بعد كل شيء

9- زيارة المدير

- إننا متساويان الآن صحيح ؟ أنا أعلم سرك الكبير .. و أنت تعلم السر الذي أخفيه

- هل يمكنني أن اسألكِ سؤالاً مزعجاً ؟

- تفضل

- هل ترفضين مشاعري لأنكِ تخافين أن أتركك وحيدة ؟ هل هذا جواب ما يخيفكِ بالحب ؟
- نعم

أشحت بوجهي بعيداً بينما حل صمت مطبق لبعض الوقت .. شعرت بأنني أكشف نفسي لشخص غريب بكامل إرادتي .. أنني حمقاء تماماً !

- أنا ممتن حقاً لثقتكِ بي

نظرت إليه و ابتسمت بصمت فبادلني الابتسامة ثم رن هاتفه للمرة الأولى منذ وجودي معه ..

- يا إلهي إنها أمي .. هل يبدو المرض على صوتي ؟ هل أستطيع الكلام دون أن تشك بشيء ؟

- أجل لا تقلق ، لن تشعر بشيء

رد على هاتفه مرحباً .. لأول مرة أراه يتحدث بلكنة بلده .. كنت ابتسم بصمت و أنا اراه جاهداً يحاول ألا تشعر والدته بشيء مما حل به .. إنه لطيف .. يراعي الآخرين .. مهذب مع الجميع .. صحيح أنه مثل الأطفال المزعجين بالنسبة لي و لكنه أفضل بكثير من الكثير !

حين أنهى الاتصال نظر ناحيتي و قال :
- رأيتكِ تبتسمين و أنا اتحدث مع والدتي

- لكنةٌ جميلة

- هل تريدين تعلمها ؟ إنها صعبة بعض الشيء

- هل تعتقد أنني لا أستطيع إتقانها في شهر واحد ؟

- هل نجعله تحدي فيما بيننا ؟
- حسناً .. اتفقنا

- إذا ربحتي فيمكنك أن تطلبي مني ما تشائين .. و إذا خسرتي فيمكنني أن أطلب منكِ ما أريد

- في حدود المعقول ؟
- أجل ، في حدود المعقول

- و ستساعدني خلال هذا الشهر في بعض المفردات الصعبة ؟
- بالتأكيد
- إذا اتفقنا

ابتسم في وجهي و ظل يخبرني ببعض الكلمات الغريبة و معانيها حتى أتى محمد .. أوصيته قليلاً و من ثم خرجت ..

حين خرجت قررت المرور بمخبئي السري بعض الوقت لتجديد خلايا عقلي .. أحتاج أن اتفهم كل شي حصل خلال الأسبوع الماضي .. المشاريع الجامعية / الحادث / معرض التوظيف المصغر / و مشاعري المتقلبة جداً

مخبئي السري هو شاطىء بحر صغير .. مخفي عن الجميع .. اكتشفته بالصدفة حين كنت أقود بيد واحدة و أحمل بالأخرى بوظة بالشوكولاتة و كنت في حالة سرحان و لا أعلم أين كنت أذهب بالضبط .. حتى وقعت بالحب من أول نظرة للمكان .. كان المكان الذي شهد نوبات غضبي القليلة و تحمل مزاجي المتقلب .. المكان الذي ساعدني على استخلاص الكثير من الأفكار التي رسمت حياتي .. أنا ممتنة لتلك البوظة و ذاك السرحان الذي اخذاني إليه في أول مرة
جلست هناك قرابة الساعة .. كنت أفكر أنني يجب أن اتفائل خيراً بالأيام القادمة .. أن الحياة ستمضي مهما كانت و أن علي أن أقضيها بسعادة ثم ركبت السيارة لأعود للمنزل ..