أطل الصباح ولم تغمض عيناي بعد، إلهي ماذا افعل في هذه المشكلة؟لا أستطيع أن أقرر ماذا أصنع، لدي سويعات محدودات لكي احدد مصيري ومستقبل حياتي، فأنا الآن بين نارين ومصيرين أحلاهما مر، ماذا سأقول لأبي غدا؟ وما الذي سأخبر أخي به، أارفض معتقداتي ومبادئي أم انحيها جانبا!؟ أأرضى بالزواج من (سامي) أم ارفضه؟!
كانت ليلة عصيبة لن أنساها مدى الحياة ، حينئذ كنت في التاسع عشر من العمر.. و على مفترق طرق..منذ متى بدأت هذه المشكلة التي أرقتني تلك الليلة؟..لأعد إلى ماقبل حدوث المشكلة..إلى متى..إلى الوقت الذي كنت لا أفهم فيه شيئا من مصاعب الحياة وهمومها عندما كنت لا أزال طفلة صغيرة يفترض لمن في سنها المرح واللعب واللهو.. لا أذكر ما يفرح القلب.. أتذكر كيف أصد ضربات شقيقي(حسن)بيدي الصغيرتين.. لم يكن أكبر أخوتي فهو يكبرني بعام واحدفقط في حين أن شقيقي الأكبر متزوج وله أطفال في مثل سني.
كنت أدافع ما استطعت بكفي الصغيرتين أتفادى بهما لطماته السريعة التي لم يردها احد عني.. وكيف يرتدع ونظرات الأعجاب به من قبل الوالدين تدعمه بزخم كبير من الإقدام والجرأة.. وهو أمر طبيعي في أكثر العوائل التي تهتم بلأبن أكثر من البنت وتدعه يمعن في أثبات تفوقه كصبي. وقد حفظت الجمل لكثرة تكرارها مثل&أي والله إنه رجل منذ نعومة اظفاره&، &دعه يضربها لكي يصبح رجلا في المستقبل&و &ماشاء الله أنظر إلى كفه كم هي قوية&!! وبالطبع كان الفائز في مباراة الملاكمة بيننا دوما هو(حسن).
الواقع أن إحساسه بالتفوق علي قد خلق في نفسي نفورا وخوفا من الجنس الآخر، أقل ما يقال عنه أنه الشك في صدقهم، هذا الخوف لازمني حتى هذه اللحظه... واعتقدت آنذاك أن للأبن الحق في الضرب، والأستماع بالمديح، وعلى البنت تلقي الصفعات دون ان تنبس ببنت شفة...لا علينا... انقضت تلك المرحلة العصيبة وبدأ جسمي بالنمو السريع... وسبب ذلك هو التجائي لألتهام الطعام بشراهة كمتنفس للحالة المؤلمة التي كنت أعيشها..أما أخي المسكين فقد هزل جسمه ونحف لفرط غيرته مني... كان منظرنا سوية يثير الضحك لدى الناظر، إذ كنا معا نمثل الرقم 10... فقاربت شقيقي بعدها في الطول فأستطعت أن أدافع أفضل من السابق مما جعله يخفف من حلبات الصراع لئلا يرد له الكيل كيلين..
وبدأت مرحلة الدراسة ،لم تكن المنطقة التي عشت فيها آنذاك بالمدينة الكبيرة رغم أنها قريبة من العاصمة، لذا فقد كان الأتجاه العام لدى الأهالي هو حث الذكور على الدراسة أكثر من حث الﻷناث عليها، فكيف بي والجميع يريد ل(حسن) التفوق والفخر! ولم يهتم احد لتفوقي(سامية)_لي أنا_أو احساسها بالنجاح...، وعندما كبرت أدركت أن والدي لم يتعمدا أهانتي ولا أذاي، ولكن كيف لمن في سني تلك أن يستوعب عقلية الكبار... فرح الجميع في تسجيل(حسن) في المدرسة الأبتدائية و ووزعت الحلوى في الدار وجلس(حسن) إلى جوار والدي على الأريكة الكبيرة في غرفة الظيوف فرحا مستبشرا وأحضرت أمي صينية الشراب وهي تطلق الزغاريد وجائت الجارات مهنئات مباركات دخوله المدرسة الأبتدائية! ولم يكن هذا بعجيب !أذ كان حسن هو الوحيد الذي سجل اسمه في الصف الأول من أهل الحي بأكمله، ولم تسعه الفرحة وقد ارتدى السراويل الجديدة وهو يتمشى جيئة وذهابا مختالا بها ويتعمد النظر إلي من زاوية عينيه مكايدة منه لي على عدم استطاعتي نيل هذا الشرف، لا أنكر أنني حزنت لنظرته تلك للحظات لكني فرحت كثيرا جدا وربما أكثر من لأنه كان فرحا.
أنت تقرأ
سامية (للكاتبة عالية محمد صادق) ● منقولة
Espiritualعندما يترسخ الايمان في القلب عندها يتجسد في الواقع ف يصور أجمل معاني الإيمان والأخلاق ....... ~ سامية~ قصة فتاة تواجه الحياة بإيمانها ..... تابعوا معنا هذه القصة المشوقة !!!