77- هذا الليل طويل !

242 18 35
                                    

ظللت آكل بهدوء حتى لا أزعج سعود و هو يقرأ و حينما انتهيت خرجنا لباحة المنزل و قال لي :
- ما الذي حصل لكِ البارحة بعدما ذهبتِ ؟ بدا عادل مجنوناً وقتها
سكتت فقال :
- هل أنتِ بخير يا ريم ؟ أنا بدأت أقلق عليكِ أيضاً
سكتت مجدداً فقال بجدية :
- اذهبي الآن لغرفتكِ و قومي بتشغيل هاتفكِ و اطرديه من حياتكِ أياً كان محله في قلبكِ .. الذي يحب لا يؤذي !

أخفضت رأسي حتى لا يلمح الدمعة التي انهمرت من عيني و قلت بهدوء بعد أن وجهت نظري للجهة الأخرى حتى لا تتلاقى أعيننا :
- سعود ، أنا بخير

قال بحنية بالغة :
- تكذبين على من يا ريم ؟ جميعنا نعلم أنكِ لستِ كذلك .. حتى أي شخص غريب سيدرك أنكِ لستِ كذلك ! هذه باتت علاقة قاتلة

سكتت للحظات ثم مسحت دموعي و قلت بصوت مخنوق :
- ما الذي قد يحل به إن فارقته ؟ أنا لا أريد أن أكون في أي يوم أذى في قلب أي إنسان .. و ما الذي قد يحل بي ؟ لماذا لا يهتم أحد سوى باستقراري النفسي طوال الوقت .. لماذا لا تهتمون بمحاولتي أن أكون و لو لمرة شخص عادي .. لماذا تعتقد أنها علاقة قاتلة ؟ لأنني انزعجت من ذكره لمن كان يحب ! ماذا لو أنه كان يحاول أن يكون صريحاً معي و حسب ! ماذا لو أنه رغم ما أشعر به من سوء لم يكن يتعمد و لا للحظة أن يسبب هذا كله .. لماذا لم تطلب مني أن أتركه حينما كانت تنابني تلك النوبات في وجوده و يتحملني ! لِمَ كان شهماً بعينيكِ حينما غادر منزله في منتصف الليل حتى لا أكون أبكي لوحدي بسبب ما يفعله عمي !  لِمَ تطلب مني الآن أن أنفصل عنه للأبد لمصلحتي ؟ لماذا علينا أن نكون أنانيين هكذا في هذه الحياة !

لففت ذراعي حولي في محاولة مني لتهدئة نفسي و جسدي الذي يرتجف من البكاء .. ظل سعود صامتاً لبعض الوقت ثم قال :
- لنجلس و لتهدئي قبل أن أتحدث

جلسنا في الكراسي الموجودة على باحة المنزل و قال :
- ريم .. هل تحتاجين للمساعدة ؟

- أريد أن أفكر بنفسي .. أن يكون أياً ما قد اختاره نابع من عقلي .. لا أريد أن يأتي يوم ألومكم فيه على موضع ألم سببتموه لي .. أنا أحبكم

سكتت لبرهة ثم قلت :
- و أحبه .. هو طيب للغاية يا سعود .. قلبه قلب طفل .. أنا أحتاج لأتأقلم حول ماضيه أو أننا نتفق على ترك الماضي ورائنا و حسب ، لكنني لست بحاجة لتركه للأبد .. لا تشجعني على كسر قلب أي أحد بتلك السهولة .. جميع القلوب مثقلة بما يكفيها

- ماذا عن قلبكِ ؟

- أليس من الطبيعي أن نمر بفترات صعود و هبوط في حياتنا ؟ هل تعتقد أن قلبي لم يتأذى من قبل سوى منه هو ؟ حال قلبي في هبوط .. في هبوط شديد .. لكنني أعلم أن بانتظاري أياماً أفضل .. أياماً براقة و سعيدة

بعد كل شيء حيث تعيش القصص. اكتشف الآن