الجزء السادس والاربعون

701 50 2
                                    

كنت مستغرقة في افكاري عندما اندلع شجار جديد بين (سها ) وزوجها  حيث كان الزوج يدافع عن ضرورة استقلاليته في الخروج لأنه يعاني من معارضة زوجته في خروجه مع اصدقائه. .. أي أن المشكلة هنا معكوسة ..مللت وأطفأت الضوء محاولة النوم فلم أستطع بسبب هذه المشاجرات التي بدت وكأنها لن تنتهي ..فضلت الخروج ألى الحديقة وحاولت أن أتمشى قليلاً   فأكون ضيفة على جدّي الحبيب فلمحت الأنوار  في غرفته منطفئة ، يبدو أنه قد تعشى مبكراً ونام .... سرت بأتجاه الحديقة الأمامية ..كانت رائحة الزهر الليلي تزكم الأنوف وتنعش النفوس  فحمدت الله ع ان هداني أن آتي واستنشق الهواء اللطيف هذه  النسمات الباردة تلامس وجهي لتعوض عنه ما قاساه من حر الظهيرة ... جلست على احد الكراسي البيضاء المصفوفة على شكل دائرة حول منضدة حديدية بيضاء ايضا مدورة الشكل ، بقيت أتأمل ألوان الزرع المختلفة في الليل وفي ضوء القمر عما عليها في النهار ، فكأن الأشجار بأرواقها الكثيفة قد ارتدت

مسحة من السواد تستتر بها من العيون الملتهمة لجمالها وجمال خلقه تعالى ... سكون محبب للنفس يسيطر على الحديقة لا يقطعه سوى مرور عربات سريعة تمر في الشارع المجاور للدار ... هذا السكون يدعو الإنسان للتفكير في الحياة  الآخرة ، ترى ماذا بعد هذه الحياة ..كل هذا الجمال  والحركة والحياة .... صرير الصراصير و نقيق الضفادع  في الجداول المارة عبر الشجيرات ، الفراشات النائمة في سكينة على الاوراق  تنتظر قدوم الصباح لتقوم بما هيأها الله له من وظائف ، النمل المختبئ في جحوره في احترام للظلام لايتعدى حدوده ولا يخالف طبيعته التي خلق لها كل هذا ...أزيز المحركات ،اصوات السيارات وحتى اصوات الشجار بين المتخاصمين في الداخل ، كله سينتهي  ويتوقف في لحظة واحدة ..عندما يتوفى المرء ... وسينتقل إلى بحر من سكون .. وعندما وصلت إلى هذه  النقطة من التفكير أفزعني صوت من خلفي فالتففت مذعورة ... رأيت (شبحاً) يقف خلفي ، وندّت عني صرخة ذعر خفيفة تضاءلت عندما عرفت أن الشبح هو (سامي ) قال:  

-أنا آسف ... لقد افزعتكِ...

-لاعليك ...لم أسمع صوت قديمك. ..كنت سارحة في أفكاري ..جلس على أحد الكراسي المقابلة لي وقال :

-لعلك هربت من الضوضاء في الداخل ... أليس كذلك؟...

-نعم هذا صحيح ... لم استطع النوم .. فأصوات الشجار تملأ عليّ الغرفة ...

-وأنا كذلك. ..

-لماذا لا تحاول مساعدتهم وحل مشاكلهم؟

-اوه ..لقد مللت من ذلك  ... لا توجد مشكلة حقيقية سوى الترف والمتعة ... إنهم أنانيون، كل منهم يفكر في نفسه فقط ...

-حسناً ، ربما كنت محقاً في ذلك ...أستأذنك تصبح على خير

-ما هذا ؟ ماذا جرى لكِ ؟... لماذا  تهربين هكذا؟... اجلسي ، أريد ان اسألك.  قلت وانا اجلس :

-تفضل ، عماذا تريد أن تسألني ؟

-عندما قلت ما قلته عن الغناء جعلتني أفكر في سبب حرمة الغناء ... إنه أمر لم ابالي به من قبل ولكنني  أعترف لك الآن ... انك بتحمسك هذا وحرصك على عدم السماع جعلتني أتساءل عن الأذى  الذي يسببه الغناء...

سامية (للكاتبة عالية محمد صادق) ● منقولةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن