في صباح اليوم التالي اجتمع (سامي)بمجموعتنا لكتابة تقرير التقييم لكل منا...فهذا اليوم هو آخر يوم في التدريب الصيفي، وطلبت (نوال) والآخرون منه أن يسمح لنا بالذهاب مبكرين هذا اليوم كمكافأة لنا على جهودنا ...ضحك (سامي) لهذا الطلب ووافق فوراً .. شكرناه وغادرنا القاعة...وفي الممر المؤدي إلى المصعد اجتهد(منير) أن يلحق بي ويسألني رأيي في الزواج منه، وكأنه نسي ماقلته له من عدم التحدث مع الفتاة مباشرة ...على أية حال اجبته جواباً مقتضباً بالنفي وتركته دون أن أمنحه الفرصة للاستيضاح ...في المساء أخبرت جدّي مادار بيني وبين (منير)و(سامي) والحقيقة أني شكوت (سامي) له بشكوكه الغريبة هذه، عجب جدّي وسألني:_يا له من فتى ، كيف يخاطبك مباشرة ،أحسنت رده، ولكن قولي لي ألا يعلم أحد ما أنك مخطوبة...
_كلا يا جدّي ...
_ولماذا ؟
_أوه ... يا جدّي ...أنا لا أتحدث مع الطلبة أبداً سوى إلقاء التحية، فكيف أخبرهم بأموري الخاصة ...كلا...فأنا أخجل كثيراً ...وحتى زميلتي الفتاة المسيحية لم أخبرها خوفاً من أن ينتشر الخبر فيؤوّل كل كلام أو حديث لي مع (سامي) إلى منحى آخر ولربما يسخرون مني...المهم ما رأيك بفعل (سامي) ...
سكت جدّي قليلاً قبل أن يقول:
_لا تغضبي من (سامي) وتصرفاته ..الغيرة تفقد الإنسان عقله وتخرجه من طوره ...ولو كنت محله لغضبت مثله...فكيف به وهو خطيبك وأقرب إليك مني...سمعنا صوتاً يقول:
_من هو الذي أقرب إليها منك يا جدّي...؟
قال جدّي يوضح له:
_قصدتك أنت يا (سامي)..
جلس (سامي) أمامي بعد أن ألقى التحية:
_هل ارتحت اليوم...اليوم هو اليوم الأخير لتدريبك العملي...
_نعم ..شكراً جزيلاً لسماحك لنا بالمغادرة فوراً.
_هذا أقل مايمكن فعله لطلبة مجتهدين أمثالكم ...ها يا جدّي عن ماذا كنتما تتحدثان؟
لمح لي جدّي بالسكوت عن موضوع (منير) لئلا ينزعج (سامي) كما اعتقد هو:
_أخبرتني (لمى) ليلة البارحة خبراً مزعجاً ...قالت أن لك زوجة أب...
ببرود أكمل (سامي):
_أعلم بالأمر..إنها (أم نادية)...
تعجّبت فلم أنبس ببنت شفة،قال جدّي:
_ولم لم تخبرني يا(سامي)..
_وما الفائدة من ذلك !! ثم إن لأبي حريته الشخصية في فعل ما يحلو له...وهو إنسان ناضج ...فليتزوج ممن يشاء..
ماهذا المنطق يا بني...كيف تقول هذا؟ ألا تهمك سمعة أبيك وزوجته ؟ الا يهمك أن تؤول ثروته لغيرك وغير إخوتك؟!!
_بل يهمني كثيراً...ولكني يائس من إقناعه ويائس من الحصول على ثروة أبي ..عندما عرفت بأمره غضبت كثيراً وفكرت مثلك...ثم فكرت في حال أمي لو علمت بالأمر ...وبقية أخوتي...لاشك أنها لو علمت ستجبره على التخلي عنها...ولكن فكّر في الجحيم الذي سنعيشه من خصام ومعارك وخطط...تجدني كنت محرجاً من طرح هذا الموضوع علانية ...إن أخبرته بمعرفتي الحقيقة فسيذهب حاجز الحياء بيننا...حينئذ سيتخلص من حالته هذه في إخفائه لزواجه ، ولن يشعر بالإثم تجاه عائلته...وحتماً سيثور ونفعل كما تعرفه وسينطلق من قيوده النفسية بعد أن يُكتشف أمره فيفعل كل مايريد...ولئن كان يبذر في السر قيراطاً فلسوف يبذر في العلانية أطناناً...إن أبي يخفي عن الجميع مقدار ثروته ومصادر إنفاقها فهو لا يحتفظ حتى بخزانة لحفظ النقود في البيت ...لكني على ثقة من رجاحة عقله ....ثم...ثم إنه مصاب وهو يمر بأزمة عاطفية سرعان ماستنتهي.
_وكيف ذلك؟!
_أوه يا جدّي ...ألم تلاحظ (أم نادية) وسلوكها كم هي مُملة...ولا شك...
قلت مقاطعة:
_لكن ليس مثل أبنتها (نادية) أليس كذلك؟!
ضحك (سامي) قبل أن يقول:
_بل البنت مثل أمها مملّة جداً، يكفي أن يعيش الرجل معها شهراً واحداً ليعتادها ومن ثم يملّها...
_نعم ...كلامك صحيح...فقد رأيتك كيف تقهقه معها من شدة الملل!
وهو يضحك قال:
_إنها جميلة وتلاطفني طوال الوقت فمن الواجب أن أجاملها...وإلا ماذا أفعل؟!
_لاشيء سوى ان تقهقه معها بأعلى صوتك...
وانا التي كنت أظنك لم تعرف شيئاً اسمه الضحك أو الفرح!!
_هل تغارين منها يا(سامية)؟!!
_أغار!! ....أنا أغار من واحدة مثل (نادية) ؟!
_هكذا يبدو !
_كلا ...لا تعتقد هذا أبداً...أنا لا أنفي أني أشعر بالغيرة أحياناً ولكن ليس من (نادية) وأمثالها...أشعر بالغيرة ممن هي أفضل مني...وهذه ليست بأفضل مني ...لا أقول هذا تكبراً ...ولكني اشرح إحساسي فلو كانت فتاة محجبة ومثقفة وبهذا الجمال ..نعم...حقيقة كنت سأشعر بالغيرة منها واتمنى لو أني مثلها ...اما هذه التي يتكلم معها الغريب والقريب وينظر إليها وإلى جمالها جميع الرجال! يستمتعون بجمالها بلا استثناء ...العالم منهم والجاهل ...الغني والفقير فلا تتأبى من ملاطفتهم والحديث معهم ، ولا تحترم الكتاب أو تمسك به مالم يكن عن الممثلين أو المغنّين انا في الحقيقة أرثي لحال مثل هذه الفتاة وأشفق عليها...فهي إنسانة مخدوعة خدعتها الأفكار الدخيلة على ديننا وتراثنا...
أنت تقرأ
سامية (للكاتبة عالية محمد صادق) ● منقولة
Spiritualعندما يترسخ الايمان في القلب عندها يتجسد في الواقع ف يصور أجمل معاني الإيمان والأخلاق ....... ~ سامية~ قصة فتاة تواجه الحياة بإيمانها ..... تابعوا معنا هذه القصة المشوقة !!!