أحسست بفراغ الحديث وسخافته وكانت الساعة تشير الى الثانية عشرة ظهراً وهو وقت آذان الظهيرة فقلت في نفسي :إن الاستماع لهذه الترهات مَضيعة للوقت وَجلبة للسيئات خاصة وأني لا أستطيع أن أُدلي برأي فيه ...وحتى وإن تكلمت فلن يلق الأثر المطلوب... وما دام الجميع قد أقسموا على مجاملة هؤلاء النسوة فلن يجد الأمر بالمعروف بينهم طريقاً ...لذا فضلت المغادرة إلى غرفتي حتى استدعتني عمتي ثانية لتناول طعام الغداء فقد تحسنت العلائق بيننا حتى أنها ما عادت تتركني دون أن تستدعيني للطعام...
أما جلسة الطعام هذا اليوم فقد كانت مختلفة ، حيث أدنت (نادية) مقعدها من (سامي) وأخذت تلاطفه طوال الوقت وتكيل له النظرات الطويلة من خلال رموشها السوداء الاصطناعية المثقلة بالكحل، وجلست أمها بجوار عمي تلاطفه!! أما خالتها فأشغلت عمتي عن التطلّع لما يدور من حولها نهائياً بحديثها وبأعاجيبها التي كانت ترويها لها...بدت لي جلسة الطعام هذه تمثيلية قد توزعت الاًدوار فيها لكل منهن ...اندمج (سامي) وعلى غير عادته في الكلام والملاطفة
والتبسّم ثم أردفها بالضحك مع (نادية) وكذلك فعل عمي، فكّرت أن الأمر يدعو للريبة... فـ أم (نادية) وإن كانت في متوسط العمر إلا أن تبّرجها جذّاب وأحاديثها مع عمي لا تخلو من لطف وكأنها تتمة لحديث مضى، أما متى وكيف؟ فلم يخطر ببالي... وسنحت لي الفرصة أن أنتبه لزوجة (سمير) وجدتها تحدّق بي وكأنها قد قرأت أفكاري فغمزتني بمعنى هل انتبهت إلى عمي وأمها ..ثم التفتت ناحية(سامي) و(نادية) ولوت شفتها امتعاضاً وكأنها تقول لي :انظري إلى خطيبك واستمعي لضحكاته ...رفعت كتفي وحاجبي لها علامة اليأس والاستسلام، فلاحظ (مراد) ذلك وهمس في أذن (سها) شيئاً فضحكا معاً، لاحظت وجوم (لمى) غير الطبيعي...حتى أنها لم تتناول طعامها واستأذنت من جدّي وغادرت المائدة، شبعت بسرعة كعادتي واستأذنت في القيام لألحق بـ(لمى) ...لاحظت أن سامي ركز نظراته علي وأنا أغادر المائدة ، فأعادت نادية وجهه بكفها إلى ناحيتها وهي تقول بغنج:
_أنتبه لي يا (سامي)، فأنا لم أتم حديثي لك بعد...
ابتسم لها مشجعاً...خرجت خلف (لمى) ...كانت تجلس على أحد كراسي الحديقة وقد وضعت رأسها بين كفيها وأسندتهما إلى المنضدة ذهلت لمرآها واقتربت منها أسألها بلطف:
(لمى)...عزيزتي(لمى) ...هل تسمحين لي بالجلوس إليك...
أومأت برأسها دون ان تغيّر من جلستها ،ولاحظت قطُرات الدمع تنحدر من عينيها فتسقط على المنضدة ،بفزع أبعدت كفيها عن وجهها واحتضنتها إلي ووضعت رأسها على كتفي وأنا أحدثها.
_ألم نصبح صديقات بعد...أخبريني ماذا حصل...بالله عليك؟
زاد نشيجها ...قلت لها:
_هيا تعالي إلى غرفتي فهناك أفضل ...ذهبنا سوية وأحضرت لها منشفة مسحت بها دموعها وابتسمت لي مجاملة ،جلست بجوارها على السرير وسألتها:
_هيا يا(لمى) ...أزيحي ماتحسّين به من ألم عن كاهلك وأعدك بأن أكتم السر...
بهدوء قالت:
—لقد ...لقد عطشت آخر الليل ...فنزلت أشرب من المطبخ لاحظت أن أضواء المطبخ منارة فتعجّبت لذلك وبهدوء اقتربت من الباب الذي كان مفتوحاً قليلاً..وسمعته يتحدث إلى أمها..
_من؟ وإلى من كان يتحدث؟
_ألم تلاحظي تصرفاتهما؟
_من هما؟
_أبي و(أم نادية)....
_سمعت كل شيء ...كل شيء...إنه قد تزوجها.
_ماذا !!
صعقت لهذا النبأ المفاجئ واحترت ماذا أقول لها، أأناقشها أم أواسيها...أكملت:
_ألم تلاحظي كيف أن خالتها تشغل أمي طوال الوقت كي لا تنتبه لما تفعله أختها مع أبي ...والآن أفهم إصرار (نادية) على الحضور دوماً برفقتهما...حاولت (نادية) فيما مضى أن تخطف (سامي) زوجاً لها فلم تفلح وهاهي لا تزال تحاول خطفه عسى ولعل أن تفوز به... لما فشلت البنت رمت الأم بشباكها حول أبي...كان يقول
أنت تقرأ
سامية (للكاتبة عالية محمد صادق) ● منقولة
Spiritualعندما يترسخ الايمان في القلب عندها يتجسد في الواقع ف يصور أجمل معاني الإيمان والأخلاق ....... ~ سامية~ قصة فتاة تواجه الحياة بإيمانها ..... تابعوا معنا هذه القصة المشوقة !!!