرفة ليلى التي كانت بعيدةً قليلاً عن الصالون، ولو أنه من الخطأ أن يدخل إليها بحالته هذه وبدون تعقيم ولكنه كان مُضطرًا، فدخل بهدوء، نظر إليها وجدها نائمة ووجهُها موجّه نحو الجهة الأخرى، فلم يراه جيدًا، لم يقترب بل أتجه فورًا للباب الآخر والذي لم يكن سوى بابًا يؤدي لغرفةٍ أخرى صغيره تحوي دورة مياه، دخل إليها ونزع سترته، ترك قميصه عليه مع أنه تلطخ أيضًا ولكن بشكلٍ خفيف، غسل وجهه ويديّه، ونظر في المرآة لوهله، ليرى جرحه الآن بوضوح أكثر، ليقل بغضب "اللعنه، هناك الفُ مكانٍ في جسدي ولم يجد إلا وجهي!" وإلتقط منديلاً يضغط به على خده، خرج وعاد لغرفة ليلى، وقبل أن يخرج سمع صوتًا مبحوح من خلفه يهتف بهدوء: مابه وجهك؟، توقف وتجمّد في مكانه، أغمض عينيه بقوه، والتفت ببطء وهو يأمُل أن ماسِمعه حقيقيًا وليس من تأليف عقله أو أحد هلوساته التي كانت تراوده، ليجدها تنظر إليه بهدوء، تقدم ببطء وإبتسامه هادئه تظهر على وجهه المتعب، ليقل: هل..؟ هل أستيقظتِ؟، لتومئ بهدوء وبخفه، بينما توقف هو بعيدًا عنها قليلاً، نظرت بإستغراب إليه ولملامحه المتعبه وياقة قميصه التي تلطخت بالقليل من الدماء، ليسألها هو بعد أن تنهد بعمق وكأنه تخلّص للتو من حملٍ ثقيلٍ أثقل كاهله: هل أنتِ بخير؟ متى أستيقظتِ؟، دخلت الممرضه في هذه الأثناء، نظرت بإستغراب لصالح الذي قال يُخاطبها وهو يُشير إلى ليلى: متى حصل؟ هل حقًا أستيقظت؟، لتقل ليلى: صالح.. التفت إليها، ليقل وهو يمسح وجهه بتعب: أعتذر.. أنا ظننت أنني أتوهم، ليبتسم وهو يردف: أيتها الصحفيه؟ كنت أعرف أنكِ عنيده ولن تذهبي بسهوله، تقدم بحذر، لتمنعه الممرضه التي قالت: سيد صالح ما حالتك هذه؟ هل أنت مصاب؟، نظر إليها لوهله، وأعاد بنظره إلى ليلى التي تنظر بإستغراب، ليُجيب وهو يحاول تدارك الموقف: لايوجد شيء.. أنه مجرد خدش، ولكن المُمرضه لم تقتنع بكلامه، فأقتربت بخطواتٍ ثابته وعيناها لم تفارقان قميص صالح الملطخ بالدماء، لتقل: يبدو أنه ليس مجرد خدش، دعني أرى، ليبتعد قليلاً وهو يقول: لاداعٍ للقلق "وأكمل وهو يُشير إلى السرير حيث ليلى" المهم الآن هيّ، لتهتف الممرضه بنبرة صارمه: لقد فحصتُها، حالتها مستقره، أنت من يبدو الآن أن وضعه سيء، دعني أفحصك، تنهد بإنزعاج، ولم يستطع التراجع فالممرضه أمسكت يده وسحبته ناحية الكرسي، أمعنّت النظر في الجرح لتقل: يحتاج إلى خياطه أنتظرني لأجلب الأدوات اللازمه، خرجت الممرضه بينما هتفت ليلى بخفوت: ماذا حدث؟ ماسبب هذا الدم؟، ليقل محاولاً إخفاء التوتر في صوته: حقًا لايوجد شيء، دعكِ مني وأخبريني كيف تشعرين؟ هل هناك أي ألم؟، نظرت ليلى إليه بعينين قلقتين، لتقل بهدوء: بخير.. ليقل وهو يسند يديّه على ركبتيه ويتنهد بعمق: حقًا أخفتنا جميعنا بلا إستثناء
–"بخفوت" ولكنني لا أتذكر أي شيء.. مجرد..
="يُقاطعها" لايهم وليس وقته يا ليلى.. المهم هو أنكِ بخير الآن، وسنتحدث لاحقًا، عادت الممرضه مع الأدوات الطبيه، لتتقدم ناحية صالح وهي تقول: لن يأخذ الأمر وقتًا طويلاً، فقط أسترخِ ودعني أعقم وأخُيط الجرح لكي لا يتفاقم، بدأت الممرضه بتعقيم الجرح، وأخذت نفسًا عميقًا وبدأت عملها في خياطته، ومع أن الألم ليس قويًا ولكنه كان كافيًا لجعله يشعر بعدم الراحه، ولم يستطع أن يمنع نفسه من التّنهّد بين الحين والآخر بسبب الوخزات التي يشعر بها، نظر إلى ليلى ليجدها تنظر إليه بقلق، ليقل وهو يحاول تغيير الموضوع: ألم تشعري بأي ألم بعد إستيقاظك؟، لتُجيبه بهدوء وبصوتٍ يكاد يخرج: كتفي.. يؤلمني ولا أشعر به في نفس الوقت، أعتلى القلق ملامح صالح، لتقترب الممرضه به أن أنهتّ عملها، لتُخاطبه بصوتٍ خافت وهي تضع بعض اللاصق على الجرح لتُغطيه: تحدثت مع الطبيب سيأتي غدًا صباحًا وسنرى، أومى صالح بهدوء، ليعود بأنظاره نحو ليلى التي غفت عينيها، لتردف الممرضه: أعطيتها مسكن قبل قدومك بقليل وهذا ماسبب لها النعاس
="بإستغراب" مسكن؟ ولماذا؟ أنها للتو أستيقظت
– جرعة مسكن ستُمكنها من الراحه بشكل أفضل لأن الآلام التي شعرت بها عند إستفاقتها كانت شديده، خاصة في منطقة الكتف
=ألم يكن من الأفضل أن ننتظر حتى تستعيد وعيها تمامًا؟
–الجرعة التي أعطيتها لها خفيفه جدًا، وكانت ضروريه لتخفيف الألم الذي قد يؤثر على إستجابتها للعلاج، الهدف هو ضمان راحتها ياسيد صالح لاتقلق ستكون بخير، اومى صالح مجددًا، لتردف الممرضه: وأيضًا يجب على الجميع أن يأخذوا قسطًا من الراحه، نظر صالح لساعة يده فورًا، ليقل: حقًا أعتذر أشغلتك في هذا الوقت المتأخر
–"وهي تبتسم" لا داعي للإعتذار هذه مهمتي، الأهم الآن هو أن تستريح أنت أيضًا، ولا داعي للقلق بشأن ليلى سأراقب حالتها بشكل مستمر، أومئ الآخر لينهض ويخرج من الغرفه، صعد للأعلى حيث أبنه، كان يتوقع بأن يجد تولغا بجانبه، فهو يعلم أن كل ليلة عندما لا يكون هو موجودًا بجانب إدريس، يكون تولغا من يبقى معه، ولكنه لم يجد إلا أبنه الذي يتقلّب فوق السرير بإنزعاج ولم ينتبه لدخول أبيه، نزع قميصه بسرعه لكي لايرى أبنه الدماء التي عليه، وإستدار نحو الخزنه ليخرج منها ملابسًا جديده، ليأتيه صوت الصغير الذي هتف: بابا تولغا أين؟، أستدار وهو يرتدي قميصه النظيف، ليقل يتصنع الإنزعاج: أبيك أمامك وتبحث عن تولغا؟ ولماذا لم تنم إلى الآن؟
="بحزن" لقد قال بأنه سيحكي لي قصه ولكنه تأخر ولم يأتي، نظر صالح بقلق في حين أردف الصغير ببراءه وقد أنتبه لجرح أبيه من خلف اللاصق: بابا ماذا حصل لخدك؟، وحينها دلف تولغا للداخل وتفاجأ بوجود صالح الذي تنهد بخفه، ليتقدم تولغا وهتف هو الآخر وأنظاره على جرح صالح: آبي ماهذا؟، ليقل صالح بقلةِ صبر: لاشيء وقعت وجرحت نفسي فقط، ونظر لتولغا بمعنى أنه سيخبره لاحقًا، أومى تولغا بقلق، في حين إرتمى صالح على السرير وأخذ يداعب أبنه، لينسحب تولغا بهدوء للخارج، وبعد لحظات، غفى الصغير في حضن أبيه، وبينما كان صالح يداعب شعر أبنه، شعر بثقل عينيه، وتعبه يزداد مع كل لحظه، كان يجلس مستندًا بظهر السرير وهو يحاول الإسترخاء أو الراحة ولو قليلاً، لكن جسده منهكًا بشّده ومُتعبًا بسبب ما خاضه اليوم، وبسبب المجهود الذي بذله، ولاسيما ألم صدره الذي وكأن حجرًا يرتكز عليه، ويضغط عليه بشده مع كل نفس، وبدون التفكير بأي شيء وبدون حتى التحرك، فقط مال برأسه قليلاً، ليُغمض عينيه وأستسلم للإرهاق والتعب الذان كانا يُثقلانه..
––––––––––––––––––––
الحفره صباحًا..
كان جومالي يجلس في المقهى يُحرك مُسبحته في يده وهو يهز رجله وكأنه ينتظر شيئًا، ليدخل فرحات في لحظتها القى السلام، وتقدم يقف بجانب جومالي الذي سأله: هل حليت الأمر؟
=أجل يا أخي "ومدّ إليه ورقه" هذا الموقع، أخذ جومالي الورقة والقى نظرةً سريعه عليها، ليقل: جيد.. سلمت فرحات
="بتردد" ولكن يا أخي.. ألا تظن أن..
–"وهو يرفع حاجبيه" ماذا فرحات؟ أظن ماذا؟
=لاشيء يا أخي، والتفت ليذهب ولكنه توقف ليقترب مرةً أخرى ليقل: شي آبي.. ألا يوجد ذلك الرجل الذي أتى مع أخي ياماش أثناء الهجوم وذهب مع أخي صالح؟
–"بتذمر" أجل ال***
=لقد سُجن، قرأت الخبر في مواقعًا كثيره في الإنترنت، أنهم يتحدثون عنه لأنه يملك شركاتٍ كبيره وماشابه
–"وهو يبتسم بإستهزاء" سُجن؟ بسبب شركاته؟
=لا جريمة قتل هذا ما كان يُكتب في الخبر..
–"بهمس" وصالح؟
=مابه؟
–لاشيء لاشيء فرحات، التفت لعملك ولاتخبر أحدًا عن هذا، قالها وهو يُشير للورقة التي في يده، أومى فرحات وخرج، بينما نهض جومالي وذهب خلف منضدة الشاي ليسكب لنفسه قليلاً، وبعد ثوانٍ دلف ياماش للمقهى وهو يُخاطب أحدًا بهاتفه: أجل.. أجل سنأتي، نظر جومالي وإستدار يسكب لأخيه ايضًا، إلتقط الأكواب وتقدم للطاوله حيث ياماش الذي يعبث بهاتفه، ليقل وهو يجلس: عساه خير؟، رفع ياماش نظره لأخيه، ليمسح وجهه بخفه وهو يقول: الشريك الذي حدثتك عنه.. الذي أتفقت معه لوحدي لأنك تبخرت وأختفيت فجاءه،، أتصل يُريد الجلوس معنا والحديث عن أتفاقنا، أبتسم جومالي بخفه ليقل: بيبي.. أنت تحل أمورك من دوني، لست بحاجةٍ إليّ، نظر ياماش ليقترب يضع يده على كتف أخيه: آبي.. أنت أخي الكبير.. أنت تعلم أن وجودك بجانبي بحد ذاته يكفي، دخل اكين هو ومتين وجيلاسون، ليقل ياماش عندما رآهم دخلوا دفعةً واحده: هل هناك مشكله؟، ضحك متين بخفه ليقل: إن لم تكن هناك مشكله.. فهناك مشكله يا أخي، لاشيء الأمور على مايرام والشباب يعملون، أبتسم الجميع بينما تقدم اكين بعد لحظات نحو أعمامه ليقل: لن أكون موجودًا اليوم، سنذهب أنا وياسمين إلى موعدنا مع الطبيب فأساسًا قد تأخرنا كثيرًا، أومى ياماش ليقل: أنتبه على نفسك وأبلغنا بما يحصل معكم، أومى الآخر بهدوء وخرج.. ولحقه جومالي الذي كعادته صعد سيارته وذهب ولا أحد من عائلته يعلم إلى أين..
––––––––––––––––––––
في أحد مقرات الكبير..
خاطب سافاش الكبير وهو يقف وهناك جهاز أتصال لاسلكي في يده: ماتريده جاهز لقد تدبرت أمر كل شيء، فقط بقي أمرك بالتحرك، أبتسم الكبير من خلف قناعه، ليقل ونظرات الإعجاب تظهر عليه: بهذه السرعه يا سافاش؟
–أنا لا أحب أن أضيع حتى ثانيه من وقتي هباءً، وأحب إنجاز عملي في أسرع وقت ياسيدي..
="بنبرةٍ ثقيله" أحسنت.. أنت تُثير إعجابي يومًا بعد يوم
–"وهو يبتسم" أنه لشرفٌ لي أن أكون عند حسن ظنك ياسيدي، أستقام الكبير ليتقدم بخطواتٍ ثقيله من خلف المكتب نحو سافاش، ليقل بنفس نبرته: ما رأيك أن نكافئك ونتحرك الليله؟، أرتسمت إبتسامةٍ أخرى على وجه سافاش، ليُنزل رأسه للأسفل قليلاً وهو يقول: سيحصُل ماتقوله أنت ياسيدي
=سيحصُل أجل.. لذلك أخبر الرجال لنتحرك ياسيد سافاش، ولكن.. سيسقط ضحيتان هذه الليله، التفت سافاش بإستغراب، ليقل بصوتٍ خافت وبتردد: هذه ضربه كبيره ياسيدي موت الإثنان بوقتٍ واحد سيخلق تبعات تعقد الخطه
="بضحكه" ولكنني لا أقصد الضحيه الأخرى بالأمس.. بل ضحية غيرها خارج اللوحه التي رأيناها بالأمس..
–من ياسيدي؟، أبتسم الكبير إبتسامةً عريضه توضّح دهاءه وخطورته.. أقترب نحو سافاش من الخلف، ووضع يديه على أكتافه وأمسك بهما بشدة جعلت الآخر يبلع ريقه بتوتر، ليقل الكبير بنبرةٍ ثقيله وغاضبه بعض الشيء: ربما أنت.. أخبرني هل سمعتني بالأمس أمرتك وقلت أن تجهز الرجال على عجله؟ ألم أقل إننا لن نتحرك بسرعه وبدون حسابٍ لكل خطوةٍ نخطوها؟ ألم أقل إننا سنهدأ ونتحرك بحذر وفي أوقاتٍ لا يتوقعها فارتولو؟ ولكنك تأتي الآن أمامي وتقول أن الرجال جاهزون! ماذا أفعل لك ولهم يا ***؟ عندما يأتي الوقت عندها تعال وأخبرني، تجمد الآخر في مكانه وأيدي الكبير لازالت على أكتافه وكأنها تسحب روحه من جسده، هتف سافاش بهدوء: حاضر يا سيدي، ولكنني أخبرتك بهذا لكي ترتاح، لأنه لو حدث شيئًا جعلنا نتحرك أسرع سنكون جاهزين
–لن يحدث، لأن أنا من يقرر متى وكيف نتحرك، سافاش.. دورك الوحيد هو أن تنفذ الأوامر بدقه فقط، هل هذا واضح؟
=واضح ياسيدي، أبتسم الكبير فجاءه، وترك كتفيّ سافاش وهو يضحك ضحكة غريبه مليئة بالغرور والدهاء، ليقل بنبرة مُغايره تمامًا: أحب سرعتك في التنفيذ يا سافاش، وهذا ما يجعلني أُبقيك قريبًا، لكن تذكر.. السرعه دون توجيه مني قد تكون نهايتك، تراجع سافاش خطوةً للخلف، أبتلع ريقه مرةً أخرى وهو ينظر يحاول الإستيعاب، ولكنه أومى بخفه ليقل: أمرك.. ليُشير له الكبير بالخروج لحظة دخول كنان، ليقف أمام الكبير وهو يقول: رحلتك الخاصه لأنقره جاهزه ياسيدي، ستتحرك متى ماشئت، تقدم الكبير للنافذه، ووضع يديه خلف وهو يقول: الرحلة خاصه مثل كل مره، أريد أن أتأكد أن لا أحد يعلم وجهتي، لا أخطاء ياكنان هل فهمت؟
="بهدوء" مفهوم يا سيدي، كل الترتيبات جاهزه ولن يعلم أحد أنك في أنقره
=جيد.. وهذه المرة عندما أعود، سيكون كل شيء مختلفًا وستبدأ حربي أنا، ففارتولو لم يشهد شيئًا بعد.. والتفت يعود لكرسيه وهو يُخاطب كنان: أخبرني ماذا حصل بأمر الورشه؟
=مثل ما توقعنا، الأحمق أخبرهم ولكنني حضرت فخًا وتدبرت الأمر، إستدرجنا فارتولو بعيدًا عن الورشه وقتلنا صاحبها وأرسلنا الرساله إلى فارتولو كما أمرت، ولكن..
–لكن ماذا؟
=الرجال الذين أرسلتهم أنا كادوا يقتلون فارتولو.. ولكنه قتلهم جميعهم
–كم عددهم؟
=خمسة أشخاص
–كادوا يقتلونه؟
=ولكنه قتلهم، خرج مصابًا إلى الورشه ورأى رسالتنا وذهب
–"بغضب" هل هذا ما تُسميه تحضيرًا؟ "وأستقام ناحية كنان" أنا طلبت منك أن تتحكم في كل خطوةٍ ياهذا! الإستدراج يعني التلاعب بالأشخاص، تحريكهم دون أن يعرفوا ما ينتظرهم، ليس قتلهم!
=أنا نبهُت الرجال بعدم قتله، فقط إلهاءه ولكـ..
–"يُقاطعه بصراخ" أنتم ماذا حصل لكم؟ حربي لم تبدأ بعد وأنتم أصبحتم رجالاً بلا عقول، تتحركون دون أي حذر وتخطيط مُفصّل، لم أعد أراكم قادرين حتى على تنفيذ أبسط الأوامر! أنتم لا تفهمون ما يعني أن تتحكم في المواقف، أن تتلاعب بالأشخاص، ماذا حصل لك أنت خصوصًا ياكنان؟
="يحاول تهدئته" حصلت على عجل لأن فارتولو لم يؤجل التعقب وتحرك بسرعه.. ولكن أعدك من الآن فصاعدًا لن نخطو أي خطوه إلا بعد أن نكون قد فصّلناها ألف مره، نظر الكبير مطولاً لكنان، ليقل بهمس: إذا رأيتُ خطئًا آخر.. ستعود لزنزانتك القديمه، ولكن هذه المرة مشلولاً.. أبتسم كنان بخفه، وكأن تلك الإبتسامه تشي بحالة من الرضا على عذابه، ثم أومى بصمت وكأنه يتقبل عقوبته بشيءٍ من الفخر إن حصلت، ليقل الكبير وهو يعود لكرسيه: أخرج.. خرج كنان ونزع الكبير قناعه، ليستند على الطاوله وهو يهمس لنفسه: لن أسمح لأي خطأ آخر أن يُعيق تحركاتي وخطتي التي وضعتها وأخذت أعوامًا من حياتي..
––––––––––––––––––––
منزل صالح..
دخل "وليّ" وهو يُدندن وينقل أنظاره في أنحاء المنزل بإبتسامه، تقدم نحو الصالون ليرى تولغا وإدريس يعبثان في الهاتف، وإمرأة تجلس بالقرب منهم، وما إن رآه تولغا، حتى نهض وهو مندهش، ليقل: ولي آبي؟ ماهذه المفاجأه!، أحتضنه ولي بخفه وهو يبتسم، ليُجيب: أشتقت لكم كثيرًا، وأنحنى يُقبل رأس إدريس وهو يهتف: كيف حالك أيها البطل؟، أجابه الصغير بإيماءةٍ خفيفه، ليُناقل ولي أنظاره بينهم، وقال بعد أن أومى لليلى بإحترام: أين صالح لا أراه؟، أجابه تولغا: لازال نائمًا، ولم يُكمل جملته حتى نزل صالح من الأعلى وهو يهتف: كاذب أنظر إلي لقد أتيت!، نزل وتقدم لولي الذي يضحك بخفه، عانقه وهو يقول: لأفديك ياهذا، حين أحتاجك تكون موجودًا، لا أعرف كيف سأوفيك حقك ياوليّ، تململ ولي وهو يقول: لا داعي لكل هذا، ما أحتاجه هو أن تكون بخير، أنت تعلم أنني هنا في أي وقت، لمح صالح بعد كلام ولي هذا، ليلى التي تجلس وهي تبتسم، ليتقدم مُتفاجئًا وهو يهتف: لماذا نهضتِ أنتِ تحتاجين إلى الراحه!، لتقل وهي لازالت تبتسم: نمت لأسبوع هذا يكفي، والممرضه قالت لي أن الحركه جيده وعضلاتي أساسًا لم تتأثر كثيرًا.. أبتسم صالح وأومى، ليلتفت إلى ولي وتولغا ليقل: لنذهب إلى الشرفه لدينا ما سنتحدث به، ذهب الإثنان ولكن قبل أن يلحق بهم صالح تقدم إلى أبنه ليسأله: هل تناولت فطورك؟، أومى الصغير وأجاب: أنا وتولغا وأختي ليلى تناولنا معًا، أنت نائمًا لم تكن معنا، التفت صالح إلى ليلى مُتصنعًا الإنزعاج ليقل: هل تعرفتم على بعضكم من دوني؟، أبتسمت ليلى لتُجيب: نحن أساسًا تعارفنا منذ مده ياسيد صالح، أرجع نظره لأبنه بإستغراب، ليهتف الصغير: أجل في حفل الختان، رفع صالح حاجبيه بإستيعاب ومسح وجهه بحزن عنده تذكره لتلك الأيام.. ليقل وهو يعود بنظره إلى ليلى: صحيح.. لقد نسيت، ونهض يلتفت نحو مراد الذي أتى لتوه، ليقل: مراد هل تستطيع تحضير قهوة لنا؟، أومى مراد، ليتقدم صالح وهو يقول: ولكن أولاً تعال جانبًا، ليذهب بعيدًا قليلاً عن الجالسين، ليسأل: أخبرني ماذا حصل بالأمور التي وكلتُك بها؟
–لاتقلق يا أخي كل شيء يسير مثل مانريد، أخذنا علي بعيدًا إلى المكان الذي أخبرتني به، والمحامي الذي أرسلته أصبح محاميّ السيد كارتال ولكنني نسيت أن أخبرك بهذا..
=جيد.. متى محاكمته؟
–هناك توقعات بأنه سيتم تقديمها، ولكن موعدها بعد ثلاثة أيام
=حسنًا، رتب الأمور وخذ الإحتياطات اللازمه من الآن، لا أريد مفاجآت من ذلك ال*** فهو حتمًا يريد قتل كارتال
–لاتقلق يا أخي، رتبت كل شيء ولن يحدث شيئًا إن شاءالله
=صحيح.. الرجال الذين في السجن هل أرسلت إليهم خبرًا؟
–أجل سيحمونه من أي محاولات لقتله داخل السجن
=جميل جميل.. ليبقى السيد كارتال سليمًا حتى مجيئه إلي، على كل حال هل تحدثت مع المحامي؟
–أجل
=ماذا قال لك؟
–إنه واثق من قدرته على تبرئة السيد كارتال، وقد بدأ بالفعل في الإستغلال والضغط على القانون
="بطرف عينه" ومانوع هذا الضغط؟
–"وهو يبتسم" الضغط الذي يجعل القانون يعمل لصالحنا دائمًا
=هذه المرةِ فقط..
–أجل يا أخي هذه المره فقط
=حسنًا ياسيد مراد أين قهوتنا؟، أبتسم مراد وغادر، بينما إستدار صالح ليذهب بخطواته نحو الشرفه..
––––––––––––––––––––
السجن..
كان مُستلقيًا على السرير العلوي في إحدى الزنزانات، يراقب من معه بحذرٍ شديد، وهو يُدرك تمامًا أن الكبير قد أرسل رجاله للتخلص منه، فأحدهم حاول قتله بالأمس، وكأن الأمر أشبه بتحذيرٍ واضح بأن هناك المزيد قادمًا، أغمض عينيه للحظه، فهو لم ينم منذ الأمس، لكنه سرعان ما فتحهما عندما شعر بحركةٍ مُريبه في الزنزانه، نهض بخفة دون إصدار أي صوت، لينظر نحو الطرف الآخر حيث تجمع ثلاثة رجال يتحدثون بهمس، عاد وأستلقى وهو ينظر للحائط أمامه بغير مبالاة، ليأتي أحد الحراس وهو يفتح باب الزنزانة يهتف: هيّا إلى الساحة، خرجوا المساجين جميعهم إلا كارتال الذي ذهب إلى دورة المياه، غسل وجهه لعله يجد بعض الراحه، ولكن الأمر لم يدم طويلاً، فقد دخل ثلاثة رجال كلاً منهم يحمل في يده سكينًا، دخلوا يحاصرونه من كل جهة، ولكن الأخر لم يُفزع، بل بقي واقفًا أمام المرآة، يراقب إنعكاسهم، كما لو أن الأمر لا يعنيه، تقدم أحد الرجال خطوة للأمام، ليقل وهو يبتسم بسخريه: الكبير يُبلغك سلامه، ولن يجعلك تشتاق لحبيبة قلبك، التفت كارتال غاضبًا، بل يشتعل غضبًا، وقبل أن ينوي كارتال مهاجمتهم التي حتمًا سيُقضى عليه من خلالها، دخل ثلاثة رجالٍ آخرين، ليرمي أحدًا منهم سكينًا لكارتال وسرعان ما إلتقطها وقد عرف أنهم معه، ليُهاجموا البقيه، تقدم كارتال وأمسك بالذي نقل كلام الكبير، تواجه معاه، ولكنه في الأخير تمكّن منه، وتمكّن الأخرين من البقيه، لتتساقط جثثهم جميعًا، ماعدا الشخص الذي نطق منهم، سحب كارتال الرجل إلى داخل دروة المياه، وغطس رأسه في المرحاض بقوه، أستمر كارتال في ضغط رأسه تحت الماء وهو يسمع أنفاسه تخرج بصعوبه، كانت يداه مشدوده، الغضب يشتعل في عروقه، وعيناه تكاد تشتعلان قهرًا، كان الذي أغضبه لهذه الدرجه هو ما تفوه به الرجل قبل لحظات "لن يجعلك تشتاق لحبيبة قلبك" هذه الكلمات كانت بمثابة الشرارةِ التي أشعلت غضبه، رفع رأس الرجل فجاءةً من الماء، وعيناه تشتعلان غضبًا، أمسك بعنقه وأزاحه عن المرحاض، ثم دفعه بقوه إلى الحائط، بينما الآخر كان يلهث بصعوبه يحاول التنفس، نظر إليه بعد لحظات برعب، تقدم كارتال نحوه وهو يلوح بالسكين بين يديه، ليقل ببرود غريب وليس كأنه هو نفس الشخص الذي قبل قليل: هل تريد قتلي؟ أو بالأحرى هل تظنني خائفًا من الموت؟، نظر إليه الآخر بعينين متوسلتين، يحاول جاهداً أن يستجمع أنفاسه وكان قلبه يدق بسرعه من خوفه، ليردف كارتال بعد أن تقدم بسرعه وأمسك بعنق الآخر بقوه، همس من بين أسنانه وبصوتٍ منخفض: الموت لن يُوقفني، حتى الكبير، ولا أي شيء في هذا العالم، ليغرز السكين في قلب الآخر، وسقط جثة هامده، إستقام بعد أن أزال يده عن جثة الرجل، وسحب السكين من جسده بهدوء وكأنها مجرد حركه روتينيه، نظر إلى الرجال الثلاثة الذين كانوا يقفون ويراقبون بصمت، همس بهدوء: هل أرسلكم أحدًا؟، أجابه أحد الرجال فورًا: فارتولو سعدالدين.. أبتسم كارتال ليهمس لنفسه "فارتولو!" ليقل وهو يتقدم يرمي سكينه نحو الرجل ليلتقطها: وكيف سأتأكد أن من أرسلكم هو.. فارتولو كما تقولون؟، ليهتف الرجل: يقول لك أن الصغير حتى لو كان غاضبًا، لاينسى مافعله أبن المدير لأجله في الماضي.. وقف كارتال للحظه، ينظر بتوهان مُستوعبًا ما سمعه، أبتسم إبتسامةً مليئةً بالألم، ليغادر وهو يهتف لهم: جيد..
––––––––––––––––––––
منزل صالح..
هتف تولغا بصدمه: ذهبت لوحدك بالأمس! ههه وأنا كنت أعتقد أن كارتال المسؤول عن كل شيء ولكن ظهر أن هناك شخصًا فوقه، بل أكبر! تنهد صالح بعمق وهو يُمرر يده على وجهه، فهو أخبرهم بكل شيء قبل قليل، منذ لحظة إستيقاظه في قصر كارتال، حتى خروجه من مركز الشرطه عندما أكتشف الحقيقة التي غيرت كل شيء، ليُتبع وليّ على كلام تولغا: كل هذا حصل ولم تخبرنا من قبل؟ وكيف تُقدم على كل شيء لوحدك ياصديقي؟، أتت الإجابه من صالح بصوتٍ منخفض وكأنه لازال لايستوعب أن هناك فعلاً من يُلاحقه من ماضيّه السوداوي: لم أتأكد سوى بالأمس عندما قرأت تلك الرساله، يقول لي لن تصل.. "وأستقام بغضب" صحيح كيف سأصل إليه وأنا لا أعرف عنه إلا أسمه فقط! "وأكمل بسخريه" الكبير.. ههه شخصًا *** يُخفي وجهه حتى عن رجاله، "والتفت إليهم بألم" أنا كيف سأصل إليه وأمنعه من كل ما ينوي فعله!، إستقام وليّ بهدوء عندما رأى تشتت الأخر، ليتقرب منه وهو يقول: صديقي.. مهما كان يختبئ، هناك طريقة لإيجاده، نظر صالح بتردد، ليقل: بالأمس كان ال*** يعلم بقدومي فأرسل رجاله ليُبعدونني عن صاحب الورشه ليقتلوه لكي لا يتفوه بشيءٍ ضدهم، ولولا تلك المرأه.. لتمكنوا مني، ال*** يريد قتلي وينوي عائلتي بسوء، وأنا لازلت أجهل بل لا أعرف أي شيء عنه سوى أنه أبن ذلك ال***! أقسم أنني سأجن، أستقام تولغا بغضب ليقل: وبالرغم من كل هذا لم تعُد إلى الحفره بل أتيت إلى هنا؟، نظر وليّ بجديّه بينما هتف صالح بهدوء: وهل تظنني سأُقحِمهم بكل هذا؟، ليُجيبه تولغا بنفس الغضب: وهل تظن أنه بأبتعادك ستُبعدهم عن كل هذا؟، هتف وليّ عندما سمع نبرة الأخر: تولغا! أهدئ ماذا حصل لك؟، ليصرخ تولغا: ماذا حصل؟ هل تسمع مايقوله يا أخي؟، ذلك ال*** يريد إنهاء عائلته ولكنه يقول أنه لايريد إدخالهم في مشاكله وينوي المُضي لوحده وكأنه يقول أنا أمامك أقتلني وأنهي عائلتي وهم أساسًا لايعلمون من أنت، ليتقدم صالح ويصرخ بالمثل: هذه حربي أنا وهذه مشكلتي، أنا لن أدخلهم في مشاكلي وهم للتو تخلصوا من ذلك العم ال***، ليعاود تولغا الصراخ بشّده وهو يؤشر بسبابته: من تخلص من العم هو أنت! أنت يا أخي وليس هم ال***، ليصفعه صالح بغضب، بينما تقدم وليّ أمام صالح يُبعده وهو يقول: ببطء.. أهدأوا ياهذا!، ليرفع تولغا رأسه ناحية صالح، ليهتف بنبرةٍ باكيه تشبعت بالألم: متى ستفهم أنك لست مُجبرًا على تحمل ومواجهة كل هذا بمفردك؟، وذهب للداخل بخطواتٍ سريعه وهو يشعر بألمٍ يُثقل جسده، بينما جلس صالح وهو يضع رأسه بين كفيه، ليجلس وليّ بجانبه، صمتّ للحظات، ليقل بهدوء: أنت تعلم بأنه ليس غاضبًا منك، بل عليك.. وأنا غاضبٌ أيضًا ياصديقي، كيف تريد أن تخوض كل هذا لوحدك؟، رفع صالح رأسه وهو ينظر بشرود، ليُجيب: هذه مشكلتي أنا ليست مشكلتهم..
=مشكلتك ولكن لماذا هم عائلتك؟ مامعنى العائله؟ صحيح أنني لا أعرف جيدًا، ولكن إن لم تشارك العائله ألمك ومشاكلك فلِمن ستُشاركها؟ العائله هي من تقف بجانبك بالرغم من كل شيء، هي الداعم الأول ياصديقي، لطالما فقدنا نحن هذا الشيء، ولكنك الآن لديك أخوه وعائله كبيره تستند عليها فلمـ..
–"يُقاطعه" وليّ.. تمام.. لن يحصل، سيبقى مثل ما أتفقنا ستذهب للحفره وتبقى بجانبهم، وأنا سأصل إلى ذلك ال*** سأصل إليه ولن يستطيع فعل ماينوي فعله، لم يجد وليّ سوى أن يوميء ويتنهد بخفه من قلةِ حيلته مع صديقه الذي يُعاند ويُصر على مايظنه صحيحًا، ليهتف بعد لحظات: صحيح ما أمر تلك المرأه التي أنقذتك؟
–"وهو يتنهد" لا أعلم.. ربما منهم.. ربما لا، لا أعلم حقًا
="بشّك" لو كانت منهم فلماذا قتلت الرجال وأنقذتك؟
–لا أعلم عقلي مشوش، وضع وليّ يده على كتف صالح، يربت عليه وكأنه يدعمه أو يخفف عنه هذا الشعور.. لاحقًا، خرج وليّ من الشرفه لتأتي ليلى وهي تمشي بهدوء، تتجه نحو صالح، كان جالسًا ينظر للأسفل وكأن عبئًا ثقيلًا يثقل كاهله، أقتربت منه بحذر، ليرفع رأسه هو عندما لاحظ خطواتها، وأبتسم عنوةً حين رآها، ليمسح وجهه بيديه وهو يعتدل في جلسته، ليقل: أراكِ تستعيدين صحتكِ بشكلٍ جيد، لتبتسم هي للحظه، لتسأل: هل أنت بخير؟
–"بإبتسامه" بخير.. ماذا قال الطبيب؟
="وهي تُمسك كتفها بخفه" يعني.. كتفي سيأخذ وقتًا لكي يُشفى، فالطبيب قال شي.. الأنسجه أم ماذا تضررت قليلاً، لهذا الألم أقوى وسيستمر لفتره..
–"يُطمئنها" لاتقلقي سيتحسن مع الوقت.. فهي ليست دائمه اليس كذلك؟
=ليست.. أنت أخبرني ياصالح أين أخي؟ تجمدت ملامح صالح لوهله، لينظر إليها للحظات قبل أن تردف هي مجددًا: أعرف أنه في السجن ولكن أخبرني هل هو بخير؟
–"بصدمه" من أخبركِ؟
=أنت تكلمت مع مراد في طرف الصالون وليس في الطرف الآخر من المنزل، تنهد صالح بقلةِ حيله وقد علم أنها سمعت حديثه مع مراد، ليقل: أجل أُعتقل منذ ليلة إصابتكِ
=ماهي تُهمته؟
–قتل..
=من؟
–"بتردد" مـ.. ماڤي.. المحاميه ماڤي
="بصدمه" لقد عرف!
–عرف ماذا؟
="وهي تنظر للجهة الأخرى بشرود" ماڤي كانت تُريد الإيقاع به من خلالي.. لم ينصدم صالح فهو يعلم أساسًا، ولكنه أنصدم بأن ليلى في الوسط، ليهتف: ماذا؟
=أجل.. تعرفت عليها قبل أشهر.. أتت لمقر الصحافه الذي أعمل به، تعرفت عليّ وأصبحنا نخرج ونقضي بعض الوقت معًا كفتيات.. كنت أظن أننا أصدقاء، ولكنني أكتشفت بأنها تعمل لدى أحدهم.. شخصًا غامضًا كان يُرسل لها رسائلًا مشفره تحوي مهمات يجب عليها تنفيذها، تركت هاتفها في وقتٍ ما عندي لهذا كان لدي الوقت لأتصفحه وأرى.. كان يقول لها "لديكِ وقتًا مُحددًا لتُنهي مهمتك في القضاء على كارتال، ولا تبالغي في صداقتك مع أخته" لم أستطع تصديق ما رأيته، ولكن كل شيء أصبح واضحًا، كانت تتلاعب بي منذ البدايه، كنت غبيه وقتها لأنني ذهبت وصارحتها وصرخت في وجهها وقلت "هل ترينني شخصًا يُمكن إستغلاله؟" صمتت للحظات، ليهتف صالح: وماذا قالت؟
=لاشيء.. لم أكمل حديثي معها لأنني علمت بأمر إعتقالك فركضت للمركز.. وذهبت صباحًا لمنزل أخي لكي أحذره، فلم أجده، فأنتظرته ولكن حصل ماحصل ووجدت نفسي على ذلك السرير..
–"وهو يمسح وجهه" اللعنه كانت تعمل لديه وكانت تريد التلاعب بي أيضًا!
=كيف وصلت إليك؟
–كانت محاميتي.. هي من أخرجتني
=أنظر لهذه ال***، ماذا سيحصل بشأن أخي الآن؟
–أرسلت إليه محاميًا، محاكمته في الأيام المُقبله، لا نعلم هل سيستطيع الخروج أم سيتم تأجيلها لمحاكمة أخرى
=هذا لطفًا منك.. أن تسعى لإنقاذ شخصًا كان يهددك..
–"وهو يضحك بإستهتزاء" ماذا نفعل؟ ولكن هناك أشياء عديده مُعقده.. وأنا أسعى إلى حلّها قبل أن تسوء أكثر
="بشّك" هل كل شيءٍ على مايُرام ياصالح؟
–"وهو يبتسم" سأكون كاذبًا إن قلت أجل، ولكن ستكون.. أنتِ الآن ركّزي على نفسكِ وصحتكِ فقط، ودعي الباقي عليّ، أبتسمت ليلى بهدوء بالرغم من قلقها وتوترها..
––––––––––––––––––––
بعد أيام..
في قاعة المحكمه، يجلس كارتال في مكانه ببدلته الرسميه، هادئًا بلا مبالاة، بينما في الطرف يجلس المحامي سنان، وهو يقلب بيده أوراقًا، دخل القاضي وبدأت المحاكمه، ليهتف القاضي بعد أن أتخذ مكانه: الجلسة مفتوحه، لنبدأ بالنظر في القضية رقم ^^^ المتهم كارتال تكين، التُهم الموجهه إليه: القتل العمد، تفضل أيها المدعي العام لتُقدم دعواك، لينهض الأخر، ليُقل: سيدي القاضي.. الأدله واضحة ضد المتهم، ولدينا تسجيلات وشهود يُثبتون تورطه في مقتل المجني عليها ومحاولته لقتل نفسه من خلال الإطلاق على كتفه، في محاولة منه لخلق سيناريو زائف يظهر فيه كضحيه، التفت القاضي لسنان وهو يقول: سيد سنان، ما ردكم على هذه الإدعاءات؟ استقام سنان، ليُجيب بثقه: سيدي القاضي، الإدعاءات المقدمه ليست سوى محاولة لتوريط موكلي، والأدله التي قدمها الإدعاء مبنية على أكاذيب وتلفيق واضح، وبهذا أطلب أن يتم إستدعاء الشاهد الذي سيكشف الحقيقه ويزيل أي شكوك، نظر القاضي وهو يرفع حاجبيه بدهشه، ليُقل: شاهد جديد! من هذا الشاهد؟، أجاب سنان بثقه: الشاهد هو السيد علي، وهو هنا ليُقدم إعترافه الكامل بما حدث، ليأمر القاضي: أدخلوا الشاهد، فُتحت الأبواب ليدخل علي الذي يمشي بهدوء لا يخلوا من التوتر، توجه لمنصة الشهود ووقف وهو ينظر لكارتال الذي يُبادله بحقد، ليهتف القاضي مُخاطبًا علي: سيد علي، أذكرك بأنك تحت القسم، وكل ما ستقوله سيكون له تبعات قانونيه، الآن قل ما لديك، تنفس علي بعمق وهو لازال ينظر إلى كارتال بألم.. التفت نحو القاضي ليقل: أنا المسؤول عن كل شيء، أنا من قتلت ماڤي، وأنا من أطلق النار على كارتال، عمّت الصدمه أرجاء المكان ماعدا سنان وكارتال الذان يترقبان بصمت، ليهتف القاضي: سيد علي، هل تعي خطورة ما تقوله؟، ليُجيب الآخر وقد عاد بنظره لكارتال: أعلم، وأعترف بكل شيء.. كارتال لم يكن له أي علاقة بالجريمه أنا من قتلها ولفقت ذلك عليه.. ليهتف القاضي وهو يتصفحّ أوراقًا أمامه: ولكن هناك بصماتٍ للجاني على سلاح الجريمه، وهو أساسًا سلاحه ويوجد لديه ترخيص بذلك، وقد أعترف بنفسه بالجريمه التي فعلها، ليقف سنان ليقل: هل تسمح لي؟، أومى القاضي، ليُكمل سنان: موكلي أعترف وهو ليس بحالةٍ نفسيه جيده وتحت الضغط، ووجود بصمات موكلي على السلاح لا يثبت تورطه في إرتكاب الجريمه، بل هو أمر طبيعي لأن هذا السلاح كان بحوزته في وقت سابق، والسيد علي أستخدم هذا لصالحه، فقد أستخدم السلاح وهو حريصًا على إخفاء بصماته، لأنه يعلم أن بصمات موكلي موجوده، ليقل القاضي: ووجود موكلك في مسرح الجريمه؟
–كما ذكرت سابقًا، السلاح كان بحوزة موكلي بشكل قانوني، وكان يستخدمه بشكل مشروع، أما بالنسبة لوجوده في موقع الجريمه فذلك تلاعب وتضليل وإستدراج من السيد علي، الذي كان يهدف إلى أدانة موكلي، تكلم القاضي مع المُستشارون حوله، لينهض الجميع وهم ينتظرون الحكم، ليهتف القاضي: بعد المداولات، وإستعراض الأدله والشهادات المُقدمه، وبعد النظر في الإتهامات الموجهه إلى المتهم "كارتال تكين" قررت المحكمه بأن الأدله المقدمه من قبل الإدعاء لا تكفي لإثبات التهم الموجهه إليه بما لا يدعوا مجالًا للشك، وعلى الرغم من وجود بعض الأدله الظرفيه، إلا أن هناك تناقضات واضحه في الشهادات التي قُدمت، بالإضافة إلى الإعتراف الذي تم الإدلاء به من قبل السيد علي، وعليه وبناءً على تلك العوامل، وبناءً على أن المتهم قد تم توقيفه بشكل غير قانوني لفتره مُدتها أسبوعان، قررت المحكمه الإفراج عن المتهم "كارتال تكين" بكفاله، مع تأجيل النظر في القضيه إلى الجلسة القادمه لإجراء مزيدٍ من التحقيقات والبحث في الأدله المتبقيه، وعليه يتم الإفراج عن المتهم بشكل مؤقت تحت إشراف الشرطه، إلى حين تقديم الأدله الإضافيه التي قد تُساهم في تحديد مصيره النهائي في هذه القضيه، الجلسة مُعتمده.. مع التأكيد على أن محاكمة المتهم ستستمر في الجلسات القادمه مع جميع الأطراف المعنيه، ونهض مُعلنًا أنتهاء الجلسه، مع إبتسامة سنان، وكارتال الذي لازال ينظر إلى علي بحقد وكراهيه، ومع صدمة المدعي العام من سرعة قرار القاضي ونُطقه بالحكم في الجلسة الأولى.. بينما في الجهة الأخرى، وتحديدًا أنقره، نزل الكبير من سيارته، مُرتديًا ملابسًا عاديه، كان يحمل أكياسًا من علب الشراب وطعامًا في يده، دخل إلى بنايةٍ قديمه بعض الشيء، وصعد للطابق الثالث، أخرج مفتاحًا من جيبه ليفتح باب الشقه، وضع الأكياس على كرسيًا جانبي، ليتقدم وهو ينزع سترته، وتوجه نحو أحد الغُرف، دخل وتقدم نحو كرسيًا مُتحرك يجلس عليه عجوزًا في منتصف العقد السابع من عمره، قبّل رأسه ليُقل: كيف حالك يا أبي؟..
أنت تقرأ
لا يوجد سوى الألم..
Fanfictionسيناريو بأحداث مختلفه للجزء الرابع "Çukur" *ملاحظه: هذه المره الأولى لي في كتابة شيئًا ما..