الفصل100 الجزء2 القى نفسه في قارب النجاة

4.4K 180 11
                                    

"روايـة غَـــوثِـهِـمْ"
"الفصل المائة_الجزء الثاني"
    
                   "يــا صـبـر أيـوب"
        ______________________

الحمد لله الذي جعل أشياء تكفي أشياء،
وأشياء تذهب حزن أشياء،

وأشياء تجعلنا لا نحتاج إلى أشياء،
الحمد لله على تأخر الفرج الذي يُعلِّمنا الصبر،

وعلى البلاء الذي يعقبه فرح،
الحمد لله على وجود الله،وعلى نعمة حمده،

والحمد لله على جميل صنعه معنا،
والحمد لله على كل حال

اللهم إنا نحمدك على كل شيء
فأصلح لنا أمورنا كلها،

‏ربي وإن رأيتني أبتعد عنك وأتبع هوى
نفسي، رجوتك بأن تصلح قلبي وتردني
إليك رداً جميلاً.

"مناجاة"..
____________________________________

لن أستطع أن أبوح بما أحمله لكن ستفعلها عيناي..
لن استطع أن أسرد لك الهزائم لكن وحدها نظراتي ستفيض لك بالخيبة التي تملأ قلبي، لن أقدر على وصف الفوضى بداخلي لكن صوت أنفاسي المُضطربة سوف يحدثك كفاية الحديث عنها، صدقني لا أملك من الكلام ما يصف حالي؛ سوى أنني في حربٍ أقامتها عليَّ نفسي،
وما أشدها حرب النفس على النفسِ طُغيانًا؟
لا أعلم أنا أي ذنبٍ هذا وقعتُ به حتى أصبح بهذا الثقل على نفسي وكأن الأرض بأثقالها تجثم فوق صدري، فكنت أحسبني غريبًا عن الناسِ وأنا بينهم حتى أدركت أن الغربة هي التي تسكنني وأنا الغريب عن نفسي، حتى مرآتي تكذب عليَّ هي الأخرى حينما تعرض نسخة مُشابهة لتلك الملامح التي تستقر فوق وجهي وتخبرني أن هذا الماثل هو أنا،
أتراني اليوم يا أنا كما أراني أنا؟..
أترى الليل الساكن أسفل جفوني كما أراه أنا؟
أترى الغُربة في عيوني كما تسكن في قلبي هنا؟
أعلمتِ يا ذاتي مَن ذا الذي تريه بالمرآةِ إن كان غريبًا عني أنا؟
فلو كان هذا هو أنا فمن الذي أراه في المرآةِ أمامي هنا؟
أتلك هي خسائر الحرب بين نفسي ونفسي؟
أم منذ البداية وأنا غريبٌ عن نفسي وتلك التي أقمت عليها الحرب لم تكن نفسي أنا؟…

   <"أقاتل ليلًا وأنا وحدي في الحرب ووحدي الخصم">

إن أقسى عدوٌ قد يواجهه المرء طوال أيامه هو ذاك الذي يعرف عنه خباياه المكتومة في سريرته، تمامًا كما لو كان ظلًا له لكنه بصورةٍ ما هو الظل المُخادع له، وإذا تعمقت أكثر ستعلم أن أقسى عدوٍ قد تملكه في حياتك هو عقلك، فمن غيره على درايةٍ كافية بما حدث منك وبما سيحدث منك وكأنه يوحد عليك طُرقات القتال أمام نفسك، لذا في الليل وأنتَ وحدك ساكن الحِراك، ثقيل النفس، معدم الكلام،  عليك بالإدراك أن عقلك أقوى خصمًا لك أمام عواطف قلبك..

عاد يتسلح بالقوة هربًا من الجميع يشق طريقه المجهول، خرج بالسيارة من الحارة ثم قصد الوجهة نحو المكان الذي قصده، وما إن وصل في جنح الليل وترجل من سيارته، وقف بحيرةٍ للمرة الأخيرة لكنه حسم أمره وولج نحو أولىٰ الخطوات التي تأخر كثيرًا عن فعلها..

رواية غوثهم يا صبر ايوب الجزءالثانيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن