الجزء الثامن والثلاثون

711 50 0
                                    

قل لي بربك يا عماه اذا كنت قد طلبت الاذن من عمتي هل كانت ستسمح لي بالذهاب ؟ ام تمنعني .

.. بالطبع ستمنعني لتتمتع برؤيتي اتعذب ...

احمر وجه عمي خجلاً فلم يجبني بشئ بل ناولني الدفتر وعاد من حيث اتى وكما توقعت فانه لم يسألني عن كيفية امراري لمعاشي بعد ذلك ... وكأنه اكتفى وهو الثري بكوني املك مالاً انفق منه على نفسي ... غفر الله له ، لم يكتف بهذا بل بعث الي بابنه يرعبني .

في المساء كنت جالسة على سجادة صلاتي اسبح تسبيح الزهراء(ع) بعد صلاة المغرب وهي ٣٤ مرة اقول فيها الله اكبر و٣٣ مرة الحمد لله و ٣٣ مرة سبحان الله ، وانا اثابر على هذا التسبيح اذ قرأت ذات مرة ما مضمونه ان رسول الله (ص) دخل بيت فاطمة (ع) ووجدها تطحن القمح وتؤدي اعمال المنزل بيديها وانها سألته خادمة تعينها على الاعمال فأجابها (ص) : هل تودين ما هو افضل من ذلك يا فاطمة ؟ الملائكة تسبح معك !! فعلمها هذا التسبيح وسمي باسمها ، ومنت اتسلى واستأنس به ايضاً علاوة على احساسي بأني سأُثاب عليه ، عندها سمعت طرقاً على باب غرفتي ونهضت بملابس الصلاة الفضفاضة افتح الباب وقد امسكت المسبحة اتم السبحانيات الثلاثة الاخيرة ... انه سامي جاء يكمل انتقام امه مني ولا شك ذلك واضح من سحنته المكفهرة .. استعذت بالله منه في سري وسألته بعد ان اكملت التسبيح :

_ نعم يا سامي ... تفضل ... هل تريد شيئاً ما ؟

وبدون ان يرد على سؤالي او يستأذن في الدخول دفع الباب بشدة ودخل الغرفة وبعد ان القى بنظرة سريعة على محتوياتها اختار حافة السرير يجلس عليها ... بقيت واقفة مترددة قرب الباب لا اعرف ماذا افعل ... قررت بعد لحظات ان اترك باب الغرفة مفتوحاً كي لا يعتبر جلوسي معه خلوة ، اذ تذكرت حديث الرسول (ص) ما معناه : ما اجتمع رجل وامرأة الا وكان الشيطان ثالثهما .. ببطء عدت الى سجادتي فجلست عليها في مواجهته بعيداً عنه ، وسألته :

_ تفضل .. هل حدث شئ ما ؟..

كان طول الوقت يحملق في وقد جحظت عيناه فبدتا في انارة الغرفة الضعيفة واسعتين بشكل مخيف ، ثم انفجر قائلاً :

_ من يراك بملابس الصلاة يظنك ملاكاً طاهراً ... ولا يعلم اي شيطان داخلها.

بفزع قلت :

_ اعوذ بالله من الشيطان الرجيم .. لماذا تقول لي ذلك .. ماذا فعلت من افعال الشيطان لاستحق منك كل ذلك ؟..

_ ماذا فعلت ؟! حسناً .. ألم اطلب منك سابقاً ان تنفي وجودي في الدائرة عندما بعثتك امي فرفضت وتحججت بانك لا تكذبين !!

_ نعم ... هذا صحيح ..

_ اذن لماذا كذبت علي طوال هذه الفترة ولم تخبريني بحقيقتك ؟!

_ وبماذا كذبت عليك ؟!

_ الم تجيبيني بالاثبات عندما سألتك انك طالبة في المرحلة المتوسطة !! اكنت تسخرين مني ؟!

صمتُّ افكر بما سأجيبه به فأكمل دون ان ينتظر جوابي :

_ الا تخجلين من نفسك ان تكذبي علي وعلى اهلي .. وما كل هذه الافعال الشيطانية التي تقومين بها ؟! ها! اجيبي بسرعة !!

الحقيقة انه قد افزعني بشكله وكلامه هذا وشعرت بالخوف منه ، فقلت بلين :

_ ارجو المعذرة على ما حدث ، عندما اخبرتك بأني لا اكذب فهذا صحيح ، وعندما خمنت انت في اية مرحلة انا ، اجبتك اني قد اتممت المرحلة المتوسطة ، ربما كي لا .. تشعر بالخجل ان فهمت الحقيقة ... او ربما لأني وجدتك لا تهتم بالسؤال عن اي صف انا فيه الآن من المرحلة الثانوية ... نعم .. لو سألتني في اي صف انا الآن .. لكنت اخبرتك اني في الجامعة ... وربما .. اعتقدت انك لا تهتم بالامر فتجاهلته ... اما عمتي ولمى ... فقد ظننت انتي بإخفاء هذه الحقيقة عنهما اساعد في عدم اثارة المشاكل ...

_ لماذا ؟ ما علاقة كونك تدرسين الهندسة بالمشاكل معهما ؟!

_ الحقيقة .. ان .. ان استقبال عمتي لي ووصفها لي بالجهل والتخلف قد حز في نفسي .. فانا لا اعرف لماذا يتوقع الجميع مني ان اكون جاهلة او متخلفة عقلياً او مدرسياً ... احسست انها ان فهمت الحقيقة ستحاول ان تستنبط لي المشاكل على مستوى آخر .. لتثبت لنفسها اني اقل منها ومن ابنتها شأناً ... فهي لا تريد ان تعترف لي بالتطور وتعتبره من حقها فقط ... هل فهمت ما اعني ؟.. ألست معي ان اكتشافهما لحقيقتي قد اثار فيهما الغيرة النسائية ؟.... فبدلاً من ان تفرحا بان قريبتهما على مستوى علمي جيد ... جعلتا من الامر كذبة ... او مصيبة ... هي تظن ان الرقي بدخول الجامعة .. لكن اخبرها ( ان اكرمكم عند الله اتقاكم )..

سكت بانتظار ما يقول فلم يجب يبدو انه اكتفى بما سمع مني حيث ان سحنته الغاضبة قد هدأت ، واخذ يدير وجهه يميناً وشمالاً ، محتاراً ، توقعت منه الانصراف لكنه اخرج سيجارة واخذ بالتدخين ثم قال :

_ الحق معك في هذا ، فكونك طالبة جامعية ليس بمشكلة حقيقية ، اذ ماذا يهمهم في ذلك ؟ ... لكن الامر الاخر ..

سامية (للكاتبة عالية محمد صادق) ● منقولةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن