وسمعت صوت سامي الغاضب :
- كفاك عراكا إنّه يضر بصحتك ...
- لا انا اريد ان اضع حدا لهذه الفوضى ..انني لا احتملها ...لا استطيع النظر الى وجهها القبيح.
- امي ليس لدينا خيار آخر ...تحمّليها ولا تزعجي نفسك بها وسترين انّ الزمن سيمرّ سريعا فتعود من حيث اتت ...
يبدو أنها اقتنعت فلم يعد يصلني صوتها ....أقفلْتُ باب غرفتي بالمزلاج خوفا من ان اتعرض لهجوم كما في المرة السابقة ،وارتميت على السرير دون ارادتي ،خرّت دموعي ساخنة ...ثمّ تناسيت الامر وصليت واخذت اتلو القرآن ،فاحسست براحة عظيمة وكانّ هما كالجبال قد ازيح عن صدري وعندما انتهيت سمعت طرقات خفيفة على الباب ، قلت :
- من الطارق ؟
بهمس قالت :
- انا افتحي ...
فتحت الباب لام احمد الطيبة ،فإذا بها تناولني سندويشا قد ضمّنته لحم الدجاج ،فشكرتها كثيرا ،فردت :
- لا تخبري احدا بذلك ...ان احتجت الى شيء اخبريني ...لقد ارتحت اليك منذ البداية وكانّك ابنتي ،وهؤلاء إن اجتمعوا على الاكل فلن يذروا منه شيئا ...هيا كلي ولا تهتمي لشيء ...
- شكرتها مرة ثانية وقبل ان تتركني ضممتها وقبلتها من خدها ...فدمعت عيناها وعادت مسرعة ...حمدت الله في سري ان جعل لي اصدقاءا وسط الاعداء ...
حان وقت العشاء ولم يرسل أحد في طلبي ،خمّنت انهم يريدون عقابي فاحسست بالحزن ،لذلك ذهبت لعند جدي واعددت له ما بقي من طعام الغداء واضفت اليه القليل من المقبلات وطلبت منه ان اتناول العشاء عنده ان لم يكن يمانع !!
رحّب جدي بذلك واخذ يحدثني عن ايامه الماضية وعن كثير من الاحداث المريرة وما قاساه من غربةٍ وسط ابنائه ،احسست بالحزن لاجله ،لذلك تعمّدت ان اساله عن الامور الحلوة والمضحكة في حياته ،وقد سعدت كثيرا بحديثه هذا وشارك ابو خضر في النهاية عندما أحضر لنا فنجاني الشاي ولم ارتشف من الفنجان سوى رشفة واحدة حتى رايت سامي قد حضر ،فماتت الضحكة على شفتي ،اما جدي ففرح بقدومه كثيرا ورايت الابتهاج على وجهه فتاكّدت انه يحبه حقيقة لا يتصنّع فيها وللاسف انه مهجور من قبلهم وهو يرضى باقلّ ما يمكن من محبتهم ،نهض ابو خضر من مقعده فورا وادنى مقعدا قرب جدي لسامي ليجلس عليه واعتذر الاخير قائلا :
- كلا يا جدّي ...يجب ان اعود الى الدار ..جئت اصطحب سامية ...قليلا ...ان لم تمانع ...اودّ البقاء معك اكثر ...لكن عليّ الاستيقاظ غدا مبكرا لالتحق بعملي ...و ....
- الحق معك يا بني ...وانا أوافقك على اصطحابها فهي جميلة ولطيفة للغاية وهي تشيع المرح اينما وجدت فتدخل السرور على القلب ...
قلت بحرج :
- أخجلتم تواضعنا يا جدي ...
ضحك جدي بفرح واجاب :
- شكرا لك يا سامية ...ملأت عليّ وحدتي لأول مرة منذ سنين ...وجعلت سامي ياتي لزيارتي بسببك ...هل ستاتين غدا لتخلصيني من أطباق ابي خضر الشهيرة ؟
- بكل سرور يا جدي ولكن بشرط !
- وما هو ؟
بصوت خفيض شجعت نفسي كثيرا حتى قلته :
- ان اشارك الطعام ...
ضحك الجميع واكمل جدي :
- إنه لمن دواعي سروري أن تشاركينا الطعام ويا ليت سامي يفعل ذلك أيضا .
لم يجبه سامي بشيء بل اوما لي بالخروج ،فاسرعتُ أقبل جدي من جبهته :
- تصبح على خير يا جدي ،اعتن بجدي جيدا يا ابا خضر .
اجاب الاخير:
-على عيني يا بنتي .
خرجنا الى الحديقة معا وفي منتصف الطريق استوقفني سامي قائلا :
- انتظري قليلا ...هل اخبرت جدي بما حصل اليوم ؟!
اجبته بالنفي فاكمل :
- ألم تخبريه بحقيقة الاتفاق بيننا ؟
- كلا ولماذا افعل ذلك ؟
- ربما لتنتقمي من امي التي آلمتك بحديثها !!
- لا اطمئن من هذه الناحية ..فحتى إن أردت ان انتقم منكم جميعا فلن انتقم من جدي الحبيب ، لقد فرح بزواجنا وهو سعيد به ولن اكدره لسببين ، أولا : أني احب أنا أراه سعيدا فهو طيب للغاية ولم اكتشف هذا قبل أن استمع لاحاديثه ، ثانيا :إني إن آلمته فسوف اكسب إثما عظيما ،فالجد كالاب في المنزلة ،فمثلما لا يجوز ان تغضب الوالدين فكما انه &ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما & فكذلك رضاه تعالى من رضاهما ،ونفس المنزلة للجد ،حتى انني احس بالإثم كلما فكرت انني ربما أتسبب في إيذاء مشاعر جدي بعد مرور العام ...
- - لا عليك حينها سيبدو الامر طبيعيا ...سنبدا بالخصام وإثارة المشاكل حتى يطلب مني ان أطلقك ، ولا شك فهو يحبك ولا يريد لك الاذى ...
- ليس باليد حيلة ...فوضت امري إلى الله فهو سيحل الامر بافضل الحلول . اتعرف يا سامي أنه من واجبي وواجبك اسعاده ...وبالمناسبة لماذا لا تزوره ؟! لماذا تجفوه هكذا ؟! إنه يحبك ...
- وما الفائدة من حبه ...انه اناني لا يفكر الا بنفسه ...
- لا اسمح لك ان تقول عنه هكذا ...لماذا لا تصدق انه يحبك ؟!
أنت تقرأ
سامية (للكاتبة عالية محمد صادق) ● منقولة
Spiritualعندما يترسخ الايمان في القلب عندها يتجسد في الواقع ف يصور أجمل معاني الإيمان والأخلاق ....... ~ سامية~ قصة فتاة تواجه الحياة بإيمانها ..... تابعوا معنا هذه القصة المشوقة !!!