ضحيتنا القادمه ستكون من إختيارك..
في المساء، كان صالح يتكئ على سيارته ينتظر قدوم جيلاسون وأبنه، لكنه فوجئ بوقوف سيارةٍ أخرى، ولمح في داخلها اكين الذي نزل بهدوء وأنزل الصغير معه، أقترب اكين من عمه وهو يبتسم، وما إن لمح الصغير أباه حتى أسرع يركض وهو يهتف بحماس: بابا!، وأحتضنه، وبعد لحظات أبتعد إدريس وهو يقول ببراءه: لماذا لم تأتِ إلى هناك، الجميع يسأل عنك، أتبع أكين على كلام الصغير: أجل وأشتقنا أيضًا..، أبتسم صالح بهدوء وردّ مازحًا يُخاطب أبنه: ها؟ هل تخلصت من الملل أيها الشقي؟، ثم إستقام وإستدار يفتح باب السيارة وهو يهتف لأبنه "هيا حان الوقت لنذهب" وقبل أن يصعد هو بنفسه، التفت لاكين الذي لازال في مكانه لم يتحرك، ليقل بنبرةٍ خفيفه: سلمت اكين..، وصعد سيارته ذاهبًا تحت أنظار اكين الذي يراقب ذهابه بصدمةٍ وروح مُثقله، فهل يعقل أن يذهب عمه هكذا بدون أن يهنئه أو يتحدث معه عن خبر إنتظاره لمولوده الأول؟ كيف يمكن لنصف أبيه أن يتجاهل الرسالة التي أخبره فيها بأنه سيصبح أبًا؟ تراجع اكين بخطواتٍ بطيئه نحو سيارته، محاولًا كتم دموعه التي لم تستطع الصمود، لاحقًا.. ركن سيارته أمام منزل العائله، دخل وهو يحبس دموعه، لتراه ياسمين التي كانت تنزل من الأعلى، لتقل: اكين، هل أنت بخير؟، ليتقدم وهو يحتضنها بقوه، ليهتف بنبرةٍ متقطعه وهو يحاول أن يتمالك نفسه: لقد تجاهلني.. لم يُهنئني حتى.. لقد أخبرته بأنني سأصبح أبًا، لكنه.. لم يقل شيئًا، لتربت ياسمين على ظهره بحنان وقد علِمت ماذا يقصد، لتقل بهدوء: اكين..أحيانًا الأشخاص الذين نحبهم لا يبدون لنا مشاعرهم بوضوح
=لقد تجاهلني.. كنت أظن.. كنت أظن أنه سيكون أول شخصٍ يفرح لي، أن يقف بجانبي، لكن شعرت وكأنه غريبًا
–"بهدوء" لا تقل هذا، أخي صالح يحبك، ومع الأسف لا أعلم ماذا يحصل وإلا كنت وجدت ما يُخفف عنك هذا الشعور..، ليبتعد اكين وهو يمسح دموعه بكفّ يده، ليهتف: هل الجميع موجود؟، لتقل هي بتوتر: أجل، وأخي جومالي جاء قبلك بقليل، ماذا ستفعل؟، ليسحبها من يدها بلطف نحو الصالون، حيث سلطان والأخوه وزوجاتهم وكاراجا والأطفال، ليتقدم اكين وهو يُمسك يد ياسمين بقوه وكأنه يستمد منها الدعم، لينظر الجميع له بغرابه، فهو وقف أمامهم كالذي يستعد لأعلان شيئًا مهمًا، أخذ نفسًا عميقًا، ليقل بهدوء: أريد أن أشارككم بشيءٍ ما، أنا.. أنا سأصبح أبًا، أبتسم للجميع بدهشه، بإستثناء كاراجا التي نظرت بغير إهتمام، وصعدت لغرفتها، بينما نهض جومالي وهو يهتف: ياهذا! هل حقًا ستصبح أبًا؟، ليومي اكين وهو يبتسم، ليقترب جومالي منه مُحتضنًا إياه بشّده، وسرعان ما نهض ياماش هو الآخر وأنضم لعناقهم، ليقل ياماش بإبتسامه: أستعد للمعركه الجديده ياهذا، فإنها ليست سهله.. ضحكوا جميعًا ونهضت النساء يُهنئن ياسمين، بينما إستقامت سلطان لتهتف بهدوء وهو تقبل رأس ياسمين: مبارك لكِ يا أبنتي، ستكونين أمًا عظيمه، واكين سيكون أبًا كما كنتُ أتمنى أن أراه يومًا، وسيأتي حفيدًا آخر.. أبتسمت ياسمين بخجل، وأبتسم الجميع كذلك، واكين الذي كان يضحك بخفه، لكن فرحته كانت مشوبةً بغصةٍ وحزن، فقد كان يتمنى أن يكون عمه صالح، نصف أبيه.. هو أول من يهنئه ويقف بجانبه في هذه اللحظه، نظر إلى ياسمين التي كانت تبتسم له بحنان، وشعر بالدفء مُتجاهلاً كل مايحدث حوله..
––––––––––––––––––––
منزل صالح..
دلف صالح إلى داخل المنزل برفقة أبنه، ومراد الذي كان يخبره بتفاصيل ما حدث مع الشخص الذي قتلوه في المستودع، ركض إدريس لغرفةِ ألعابه، وهتف صالح للممرضه التي كانت تتقدم
نحوه: هل جاء الطبيب اليوم؟
=أجل، والسيده ليلى إستجابت للعلاج قليلاً، نتوقع إستيقاظها قريبًا
–"بإبتسامه مُريحه" حقًا؟
=أجل.. إن شاءالله ستتحسن أكثر.. وذهبت بينما تنهد صالح براحه، ليلمح تولغا من بعيد جالسًا على الأريكه ينظر أرضًا ويهز قدمه بتوتر، تقدم صالح، وما إن رفع تولغا رأسه ورأى صالح يتقدم نحوه، حتى وقف بغضب وبسرعه، وهتف بدون تفكير: أين كنت وأين إدريس؟ هل تذهب هكذا دون إخباري؟، ليبتسم صالح وهو يُجيب: هل أنت زوجتي ياهذا؟
="بغضب" أنا أتكلم معك بجديه يا أخي، لم أعد أراك تُعيرني إهتمامًا، وقد إلتزمت الصمت، لكن أن تأخذ إدريس معك، وتتأخر لهذا الوقت، وأيضًا تحتجز ذلك الرجل في القبو! كل هذا وتريدني أن أبقى صامتًا؟، أدرك صالح أن الذي أمامه غاضب بل يشتعل غضبًا، فأمسكه من يده وسحبه نحو الشرفه تحت أنظار مراد الذي تراجع وخرج من المنزل، ليدفع صالح تولغا بعنف إلى الشرفه وقال بحده: على من ترفع صوتك يا هذا؟، لقد أتصلت بك عدة مرات اليوم ولكنك لم تُجب، وتأتي الآن لتحقق معي؟ بالأصل أنت أين كنت ياسيد تولغا؟ تراجع تولغا خطواتٍ للخلف تحت وطأة دفع صالح له، ولكنه إستدار وهو ينظر في عينيّ صالح بحده، ليقل بنبرةٍ غاضبه: أرفع صوتي على أخي الذي ظننت أنه يثق بي، لكنه أصبح يتخذ قراراته لوحده وكأنني غريب هنا، وكنت مع كاراجا لأنه ليس لدي أحدًا أتكلم معه سواها، أغمض صالح عينيه بضيق، وتنهد بعمق وهو يحاول تمالك نفسه، ليقل بهدوء: الأمر ليس كما تظن ياتولغا
="بسخريه" حقًا؟ أنا لا أعرف الأمر لكي أظن فيه شيئًا، لماذا لاتثق بي وتريد إبقائي بعيدًا عن كل مايحصل؟
–"بأسى" ماهذا الكلام يابني! أنا أثق بك أكثر من نفسي
="بحدّه" إذًا أخبرني ماذا يحدث، شدّ صالح على قبضتيه محاولًا تمالك أعصابه أمام نبرة الآخر، ليقل بهدوء: أنظر هناك أمور لم أستوعبها حتى الآن، لم أفهمها بالكامل ولا أعلم لماذا وكيف حصلت وماذا سيحصل بعد، دعني أستوعب ما يحدث، دع رأسي السميك هذا يحاول فهم الأمر ويكون قادرًا على إستيعاب كل التفاصيل، عندها سأخبرك بكل شيء، نظر تولغا بقهر لأن الذي أمامه يُصر على موقفه، ليُتابع بنفس غضبه: أنا أتيت إلى هنا لماذا؟ أتيت لجانبك من أجل ماذا؟ أنت تعرف لا حاجة بأن أذكرك.. كن صادقًا معي فقط يا أخي!، طفح كيل صالح وإزداد ألم رأسه لينفجر بالآخر وهو يصرخ: لم أطلب منك المجيء ياهذا!، تجمد تولغا في مكانه، وأنخرس لسانه، هو يعلم أن أخيه لا يقصد ما قاله، لكنه قالها، وكان وقعها أشد من أي ضربه، لينظر بألم لصالح، في حين أردف الآخر بعد أن تنفس بعمق وتمالك نفسه مجددًا: لا تفسد أعصابي ياهذا لاتجبرني على الصراخ، فألم رأسي لايتركني "وأكمل وهو يضرب رأسه بخفه" هذا لا يصمت ولا يهدأ، كارتال في السجن وأخوتي وعائلتي بالحفره، وأنت وأبني وليلى هنا، وأنا أيضًا هنا أنتظر ذلك الحقير أن يخرج للوسط أنا.. توقف عن الكلام فجاءه وإنحنى يستند بيديه على كرسيًا أمامه تحت أنظار تولغا الذي عضّ شفتيه بندم، وحين تقدم تولغا ناحية صالح، أعتدل الآخر بسرعه وهو يبتعد قليلاً ليقل بحزم: إياك! أنا لا أحتاج مساعدة أحد، ليقل تولغا بهدوء وهو يقف في مكانه: لاتحتاج مساعدتي؟، جلس صالح بقلة حيله وهو يضع رأسه بين يديه، ليقل تولغا بعد لحظة صمت: أنا ماذا قلت لك من قبل؟ قلت "أنت وأنا هو كل مانحتاجه، وسنعبر هذا الجحيم معًا" مهما كان ما تقوله أو ما يحدث، لن أتحرك من هنا ولن أذهب لأي مكان، أصرخ، وأضرب، لن أتحرك.. صحيح أن هذا خطئي وأنني ضغطت عليك قليلاً، ولكنني كنت أريدك فقط أن تخبرني ما الذي يشغل بالك منذ أسبوع، أخذك لهذا المنزل، وتحدثك مع ولي، وأنت منذ أسبوع لا تتحدث ولا تجلس كثيرًا في المنزل حتى مع إدريس! هناك شيئًا حدث ولازال يحدث أنا أعلم، فأنا رأيت.. رأيت الرجل الذي حاول السقوط من الهاويه، هذا الرجل لن يقدم على هذا الشيء إلا وأن شيئًا ما قد حدث، لم يتحرك صالح بل ظلّ على وضعه مُغمض العينين، ليتقدم تولغا ويجلس بجانبه، ليردف بنفس الهدوء: آبي، ما الذي تخفيه؟ لماذا تحمل كل شيء على عاتقك وحدك؟ أنا هنا ما فائدتي إذًا؟، تسللت هذه الكلمات إلى داخل صالح وآلمته، فحتى تولغا الآن لايفهمه بشكلٍ كامل! ليتنهد بثقل، ورفع يده يضعها على كتف تولغا بهدوء، ليقل: أعلم، وأعلم أيضًا أنك هنا، وأعلم أنني لو سقطت، أنت ستكون أول من يمد يده ليرفعني يا تولغا، أنت أكثر شخصًا أثق به، وأنا لا أخفي شيئًا، سأخبرك بكل شيء عندما يحين الوقت، الآن فقط أحتاج بأن تثق بي كما كنت تفعل دائمًا، وبالرغم من أن تولغا لم يكن مُقتنعًا ولازال غاضبًا وقلقًا، لكنه أومى بهدوء، ليقل بصوتٍ خافت: أعدك أنني لن أضغط عليك بعد الآن، ولكن أرجوك لا تجعلني أشعر بأنني غريب عنك، نحن أخوه اليس كذلك؟ وهذا يعني أننا نقاتل معًا ونحمل أوجاعنا معًا، أبتسم صالح بهدوء، ليستقيم ويذهب للداخل بدون أن ينطق بكلمةٍ أخرى
––––––––––––––––––––
في غرفة مُظلمه، لا يُضاء فيها سوى نورًا خافتًا على الطاوله وآخر في الجدار يُسلط ضوءه على لوحةً مُعلقه، تحتوي على صورٍ مُثبّته بدبابيسٍ بشكلٍ مُتسلسل، كانت الصور لعائلة كوشوفالي، الرؤوس الكبار منهم، سلطان.. جومالي.. صالح.. ياماش.. اكين.. كاراجا، وصورةً لتولغا أيضًا، وأخيرًا في طرف اللوحه، صوره صغيره مُثبته بثلاثة دبابيس حمراء، صوره لإدريس الصغير.. يجلس الكبير على كرسيه في الوسط، وبجانبه يقف كنان، بينما يتكئ شابًا بالقرب من اللوحه، يرتدي ملابسًا غير رسميه، ويبدو من ملامحه وكأنه شخصًا متمردًا، بعد لحظاتٍ من الصمت، نطق الكبير بنبرةٍ هادئه لكنها مليئه بالقوه: تكلم..، كان صوته كأنه يأذن لهذا الشخص بالكلام، فكما نعلم سلطته لا تقبل النقاش، أعتدل الشاب وتقدم خطوةً للأمام، نظر للكبير بحذر وكأنه يحسب كل كلمةٍ سيقولها، ليقل: أعلم أنني سأتحمل عواقب كلامي، لكنني بحاجة لأن أفهم، لماذا لا نتحرك الآن؟، نظر له الكبير بحدّه، وأبتسم إبتسامة خفيفه، ليُجيب: أريد أن أكون مستعدًا تمامًا، ليس لدي سببًا للإندفاع في قراراتي، وكل خطوة سنخطوها يجب أن تكون محسوبه اليس كذلك؟ "صمّت للحظه" فارتولو أصبح يعلم بهويتي وبأنني فوق كل شيء وأنني ألاحقه
–ولكن هذا أساسًا من ضمن خطتك
=أعلم ولكنه حدث أسرع من المتوقع، لذلك لن نتحرك بدون حذر مره آخرى
–أنت قلتها حدث أسرع من المتوقع، برأيي يجب أن نتحرك بسرعه
="بحدّه" إذا أردنا أن نحقق ما نريد، يجب أن نتحرك ببطىء ونكون أكثر حذرًا في كل خطوة نخطوها
–"بإحتجاج" ولكـ..
="يُقاطعه" أيها الشاب.. ذكرني بأسمك؟، تراجع الشاب خطوةً للخلف وأبتلع ريقه بتوتر، ليُجيب بتوتر: سافاش، سيدي، ليضحك الكبير بخفه ليقل: لك من أسمك نصيب تريد جلب الحرب بسرعه؟، ثم نظر بحدةٍ وأردف: سافاش.. أنت هنا من يخطط ويتفحص ويكتب كل شيء وكل خطوةٍ نخطوها بأمرٍ مني.. لذلك تذكر جيدًا، في هذا العالم، لا تملك سوى أسمك لتكون على قيد الحياة.. وتذكر أيضًا بأن كل كلمةٍ تخرج من فمك هذا تحمل تبعات، هل فهمت؟
–"بخوف" أفهم، سيدي، ليهتف كنان وهو ينظر ببرود يُصحح كلمة الآخر: كبيري، بينما نظر الكبير إلى اللوحه، ليهتف وهو يمرر أصابعه على ذقنه: أخبرتني أن الشاب يعلم بأمر كارتال وتهديده لفارتولو.. وبأن من أخبره هي تلك الفتاه أبنة أخ فارتولو "قالها وهو يُشير بمصباح الليزر في يده إلى صورة كاراجا"
–أجل، ومن أخبرها هو كارتال
=لماذا أخبرها؟ هل أعتقد بأنها تستطيع فعل شيء؟
–ربما لكي تُخبر عمها أو أحدًا من العائله
=ولماذا؟
–لكي يعلم فارتولو بكل شيء بدون أن نلوم كارتال
=بعد لحظةٍ من التفكير" يعني يريد أن يصل فارتولو إليّ؟ "وأكمل بعد أن ضحك بخفه" حركة تليق بأبن المدير.. سنتخلص من كارتال في كلا الحالتين أساسًا "ونظر إلى كنان مُتبعًا" ماذا حدث في الأيام الأخيره؟ أريد التفاصيل
–"بجمود" ذهب للمركز بعد تصفيتنا للمحاميه، لم يستطيعوا التكلم معه إلا في الصباح التالي، وخرج حاول الإنتحار من هاوية لجبل ولكن أنقذه ذلك الشاب، ذهب للمستشفى وأخذ تلك الفتاه أخت كارتال، وأخذ أبنه أيضًا من الحفره، أشترى منزلاً كبيرًا في المدينه يبعد عن الحفره نصف ساعه، ذهب لزيارة كارتال بالأمس، ونام في سيارته من الصباح حتى المساء، والآن يتحرك من الشركات إلى مواقعٍ أخرى غير واضح غايتهُ منها، نظر الكبير صامتًا للحظه وكأنه يستوعب ما سمعه، ليقل: حاول الإنتحار؟
–أجل، كان على حافة الهاويه حرفيًا، ومن أنقذه كان ذلك الشاب الذي يتبعه منذ فتره
="بضحكةٍ خفيفه" فتره؟ سنوات ياعزيزي، ليُشير إلى صورة تولغا وأردف: علينا أن نلعب على وتر الأشخاص الذين يثق بهم فارتولو، الآن يبدو وكأنه يحاول إنشاء جبهة صغيرةٍ لنفسه، لكنه سيفشل بمجرد أن نقطع عنه أوتار الثقه والأمان التي يعتمد عليها "ليُكمل بعد أن وضع قدمًا على الأخرى" لن ينتحر ولن يموت قبل أن أنهي خطتي وأقتله أنا بنفسي.. على كل حال قُل لي الآن لم يخبر أخوته بعد اليس كذلك؟
–لا، من الواضح أنهم لايعلمون بشيء، يظنونه أبتعد عنهم بإرادته، ليهتف سافاش: ولكنهم لم يتركوه، فعلى حسب علمي أخيه الأكبر يتعقبه ويشعر بأنه يُخفي عنه شيئًا، قالها سافاش وهو ينظر بتفاخر إلى كنان، نظر الكبير أيضًا لكنان الذي بدوره نظر إليه بتوتر، ليقل: أجل أخبرني أحد الرجال أن جومالي كوشوفالي، أخيه الأكبر تعقبه اليوم، من الحفره إلى الشركه إلى أحد المستودعات عودةً للحفره، لم يرد الكبير بل تأمل الصور أمامه للحظات، ليهتف بعدها بهدوء: هل يوجد خبرًا من علي؟، أجابه كنان: لا يوجد حتى الآن، لينظر الكبير لسافاش، ليهتف بإبتسامةٍ ونظره جاده: ضحيتنا القادمه ستكون من إختيارك يا سافاش، لكنني لن أترك لك المجال مفتوحًا، بل سأخيرك بين إثنان من هذه اللوحه، وأنت ستختار من سيكون موته مناسبًا، أبتسم سافاش، ليُجيب وهو ينظر لكنان بتفاخر مرةً أخرى: سيحصُل ماتقوله أنت ياسيدي، ليهتف كنان مرةً أخرى بغضب: كبيري!، ليقل الكبير بنبرةٍ غضب: هل سمحت لك بالتكلم ياكنان؟، صمّت كنان، ليستقيم الكبير وأعتدل الأثنان بإحترام، ليتقدم نحو اللوحة وسافاش، ليهتف وهو يُمرر مصباح الليزر بين صورتين بجانب بعضهما: أختر.. من سنقتل حين نكون جاهزين بعد مده؟
––––––––––––––––––––
منزل صالح..
نزل ببرود وهدوء للقبو، وبخطواتٍ ثابته تقدّم نحو وسط الغرفة التي لا يُضيئها سوى إناره خافته في السقف، إرتسمت على شفتيه إبتسامةً ساخره عندما رأى علي مُقيدًا في منتصف الغرفه، وحوله ثلاثة رجالاً من رجاله وليس من رجال كارتال، فـ "ولي" أرسل لصالح رجالاً للحمايه، خلع سترته ومدّها لمراد الذي يقف خلفه، شمّر عن ساعديه، وخطى خطواتٍ للأمام ليجلس على الكرسي الموضوع أمام علي، وهو يضع قدمًا على الأخرى، ليقل بنبرةٍ ساخره: ألم تكن دائمًا تدّعي أنك "الذراع الأيمن" لكارتال؟ وأنك الرجل الذي لا يتزعزع؟ وقلت لي ذات مره.. بل بالأمس أنني مجرد شغيل لدى سيدك، أخبرني.. كيف تجد نفسك الآن، وأنت مكبّل أمامي؟ أمام هذا الشغيل الذي كنت تزدريني به؟، نظر علي إليه بصمت فقد كان فمهُ مغلقًا فلم يستطع الرد، وربما حتى لو إستطاع لما تجرأ على الحديث، فأكتفى بنظراتٍ مليئةً بالحقد والخوف في آن واحد، أردف صالح بعد أن شرب القليل من الماء: ما بالك تصمت هكذا؟ أين هي تلك الجرأه التي كنت تتحدث بها سابقًا؟ أم أن الجرعة تنقصك ياعلي؟ أخبرني هل أخذت جرعتك اليوم أم أنك نسيت وتحتاج إلى شيء لتستعيد توازنك المزيف؟ "أكمل بعد أن ضحك بخفه" أووه نسيت فمك مغلق!، لازالت أنظار علي مثل ماهي سوى أنها ازدادت غضبًا وحقدًا، تنهد صالح ببطء وإستند بظهره للخلف، ليردف: ولكن هل تعرف ما الذي صدمني حقًا؟ هو أنك جاسوسًا.. نظر مراد والجميع بصدمةٍ وليس علي فقط الذي أتسعت عيناهُ دهشة، ضحك صالح بخفه، ولا يخفي فهو يستمتع بدهشة علي وبنظرات الصدمة التي طغت على وجوه الجميع، ليردف لعلي بنبرةٍ هادئه ولكن حاده: نعم ياعلي.. جاسوس، جاسوسًا للكبير، ذلك الرجل الذي كنت تظن أنه يثق بك بلا حدود، ولكنك لم تكن سوى بيدق يلعب به على هواه، حاول علي أن يتحرك، لكن القيود التي تكبّله تمنعه، في حين تحولت نظراته لمزيجٍ من الذعر والغضب والخوف، وعينيه المذعورتان لا تفارقان وجه صالح الذي يبدو عليه الإستمتاع بمشهد إنهياره البطيء، مال صالح للأمام، وإنخفض صوته تدريجيًا وكأنه ينوي دفع علي نحو حافة الإنهيار، فهو يعلم أن الآخر لم يأخذ جرعته، فسينهار ويغضب سريعًا بغير إرادةٍ منه، ليقل بخفوت: أخبرني.. ما هو شعورك الآن؟ بعد كل هذه السنوات من التظاهر بالقوة والولاء؟ كيف تشعر وأنت تدرك أنك لم تكن سوى لعبة صغيره في يد من ظننت أنك تخدمه بإخلاص؟ كل كلمه.. كل خطوه.. كان الكبير يعرفها قبلك ياعلي!، وإستقام بهدوء، ليستدير ينوي الخروج، ولكنه التفت قبل أن يخرج ليقل: ها.. ولا تكن ساذجًا، أنت كنت مجرد أداه، ورقة يلعب بها لتحقيق مآربه، والآن.. ورقتك هذه قد أحترقت، وكل ماتملكه الآن ياعلي هو خياران، إما أن تتعاون وتكون صادًقا معي وتخبرني بما تعرفه عن الكبير وخططه، وإلا.. توقف ينظر بتمعّن، ليُكمل بصوتٍ خافت يحمل في طياته إستهزاءً أكثر من كونه تهديدًا: أو أتركك لمصيرك، وأنت تعرف جيدًا ما يعنيه ذلك.. وخرج بخطوات هادئه تحت أنظار علي الذي بدأ يتصبب عرقًا من شدة التوتر والخوف، وألمه المتزايد من عدم أخذه لجرعته اللعينه، تبعه الرجال بصمت، وأغلقوا الباب خلفهم وأطفأوا الأنوار، ليغرق المكان في ظلام دامس، تاركين علي وحده ليواجه أشباح مخيلته، التي بدأت تلتهمه رويدًا رويدًا..
––––––––––––––––––––
عودةً للكبير..
خرج وهو يبتسم، وخلفه كلاً من كنان وسافاش، وحين خرج الكبير، التفت كنان لسافاش الذي يمشي خلفه، ليقف الآخر مُستغربًا من وقوفه المُفاجئ، ليهتف كنان ببرود وبنبرةِ تحذير: لن تصِل لمرادك أيها الشاب، ضحك سافاش قليلاً، ليتقدم أكثر ويهتف بنفس نبرة الآخر: لقد إنتهى وقتك.. تقبل هذا، كلها أشهر وسيقول الكبير لك أنك لا تصلح لهذا المكان
="بحده" لن تصبح ذراعه الأيمن مهما فعلت، أخرج سافاش سيجارةً من جيبه ليُشعلها وهو يقول بسخريه: ربما، ولكن هل تعلم ماذا أعتقد؟ "أخذ نفسًا عميقًا من سيجارته ببرود" أعتقد أن الكبير يعرف كيف يميز الأذكياء عن البقيه، وفي النهايه لن يظل أحد هنا سوى الأقوى والأذكى ياعزيزي كنان، ليتخطى الآخر بتفاخر وهو يُدندن بأغنيةٍ ما، كما لو كان لا يكترث بما يقوله كنان، مما جعل الآخر يشعر بشيءٍ من الغضب الذي يُخبئه في داخله..
––––––––––––––––––––
في أحد الأحياء القديمه..
توقف صالح بسيارته بعيدًا قليلاً عن تلك الورشه التي أخبره بها ذلك الرجل، أطفئ أنوار السياره وأشعل سيجارته، جلس بهدوء وهو يراقب بوابة الورشه التي لازالت مفتوحه في ساعات الليل الأخيره، كان المكان هادئًا بشكلٍ مريب، أخذ نفسًا عميقًا من سيجارته وهو يراقب بتمعّن كل حركه حوله، وبعد لحظات رأى رجلاً يخرج متوجهًا نحو زقاق ضيق في آخر الطريق بعد أن أغلق بوابة الورشه، أبتسم وهو يأخذ آخر نفسٍ من سيجارته، ومن ثم أطفأها سريعًا ونزل بهدوء، مشى بخفه وبخطواتٍ سريعه لكنها ثابته، يراقب الذي أمامه بحذر، دخل الزقاق خلفه، ولكن الرجل أختفى فجاءه وكأن الأرض قد إبتلعته، أستمر في المشي ولكن خطواته أصبحت أسرع وهو يحاول أن يتبع أثر هذا الرجل، التف حول الزقاق لمراتٍ عديده، لكنه لم يعثر على أي أثر "اللعنه!" همس بها لنفسه وكأن الرجل قد تبخر في الهواء، لكنه رغم ذلك لم يتراجع، بل ضاقت عينيه وهو يتقدم أكثر، بحثًا عن أي أثر، ولكنه ما إن خطى خطوتين، حتى شعر بحركة سريعه خلفه، ولم يكاد يلتفت إلا وشعر ببرودةٍ حاده تحتل خده الأيمن، ولم تكن إلا برودة السكين التي لامست بشرته، ليهمس صوتًا حادًا في أذن صالح: لماذا تتعقبني؟، ضحك صالح بسخريه فهو أدرك أن هذا هو نفس الرجل الذي كان يُلاحقه، ليقل بتهكم وبنبرةٍ خافته: ظننتك غبيًا ولكنك لاحظت تعقبي لك والله برافو، قرّب الرجل السكين أكثر حتى أصبح الجرح الذي أحدثته يؤلم صالح الذي رفع يد ببطىء يضعها على سلاحه وهو يهمس بغضب: لاتلمس وجهي!، لكن في حركةٍ سريعه ومُباغته، سحب الرجل سلاح صالح على غفله ودفعه بعيدًا عنه بعنف، ليمسح صالح الدماء التي نزفت من خده وهو يتأفف، وحين ألتفت رأى الرجل يوجّه السلاح نحوه، أبتسم وكاد يضحك ولكنه منع نفسه، فهو رأى أن قفل الأمان الخاص بالسلاح لم يُسحب، ليقل وهو يقف بإعتدال أمام الآخر ويضع يديه في جيوبه: الم تستخدم سلاحًا من قبل؟، وعند كلمته هذه رمى الرجل السلاح وركض هاربًا، ليركض صالح خلفه بدون تفكير، وفي أثناء ذلك سحب سلاحه الآخر من خصره، فهو قد حمل سلاحيه الإثنين عندما نزل من السياره، كان الآخر سريعًا ولكن صالح بالرغم من صعوبة تنفسه إلا إنه ركض بسرعه يريد الإمساك به، لم يهرب الرجل منه بدون سبب، لذلك كان مُصممًا على الإمساك به، ليدخل الرجل في زقاقٍ آخر، وخلال ثوانٍ معدوده دخل صالح وهو يركض بحذر للزقاق، وعندما أقترب من منعطفٍ أمامه، باغته الرجل بهجومٍ مفاجئ، سقطا معًا على الأرض، وسقط السلاح بعيدًا، قاومه صالح بكل قوته، ليضربه على معدته جعلت الآخر يتأوه ليسقط بجانبه، أسرع صالح بالنهوض وأتجه ناحية سلاحه، ولم يكاد يصل حتى رمى الرجل بنفسه على صالح فجاءه، حتى أصطدموا بجدارٍ خلفهم، ليضربه الرجل على صدره بشّده، ليصرخ صالح بألم وغضب في آنٍ واحد، وبسرعه رد صالح بلكمة قاسيه على وجه الآخر جعلته يسقط أرضًا، ليستقيم صالح ذاهبًا بإتجاه سلاحه، إلتقطه بغضب وهو يُمسك صدره متألمًا، وجهّهُ نحو الآخر وهو يقول بحدّه: أنهض وأمشِ أمامي أيها ال***، ليظهر أربعة رجال من الظلام ليسوا بالأشداء كثيرًا، يحملون معهم مضاربًا وعصيان ينظرون لصالح والشرار يتطاير من أعينهم..
––––––––––––––––––––
الحفره.. منزل العائله
تقدمت إيفسون نحو ياماش وهي تحمل أكواب الشاي، ليأخذ كوبه، وسألها: أين أخي جومالي؟، لتُشير بأعينها ناحية الشرفه، لينهض ياماش أخذ كوب أخيه بيده الآخرى وأتجه نحو الشرفه، تقدم ورأى جومالي جالسًا بصُحبة دفتر الألغاز الذي لايتركه حين يكون ذهنه مشغولاً، وضع كوب الشاي أمام أخيه، وجلس وهو يهتف: لقد جاء إدريس اليوم للمنزل، نظر جومالي لكوب الشاي وهو يُجيب: حقًا؟
=أجل، أندهشت فأنا توقعت صالح ذهب لخارج المدينه، ضحك جومالي بإستهتزاء، ليضع ياماش كوب قهوته على الطاوله، وأقترب قليلاً من أخيه: هل كنت تتعقبه؟، التفت جومالي بملامحٍ مُدهشه، ليبتسم ياماش بخفه وهو يقول: خرجت بعد جيلاسون الذي ذهب لأخذ إدريس من صالح، وأختفيت لحين مجيئك قبل اكين الذي ذهب بإدريس يُرجعه لوالده بدل جيلاسون، ليقل جومالي بهدوء: لم يأتي بنفسه ولم يدخل إلى الحفره لأنني قلت له لا تأتي..
="بحزن" متى قلت؟
–عندما أخذ أبنه، غضبت وقلتها بدون تفكير، ليضحك ياماش بخفه وهو يقول وكأنه يحاول تغيير مزاج أخيه: ماذا! هل جومالي كوشوفالي يندم على شيءٍ قاله؟ ولصالح خصيصًا!
–"بهدوء" ندمت بيبي ندمت.. كنت أندم دائمًا ولكنني لا أظهر ذلك، لا أعلم إن كان كبرياءً أم ضعف ولكن أبيك "تنهد بحزن" أبيك كان دائمًا يعلم كيف يُخفي مشاعره، وكان يتحكم فيها ببراعه، وعلمني ذلك، فأصبحت القوي الذي لايُقهر في نظر الجميع، ولكنني على أدني كلمةٍ منكم أحزن، وأتألم لألمكم، وعندما أرى في أعينكم دموعًا تأبى السقوط، فأنها تسقط من عيني أنا ياماش..
="بنبرة حزن" أعلم.. والجميع يعلم ذلك، ولاداعي إظهارك لهذا، الجميع يرى قلبك الطيب يا أخي.. حتى صالح! يعلم أنك لاتستطيع تقبله مثل ما فعلنا نحن، ويعلم أنك تحاول لذلك
–"بإستهتزاء" وأين هو الآن بيبي؟
=لا أعلم، عمّ الصمت للحظات، قطعه جومالي وهو يقول: يُدير شركات الشحن كالأردنيت تمامًا، ذهب لمستودعٍ ما، لم أستطع رؤية ما بداخله من الحراسة حوله، ولكنني رأيته يخرج من سيارته وهو يضع سلاحه على خصره، وسمعت طلقتين، يبدو أنه خلصّ على الذي يحتجزه هناك
=بالطبع.. ووجوده هنا يعني أنه يخطط للبقاء هنا ولن يذهب بعيدًا..
–فعل مثل ماقال في المقهى هل تذكر؟
="سآخذ أبني ولتبقى هذه الحفرة لكم" أجل أتذكر.. أستقام بعدها ليربت على كتف الأكبر وهو يقول بعد أن سمع الصغيره تهتف تنادي أبيها بالداخل: آسيا تبحث عنك..
––––––––––––––––––––
عند صالح..
نهض صاحب الورشه وهو يتألم وأتجه نحو رفاقه الذين كانوا قد وصلوا لتوهم بعد أن أتصل هو بهم أثناء ركضه ليأتوا لمساعدته، وهتف بهم: هو منهم! لقد إستأجروا ورشتي للإجتماعات السريه ويريدون قتلي لكي لا أخبر أحدًا، نظر صالح للرجال بإستهزاء ليقل: أتواجهون رجلاً يحمل سلاحًا بهذه الأشياء؟، هو يكاد يفقد وعيه، ويشعر بألمٍ شديد في صدره وصعوبة في التنفس، ولكن عزيمته لم تسمح له بإظهار ذلك، وحين تقدم أحد الرجال بإتجاهه، أطلق رصاصة على الأرض، ليجعلهم يتراجعون للحظه، وهو يوضح لهم أيضًا أنه لن يتردد في إستخدامه إن لزم الأمر، ليهتف أحدهم: لماذا تتعقبه؟، لم يُجيب صالح بل أخذ يتنفس بعمق وهو يتفحصهم بحذر، ليهتف الرجل مرةً آخرى: أرمِ الذي في يدك وواجهنا كالرجال، وبدون تفكير أطلق صالح على ركبة الذي هتف بهذه الكلمه، ليسقط أرضًا وهو يصرخ، بينما أقتربوا الآخرين يريدون النيل من صالح، ولكن الآخر كان يوجّه سلاحه نحوهم ليهمس لهم: تؤ تؤ، لن تريدون السقوط مثله، توقفوا مكانهم وأعينهم يتطاير الشرار منها، ليتقدم أحدهم بسرعه نحو صالح، ولكنه تلقى رصاصةً في رأسه قبل أن يقترب حتى، فسقط على وجهه، ليتجّمد البقيه فالذي أمامهم سيقتلهم بعد قليل لاشك بذلك، ليصرخ صالح بغضب وهو يؤشر على صاحب الورشه: أريد هذا! والبقيه أذهبوا في حال سبيلكم أنا لا أريد قتل أحدًا آخر، ولكن لا أحد تحرك، ليرمي صالح سلاحه بقلةٍ صبر، ليصرخ: هذا ماتريدونه؟ تعالوا إذن، تقدموا بعد أن رموا ما بأيديهم بالمثل، وبمهارة وبالرغم من الآم صدره، تقدم صالح ولكم الرجل الأول بكل قوته على وجهه، ولم تمر ثانيه حتى أسرع الرجل الثاني يريد أن ينقض عليه، ولكن بمراوغه سريعه من صالح، رفع ركبته ليضرب بها رأس الرجل، وحين تقدم وأنقض عليه بالفعل الرجل الثالث أخرج سكينه بسرعه وطعنه في جانبه، ليسقط هذا الأخير على الأرض بجانب رفقائه الآخرين، ليعاود صالح الصراخ: قلتُ لا أريد قتلكم، ولكنني لم أقل أنني لا أستطيع! تريدون الموت؟، نظر لهم كانوا يجلسون أرضًا إثنان فارقا الحياة، والبقية يتألمون، ليتقدم نحو صاحب الورشه الذي يُمسك وجهه وينظر بحقد، وقبل أن يصل إليه دفعه أحدًا من الوراء، ليعاود ضربه بحركة سريعه على صدره، وحينها لم يتحمل صالح، فهذه الضربة الثانيه وصدره أساسًا لازال يؤلمه وكأن حجرًا أرتكز عليه، ليسعل بقوه، فأمسكه الرجل من ياقتة وهو يخرج سكينه يريد طعنه، ومع إستمرار سعال صالح وأستعداده لرفع يديه لكي يردع هجمات من أمامه، ولكن ما حدث أذهله، شيء كالظل مرّ بسرعةٍ خاطفه، وإنتشرت وتناثرت دماء الآخر بعدها على وجه صالح، فنظر بتمعن للرجل الذي مالت رقبته وكأن ساطورًا شقّ نصفها ويفغر فاهه في شهقة أخيره لطلوع روحه قبل أن يسقط أرضًا بلا حراك، سقط الرجل ليلتفت صالح برأسه نحو الظل، ليرى هيئة امرأه، ترتدي معطفًا أسودًا طويلاً، وشعرها مرفوعًا بأكمله للأعلى، إلا بعض الخصل التي أنسدلت على وجهها، وفي حركة سريعه وبغمضة عين رمت المرأه سكينها نحو صاحب الورشه، لتخترق رأسه وسقط جثةً هامده، التقط صالح بسرعه سلاحه الذي كان مرميًا بجانبه ووجههُ نحوها عندما رآها تتقدم نحوه، ليقل بصوتٍ مبحوح من أثر ضيق التنفس: لاتقتربي، نظرت إليه بأعينٍ خاليةٍ من أي تعابير، لم ترد بل واصلت التقدم نحوه ببطءٍ وثبات، وحين أقتربت أكثر أتضحت ملامحها في الظلام، وبعينيها العسليتان الواسعتان، نظرت إليه بحذر وكأنها تتفحصه، أمعن النظر في عينيها وملامحها الحاده، بشرتها السمراء قليلاً، شعرها البني المرفوع، لو كان الغموض يتشكل على هيئة إنسان لكانت هي الأنسب بلاشك، ليسأل صالح بصوتٍ خافت وهو يشّد على سلاحه: من أنتِ؟، لتقترب أكثر رفعت يدها بهدوء وتمكنت من لمس خد الآخر رغم إبتعاده، لتقل بصوتٍ رزينٍ وحاد: جرح خدك سيء قليلاً.. يحتاج إلى غرز، أبتعد صالح خطوةً وهو ينظر بسخريه وعلامات التعجب ظهرت على ملامحه، إستدارت هي ببطء، وعاودت السير لتذهب، ليصرخ صالح بسعال بعد أن أطلق رصاصةً على الأرض: قلت من أنتِ!، لتلتفت نحوه ببرود، لتقل بخفوت وقد إرتسمت على شفتيها شبح إبتسامه: لاتستخدم سلاحك في كل مره، وأخرجت سلاحه الآخر الذي سقط في الجهة الآخرى، لترميه ناحيته ليلتقطه الآخر بدهشه، لتقل هي قبل أن تستدير وتختفي في الظلام: أبقى سالمًا أيها الوسيم..
إلى اللقاء في البارت القادم..
أنت تقرأ
لا يوجد سوى الألم..
Fanfictionسيناريو بأحداث مختلفه للجزء الرابع "Çukur" *ملاحظه: هذه المره الأولى لي في كتابة شيئًا ما..