89

693 45 4
                                    


الحقيقة أنني كنت أغالط نفسي بهذا القول ... ولكن ما العمل فكرامتي أهم   من كل شئ. .. ولن أذل نفسي أكثر ... يكفيني مهانة أن  أبي هو الذي دعاه للزواج مني  ورفض هو ذلك ... ولا زال يتلاعب بمشاعري  وأعصابي ...مرة يقول يعز عليّ فراقك .... وأخرى يريد الزواح ب (نادية) ... ثم ينتقل منها إلى (نبوغ) ... إنسان مشوش  التفكير  فماذا يريد أن يقول بعد هذا سوى إنهاء وجودي في الدار ... إذن  الأفضل لي  أكون أنا صاحبة هذا الاقتراح  بدلاً عنه ... ولن يخدعني  بقوله  عني أنني زوجته ... وما أدراني فقد يكون طامعاً بالثروة ربما أعتقد أن بإمكانه إقناعي بها أو ببعضها ... عندما  وصلت بتفكيري إلى هذه الناحية احسست بكآبة  وحزن كبيرين ... فالإنسان يفضل الحلول  والافكار  السعيدة وليس العكس ....

وبمرارة وعتب خاطبني  :

- وهل قلت أو تصرفت تصرفاً ما فهمت منه أني أريد إسراعك بالرحيل ؟

يقولون أن  الفهيم تكفيه الإشارة ...

-أعرف أنك فهيمة ، لكنك أسأت الفهم هذه المرة. ..

-إذن فأنت لا تريد رحيلي. .

-بالطبع لا ... لا ... الآن ولا فيما بعد ...

-شكراً جزيلاً...

-لهذا  أردت توضيح بعض الأمور لك. ..

-تفضل. ..

-لنذهب للحديقة ... هناك أهدأ. ...

-الحديقة مرة ثانية. .. أنا آسفة ولا وقت لدي للحديث ، سهرت طوال ليلة أمس لإنجاز الزي الإسلامي ل (لمى)، ثم ذاكرت وذهبت مباشرة إلى الجامعة ولم أنم إلا قليلاً أفقت بعده لأكمل خياطة الزي وإلى الآن لم أنعم بنوم  هادئ مريح، ولن أستطيع ذلك لأن لي منهاجاً مملوءاً بالمواد الدراسية التي تراكمت بعد ... وفاة المرحوم. ..

-كلمتان فقط:

-أرجوك اعذرني .... أنا متعبة جداً ... لربما سأسيء فهمك ثانية كما تقول.

-حسناً لنؤجل ذلك إلى فيما بعد ... عندما تنالين قسطاً من الراحة ... ولكن عديني ، أن تفسحي لي المجال  لإيضاح ما أريده لك ....

- أعدك بذلك. ...

في الصباح لم أذهب إلى الجامعة، فموعد قراءة الوصية قد حان، اجتمع الجميع في منزل جدّي في الفناء حيث خزانته الكبيرة تقع في أحد أركان الصالة ...حضر محامي جدّي وأخرج إحدى الظروف الصغيرة من حقيبته وقرأ بصوت عال:

_يُفتح بعد موتي....

فتحه وأخرج منه مفتاحين أحدهما صغير والآخر كبير للخزانة ...فتحها المحامي وأخرج الأوراق والمستندات ثم رزم النقود منها...فتح مظروفاً كبيراً وردي اللون وأخرج منه دفتران مصرفيان أحدهما باسمي والآخر باسم (سامي) يحمل في طياته رقم المائة ألف دينار لكل منا وقال:

_يمكنكما الاستفادة منهما منذ الآن وهذا هو الرقم المعرفي السري مكتوب لكل منكما...تفضلا...استلمته منه وقدمته مباشرة لأبي قائلة:

_يمكنك الآن فك رهان البيت والمصنع...

طأطأ أبي رأسه وغمغم بكلمات فهمت منها(إذا فأنت تعرفين)...و(سامحيني)،أما (سامي) فكان فرحاً بشكل لا يوصف...

_وأما البيت الذي عاش فيه جدكم هذا فقط سجله رسمياً للسيد (أبي خضر) لوفائه وإخلاصه له طوال حياته..

التفت الجميع إليه وكان كعادته يجل

س

بالمطبخ بعيداً..

قال له (سامي):

_مبروك يا(أبا خضر)...

نظر الجميع بعضهم الى بعص ثم هنؤوه واحداً بعد الآخر...عندها أخذ يبكي ويترحم بصوت عال على جدّي ...انتقل المحامي إلى رزم الأوراق النقدية فأكمل يقول:

_في وصية الجد يقول: إن لي الحق في ثلثا من هذه الرزم النقدية بعد موتي وهو حق من الله سبحانه وتعالى، أرجو أن يصرف هذا الجزء في التصدق على الفقراء أو في بناء أحد المساجد أو قضاء صوم على روحي للثواب، على أن يشرف(أبو خضر) على ذلك...وثلثي الرزم يقسمان مناصفة بين أبني، علّهما يذكراني بخير بعد موتي والسلام.

وهكذا حصل وانقضت الجلسة وعاد الجميع إلى الصالة فأحضرت (أم أحمد) فناجين الشاي للجميع وعمّتهم الفرحة وذكروا جدّي فقرؤا له الفاتحة ،اتصل (سامي) هاتفياً بالمصرف وعندما تأكد من وجود المبلغ غادر مسرعاً ليثبت أحقيته فيه ...استمرت أحاديث أبي وعمي حوالي الربع ساعة،بعدها طلب أبي مني إحضار أمتعتي استعداداً للمغادرة وقال يخاطب عمي:

_حسناً يا أخي ..انتهت اللعبة...نفّذت الصفقة، وعلينا استرداد بضاعتنا...

ضحك عمي والباقون ،ولدهشتي سمعت عمي يصر قائلاً:

_أترك (سامية) لنا، إنها أحسن كنّة عندي...

فأيّدت (لمى) بحرارة:

_نعم...نعم...دعها عندنا...وأنت يا(سامية) لا تعودي ....أرجوك ...أني أحبّك ...حقاً... ‏‏‏

سامية (للكاتبة عالية محمد صادق) ● منقولةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن