"الم تتذكر أبن المدير أيها الصغير؟"
أستقام كارتال بهلع من كرسيه ليقل برجفةٍ وخوف وهو يتقدم لصالح: ليلى! ليلى في خطر ياصالح أرجوك أخرجني من هنا، أحميها أرجوك تأكد بأنها في أمان، الكبير سيقتلها! سيقتلها، ستذهب هي أيضًا أرجوك أنقذها، "أخرس!" صرخ صالح بها وهو يُمسك رأسه، وسرعان ما ركض للخارج، ركض بسرعه وقلبه يخفق بقوة، ليصعد سيارته وأنطلق للمستشفى، وفي أثناء قيادته المتهوره وهو يتجاوز السيارات التي أمامه يريد الوصول بأقصى سرعه، أتصل على مراد من شاشة سيارته، أتصل بأيديٍ ترتجف خوفًا من شيءٍ سيءٍ قد حصل، لم يرد الآخر ليزداد قلق وخوف صالح الذي بدأ يتعرق من شدة الضغط الذي يشعر به، وبعد دقائق بمثابة ساعات لصالح الذي أرتجل من سيارته التي أوقفها أمام المستشفى بشكلٍ مخالف وغير صحيح، ركض للداخل مُتجهًا للعنايه، وعندما وصل، لم يجد أحدًا، كانت النوافذ للعنايه مُغلقه، شعر حينها بأقدامه ترتجف لاتقدر على حمله، إستدار قاصدًا الطبيب ولكن قبل أن يخطو أي خطوه سمِع حديث ممرضة مع أخرى: لقد كان مسلح! وأخلوا العناية فورًا خوفًا من تكرار ماحدث ليلة أمس، التفت بعينه الحمراء وبأعينٍ تملؤها الحيرة والرعب، تقدم نحوهن بترنح وهو يهتف بصوتٍ خفيف وكأنه يخاف من أن يسأل: أين.. أين هي؟، لتنظران إليه بإستغراب، لتقل أحداهن: من تقصد؟، ليصرخ مراد: سيدي! لاتقلق أنها بخير لقد أنقذتها، عندما سمع صالح صوت الآخر أدرك أنه ورائه ليلتفت ويتقدم نحوه بإندفاع ولكمّه بأقوى ما لديه، ليتأوه الآخر ويسقط أرضًا، "لماذا لا تخبرني أيها ال*** " صرخ بها بغضب وأعينٍ مشتعله من القلق والخوف الذي كاد يقتله، ليُجيب مراد وهو يعتدل جالسًا ويُمسك وجهه مُتألمًا: لم أكن أريـ.. لم أكن أريد أن أقلقك فهي بخير لم يحدث لها شيء، لكن الآخر وكأنه لا يستمع ولايفهم من خوفه، ليقل وهو يشّد على يديه التي ترتجفان: ليلى.. أين هي؟
–هي بخير صدقني، وضعناها في غرفةٍ آمنه وضاعفنا الحراسه
="بغضب" قلت أين هي؟، ليقوده مراد لغرفة ليلى، وعندما رآها صالح من خلف الزجاج تنهد بقوه، لاحقًا التفت لمراد والغضب لايزال يعصف به: أخبرني ماذا حصل بالتفصيل، أخبره مراد بكل ماحدث خاتمًا حديثه بـ: وأتت الشرطه ولكن لأنني أحمل ترخيصًا لسلاحي لم يقولوا شيء وأعتبروها دفاعًا عن النفس
=وأين ذهب ذلك ال***؟
–وضعته في أحد المخابئ لدينا، لنعلم من أرسله وماذا يريد "معلومه، كارتال وعلي هم فقط من يعلمون بأمر الكبير"
أكمل مراد: يعني أنه تحت يدك ياسيدي، طبعًا.. من بعد السيد كارتال، ليُمسد صالح مقدمة رأسه، ليقل بنبرةٍ غاضبه: جيد مافعلت، ولكنني سأُحاسبك على مافعلته! ماذا يعني يحاولون قتلها بالأمس وأعلم في صباح اليوم التالي هل تسخر مني؟
–أستغفرالله ياسيدي ولكن..
=أخرس وأترك كلمة سيدي عنك، لستُ سيد أحد، ليُردف وقد أقترب من الآخر بحدّه: سأذهب لنصف ساعه وأعود، ولحين قدومي قدمك وعيناك لن تتحركان بعيدًا عن ليلى، لو علمت أنك رمشت سهوًا عنها سأقتلك! وأن حصل شيئًا أتصل علي فورًا هل فهمت؟، نظر مراد بتوتر، ليقل: أمرك.. خرج صالح وهو لايرى من شدة غضبه عائدًا للمركز.. إرتجل من سيارته بخطواتٍ سريعه للداخل، لاحظه النقيب داهان الذي كان يتكلم مع أحد العناصر، ليلحق به بهدوء، وصل صالح لغرفة التحقيق، ليجد المحقق يخرج، ليُخاطبه بسرعه: سأدخل لأراه، وقبل أن يمنعه المحقق، هتف داهان وهو يتقدم نحوهم: ماهذا الغضب؟، ليقل صالح وهو يحاول كبت غضبه: سأراه.. فورًا، لينظر داهان بتمعن، ولا يخفي فالواضح من حالة الآخر أنه غاضب وسيراه برضاهم أو رغمًا عنهم، ليقل داهان للمحقق: أوقفوا التحقيق لدقائق، وأخرجوه لغرفة الزياره، أومى المحقق ودلف لغرفة التحقيق، ليردف داهان مُخاطبًا صالح: الهدوء.. حافظ على هدوئك، ليمسح صالح وجهه وهو يُعطيه ظهره، ليردف داهان مرةً أخرى: أنا ذاهب لمكتبي، ليذهب وبعد ثوانٍ خرج كارتال بصُحبة عنصران يُقيدانه، يتلفت باحثًا عن صالح، وقد وقعت عيناه عليه، ليسأل بسرعةٍ وخوف: هل هي بخير؟ هل حصل لها شيء؟، لم يُجيبه صالح بل نظر إليه بغضب وحقد، توجهوا لغرفة الزياره، ليُقفل العنصر الباب بعد أن أخبرهم بأن المحقق بعد عشر دقائق سيستأنف التحقيق، ليتقدم كارتال صارخًا بصالح: أخبرني! هل هي بخير؟ ماحالتك هذه؟، ليُمسك صالح ياقة الآخر بغضب ودفعه بقوة ليرتطم ظهره بالجدار خلفه، ليهمس وهو يضغط على أسنانه ووجهه يقابل وجه كارتال: كانوا سيقتلونها البارحه، أنت أين كنت؟ أنا أين كنت؟ كنت هنا أحاول فهم ومعرفة مصيبتك، كانوا يحاولون قتلها وأنا أركض ورائك أيها ال***، لينظر كارتال بصدمه، ليقل: أخبرني هي بخير اليس كذلك؟ أرجوك هل هي بخير؟
=لم يُصيبها أذى، ولكنني سأسألك سؤالاً ستُجيبني عليه بدون أن تتلاعب بي، من قتلت أنت؟ مع من تورطت؟، نظر كارتال بتوهان وسرعان مادمعت عيناه وهو يقول: ماڤي.. ولكنني لم أتعمد أقسم لك لم أعرف أنها هي، ترك صالح ياقة الآخر تدريجيًا وهو ينظر بصدمه، ليردف كارتال بدون وعي وقد أنحنى يجلس على ركبتيه: لقد ناداني ليعاقبني لأنني تحركت بدون علمه، لأنني أنقذت أبنة أخيك من مصطفى ولأنني أخبرت ماڤـ.. ماڤي بكل شيء ولأنني دمرت بضاعة أخيك بدون أمرٍ منه، لقد جعلني أقتل الفتاة التي أحببتها ولم أحب غيرها طوال حياتي، عاقبني بها وكان سيُعاقبني أيضًا بأختي، أخذني.. أخذ حياتي.. نقودي.. لقد كنت دمية في يديه، فعلت كل مايريده فقط لكي أحمي عائلتي.. لأحمي أختي وماڤي ولكنها ذهبت.. ذهبت وتركتني مرةً أخرى، ليشعر كارتال بأيديّ صالح التي أعادت أمساك ياقته ورفعته واقفًا بقوة، ليقل صالح بغضب وهو يصرخ: من هو؟ من هو الكبير؟، لم يُجب كارتال وهو ينظر لصالح بألم، ليصرخ صالح بصوتٍ أعلى: من هو! تكلم أيها ال***، أدرك كارتال أنه لن يستطيع إخفاء الحقيقه أكثر من ذلك عن صالح، خصوصًا بعد أن فعل الكبير فعلته هذه التي توضح بأنه تخلى عنه وينوي سجنه وقتله أيضًا فكارتال يعرف حق المعرفه بأن الكبير لايسامح الأخطاء، شعر بأنه يود تقيؤ قلبه وعقله وكل شيء يؤلمه، ليقل بصوتٍ خفيف وهو لازال ينظر بذات النظره لصالح: أنـ.. أنه أبن عبدالله، ليعقد صالح حاجبيه وهو يترك ياقة كارتال وينظر بعدم فهم وكأنه يحاول إستيعاب الأسم، ليقل بهدوءٍ مريب: من هذا؟، ليبتسم كارتال بقهر: عبدالله بابا.. عبدالله الجزار الذي أنهيت أنت سلالته قبل أكثر من عشرين عام، ليشعر صالح ببرودةٍ سرت فيه جعلت كامل جسده يرتجف، ليردف كارتال: عندما أنهيّت سلالته.. أبنه هذا لم يكن موجودًا، كان في مدينةٍ أخرى، أتى على خبر موت أبيه وأخوته، أنت أنهيت سلالة أبيه ولكنه ترك أبنه خلفه.. أبنه كان يراقب كل شيء من بعيد، ينتظر اللحظه المناسبه ليظهر وينتقم، يريد قتل عائلتك وجعل أبنك يعيش ماعشته أنت، ليتراجع صالح خطوةً للوراء وكأنه تلقى صفعةً للتو، ليسأل بدون إستيعاب وبصوتٍ يرتجف: وأنت..؟ أنت.. كيف؟، ليقل كارتال بقهر: الم تتذكر أبن المدير أيها الصغير؟، جحظ صالح عينيه، وقد بدأ يعود بالزمن للخلف، وكأنه للتو تذكر كل شيء لم يستطع تذكره بالفترة التي مضت دفعةً واحده!، لينظر غير مصدق عندما تراودت جميع الذكريات برأسه، "أبن المدير" "كارتال" "عبدالله" "مينيك" أصبح عقله يدور كدوامه، غير قادر على إستيعاب ما سمعه لتوه، أبن المدير! تكررت هذه الكلمة في ذهنه كصدى لا يتوقف، تناهى لعقله مشهد تعارفه هو وكارتال "هم يقولون لي أبن المدير، ولكن أنت يمكنك مناداتي بكارتال" "أنت ذكي جدًا مينيك" وفورًا تذكر طرقات كارتال على الطاوله، الطرقات التي عندما سمعها قبل أيام، أعادته لماضيٍ مؤلم، ولكنه وقتها لم يتذكر تفاصيل هذه الطرقات بالذات، هو يدرك ماضيه ولم ينساه أبدًا، لكن وكأن جزءًا منه تلاشى من ذاكرته، وهاهو الآن يستعيد ذلك الجزء، لينظر بغير إستيعاب وهو يتذكر موقفًا حصل
<<فلاش باك>>
قديمًا قبل سنوات.. تقدم كارتال نحو صالح، ليقل: صالح
–"بإنزعاج" لاتناديني صالح
=عجبًا! اليس أسمك صالح؟
–أجل ولكنني الآن فارتولو، الجميع يناديني بذلك
="بغضبٍ طفيف" أنت صالح، كُن نفسك لاتكُن مايريدونه هُم
–لا أنا فارتولو، لم أعد أريد صالح
=حسنًا ليس صالح وليس فارتولو، سأناديك مينيك "صغير" حسنًا؟
–جيد
=المهم.. لقد أنسيتني ماجئتُ لأجله "توقف للحظاتٍ يفكر" ها.. أسمعني سنتفق على شيءٍ أنا وأنت
–ماذا؟
=عندما تحتاجني وتريد مساعدتي عند وجود عبدالله وأولاده بالطبع لن تستطيع التحدث، لذلك سأعلمك طرقاتٍ ستحفظها جيدًا، وعندما تحتاج مساعدتي ستطرقها وسأعلم أنك تريديني بجانبك بدون أن تتكلم حسنًا؟
–حسنًا علمني
=تعال، أقترب كارتال بإبتسامه وأمسك بيد صالح ليُقربه من الطاوله، ليقل: أستمع جيدًا، ليطرق على الطاوله بإيقاع معين "طرقتين خفيفه متتاليه، ثم طرقه واحد أقوى" ليقل صالح بعد أن طرق بنفس الطرقات: يعني عندما أكون في ورطه وعندما أحتاجك سأطرق بهذا الإيقاع صحيح؟
=أجل بالضبط
–وماذا لو لم تسمعني؟
=لا تقلق، سأتأكد من أنني سأكون دائمًا بجانبك، فقط عليك أن تظل متمسكًا بهذه الطريقه وهذا الإيقاع هل فهمت؟
–حسنًا وعبدالله بابا ماذا سيفعل إن سمعها؟
=لن يفعل شيء لأنه لن يعلم بها أحد سوى أنا وأنت مثل ما قلنا
–حسنًا
=نحن فريق اليس كذلك؟
–وأخوه أيضًا
=صحيح.. أخوه، ليقبّل رأس صالح ويخرج ذاهبًا بعد أن أطمئن أنه سيكون على علم دائمًا إن أحتاجه صالح
<<نهاية الفلاش باك>>
شعر بصدمةٍ جعلت عيناهُ تتسعان بعد تذكره وإستيعابه للحقيقه التي ظهرت أمامه، تجمد في مكانه، إرتجف جسده وكأن كل ذكرى قديمه عادت لتضربه في قلبه، تنفس بصعوبه وهو يقف أمام كارتال يشعر بثقلٍ هائل في صدره، ليهمس بصوتٍ مبحوح: كنت تعـ.. تعلم طوال هذا الوقت ولـ.. لم تقُل لي، ليضرب كارتال رأسه بالجدار خلفه وهو يقول: لحمايتهم.. لحمايتك، هل تعلم، لقد كانت فكرتي بأن أسحبك لجانبي، جعلتك تعمل عندي فقط لأجل أن أكون قريبًا منك، صحيح أنني بالبدايه لم أُعير إهتمامًا ولم أفكر سوى بأختي وماڤي ولكن.. لم أستطع أن أجلس مكتوف الأيدي أراهُ يضرك ولا أفعل شيء، وفي آخر فترةٍ خفت.. عندما فكر بأن يضرهم خفت وتراجعت.. ولكنني الآن فقدتها ياصالح.. فقدتها لقد كانت.. لقد قتلتها بيديّ، لينهار أرضًا وقد إنسابت دموعه على وجنتيه بدون توقف، ليبكي بصوتٍ واضح وهو يردد: لقد قتلها.. لقد جعلني أقتلها ياصالح، بينما الآخر تراجع للخلف بهدوء، لم يتفوه بكلمةٍ واحده، لم يلتفت حتى، فتح الباب وخرج بدون أن ينظر لأحدهم، لم ينتبه لعلي الذي ركض وراءه بالبدايه ليسأله عن سيده، ولم ينتبه لداهان الذي ناداه عندما رآه يمشي في أحد الممرات مُتجهًا للخارج، كان كل مايسمعه ويدور في رأسه هي كلمات كارتال "أبنه هذا لم يكن موجودًا، كان في مدينة أخرى، أتى على خبر موت أبيه وأخوته" "هو كان يراقب كل شيء من بعيد، ينتظر اللحظة المناسبه ليظهر وينتقم" "الم تتذكر أبن المدير.. أيها الصغير؟" خرج وصعد سيارته بهدوء، قاد السياره بلا وجهةٍ محدده حتى وجد نفسه واقفًا أمام حافةٍ لجبل، وقف هناك والرياح تعبث بشعره، أغمض عينيه، شعر بنوعٍ من السكينة المؤقته، تلك السكينه التي تأتي بعد العاصفه، لكن تلك السكينه سرعان ما تلاشت، وحلّت محلها موجةً من الذكريات المؤلمه، مشاهد من ماضيه تتوارى أمام عينيه المغلقتين، رأى نفسه صغيرًا وحيدًا، يبحث عن الأمان في عالمٍ مليءٍ بالشر والخيانة والخوف، شعر وكأن قبضةً تضغط على قلبه، وكأن الهواء لم يعُد يصل إليه، ليسمع صوتًا في رأسه يردد "بسببك، جميع مايحصل بسببك، أنت تجلب البلاء أينما كنت" ليفتح عيناه مُتنهدًا بعمق، ليحكم إغلاق عيناه مرةً أخرى، وبعد لحظات شعر بالراحة والسكينه تحتّلان صدره من جديد، ليبتسم بخفه، وبلا وعي.. بدأ يتقدم بخطواتهِ نحو الحافه، وكأن قوة خفيه تسحبه نحوها، وكأن الراحه التي شعر بها تقوده نحو النهايه، لم يكن يشعر بشيءٍ سوى الفراغ الذي بداخله، خطوة تلو الخطوه، أقترب صالح من الحافة أكثر فأكثر، حتى كاد أن يفقد توازنه، لتسحبه أيديٍّ أحكمت على خصره بعنف، ليسقط للخلف برفقة من سحبه، فتح عيناه ببطىء وهو مستلقيًا على ظهره، ليرى تولغا جالسًا بملامحه الخائفه وهو ينظر بهلع نحوه، ليصرخ تولغا بقلق وهو يشّد على كتف صالح وكأنه يخشى أن يفلت منه في أيةٍ لحظه: آبي! ماذا تفعل!، نظر صالح إليه بملامح متعبه وعينين خاويتين، لم يبدي أي مقاومةٍ أو ردة فعل، وكان الصمت سيد اللحظه، نظر تولغا إلى عينيّ صالح، ليرى فيهما عمقًا من الألم والإنكسار لم يشهدها من قبل، لتمتلئ عينيه بالدموع من حال الذي أمامه، فهو حتمًا يفكر بإنهاء حياته، ليقل: هل فعل هذا سهل لهذه الدرجه؟، لم يرد صالح بل نظر بعيدًا، وكأن روحه تائهه، وهي بالفعل كذلك، بعد دقائق من الصمت وقد بدأ يتنفس بعمق وكأن الهواء عاد إلى رئتيه، همس صالح وكأن الكلمات تخرج بصعوبة منه: لا أعرف ما الذي كنت أفعله.. ليهّز تولغا رأسه بقوه، ليقل بنبرةٍ عاليه: مهما كان الألم الذي تحمله، لا يمكن أن تكون هذه النهايه، لديك عائله وأبن، ليغمض صالح عينيه للحظه، بينما جلس تولغا يفرك وجهه بغضب، ليقل صالح بهدوء وهو لازال يغمض عينيه: كنت أبحث عن طريقة لإيقاف هذا الألم، ربما أعتقدت لوهله.. بأنه لو أختفيت، سيختفي كل شيء وسيرتاح الجميع، أجابه تولغا بغضب وهو يرفعه ليجعله يتكئ بظهره على صخرةٍ ورائهم: الألم لن يختفي أفهم هذا! لم أعهدك تفكر بهذه الطريقه! الإختفاء لن يحل أي شيء، بل سيُسبب الألم لكل من يحبك، هل تعتقد أن أبنك أو إخوتك أو حتى أنا! سنرتاح بعد الذي كنت ستفعله؟ هل تسخر مننا؟، أسند صالح رأسه، ليقل بذاتِ الهدوء: أشعر وكأنني في دوامه، تدور وتدور، وعندما أظن أنني تخلصت من كل المتاعب في حياتي وقد حان الوقت لأرتاح وأعيش ولو قليلاً، أجدني عدت لنقطة البدايه، هذا لاينتهي أبدًا، نظر تولغا بقلق وشّك، وقد شعر بأن شيئًا قد حصل، لأن من كان يتحدث معه في السياره قبل ساعه، لم يكن ليصل لهذه الحاله لولا حصول شيء، ليسأل: ماذا حصل؟، ليوميء صالح بالرفض، هل يرفض بأن يتكلم؟ أم يقصد بأنه لم يحصل شيء؟ لم يعلم تولغا مايقصده صالح، ليصمت ولم يجد أي كلماتٍ تُقال عندما رأى الآخر يُغمض عينيه ويتنفس بعمق، وبعد لحظات رنّ هاتف تولغا، ليخرجه وعندما قرأ أسم المتصل توتر جدًا، لايعلم لماذا ولكنه توتر، ليفتح صالح عينيه وينظر ناحية تولغا، ليسأل: من المتصل؟، ليُجيب تولغا على هاتفه: الو، كاراجا؟، لينظر صالح بإستغراب، ليقل بقلق: هل كل شيء على مايرام؟، أومى تولغا والتفت برأسه للجهة الآخرى يخاطبها: طرأ لي عمل ولم أستطع أن آتي، حين أستطيع سأتصل عليكِ حسنًا؟، أغلق الهاتف ليلتفت ناحية صالح الذي يبتسم بخفه وكأن شيئًا قد بدأ يتضح له، حاول تجنب نظرات صالح هذه ولكن سرعان ما إنهار الآخر ضاحكًا بشكلٍ مفاجئ وكأن التوتر الذي تراكم بداخله قد أنفجر بطريقةٍ مختلفه، لينظر تولغا وقد شعر بالإحراج قليلاً، ليقل وهو يحاول أن يكون جديًا: ماذا! لماذا تضحك؟، ليُجيب صالح وهو لازال يضحك بقوه: يارجل.. عيناك توضح كل شيء، ليقل تولغا يحاول الإنكار وهو يفرك يديّه بإرتباك: لا.. لا إنه ليس كما تظن نحن أصدقاء فقط، ولكنه لم يجد من الآخر سوى علوّ ضحكه أكثر وأكثر، ليردف: أنظر، حقًا لايوجد شيء، ليقل صالح: لاتكذب علي فأنا أكثر من يعرفك، على الأقل كن صادقًا مع نفسك ياهذا!، ضحك تولغا بحرج، بعد لحظات وضع صالح يديّه على وجهه وقد أنقطع ضحكه فجاءه، ليتنهد بعمق تحت أنظار تولغا الذي علم أنه لم يكن ضحكًا طبيعيًا، بل كان ضحكًا هستيريًا، ليهتف وهو يضع يده على كتف صالح: هل ستخبرني ما الذي حصل معك ومع كارتال؟ لأنك خرجت من عنده وأنت لست بخير
–كيف لحقت بي؟ أنت دائمًا تكون متواجد يا تولغا دائمًا
=أنا قلت لك، أنا بجانبك دائمًا
–دائمًا..
="بحِيره" هل ستخبرني؟، لينهض صالح بخفه وهو يقول مُتجاهلاً سؤال الآخر: تولغا، سأطلب منك طلبًا فأنا لا أثق بأحدٍ غيرك
=تفضل يا أخي
–أذهب للمستشفى وتكلم مع الطبيب ^^^ لكي نخرج ليلى لمكانٍ آمن، قُل له أننا سنوّفر جميع اللوازم التي تحتاجها، سأجعل المنزل مستشفى فقط ليوافق على خروجها، ليعقد تولغا حاجبيه وهو يسأل: ليلى من؟
–سأخبرك لاحقًا، الآن أفعل ماقلته لك حسنًا؟
=حسنًا ولكن إن لم يوافق
–عندها أخبرني لكي آتي وأطلق على رأسه، ليتجّه لسيارته ليصرخ تولغا لحظتها بغضب: أنت لاتخبرني بأي شيء.. لماذا؟، ليستند صالح على باب سيارته: ليس وقته.. أتعرف؟ سأذهب أنا للمستشفى، ليصعد ويذهب، وذهب تولغا هو الآخر بنفسٍ ثقيله بعد الذي حصل
––––––––––––––––––––
المركز.. غرفة التحقيق بعد ساعتين
كان كارتال يجلس بلا روح.. ينظر للفراغ وكأنه بعالمٍ آخر، وبالمقابل داهان الذي ينظر إليه من خلف الزجاج بالطرف الآخر لغرفة التحقيق، خاطب داهان المحقق: هل أعترف بشيء؟
=لا ياسيدي لاشيء حتى الآن، لم يتكلم أبدًا
–هل عرفتم بماذا تحدث مع فارتولو؟
=لا للأسف، وكاميرات المراقبة لم تلتقط الصوت
–أريد أن أرى التسجيلات قبل أن أحقق معه بنفسي، ذهب المحقق فورًا ليجلب تسجيلات الكاميرا، بينما أعاد داهان نظره لكارتال وهو يُتمتم: ياترى بماذا تحدثتم؟ لماذا ساءت حالتكما أنتما الإثنان هكذا؟، لاحقًا أتى المحقق بالتسجيلات، ليضعها في الحاسوب الخاص بداهان، ليظهر كل ماحدث بين صالح وكارتال بغرفة الزياره ولكن بدون صوت، ليُحدق داهان في الشاشة أمامه ليرى هجوم صالح على كارتال، ثم إفلاته ومن ثم هجومه عليه مرةً أخرى، وخروجه بعدها، ليقل داهان: لقد أخبره كارتال بشيء، ليقل المحقق: كيف؟
–هناك نوع من الإستجواب في تصرفات فارتولو
="وهو يهز رأسه مؤيدًا" ولكن لا يمكننا معرفة ما قاله، الصوت مفقود
–"وهو يفرك ذقنه" لاتقلق سأجده بطريقتي، لينهض وهو يغلق حاسوبه، ليردف: سأذهب لأحقق معه، ليوميء المحقق مع خروج داهان، وقبل أن يدخل غرفة التحقيق، سمع داهان صوت صالح الذي هتف بصوتٍ عالي من خلفه: سيد داهان، ليلتفت داهان بإبتسامه، ليقل: أهلاً وسهلاً، وأنا كنت أفكر فيك الآن، أقول أين ذهب بسرعة هكذا!
=لاتُطل، أنا سحبت يدي لن أعمل معك وماشابه، أنتهى كل شيء هنا، لينظر داهان بغضب وإحباط، ليقل مُبتسمًا بالإجبار: فارتولو.. هيّا لمكتبي لنتناقش ونتحدث بهدوء لاتتكلم بدون تفكير هكذا
=ليس لدي شيء لأتكلم معك به.. حظًا موفقًا لك بحياتك وعملك، ليذهب تحت أنظار داهان الذي ضرب باب غرفة التحقيق بقبضته، ليدخل بغضب لكارتال، جلس أمامه وهو يفرك وجهه يحاول تهدئة نفسه، ليقل بعد لحظات، بغضب وقلةِ صبر: لماذا قتلت ماڤي شينار؟، لم يُجيب كارتال ولم يسمعه أساسًا بل أستمر ينظر بتوهان للفراغ، ليقترب داهان محاولاً جذب إنتباهه: كارتال تكين! أننا نتحدث عن حياة إنسان هنا! أخبرني لماذا قتلت ماڤي شينار؟ ليرفع كارتال عينيه ببطىء، لينظر لداهان: هل يفرق السبب؟، لتتسع عينيّ داهان صدمةً، ليقل بإستغراب وحدّه: بالنسبة إلينا هنا السبب هو كل شيء، إذا قتلتها بدمٍ بارد عندها ستحكم على نفسك بالسجن مدى الحياه، لكن أن كان هناك شيئًا وراء ذلك..
="ليقاطعه بصوتٍ خافت" وماذا سيُغير ذلك؟ ستظل الحقيقة كما هي، وسأظل أنا المُدان، فأنا من قتلها، ليقترب داهان بهدوء وهو يقول يحاول سحب الكلام من كارتال: حزنك.. أنا أرى في عينيك ندمًا وألمًا، يتضح لي أنك لم تقتلها بدمٍ بارد
=لماذا تحاول إثبات العكس وأنا أمامك أعترفت الآن؟ أنا قتلتها، ليقلب داهان الطاوله بغضب، ليصرخ: ستعترف بما لديك، ستخبرني بمن يوجد فوقك! ستخبرني بكل شركائك، وفي ظل صراخه هذا لم يجد من الآخر سوى الصمت والنظرات البارده، ليخرج بغضب، قابله المحقق ليقل داهان له: لقد تحدث وأعترف، ههه وبسهوله أيضًا، هناك لعبة تحصل ولكن على كل حال، ما الأدله التي بحوزتنا؟
–لدينا غير أعترافه طبعًا أننا أمسكناه بالجرم المشهود بجانب الجثه، والسلاح الذي خرجت منه ثلاث طلقاتٍ أردتها قتيله يحوي بصماته ولديه ترخيص يخص نفس السلاح بأسمه أيضًا، ليقل داهان: تكفي، ليعود بخطواته وهو يؤشر للعناصر باللحاق به: ليدخلوا غرفة التحقيق، ليهتف داهان لكارتال والعناصر يُقيدونه: كارتال تكين، بناءً على الأدله التي بحوزتنا، أنت قيد الإعتقال بتهمة قتل المحاميه ماڤي شينار، ستُنقل إلى السجن لحين تحديد موعد محاكمتك، هل تريد محامي؟ لينظر كارتال بلا مبالاة، ليُشير داهان بنفاذ صبر للعناصر لكي يخرجوه للخارج، ولكن قبل أن يخرج تقدم داهان ووقف أمام كارتال مباشرةً، ليقل بحقد: اللعبه التي تُخفيها سيكون أنا من يُنهيها وأنا من سيجد اللاعب الحقيقي، ليأخذوا كارتال تحت أنظار داهان الذي يتنهد بغضب..
––––––––––––––––––––
الحفره.. المقهى
يجلس ياماش على كرسيه بجانبه جومالي واكين في أحد الطاولات التي أمامهم، ليقل ياماش: لتسلم لم تردني أخت شينول وهذه المرة الثانيه، وزعنا البضاعه على شباب الحفره وإن شاءالله ستعود الأمور لنِصابها قريبًا، ليقل جومالي وهو يترك كاسة الشاي: بيبي، حسنًا حلينا هذا الموضوع، ولكن ذلك ال*** ماذا سنفعل به؟
=قلت لك يا أخي، لن نتحرك قبله أساسًا لا أعلم من هو وأين هو! ولا أريد المشاكل، ربما لن يهجم ثانيه ربما قد ردّ على مافعلته أنا وأنتهى
–ولكنني لا أتكلم عن هذا، أتكلم عن ماذا إن هاجم؟ فالمرة الفائته مع العلم أنني أكره قول هذا ولكن لولا ذلك الذي يُسمى كارتال، لـ..
="قاطعه بحدّه" سنكون مستعدين وحذرين كعادتنا، أنت أهدأ يا أخي لاتقلق لن يحصل شيئًا، ربتّ جومالي على كتف ياماش قائلاً: أنت تعلم أنا لا أهدأ.. ليدخل جيلاسون قائلاً: السلام عليكم يا أخوه، ليردوا السلام، جلس جيلاسون بجانب اكين، وبعد لحظات سأل جيلاسون موجهًا سؤاله لياماش: ياماش آبي.. أين تولغا؟ بحثت عنه ولم أجده بأي مكان ولم أراه منذ الأمس، ليتنهد ياماش بقهر، ليقل: ذهب، أنت ماذا تريد منه؟ ليقل جيلاسون بأندهاش: ماذا؟ أين ذهب؟، ليُجيب اكين: لعمي صالح.. هتف جيلاسون: ولكن كيف؟، ليقل جومالي: كيف وماذا ولماذا لانعلم، يبدو أنه هو أيضًا يحب العمل في تلك القذاره، وخرج وهو يقول: بيبي.. أنا سأذهب للمنزل، بينما أعاد ياماش سؤاله لجيلاسون: ذهب وفقط.. أنت أخبرني لماذا تبحث عنه؟، أجاب جيلاسون مستغربًا من إصرار ياماش على سؤاله: فقط عندما لم أراه قلقت بأنه قد حصل له شيئًا لاسمح الله.. تنهد ياماش بعمق وهو ينظر لنظرات جيلاسون المُستغربه، ونظرات اكين الغير مُباليه
––––––––––––––––––––
في أحد المقاهي..
يجلس تولغا مع كاراجا، لتقل وهي تنظر حولها بهدوء: لأول مرةً أخرج من الحفره منذ وقتٍ طويل.. لتنظر إليه وهو شاردًا، لتقل: تولغا؟ هل أنت بخير؟، ليقل وهو يستجمع نفسه: بخير.. شردت فقط
=لاتبدو كذلك، هل حصل شيء؟
–لا ماذا سيحصل يعني؟
="بشّك" حسنًا، وماذا حصل مع عمي صالح؟
–أجل.. البضاعه الذي حرقّها ليس أخي صالح بل كارتال
=كنت أعلم.. لماذا حرقها ذلك الحقير هل لأن عمي ياماش بلّغ على بضاعته؟
–ممكن.. ولكنني سمعته يتحدث عن أخته ولا أعرف ماذا
="بدهشه" لديه أخت؟
–أجل وقد أُصيبت وهي بالمستشفى، ليجحظ عيناهُ وكأنه للتو أستوعب شيئًا، ليهمس: أنها نفسها..
="بإستغراب" من؟
–ليلى، التي يحميها أخي صالح من أحدٍ ما
=من ليلى! ماذا تقصد بأنه يحميها؟
–لا أعلم، لقد ذهبنا قبل مجيئي إلى هنا للمستشفى، أخرجناها لمنزل بل لأقل ڤيلا صغيره! آمنه مُحضره بشكل طبي جدًا
=كيف أُصيبت ومن أصابها؟ "توقفت للحظه" دقيقه! هل هي نفسها التي ركضوا لها الإثنان عندما هاجموا الحفره؟
–على مايبدو، المهم الآن كارتال أعتُقل والوضع بدأ يتعقد حقًا وأنا متوتر ومشوّش، لا أعرف كيف أتصرف، أنا خائف على أخي صالح
="بحنان" لاتقل هذا.. سنفعل وسنتصرف بشكلٍ صحيح، أنظر أنا عكسك أشعر بأن الأمور بدأت تُحل، فهذا الحقير سُجِن، بقي أن نعثر على تلك الوثائق، ونتصرف بذكاء وينتهي كل هذا
–ولكنني لا أظن ذلك، لتضع كاراجا يدها على يد تولغا لوهله، لتقل بهدوء: أسمع، الشيء المهم الذي كنا نسعى إليه ماهو؟ أن تكون بجانب عمي وقد حصل! لاتقلق قلت لك سيُحل كل شيء، وأردفت وهي تُبعد يدها ترتشف من قهوتها: قلت ڤيلا؟ من أين لعمي صالح ڤيلا!
–"وهو يبتسم" وأنا أندهشت، ولكن تعلمين.. أخي لديه منازل آمنه وماشابه مثل الذي ذهبنا إليها عند هجوم شهرام "ليضحك بخفه" ولكن بالطبع هذا أكبرها
=اووه.. بالحديث عن شهرام، هل هناك خبرًا عنه؟
–"بتوتر" لا لازال مُختفيًا، لازلت أبحث ولكن لا فائده، ولم أخبر أخي صالح حتى الآن بأي شيء أساسًا يبدو أنه نسيّ أمره لإنشغاله بكارتال
=تقصد أنك لم تخبره بأنه هو نفسه الذي عذبكم في أفغانستان؟
–أجل.. تنهدت كاراجا وهي تقول: ستُحل، الأمور ستُحل وسنعود للعيش براحه وبجوار بعضنا
––––––––––––––––––––
الحفره.. منزل العائله
ركنّ صالح سيارته أمام منزل العائله، لينزل بهدوء تحت أنظار سالم ومحمود، ليقل بسخريه عندما رآهم لم يفتحوا بوابة المنزل له: هل ياترى لم تتعرفا عليّ؟، لينزع نظارته الشمسيه، ليردف: والآن؟، ليبتسم محمود بخفه، ولكنه أخفى إبتسامته ونظر بتوتر قبل أن يتقدم ليقل: آبي.. سامحني ولكن أخي جومالي أصدر أمرًا
=الله الله وماهو هذا الأمر؟
–"مُستجمعًا شجاعته" منع دخولك لمنزل العائله، ليعقد صالح حاجبيه بغضب، ليقل: محمود.. أفتح هذا الباب وقُل لأخيك جومالي أنني أساسًا لن أعود مرةً أخرى
–ولكن..
="بنبرةٍ عاليه" محمود قلت لك أفتح الباب الآن، لينظر محمود لسالم الذي نظر بتوتر، ليتقدم محمود وفتح البوابه، ليدخل صالح بسرعه مُتجهًا لبيت العائله، ليقل سالم: أخي جومالي سيقتلنا
–سالم أنت تعلم أنه كان سيدخل برضانا أو رغمًا عنّا، سنشرح لأخي جومالي وسيفهم، بينما عند صالح طرق باب المنزل طرقاتٍ متتاليه بسرعه، لتفتح إيفسون وهي تتذمر، لتندهش من وجود صالح الذي تجاهلها ودخل للداخل بهدوء، لتُخاطبه قبل أن يصعد للأعلى، وقد خمّنت سبب مجيئه: إدريس في الشرفه مع الأولاد والسيده سلطان، ليذهب فورًا للشرفه، وقبل أن يدخل، توقف لثوانٍ يتأمل أبنه الذي يجلس بلا روح مع ماسال وآسيا، وسلطان تجلس تنظر إليهم، لتقل ماسال ببراءه: جدتي أنتِ تقولين أن عمي صالح سيأتي ولكنه لا يأتي وإدريس حزين جدًا أنظري أنه لايلعب معنا، ليقل إدريس بهدوء: من الأفضل أن يكون بعيدًا، ليشّد صالح على قبضتيه بقهر، فقد أدرك أن أبنه لم ينسى كلامه، ليُظهر نفسه ويتقدم بهدوء وهو يقول بتفاخر: ياترى لماذا قطعة الأسد خاصتي لايلعب؟ لتنظر سلطان بدهشه، بينما صرخت الفتاتان بفرح: لقد أتى عمي صالح أتى، وركضتا تعانقانه، بادلهما العناق ولكن عينيه كانت على أبنه الذي ينظر إليه ببرود، ليقل وهو يحاول إخفاء توتره: يبدو أن أحدهم يخاصمني، لينهض إدريس وأقترب بهدوء من والده، ليبتسم صالح ظنًا منه أن سيُعانقه ولكن الآخر توقف أمامه ليقل: هل ستذهب؟، لتنظر سلطان بحزن ولم تتدخل، ليقل صالح بعد أن بلع ريقه وأنحنى لطول أبنه: نعم سأذهب.. ليقاطعه إدريس: إذًا لماذا أتيت؟، ليقل صالح: أسمح لي بأن أنهي كلامي يابني حسنًا؟ قلت سأذهب ولكنني سأخذك معي، لتنظر سلطان بإستغراب، بينما أقترب إدريس من أبيه ليقل: حقًا؟ أنت لا تكذب علي صحيح؟، ليوميء صالح بـ لا، ليرمي إدريس بنفسه بحضن والده، ليحتضنه الآخر وهو يشّد عليه، ليمسح على شعره وهو يقبله يسحب رائحته إلى داخله وهو يقول: أنا أعتذر، أعتذر.. لتبتسم سلطان ولكنها لاتخفي قلقها من كلمة صالح، لتقل آسيا: ونحن هل ستأخذنا؟، ليبتسم وهو يفصل عناقه عن أبنه: لنرى، ليستقيم وهو يقول لإيفسون التي تقف خلفه من لحظة دخوله: هل تجهزين حقيبه صغيره لإدريس تحوي أغراضه الأساسيه فقط؟، لتستقيم سلطان وهي تقول: أولاً سنتحدث أنا وأنت، ليقل وهو يتجنب النظر إليها: لايوجد شيئًا لنتحدث به، لتقل سلطان بحده: يوجد.. لن تخرج من هنا حتى نتكلم، وقبل أن يرد الآخر، أردفت هي: إيفسون أخرجي الأولاد للخارج، ليقل إدريس: هل ستذهب بابا؟ ليُغمض صالح عينيه بقلةِ حيله، ليقل: لا ليس من دونك، أنت أذهب وجهز حقيبتك لحين أتكلم مع جدتك، لتقل سلطان بعد أن خرجوا وهي تؤشر على الكرسي بجانبها: كيف حالك؟، ليجلس على الكرسي بتوتر، ليقل بنبرةٍ هادئه: أنا بخير
=لاتبدو كذلك، هل خضعت لعملية رأسك؟
–"بدهشه" كيف عرفتِ؟
=عرفت.. ها أخبرني
–من أخبرك؟ تولغا؟
=تولغا؟ أنا لم أتكلم مع ذلك الشاب بشيءٍ كهذا
–إذًا كيف عرفتِ؟
=لماذا علقت هنا؟ قلت لك أخبرني
–"وهو يتنهد" بماذا سأخبرك؟
=بكل شيء
–لايوجد شيء ومن الواضح أنك تعلمين بكل شيء
="بإستغباء" لا، لا أعلم تفضل وأخبرني.. ولكنني أريد الحقيقه
–"بغضب متزايد" أي حقيقه يا سيده سلطان؟
=أولاً أجب على سؤالي، ماذا حصل للشظية التي برأسك وبإدمانك؟
–كل شيء بخير
=صالح.. دعني أخبرك شيئًا، أنت تظن أن أخوتك يصدقون كذبتك هذه، ربما جعلتهم يصدقون ولكن أنا لم أصدق، ولن أحاول أن يجعلهم يصدقون من بعد الآن، لأنني أدركت أنك لا تخفي على أخوتك شيئًا إلا ولديك أسباب، لذلك أخبرني وأنت مرتاح لا تحمل هذا الأعباء وحدك، ليرفع صالح رأسه ينظر إليها، ويا للعجب! هل شعرت به كشعور الأم لأبنائها؟ كانت نظراتها تحمل حنانًا غير متوقع، وكأنها ترى الألم الذي يحاول إخفاءهُ طويلاً، ليرتبك للحظات وهو يحاول أن يجد الكلمات، ليقل لاحقًا وهو يتنهد: سيده سلطان.. لستُ متأكدًا ماذا تريدين أن تعرفين ولكن، الشظيه.. خضعت للعمليه وأخرجوها وكل شيءٍ على مايرام، أما بالنسبة للإدمان "توقف للحظه" أنا لم أتعافى بالكامل.. ولكنني أحاول
=جيد، وأنك تحاول هذا بحد ذاته يكفي، وبخصوص ذهابك وإبتعادك هذا؟، ليُجيب وهو يفرك وجهه وقد إستسلم فورًا: ماضييّ يلاحقني، كل خطوةً أخطوها أشعر وكأنه يمسك بي ويجرني للخلف، لا أريد أن أضعهم في نفس الدوامةِ التي أدور فيها
="بتفهّم" ولكنهم أخوتك
–أعلم، ولكنني لن أجعلهم يحملون آثامي وأفعالي بالماضي، لن أعود وأسحبهم معي لنفس الهاويه
=ولكنك لن تحميهم بإبتعادك عنهم، الجميع هنا..
–"قاطعها" سيده سلطان، هناك أمرًا أريدكِ أن تفهميه، أنا مُقبل على حربٍ لا أعلم نهايتها ولا أعلم كيف ستنتهي الأمور أو إلى أين ستصل، قد أفقد كل شيء أو أكسب كل شيء لكن مهما حدث، هناك شيئًا واحد أريده بجانبي، وهو أبني.. أريده أن يكون معي لأحميه، لا أستطيع تركه خلفي في هذا العالم الذي قد ينقلب علينا في أي لحظه
="بإستغراب" أي حرب؟ ما الذي تخطط له أنت؟
–يبدو لي أنها تصفية حسابات مع الماضي، ومع أشخاصًا يهددون حياة أبني وحياة من أحب، لا أريد أن أدخلكم في هذا، لذلك أطلب منكِ أن تتفهمي موقفي، أريدكم أن تحموا أنفسكم أنتِ.. الأولاد.. جومالي.. ياماش.. اكين وكاراجا.. الجميع، لا أريدكم أن تكونوا جزءًا من هذه الفوضى، ولكن تأكدي بأنني أنا سأحميكم من الخارج، وسأحرص على أن لا يمسّكم أذى قبل أن يمسني
="بقلق" وهل تظن أنك بإبعادنا ستمنع الضرر عننا؟ أنت تجعلنا أكثر عرضة للخطر عندما نكون غير مستعدين لما قد يأتي يا صالح
–لذلك أطلب منكِ أن تكوني مستعده، يجب أن تكونوا حذرين لتحموا أنفسكم، قلت لكِ لن أخاطر وأدخلكم في هذا، لكن أنا في نفس الوقت لا أستطيع خوض هذه المعركة وأنا قلق على أبني في مكان آخر، أريده أن يكون بجانبي، لأضمن حمايته بنفسي، وإستقام بصعوبه، وأكمل: لا تخبرينهم بذلك فهُم سيأتون خلفي وخصوصًا ياماش، أحمي أولادك بإبعادهم عني، وأحموا بعضكم البعض، ليأتي إدريس ركضًا يحمل حقيبه صغيره، ليقل: أنا جاهز بابا هيا نذهب، لينحني صالح ويقبّل رأس أبنه بحنان، ليلتفت لسلطان التي هتفت تُخاطب الصغير: ألن تقبل جدتك قبل أن تذهب؟، ليبتسم صالح بحزن بينما ركض إدريس لحضن جدته، لتتقدم إيفسون وهي تقول: صالح، هل لدى ياماش وجومالي خبر بأنك ستأخذ إدريس؟، ليلوي صالح وجهه وهو يقول: هو أبني أنا، لتقل سلطان وهي تمسح على شعر إدريس: لاتجعلني أشتاق لحفيدي، ليوميء صالح بهدوء وأمسك بيد أبنه ليخرج من المنزل، أتجه لسيارته تحت أنظار محمود وسالم الذان سيموتان من التوتر والخوف من جومالي، فهو منعهم بأن يدخل صالح للمنزل ولكنه الآن دخل وأخذ أبنه أيضًا بدون علم الأخوه، ليقف صالح أمام سيارته وأخذ حقيبة أبنه، ليهتف إدريس: بابا؟
–"وهو يبتسم" قُل يا روح أبيك
=متى أشتريت هذه السياره؟
–اوه.. لم أشتريها بل جائتني هديه
=هديه! مِن مَن؟
–سأخبرك لاحقًا، ما رأيك أن تصعد الآن؟، ليذهب إدريس ليصعد بينما أغلق صالح الباب الخلفي بعد أن وضع حقيبة إدريس، وقبل أن يصعد لسيارته سمع صوت جومالي الذي نزل من سيارته بدهشه، ليهتف ولم ينتبه لإدريس الذي يجلس في السياره: صالح!، ليتنهد الآخر بإنزعاج وقلق فمجيء جومالي سيُعقد الأمر، ليتقدم جومالي بهدوء وهو يسأل: ألا تسمع؟، التفت صالح بهدوء، ليُجيب: ماذا؟، ليقف جومالي أمام الآخر وهو يقول مؤشرًا للمنزل: هل أتيت لترى أبنك مجددًا؟، ليُشيح صالح بعينيه بعيدًا فقد عرف أن جومالي لم يرى إدريس، ليصمت بدون إجابه، ليُكمل جومالي: أنظر هكذا لن يحصل، تأتي وتذهب متى تشاء! إما أن تشرح همك كالرجال وإلا.. ليتوقف بعد أن لمح إدريس داخل السياره، ليردف وهو ينظر بشك: ماذا تفعل؟، ليقل صالح ببرود: أكمل كلامك.. إما أن أشرح همي كالرجال وإلا؟
–"بغضب" أقول لك ماذا تفعل؟
=آخذ أبني..
–ماذا؟
="ببرود" مثل ماسمعت، هيّا مع السلامه، وحين التفت ليصعد لسيارته جرّته أيديّ جومالي الذي مسك ياقته وضرب ظهره بالسياره، ليغضب الآخر وسرعان ما أبعد يديّ جومالي عنه، ليقل وهو يضغط على أسنانه: أبني هنا وينظر، لن ترفع يدك عليّ أمامه أيها ال***، وعند آخر كلمةٍ بل لنقل الشتيمه التي قالها صالح، رفع جومالي يده ناويًا صفعه، ليُمسك صالح يد الآخر سريعًا مُعيقًا إياه من فعل ما كان ينوي فعله، وأتت سلطان في لحظتها وهي تهتف بنبرةٍ عاليه: جومالي!، ليقل صالح مُخاطبًا جومالي: إياك! إياك أن تفعلها أمام أبني، لينظر جومالي بغير إستيعاب ولم يعلم كيف رفع يده على صالح، لتتقدم سلطان تبعدهم عن بعضهم، لتقل مُخاطبةً جومالي: دعه! هو أبنه وهو الأحق به!، ليفرك جومالي وجهه بنفاذ صبر، ليقل بحرقه وهو يؤشر بسبابته ناحية صالح: الإنسان يكون لديه سبب ياهذا! سبب لأفعاله، لتخلّيه، لتصرفاته، ولكنك لا تملك سببًا! أخبرني ماهو سبب تخليك عنّا وأخذك لأبنك بدون علمنا ها؟ أخبرني لاتهرب كالجبان في كل مره، نظر صالح إلى جومالي بصمت، شعر في لحظتها بألمٍ وندم عميقان، مشاعره المختلطه جعلته يبتلع كل كلماته للحظه، وكأنه يحاول إستيعاب مدى القهر الذي يشعر به جومالي، وأدرك في تلك اللحظه أن أخاه لا يزال يهتم، شعر بأنه مهمًا لدى أخيه رغم كل ما حدث، ورغم الأفعال التي فعلها والأخطاء التي إرتكبها، ليُكمل جومالي صارخًا بغضب: أخبرني، لماذا تختار دائمًا الهروب؟ أنت تخلّيت عنا لأشهر وأختفيت وعُدت تقول أنا فارتولو وتفاهات أخرى، والآن تبتعد وتأخذ أبنك وكأننا لسنا عائلتك! أعلم هذا.. أنت لايمكنك الهرب للأبد أتفهم؟ سأكسر رأسك هذا لأفهم ماذا جرى له، ظّل صالح ينظر بألم لجومالي، ليشّد على قبضتيه والتفت ليصعد لسيارته، ولكنه التفت ليقل بنبرةٍ خافته: لو كنت مكاني، لفعلت نفس الشيء، ليصرخ جومالي بدون تفكير أو حساب لكلامه: إن ذهبت الآن فلا تفكر بالعودة مرةً أخرى، تنهد الآخر بصعوبه ولم يلتفت بل ذهب بدون أي إجابه تحت أنظارهم جميعهم، سلطان التي تنظر بحزن، وجومالي الذي ضرب الأرض بقدمه من شّده قهره، لتلتفت سلطان بغضب طفيف: ماذا قلت له الآن يا جومالي!
="بقهر" لا أعلم..
–"بحزن" بني.. أهدأ وأتركه، ربما هكذا سيكونان بخير معًا
="بقلةِ حيله" كيف بخير؟ كيف؟ وهو بعيدًا عننا؟ حسنًا في السابق كنت أقول صالح كبير يهتم بنفسه لاخوف عليه ولكنه أخذ أبنه الآن كيف سيحصل وهو يعمل في ذلك العالم المظلم؟ أننا مترَصدون من قبل أعداءنا ولم نتخلص منهم تمامًا كيف سيكون بخير بمفرده؟
–"بحدّه" أنت قلتها جومالي، هو أبنه.. إدريس لا يأكل ولا يشرب إلا بالقوه منذ ذهاب والده، أصبح كالجسد بلا روح، سيكونان بخير معًا، أترك صالح يفعل مايريده، لينظر جومالي بشّك لوالدته وقد شعر بشيءٍ غريب يحتل صدره، توتر أم خوف أم قلق لايعلم، ولكنه قال بصوتٍ خافت وهو يعود لسيارته: كيف تتقبلون هذا الأمر لا أعلم.. ليذهب بينما تنهدت سلطان بقلق..
––––––––––––––––––––
عند صالح..
كان يقود وعينيه شاردتان في الطريق، عقله مشوش، يقاوم شعورًا سيء إجتاحه بشكلٍ مفاجىء، ليقاطع تفكيره صوت أبنه وهو يهتف: إلى أين سنذهب؟
="وهو يحاول الإبتسام" مكانًا سيُعجبك
–ماهو؟
=سترى عندما نصل
–بابا
=ياروح أبيك؟
–أريد أن أنام قليلاً حتى نصل هل يمكن؟
=أجل يمكن، سأوقضك عندما نصل، وبعد لحظات غفى إدريس، فلم يستطع صالح تمالك نفسه أكثر، وقف فورًا على جانب الطريق، ليرتجل من سيارته يترنح وهو يضرب بقبضته على صدره، ذهب بعيدًا عن السياره قليلاً وهو يسعل بأقوى ما عنده يحاول أخراج شيئًا.. شيئًا إرتكز على صدره يمنعه من التنفس، ليصرخ مخاطبًا نفسه: تنفس! تنفس ياهذا، كان يضرب صدره وهو يفكر بأبنه، ماذا لو حدث له شيئًا؟ ماذا سيحدث أن لم يكن قويًا كفايه لحمايته؟ هل قراره بأخذ أبنه والإبتعاد عن أخوته وعدم إدخالهم لهذه الحرب صحيح؟ تداخلت الأفكار في رأسه وكأنها تجذبه إلى ظلامٍ خانق أكثر، كيف يمكنه مواجهة ذلك الكبير وهو يعلم أن الخطر يهدد عائلته؟ كيف يمكنه تحمل فكرة أن أبنه وأغلى ما لديه.. إدريس! قد يعيش نفس ماضيه المظلم؟، لينحني وهو لازال يضرب صدره، حاول التركيز فقط على أن يتنفس في هذه اللحظه لأنه بدأ يرى كل شيءٍ مشوش وبدأ يشعر بدوارٍ خفيف، ليهدئ نفسه وهو يحاول إقناعها بأنه يستطيع، وبعد لحظات شعر بأنفاسه أخيرًا تعود إليه، ليستقيم ويرفع رأسه ينظر فورًا لأبنه، ليراه نائمًا على حاله بهدوء في السياره، ليخطوا بترنح ناحيتها، صعد وأسند رأسه للخلف، يحاول إلتقاط أنفاسه بعمق، لينظر لأبنه لثانيةٍ وأبتسم، ليقل: أقسم لك لن أجعله يمّسك بسوء، وإن كان ذلك سيُكلفني حياتي..
إلى اللقاء في البارت القادم..

أنت تقرأ
لا يوجد سوى الألم..
Fanfictionسيناريو بأحداث مختلفه للجزء الرابع "Çukur" *ملاحظه: هذه المره الأولى لي في كتابة شيئًا ما..