اتجهت ناحية المطبخ لأغسل الصحون أولاً و حين ألقيت نظرةً من النافذة وجدته يبكي و قد دفن وجهه بيديه ، لم يكن قلبه قوياً كما يعتقد الجميع بل أضعف بكثير من كأس زجاجي نحيف ، أمر الأطفال يؤرقه و لكنه يتظاهر بالقوة في كل مرة ! لا شيء أصعب من أن تُحرم من شيء ترغب به أكثر من أي شيء آخر !
بقيت لبعض الوقت أراه دون أن يستطيع رؤيتي حتى بدأ يهدأ ، نظر إلى السماء ثم دخل إلى المنزل ، سمعت صوت خطواته لكنني لم أرد إزعاجه فانتظرت لبعض الوقت ثم غادرت نحو غرفتي
أزلت المزهرية المكسورة وأعدت قطعة الأثاث إلى مكانها ثم تمددت على السرير و بكيت عجز ماجد ، بكيت أبوته المستحيلة ، و تشفقه لما لا يستطيع الحصول عليه ! لما على الحياة أن تكون قاسية هكذا ! لقد كان بمثابة الأب لي و لعادل منذ أن كنا صغاراً ، لقد أسرف في العطاء دون أن يشعر ، و حينما علم بحاله الصحي أعتقد أننا فرصته الوحيدة له كأب فأفرط كثيراً باهتمامه عن بعد ! لسنا الوحيدين حتى ! أنا متأكدةً أن ذلك الفتى أيضاً قد حصل على بعض الاهتمام و لو من بعيد .. لماذا الحياة لا تكافئه على ما فعله من خير حتى الآن !
مسحت دموعي بعد برهة و أنا أتمنى أنه يحظى بنوم عميق الآن و أنه سيواجه الغد بشكل سعيد و روح مطمئنة.
اتجهت بعدها إلى الحمام لأغسل وجهي و أعدت فتح الحاسوب ، أخذت أتفقد عدد الصور المتبقية التي علي العمل بها و وجدتها سبع صور و حسب ! لقد قطعت شوطاً طويلاً بالفعل ! فتحت صورةً لأعمل عليها و شعرت أنني لا أريد فعل هذا حقاً لذا أمسكت بهاتفي و فكرت بالإتصال بأي أحد ، أي أحد و حسب ! لكن الوقت بات متأخراً للغاية ، لن أوقظ طارف و هو عليه أن يستيقظ للعمل صباحاً و لن أوقظ عادل أو محمد و هما سيذهبان لإحضار سعود من المطار عند العاشرة ، لن أزعج عروسنا أماني و أعلم أن سما تنام في وقت مبكر و لذا أمسكت بهاتفي و كتبت في مجموعة النادي :
" مرحباً ، هل هناك خفاش غيري هنا ؟ "جاء الرد فوراً من كل من عمار و يوسف و قد كتب كلاهما :
" أنا هنا "كتبت مازحةً :
" عمار ، أخبر صديقك أن ينام جيداً حتى لا يحصل على هالات سوداء تحت عينيه في حفل زفافه !"كتب عمار :
" هل قرأت يا صديقي ؟ هيا اذهب و دع الكبار يتحدثون لوحدهم "" لقد كنت أضع بعض الخطط للسفر ، هل يمكنكما المساعدة ؟"
ظللنا نساعده لبعض الوقت حول الأماكن الموجودة في النمسا و نبحث معه حيث سيقضيان شهر عسلها الذي تحول إلى أسبوع و حسب بفضل الجامعة و تزامن بدء الدوام فيها بعد تسعة أيام من الزفاف
بعد أن انتهينا كتب يوسف :
" شكراً لكما ، اسهرا دائماً ، و أنا سأذهب لأنام مطمئن البال اليوم "
أنت تقرأ
بعد كل شيء
Romanceمن يتحمل خسارات المرء حين تفيض عن احتماله ؟ من يشد أزر أنثى تركت كل شي لتبحث عن نفسها و لا تجدها ! من يملك الصبر العظيم لاحتمال كل ما لا يحتمل ؟ هل من شجاعة المرء أن يكتب قصته البشعة أم هي دناءة منه ؟ هل التخلي عـمن نعتقد أننا نحب و متيقنين تمام ا...