سامية (للكاتبة عالية محمد صادق) ● منقولة

الجزء الثالث

ومنذ ذلك الوقت أصبحت طفولتي أكثر سعادة مما مضى فكأن كلمات أبي فعلت فعل السحر في نفسي، فعندما وصلنا الى البيت وليطمئنني أكثر قال وسط تعجب الجميع وهو لا يزال يحملني:

_ستذهب (سامية)إلى المدرسة هذا العام مثلها مثل(حسن).

مرت الأيام والسنون بسرعة وذهبت إلى المدرسة بإصرار والدي ، واتضح للجميع أنني لا أقل ذكاءً عن أخي (حسن).وتغيرت نظرتهم إلي تبعاً للتفوق الدراسي الذي كنت أحرزه طوال السنين.

أنتقلنا من حيًنا

الصغير الى محلة أكبر وأرقى، أما أبي فبقي على عمله اليدوي في معمل النجارة على الكسب البسيط الذي كان يتقاضاه ،أراد أن يطور معيشتنا بتطويره لعمله لكنه كان بحاجة إلى من يمدنا بالمال لأفتتاح محل كبير للنجارة .. دارت أغلب احلامه حول شراء مخرطة ومنشار كهربائي  يضفي بها زينة ورونقاً على عمله... ذات مرة حاول أن يقترض المال من شقيقه الأكبر ليتم به مشروعه إلا ان محاولاته باءت بالفشل، فعمي رجل ثري ومتكبر  في آن واحد وقد عزل نفسه عن أقاربه أجمع خوفاً أن يطلب أحدهم مالاً أو قرضاً أو ربما مساعدة في شأن من الشؤون.... كان أبي يسخر منه دوما قائلاً لوالدتي:

_انه لا يرد السلام خوفاً أن يطلب السائل منه مالاً !

_هذا هراء إنه أخوك على أية حال وعليه مساعدتك... ثم ...ثم إنه يسيطر على جميع أموال والدك..فإن طلبت منه مساعدة فإنك بالأحرى تطلبها من أبيك ....ونحن نحتاج الكثير...ليس لعملك فقط ...بل لحياتنا المعاشية أيضا!! واستمر النقاش عشية ذلك اليوم، وأنتهى باقتناع أبي برأي أمي وتقرر أن أرافقه عصر غد إلى منزل عمي.. وليتني لم أفعل...ليتني لم أذهب ولم أر عمي يهين أبي زاعقاً في وجهه:

_مال!!! أنت أيضا تريد مني المال!! وكيف آتيك به؟ إن لي معملاً كاملاً أغلقت أبوابه لعدم وجود مايكفي لرواتب العمال... وأنت تأتيني اليوم لتقترض مني المال؟...ظنتتك جئت لزيارتي ...ثم...ثم...لم لا تطلب ذلك من أبيك ...ها...الثروة الهائلة التي يكتنزها ولا يخرج منها إلا النزر اليسير...واستمر الجدال بينهما ، كان (سامي) ابن عمي الأكبر واقفا ينقل نظراته بين أبي وأبيه ورغم أنه يكبرني بأعوام سبع إلا أنه تمثل بدوره قسمات أبيه وأخذ يتصرف كعمي ،تارة ينظر إلي بحقد وأخرى يضم إليه يديه بعصبية ولم يجد من يفرغ حقده فيه سواي فلطمني لطمة على وجهي صائحاً بفظاظة:

_أيتها الغبية...لقد وسخت الأريكة ...لقد سكبت الشراب عليها.... ‏‏‏

تابعونا....