_مهلاً ياعريس...يجب أن أفي بوعدي أولاً...اجلس اجلس...وهذه هي هديتي لأبيك وعمك بمناسبة هذا الزواج السعيد ...قال هذا ووضع مظروفين فيهما كميات من الأوراق النقدية اللمفوفة بإحكام ...نهض عمي وتناول المظروفين وبمزاح قال:_الأثنين لي... أليس كذلك ياأبي؟...
نظرت إلى أبي المسكين وقد اصفّر وجهه خجلاً وحيرة، ورأيته في وضع لا يحسد عليه، لم ينقذه منه إلا صوت جدّي الآمر:
_أترك هدية أخيك يا ولد...لن تکبر أبداً...
أطاع عمي الأمر ضاحكاً وغادر وابنه إلى السيارة ...ناول جدّي أبي المظروف بكل حنان فقام أبي وقبّل وجهه ويديه وطلب مني أن أفعل الشيء ذاته، فأطعت في الفور، استبشر جدّي وقبّل جبهتي واضعاً كمية من الأوراق النقدية في يدي، وعندما تعجبت محاولة إرجاعها له...إستاء من ذلك ففهمت أنه عليّ قبولها...فقبلتها ولم أكن أعلم أني سأحتاجها بشدّة في المستقل القريب في بيت الزوجية...عند العصر وضعت أمي حقيبة ملابسي في مؤخرة السيارة الفخمة،جلست في المقعد الخلفي مع عمي بينما جلس جدّي بجوار (سامي)الذي كان يقود السيارة، لحظات الوداع لأمي وأبي من أقسى اللحظات التي عانيتها في حياتي،وغير بعيد عن السيارة وقف أخي الكبير يتطلع إليّ في صمت وكذلك بدت زوجته حزينة لأجلي، وأما (حسن)فلم ألحظه معهم لوداعي، وشاهدته عندما انطلقت بنا السيارة يقف عند مفترق الطريق الذي نسكن في حارته، وقد أسند ظهره للحائط القريب عليه وأظنني لمحته يرفع يده إلى الأعلى مسلّما عليّ،سلاماً خجولاً سريعاً .لمس عمي يدي برفق مربتا عليها وكأنه أحس باللوعة التي أعانيها فأراد بهذا أن يخفف من وطاة الحدث عليّ ...حمدت الله في نفسي لأن مظهر عمي هذا أدخل الراحة إلى نفسي... التفتَ جدّي إليّ بعد مسيرة بضع دقائق ومن بين سُعاله قال لي:
_الآن ارتحت يا بنيتي ..أحس أني أستطيع أن أموت بسلام وراحة..
قاطعته قائلة:
_بعد عمر طويل يا جدّي...أرجوك لا تتحدث عن الموت ...نحن الآن في عرس.
ضحك قائلا:
_الموت حق يا عزيزتي (سامية)...وهو عرس أيضاً لكن من نوع آخر ..إنه دخول إلى حياة ثانية جديدة ...إن كانت أعمالي في الحياة الدنيا حسنة وموافقة لما أراده عزوجل مني ...فحياتي الآتية ...عرس حقيقي...مع الحور العين وبين الولدان المخلدين...وفجاة أكمل عمي وابنه_وكأنهما كانا متفقين_الاية في رنة تجويد مضحكة:
_{ويطوف عليهم ولدان مخلدون...عاليهُم ثياب سندس خضرٌ وإستبرق وحُلّوا أساور من فضة}.
ثم قهقها معاً دون أن يهتما لمعالم الأسى التي أرتسمت على وجه جدّي ، بسبب استهزائهما به، أغاظني موقفهما ذلك جداً، فجدي لم يقل ما يشين، لكن يبدو أنهما لكثرة ماسمعاه يردد الآية أصابهما الملل...على أية حال قلت له:
_ونِعمَ بالله ياجدّي...قرأت حديثاً قدسياً ذات مرة يقول:&أنا عند حسن ظن عبدي المؤمن بي&،وآخر يقول:&سأل أحدهم رسول الله (ص)قال:يا رسول الله، أرأيت إذا صليت المكتوبة،وصمت رمضان وأحللت الحلال ،وحرمت الحرام ،ولم أزد على ذلك شيئاً أأدخل الجنة،قال(ص):نعم.&
رأيت الدمعة تلمع في عينيه مع فرحة غمرت تجاعيد وجهه، ولا أعلم ماالذي أغاظ (سامي)حيث علق ساخراً:
_نعم وسيذهب إلى الجنة فيلبسونه الحرير الأخضر كساري الفتيات الهنديات ويرقص مع الحور العين ...ياله من منظر مضحك...أجابه جدّي وقّرب عصاه من وجه(سامي):
_اصمت ...ولا تستهزىء بالدين يا ولد وإلا حطمت رأسك بهذه العصا...
فزع (سامي)واعتذر بسرعة عما قاله ولاحظته يحدّق بي خلال مرآة السيارة بحقد وغضب ولسان حاله يقول:&كل هذا بسببك&،ولسوء الحظ أنني ضحكت عليه وإن كان ضحكي خافتا إلا أنه لحظُه جيداً...ولم نتبادل غير هذا الحديث طوال الطريق...كان الطريق إلى العاصمة رائعاً...شوارع عريضة...الأشجار على طرفي الطريق...يطالعنا بائعو البسكويت والعلكة والمثلجات على طرفي الشارع بين حين وآخر ...وعند أحدهم توقفنا قليلاً للاستراحة...كان يضع مقاعد متعددة وبينها طاولة صغيرة...تتاولنا المرطبات جلس جدّي إلى جواري ثم عمي وابنه، وسعدت جداً بقربه مني فمعه أحس بالاطمئنان ، سأل جدّي (سامياً):
_متى ستشتري خاتم الخطبة يا(سامي)؟
_مساء غد أو بعده.
_لماذا هذا التردد ؟حدد موعداً ثابتاً؟
_لا استطيع ...متى ماحصلت على إجازة من محل عملي...سأشتري الخاتم.
_حسناً..ولكن أريدك أن تشتري خاتماً ماسياً ل(سامية)...
_أجابه (سامي)بفتور:
_لكنه غال ياجدّي!!
على الفور أجبت:
_لا حاجة لذلك ياجدّي ...فالتواضع في كل الأمور محمود ...ولا أريد ماأتميز به عن صديقاتي فينظرن إلى مافي يدي في حسرة..
سأل جدّي:
_ولماذا يجب عليك أن تتواضعي بين صديقاتك؟!ولا تتميزي عليهن!!
قلت:
ترقبوا البارت القادم🌹
أنت تقرأ
سامية (للكاتبة عالية محمد صادق) ● منقولة
Spiritualeعندما يترسخ الايمان في القلب عندها يتجسد في الواقع ف يصور أجمل معاني الإيمان والأخلاق ....... ~ سامية~ قصة فتاة تواجه الحياة بإيمانها ..... تابعوا معنا هذه القصة المشوقة !!!