الجزء 70

719 46 9
                                    


وقطع حضور سامي كلامها:

_ امي، لمى هل تودان المجيء معي ؟!

والتفت الي قائلاً :

_ وانت يا سامية هل تريدين ذلك ؟

قالت عمتي ،

_ الى اين ؟!

_ نذهب لزيارة المرقد الشريف للتبرك به ... ها ما رأيكن ؟!

قالت عمتي :

_ عظيم ... عظيم .

وايدتها انا ولمى ...

_ اذن هيا قمن وارتدين العباءات فالدخول هناك ممنوع للسافرات ، وكذلك انت يا سامية ضعي عباءة فوق زيك الاسلامي ، ولا تنسين ان تتوضأن .

وما هي الا ساعة حتى كنا هناك نقرأ دعاء الزيارة ونصلي صلاتنا الواجبة مع ركعتين لوجه الله تسمى صلاة الزيارة .. عندما اكملتها رأيت الدموع تترقرق من عيني عمتي وقد بان الخشوع عليها ... اما لمى فاكتسى وجهها بفرح لا يوصف .. احسست براحة عظيمة وتأملت فيما مضى وانا لا اكاد اصدق ما حدث ... اطلقت حسرة وقلت في نفسي :

_ اين كنت يا حسن طوال تلك المدة ؟

من بعيد اشار الينا سامي بالخروج ، ففعلنا ذلك ، وخلعت عمتي عباءتها في السيارة باستنكاف ، اما لمى ولدهشتي بقيت على ارتدائها لها وكأنها تشعر براحة فيها ... سار بنا سامي بمحاذاة الشاطئ ، ورغم برودة الجو الا اننا شعرنا بالنشاط والحيوية ... توقفنا قرب مطعم صغير تناولنا فيه الطعام والمرطبات وعدنا ثانية الى السيارة ، قال لي سامي وهو يفتح لي باب السيارة بلطف ومجاملة :

_ هل استمتعت بالزيارة ؟

_ جداً ... اشكرك من كل قلبي ... ليتك تكررها ثانية ...

_ وماذا عن دروسك ؟!

_ اف ... لا تذكرني بها ... لا بأس سأتأخر ساعة اخرى في الليل لأعوضها ...

شاركت لمى :

_ ما هذا الكرم يا سامي ... ارجو ان تفسحنا دائماً ...

_ حقاً ! .. هل انت مسرورة الآن ...

_ جداً جداً يا عزيزي ...

_ وانت يا امي ؟

_ وكيف لا اكون مسرورة وسعيدة ، وهذه هي المرة الاولى التي تدعوني فيها وتشعرني بان لي ابناً يحب اسعادي ... انني راضية جداً عنك يا بني ...

_ المهم رضاؤك يا امي ...

عندما اختليت بنفسي في غرفتي احسست وللمرة الاولى في بيت عمي ان القدر يبتسم لي ... وشعرت ان مرحلة الصراع معهم ومع افكارهم في طريقها للزوال .

وصدق ظني ، فقد اخذ سامي يتجاهر امام سمير وسها ومراد انه يصلي ولا يحس بالخجل كالسابق بل ويشرح لهم اهميتها ... وفي يوم الجمعة وكان شمل العائلة قد التأم ، سألته سها بتخابث؛

_ ما هذا يا سامي ؟! احترس على نفسك من سامية واخيها .. في المرة القادمة نحضر لزيارتك سنجدك ارتديت العمامة !!

التفت سامي الي ثم توجه بالحديث نحو اخته التي لم تفهم شيئاً !

_ ربما سأصبح شيخ جامع الازهر في المرة القادمة ...

اشحت بوجهي عنه واظهرت انزعاجي من تلميحه هذا .. قال مراد بفزع :

_ يا للهول ان اصبحت شيخاً فلن ادخل داركم بعد الآن .. لاني سأكون هدفك الثاني وتبدأ وتبدأ بالنصيحة حول الخمر وشاربها وصانعها ... اليس كذلك ؟!

اجابه سامي وهو يضحك :

_ انك ابن حلال .. كنت اود الحديث معك حول هذا الموضوع الآن ...

وقف مراد وسط الصالة وبشكل تمثيلي هزلي قال :

_ لبيك اللهم لبيك ... لبيك لا شريك لك لبيك ... ان العزة لك والملك ...

ولم يكمل لانه لا يعرف الباقي ... قاومت نفسي من الضحك عليه لاني احترمت تصرف الباقين تجاهه ، فهم لم يضحكوا وانزعجوا ولاحظت عمتي تنفجر فيه بغضب :

_ انت لا تتغير ... ولن تتغير نحو الاحسن ابداً ... وانما نحو الاسوأ ... لماذا لا تستمع لسامي وهو يكلمك ؟ .. الن تنتهي من افعالك الرعناء هذه ... الى متى تبقى هكذا .. الن تتوب الى رشدك ... مالذي جنيته من الخمر والسكر والعربدة ؟ .. سوى العار والمشاكل لك ولزوجتك ولاطفالك ... ها انت الآن مرح وفرح وعندما تعود مخموراً في الليل لا تجد من تعاقبه على فشلك سوى طفلتك الصغيرة هذه تضربها بوحشية اثناء نومها الساكن ... انك تصبح حيواناً ...‏

سامية (للكاتبة عالية محمد صادق) ● منقولةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن