الجزء الثاني والعشرون

726 47 6
                                    


رتبت ملابسي في الخزانة وطويت العباءة ووضعتها في الرف العلوي لانني قررت ارتداء الزي الاسلامي لتسهيل الحركة علي في البيت ... اخرجت جهاز الراديو الصغير من حقيبة يدي ووضعته مع صورة امي وابي وحسن وانا برفقتهم الى جوار اصيص للزهور الصناعية وساعة منضدية على شكل قارب اهداها لي والدي ذات مرة ، وضعتهم على المنضدة بجوار السرير ، وابقيت كتبي التي اعتز بها التي احتلت القسم الاعظم من اثاثي الذي احضرته معي فتركتها في الحقيبة لحين تدبيري مكتبة لها ، بعد ان صليت احسست بدوار وتعب شديدين . ان سهر الليلة الماضية والقلق مما سيحدث وعدم تناولي الطعام اثرا كثيراً على صحتي العامة ولحسن الحظ انقذ

ني جدي بارساله سها تدعوني لتناول العشاء .

سرت مع سها عبر البهو الكبير الى باب جانبي فيه على يمين الداخل اليه ، وهي غرفة الطعام ، غرفة جميلة جداً محاطة بالشبابيك الكبيرة من جهات ثلاث وفيها بوابة زجاجية ضخمة تطل على الحديقة الامامية ، تدلت عليها ستائر رقيقة بيضاء شفافة ، يتوسط الغرفة مائدة طويلة مستطيلة تستدير عند طرفيها غطيت بغطاء وردي جميل مشغول بالابرة ، تحيط بها كراسٍ انيقة طويلة الظهر ، زحزحت لي سها احد المقاعد الى جوارها ، جلست عليه ، جلس جدي على رأس المنضدة وتوزع الباقون كل على مقعد معين وعرفت فيما بعد انه لا يجوز الخلط بالاتيكيت والجلوس في مقعد آخر !! كالدوائر الحكومية او الهيئات الرسمية ... جلست انتظر العشاء كالبقية ، الطعام مكدس وبكثرة على المائدة ، قد صب في صحون واوانٍ جميلة مختلفة ولكن لا احد يمد يده الى الطعام ، فانتظرت معهم ، اخيراً جاءت الخادمة تدفع منضدة بعجلات رصّ فوقها انواع السلطات والمقبلات يتوسطهن اناء الحساء الساخن ، صبت لكل واحد من الموجودين حساءه ، زكمت رائحته الانوف ... حينئذ مد الجد يده اليه وتوالى البقية في اخذ ملاعقهم واللطيف ان الملاعق مختلفة الاشكال والاحجام ، نظرت بسرعة الى ما تناولوه من الملاعق ، واخذت شبيهها ... كانت عميقة وغير مفلطحة ويتناولون الحساء من جانبها يرتشفونه سريعاً ، قلت : &بسم الله الرحمن الرحيم & ، وفعلت مثلهم فاكتوى لساني ، لكني لم ابد اي الم او انفعال غير طبيعي ، رغم احساسي بالحرق والحرج الشديد لتواجدي مع هذه المجموعة الكبيرة من الناس ، تناولوا اربع ملاعق او خمساً من الحساء ، ثم تركوها جانباً ، فعلت مثلهم ، رغم جوعي وحبي للحساء ، اشادت سها بالطهي واثنت على امها ، شكرت الام ابنتها في احساس بالزهو والفخر واضحين ، اردت مدحها كذلك لكن لساني لا يزال يؤلمني ، فسكت وانتظرت مع الباقين ، شككت هل انتهى العشاء ؟! وسرعان ما ابعدت الشك عني عندما نظرت الى الطعام على المائدة ، وبعد قليل قامت عمتي بتوزيع قطع اللحم المطبوخ مع باقي الاطعمة المنوعة للجميع كل حسب ما يحب ، الحقيقة ان الطعام لذيذ واحسست بالشبع فشكرت الله عليه ، ابعدت يدي عن الطعام واذا بالجميع ينظرون الي في تعجب !! استُفهمت عن السبب ، قلت :

سامية (للكاتبة عالية محمد صادق) ● منقولةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن