مصلٍّ ،وانا ارتاح الى هذه الخصلة فيه ،نبذه أهله وأولاده عندما استغنوا عنه ماديا ،وبوفاة زوجته ظل عالة على الآخرين من ابنائه ...بعد وفاة زوجته طلبتُ اليه العمل عندي في الدار اضافة الى عمله عندي كسكرتير في المصنع ...في البداية لم يرضَ ،لكنّ الواقع الذي يعيشه من إهمال له جعله يرضى ،ومنذ تلك الفترة لم يتقصَّ أخباره أحد منهم ...لا ...ولا سألوا عنه ...لا ابناؤه ولا أحفاده ...رغم زيارته المتكررة لهم في الآونة والأخرى حاملا لهم الهدايا واللعب ...لكن بلا فائدة ، فمتى ما عمّر المرء قلّ اهتمام الآخرين به ...انهم لا يصلونه بشيء ابدا ...الحمد لله انه يؤنسني ويخفف علي وحدتي ...في السابق كان يعمل لديّ والآن هو صديقي ...وهنا احضر أبو خضر أقداح الشاي ووضع امام كل منا قدحه وأراد الإنصراف فأبقاه جدي قائلا :
- أعرِّفك بحفيدتي سامية يا أبا خضر ...اجلس معنا هنا ...إنّها كحفيدتك ...
- اهلا وسهلا بك يابنتي ومبروك زواجك.
- شكرا لك يا عمّاه ...أرجو أن لا يضايقك وجودي ...فانا لن أتركك أنت وجدي وحدكما ...وسآتي لأساعدك فيما تحب ...
وهنا قال جدي :
- هذا جيد ولكن ...ارجو أن لا يكون إعدادك للطعام أسوء مما يفعله أبا خضر.
حملق قليلا قائلا :
- ماذا وهل يجرؤ أحد على إعابة طهوي للطعام ؟ ...كلا ...كلا يا حاج ...خف الله وقل الحقيقة ...
- وأية حقيقة إنك لا تميز بين السكر والملح وفي كل مرة تضع احدهما بدلا عن الآخر.
- هذا صحيح ولكن ما رأيك بالمهلبية فلا أحد يجيدها مثلي...
- نعم أنت في هذا محق...لولا نسيانك أن تضع فيها الحليب أحيانا .
ضحكْتُ من كل قلبي وضحك جدي ورفيقه أيضا ...وبعد ان شربت الشاي نهضت والقيت بنظرة سريعة على المطبخ وطلبت من ابي خضر إحضار بعض المواد التي كانت مفقودة من المنزل وباشرْت في اعداد وجبة لذيذة للغداء والعشاء من اجل جدي وصاحبه وانتهيت منها بسرعة وودعت جدي وانصرفْت عائدة الى الدار على امل أن يكون الجميع قد أفاقوا من نومهم ...وبالفعل وجدت الجميع في الصالة بملابسهم المنزلية ،ولمى قد وضعت في شعر رأسها اللفائف اعدادا منها لتسريحة المساء ،بادرتني عمتي :
- أين كنت يا سامية ؟
- ذهبْت لزيارة جدي لبعض الوقت ،ارجو ألا يكون لديك مانع من ذلك ؟
- لا ...ولكن لماذا ترتدين هذه الملابس !! هيا اذهبي واخلعيها فإنّ منظرك مقرف للغاية.
- أرجوك يا عمتي لا تنسي الاتفاق ...فانا لن اخلع حجابي وكان هذا شرطي الوحيد للموافقة على هذا النوع من الزواج .
- استدرت إلى حيث كان سامي جالسا يطالع في كتاب بيده ،وبادرته بالسؤال عله يساندني في الكلام :
- اليس كذلك يا سامي ؟!
رفع عينيه إليّ محدقا للحظات ثم قال :
- نعم ..ولكن يمكنك ان تخلعيه إذا أردت! لا عيب في ذلك ! إنّ أمي تنزعج من منظرك هكذا !
غلت الدماء في عروقي بسماعي ذل إنه يشبه من تسأله لماذا يقف اللقلق على رجل واحد فيجيبك بانه إن رفع الثانية سوف يقع !! لذلك اجبْته بنفس منطقه :
- حسنا إذن ...فنحن على ما اتفقنا عليه ساذهب لأساعد أم احمد .
- ضحكت لمى كثيرا وضحكت في سري منهما ...المهم من يضحك آخرا وليس أخيرا .
بعد الفطور جلس الجميع في الصالة حول التلفزيون وفتحت لمى المذياع تستمع إليه بأعلى صوته حالمة على كلمات الأغنية وجلست معهم ،رغم أنّ الصداع اصابني جرّاء صوت الراديو المرتفع ،إلّا انني سكت وحاولت عدم الاستماع اليه ،واما البقية فلم يهتموا بما تفعله ...حاولت ان اركز على افلام الكارتون في التلفزيون فلم استطع ...حينئذ فكرت أن أقوم باي عمل او مساعدة فهو أفضل من الجلوس هكذا ...لذلك سألت عمتي ان كانت بحاجة الى اي مساعدة ففاجأتني باسلوب جارح في الكلام بأن لا أتدخل في أمورها وعللت ذلك لأنني لم اهتم بطلبها مني بخلع حجابي وزادت في كلامها حتى طلبت مني عدم التواجد او الجلوس في حضور ضيوفهم لانها ستشعر بالخزي مني ...
سالتها :
-ولماذا تخجلين يا عمتي ...فملابسي جميلة وانيقة وليست مهترئة أو قذرة فما الذي يخزيك فيها ؟..
وهنا خففت لمى من صوت المذياع لتستمع الى المناقشة بيننا ولربما احتاجتها امها فتكون على أهبة الاستعداد لنصرتها ...
- انها لا تعجبني وفي هذا الكفاية .
ببرود اجبت :
-ولكنها تعجب رب العالمين عزوجل .
-إنها تشير الى أنك رجعية ومعقدة وغير متطورة ولا تواكبين العلم والمعرفة ..جاهلة ..
-وهل التبرج إشارة الى التقدم العلمي ،اي كلما انكشف الشعر أكثر دلّ على عدم الرجعية ،وزوال الحواجب من الوجه يدل على زوال التعقيد أما ظهور السيقان والأذرع فهو ظهور للمعرفة ،وقصر الثوب او طوله مثلا لهو دلالة واضحة على مواكبة العلم _واكملت وانا أضحك بشكل اغاظها كثيرا _ والتميع والتكبر يدلان على عدم الجهل ...و...
وصرخت عمتي بابنها :
- الا تسكت هذه السليطة يا سامي ؟
وجه الاخير كلامه إليّ غاضبا :
ترقبوا الأجزاء القادمه.....
أنت تقرأ
سامية (للكاتبة عالية محمد صادق) ● منقولة
Spiritualعندما يترسخ الايمان في القلب عندها يتجسد في الواقع ف يصور أجمل معاني الإيمان والأخلاق ....... ~ سامية~ قصة فتاة تواجه الحياة بإيمانها ..... تابعوا معنا هذه القصة المشوقة !!!