الجزء التاسع والستون

702 46 4
                                    

_ يقال : سأل داوود النبي ، الله عز وجل عن قرينه في الجنة ، فأوحى الله اليه انه : ( متّى ابو يونس ) فجاء مع سليمان لزيارته ، فرأياه اذ اقبل وعلى رأسه وقر من حطب ... فباعه واشترى طعاماً ، ثم طعحنه ، وعجنه وخبزه ، فأخذ لقمة وقال : بسم الله ، فلما ازدردها قال : الحمد لله ، ثم فعل ذلك باخرى واخرى ، ثم شرب الماء فذكر اسم الله فلما وضعه ، قال: الحمد لله ، يا رب، من ذا الذي انعمت عليه واوليته مثل ما اوليتني ، قد صححت بصري وسمعي وبدني وقويتني حتى ذهبت الى شجر لم اغرسه ، ولم اهتم لحفظه ، جعلته لي رزقاً وسقت الي من اشتراه مني ، فاشتريت به طعاماً لم ازرعه وسخرت لي ناراً ، فانضجته وجعلتني آكله بشهوة اقوى بها على طاعتك ، فلك الحمد ، ثم بكى ... قال داوود يا بني قم فانصرف بنا ، فاني لم ار عبداً - قط- اشكر لله من هذا ...

وهكذا كان الحديث يتشعب والاسئلة تطرح من هنا وهناك وكأن حسناً اصبح اخاً ثالثاً لهما ... وفي كل مرة يأتي فيها يحضر معه العديد من الكتب القيمة لهما ... ولم يعد ينساها كالسابق ... اللطيف اني لاحظت اختفاء سامي عن انظار الجميع وقت الغروب وخمنت انه ربما كان يذهب ليصلي ، ولاني لا اتجسس عليه بقيت غير متأكدة ... لاحظت ايضاً اهتمامه بغسل الجمعة ، وعندما سألته عمتي

عن ذلك لخوفها عليه من نزلات البرد اجابها بثقة :

_ انه غسل مستحب يا ماما وله ثواب عظيم ... لم لا تغتسلين يوم الجمعة انت ايضاً ... وقت الاستحمام قبل اذان الظهر ...

التفتت الي ثم ضحكت عمتي وهي تجيب :

_ عجيب ! انت سامي تتكلم هكذا ... ظننتك سامية !!

انسحب ضاحكاً دون اي تعليق ...

كانت رنات جرس الهاتف لا تحمل الا الاتفاقات التجارية او شكاوى سها وزوجها من بعضهما ، والآن اضيفت اليها مواعيد حسن مع سامي واصدقائهما الجدد ... وهي كثيرة.. والحمد لله ان اخلاق سامي اصبحت دمثة وزايلته تلك الحالات من الشرود والتفكير واخذت احاديثه تصبح ممتعة مع الجميع وزالت عصبيته الخارجة عن حدودها الطبيعية ... وزاد من زياراته لجدي ولاحظ الجميع احترامه وتبجيله له ... وعندما سألته لمى عن ذلك اجابها :

_ يا لمى انه جدنا ويجب علي وعليك انت ايضاً صلته ومودته الم تقرئي الآية الكريمة ( اما يبلغن عندك الكبر احدهما او كلاهما فلا تقل لهما افٍّ ولا تنهرهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً ) ... والجد في نفس منزلة الاب ...

مما اثار دهشة الجميع ... وفي مساء ذات يوم كنت مشغولة بحل بعض المسائل وقد جلست لمى بقربي تطالع في احدى المجلات ... جاءت عمتي مسرعة وجلست بجواري وقالت وهي تضحك :

_ هل عرفت يا سامية ! اكتشفت امراً خطيراً .. ان سامي يصلي خلسة في غرفته ! قلت بتعجب :

_ أحقاً يا عمتي !! ... انه امر مدهش للغاية أليس كذلك ؟ ارجو الا تضايقيه في هذا يا عمتي يا احسن عمة في الدنيا !!

_ طبعا .. طبعاً ... انا اود ان يكون ابني متديناً بشرط الا يمنعني من المكياج والتبرج ... اشعر ان الحياة قد دبت في سامي منذ بدأ حسن بزيارتنا ... لم يكن يتحدث الى احد .. لا ... ولا حتى تنبسط اساريره لاحد ... وجوده وعدمه سواء .. احس ..  احس ... انه اصبح الآن يتلذذ بالحياة ... يهتم بما حوله ... ينظر الي بحب وحنان ... كذلك ابيه ... كم انا سعيدة به ..  في الماضي كنت احسه حاقداً علي وعلى ابيه .. اما الآن .. فلا .. انه لم يهتم ان يحافظ على صداقته لاحد من الشباب .. همه الوحيد هو اكمال دراسته فقط ... وتأمين مستقبله المادي ... اما الآن بفضل حسن اصبح له العديد من الاصدقاء ... واي اصدقاء - حفظهم الله من كل سوء - كالورود والزنابق ، نظيفو الملابس ، طيبو الرائحة ، جميلو الكلام ، ذوي مكانة اجتماعية عالية و ..

سامية (للكاتبة عالية محمد صادق) ● منقولةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن