91

692 42 1
                                    


أحسست أني في قمة التعاسة ... وتمنيت لو أنه لم يذهب. ... أو أطال الكلام معي في هذا الموضوع ... فهو صارحني  بما هربت من مصارحة نفسي به ... ثم لماذا لم يطلب (سامي) يدي ... منذ الصباح  أحسست أن الجميع يعلمون ويحسون شيئاً كان يجب أن يحدث لكنهم يكتمونه ... ذكرت قول عمتي  عن حزن (سامي) إن لم يجدني ...أحقاً سيفعل ذلك ... هل حدثها بشيء ما جعلها تحس ذلك ... أم هو شعور المرأة أخبرها باهتمامه بي ... وهل يهتم بي حقاً ... ليته يفعل .... ليتني لم أرض بالتضحية من اجل ابي ... كم كنت سعيدة وهادئة البال ... لم اعرف للهموم سبيلاً فإذا  بها تسيطر عليّ .... إني أعرف أني أدوس على مشاعري  وقلبي عندما أحاول نسيانه ... وهل  نجحت  في ذلك ؟ لا أعلم ... و (حسن) هذا .... كيف يتجرأ ويسألني مثل  هذا  السؤال .... واذا كان هو يحبه فهل ألوم نفسي ... لا. .. هذه نزغات من الشيطان ... إنه  رجل  أجنبي عني ولا يجوز لي التفكير به ... يجب ألا أسمح لنفسي بالسيطرة  على عقلي ... إنه جهاد النفس ... والحمدلله على كل حال ... هذا أمر قد انتهى. ... يجب أن ابدأ حياتي من جديد ... سأشرع في تنظيم ملابسي وكتبي ..أنتهيت بسرعة من إعداد كل شيء وخلعت الحجاب لأول مرة منذ أشهر

ونزلت إلى المطبخ بملابس المنزل ، أساعد أمي ... أمي التي كانت الفرحة لا تسعها ... أعددنا المائدة وتحلقنا حولها  وقبل أن تمتد أي يد الى الطعام ... رن جرس الباب ... اراد (حسن) الذهاب لرؤية الطارق فطلبت منه أن اذهب أنا ... إذ لربما كانت احدى صديقاتي .... ارتديت العباءة وفتحت الباب وشهقت لأني رأيت (سامي) واقفاً أمامي  وقد وضع يديه في جيبي بنطلونه ... لم أعرف كيف اتصرف ... واضطربت  على عكسه هو يقف بهدوء وسكينة ... ولما رأى اضطرابي سألني

-ألن تدعيني للدخول ... أأبقى هكذا كالمتسولين ... ألا يكفي أنك هربت مني ... والآن لا تسمحين لي بالدخول لدارك ... ما هذا؟ هل أنا سيء الى هذه الدرجة. ..

قلت وأنا اعتذر  وأحاول إخفاء اضطرابي :

-العفو .... إني آسفة ...تفضل... ولكن .. لا أنتظر لأخبر أمي ترتدي عباءتها. ..

اسرعت امامه فدخل وأغلق الباب ومشى ببطء. . عندما فهم الجميع من القادم نهض ابي  و (حسن) لملاقاته وارتدت أمي عباءتها وأخذت  ترحب به بصوت عال:  

- اهلاً ... اهلاً ... يا بني ... تفضل  على الرحب والسعة

قال

- عمتي أشم  رائحة طعام زكية. ...

-نعم ... نعم. .. يا بني ...

(حسن) :

- هيا. .. حماتك تحبك كما يقول المثل ... تعال وشاركنا الطعام

دخل وهو يقول :

- أرجو ألا تكون (سامية) قد اعدته. ...

-لماذا ؟ هل طبخها رديء لهذه الدرجة؟

-أوه ياعمي ... لا تعلم  كم تجرعت من الغصص أثناء مرضي ... كانت هي التي تعد الطعام لي ول (لمى) ....

أجبت بسرعة:

-كلا يا أبي لا تصدقه .. إن طهوي لذيذ للغاية ... لكنه كان مريضاً فكل ما يأكله أو يشربه يحس بمرارة مذاقه. .

قال:

- حسناً.. لنر الآن. ..

وأخذ يتناول الطعام   وكأنه واحد منا .... بعد ذلك احضرت الشاي ، تناوله مني وتعمد أن يسمعني سؤاله

- لماذا أسرعتم في الذهاب ياعمي .... عدت ولم اجدكم ... فتفاجأت. ..

قال ابي:

- الحق معك. .. ولكني مثلك فرحت بالمال فنسيت كل شيء

أجابه:

- لا ياعمي .. أرجوك ... لا تقل هذا. .. أنا ما نسيت كل شيء .... ولو عرفت بمغادرتكم لأجلت ذهابي ثم وجه كلامه لي :

- وأنت  يا (سامية) ... لماذا فررت إلى دار ابيك؟!

رغم دهشتي لجرأته تمالكت نفسي وأجبته ببرود :

- وما بقائي هناك ..... كما قلت سابقاً... إنها صفقة تجارية وقد انتهت. .. أليس كذلك؟

أجاب بعتب:

- لا ... ليست كذلك. .. فأنا لا أزال متمسكاً بك كزوجة لي ... ولن أفرط بكِ ابداً...  وإذا رفضتِ... فالقانون في صفي. ...

دهش الجميع لكلامه، فقلت:

- ولكن ألم تخبرنا منذ البداية .... عندما جئت مع المرحوم ... انك. ...

لم يدع لي الفرصة للكلام قائلاً:

- ذلك امر قد مضى .... اما الآن فأنا أريد طلب يدكِ من جديد. ...

سامية (للكاتبة عالية محمد صادق) ● منقولةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن