الجزء الثاني والستون

712 43 1
                                    


افراد الاتحاد بالحلول الجاهزة ليبرزوا في المحاضرة ... والمشكلة انني وصديقاتي سنتخلف عن الركب اذ لكل منا سرعتها ولا نستطيع ، بل هو اقرب للمستحيل حل كل هذه الاسئلة وحدنا بدون مساعدة من سبقونا في الصفوف الدراسية ... اللهم الا اذا سهرنا طوال الليل كل على حدة وتركنا مذاكرة بقية المواد الدراسية التي لا تقل صعوبة عنها ... اجتمعنا نحن الاربعة في الساحة المقابلة للنادي نتباحث حول المشكلة التي حلت بنا ... وفي النهاية اقترحت صديقتي نبوغ ان نبقى في مكتبة الجامعة حتى وقت اغلاقها ونقتسم حل الاسئلة فيما بيننا ونتبادلها في الحين فتكون في الغد جاهزة للتقديم الى الاستاذ ... فرحت الاخوات الباقيات بهذه الفكرة لاننا بواسطتها سنخيب خطة طلبة الاتحاد المشاكسين ...

وجمت ولم ابد ترحيباً للفكرة فسألتني نبوغ :

ما المشكلة يا سامية! اراك مكتئبة ... لماذا السكوت .. تعرفين ان كلاً منا تعود يومياً بعد انتهاء الحصص مباشرة ويستغرق هذا الامر منا حدود الساعتين نقضيهما في المواصلات ، وفي البيت ان لم نتبادل الحديث مع الاهل وصلينا وتعشينا تنقضي ساعات ثلاث قبل ان نبدأ في حل المسائل المطلوبة ... بينما يمكننا استغلال الساعات الثلاث هنا في حل المسائل ... وعند الرجوع تخف زحمة المواصلات وستتقلص الساعتان الى نصف ساعة فقط في طريق العودة ... يجب ان نبقى هنا ونحل المشكلة وبذلك تفشل خطة هؤلاء الطلبة .. ها ماذا قلت ؟

لم احاول الاعتراض ، لان اعذاري لن تقبل لديهن ، فهن لا يعلمن اي شئ عن وضعي الجديد في بيت العم ، لذا سكت واطعت ودعوت الله ان تمر هذه الازمة بسلام ... وابعدت عن تفكيري كل ما يزعج سوى حل الاسئلة وهكذا فعلت وبأقصى سرعة ممكنة ...

عندما عدت الى البيت بعد جهد وتعب كبيرين ، استقبلتني عمتي وهي تصرخ وتولول في وجهي مثل اول مرة خاصمتني فيها ، ومن خلفها سامي وسمير ينظران شزراً اما سها فكانت تكيل لي نظرات الاسمئزاز والاحتقار بلا رحمة ... قلت قبل ان يسألوني :

_ مالامر ؟ ماذا حصل ... لقد تأخرت مع زميلاتي في مكتبة الجامعة ويمكنكم الاتصال صباح الغد بمديرة المكتبة للتأكد منها فهي تعرفني وزميلاتي جيداً ، وقد اخرت اغلاق المكتبة هذه الليلة خصيصاً لاجلنا نصف ساعة كاملة ... او ... او اتصلوا بصديقتي نبوغ ... وهاهو ذا رقم هاتفها لتطمئنوا اكثر .. ثم لا ينبغي لكم التصرف معي هكذا فانا لست بطفلة والمفروض ان تكونوا قد عرفتم اخلاقي في الاشهر الماضية التي قضيتها معكم ... وانا آسفة لاني تأخرت الا ان الامر ليس بيدي .. اظطررت للبقاء هناك ...

قلت هذا وجلست على الاريكة وكتبت لهم رقم الهاتف وناولته لسمير لانه كان اقرب الموجودين الي قائلة :

_ ان لي مشاكل تستوجب بقائي لهذا الوقت في الكلية ومن المحتمل ان تستمر هذه الحالة كثيراً ، فأرجوا الا تقلقوا علي ...

قاطعني سمير :

_ ان لنا عيناً في الجامعة وقد اخبرتنا انك لم تكوني موجودة في الجامعة منذ اكثر من ساعة ...

_ اما ان يكون عينك هذا كاذباً او انه لم يبحث عني في المكتبة ولا تظن ان هذا الامر يسوءني ، بل بالعكس انه يفرحني .. اذ ليس لدي ما اخشى افتضاحه سواء لكم او لعامة الناس ...

نهضت دون ان اهتم لسماع جوابه اريد الذهاب لغرفتي ... فاذا بعمتي تبدأ بالزعيق والصراخ وبإلقاء سيل من التهم والكلام البذئ جعلني افقد السيطرة على اعصابي فتوقفت لحظة اتهيأ للرد عليها ، واذا بسامي يصفعني قبل ان افتح فمي بقوة لم اتوقعها ... اختل توازني على اثرها فارتميت على الاريكة .. شعرت بالاهانة لدرجة طفرت الدموع معها من عيني واحسست بألم في نفسي عظيم .. رفعت رأسي وجدت سمير يمسك بسامي لئلا يعاود ضربي ...

يبدو انه فقد عقله لذا انتهزت الفرصة واسرعت بالهروب الى غرفتي واغلقت بابها بالمزلاج جيداً .. امسكت بخدي الملتهب حرارة من شدة الضربة وكأنها خدرته .. جلست على سريري واجمة افكر ، ماذا افعل يا الهي ولماذا هذا السامي عنيف معي الى هذه الدرجة ... تذكرت .. ربما لاني خيبت ظنه عندما فهم رأيي بالزواج .. او ... ربما ..

في هذه اللحظة تناهى الى سمعي صوت عمتي تقول :

_ ضربة واحدة فقط ؟! اتذكر .. اتذكر عندما تأخرت سها عن وقت عودتها من المدرسة ، اتذكر كيف ضربتها بعنف ووحشية .. ماذا جرى الآن ؟...

وساعدتها سها في الزعيق :

_ وانا المسكينة لم اتأخر سوى ساعة واحدة عن موعدي .. اما حضرتها ... فانظر الساعة انها تشارف على التاسعة مساءً وهي تجلس في امان ... اي نوع بارد من الازواج انت ؟

_ انها ليست زوجتي .. الا تفهمين !!

_ حسناً .. ليست زوجتك ... لكنها ابنة عمك على اية حال .. يجب ان تؤدبها ..

قاطعها سمير :

_ دعك من سامي ولا تثيريه اكثر ... انها فتاة مؤدبة شريفة وهي تختلف عن باقي الفتيات وكلنا نعلم ذلك ... وهي محقة فيما قالته عن المكتبة فانا عندما ذهبت ابحث عنها .. لم افتش في المكتبة ولم يخطر ببالي انها تدرس هناك ..

سامية (للكاتبة عالية محمد صادق) ● منقولةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن