الفصل الخامس عشر

76 12 9
                                    

وقفت جينوفيفا بتوتر عند الباب غير دارية بما قد يستطيع مغادرة شفتيها و اصلاح الوضع... حاولت الشابة الابتسام لتلطيف الجو لكن تعبير سامويل بقي جامدا كالحجر و تعابير الخيبة لم تفارق ملامحه المنعكسة على النافذة قربه... اقتربت جينوفيفا منه قبل ان تنطق مالم كانت لتصدقه هي حتى:

- آسفة للغاية لم اجد سواري و ...

قاطعها صارخا

- كان عليك رؤية نظرات الجميع لي في الكنيسة !
- اتمنى ان يعجبهم ما رؤوه اذن ! ولا تصرخ في وجهي

ترك سامويل الكأس في طاولة امامه و اتجه نحوها تائرا كالبركان:

- ما رؤوه... هو شخص لا تحترمه زوجته ، كنت كالابله انتظر وصولك طوال الوقت... اين كنت بحق الجحيم ؟!
- كم مرة علي قولها لك! ابحث عن سواري
- اها و لم تجديه لا ؟_نطق بسخرية_
- لا ، لابد ان احدا ما اخده
لمس سامويل شعره المتعرق بٱنزعاج قبل ان ينظر لجينوفيفا بخيبة امل:
- لا اعرف اذا كان يؤلمني اكثر انك تخدعينني او اعتقادك انني ابله ...
- اخدعك؟ الآن تناديني بالكاذبة؟
- لا اعرف ، انا حقا لا اعرف... انت هكذا من بضع ايام بالفعل، متوترة ، ضعيفة و ترفضين مغادرة البيت و الآن تهربين دون سابق انذار ، مالذي يحدث ؟ لا تثقين بي؟
- ليس هناك شيء اصلا لأخبرك به صدقني !
- انظري الى عيني ، هل استحق ان تكذبي علي هكذا ؟ _تجنبت النظر_ لا تجيبين اذن... قطعنا وعدا بعدم الكذب على بعضنا البعض ابدا و ها أنت تكسرين وعدك في اول فرصة .
- انت تعطي الامر اكثر من قيمته، و توقف عن التصرف هكذا، انت تعرف انني لا احب ان يتحكم احد بتصرفاتي
- هذا ليس عدلا يا جينوفيفا دائما ما اعطيك الحرية المطلقة و لم اشك فيك ابدا حتى الآن
اتسعت عينا جينوفيفا من التعبير الذي استخدمه زوجها للتو و لمست صدرها الذي بدأ في الانقشاع الما قبل ان تنطق بصوت مكسور
- "حتى الآن" ؟!
- نعم ،حتى الآن ، و بيدك جعلي استرجع تلك الثقة، انت ادرى يا جينوفيفا... انت ادرى...
غادر المنزل مغلقا الباب خلفه بقوة

عند تأكدها من مغادرته البيت، انهارت جينوفيفا بالبكاء على الارض حاضنة ركبتيها و لاعنة بكل كلمات الارض آريزا و ماضيها اللذان اضطراها للكذب هكذا... قبل ان تشعر بالارضية تهتز من حولها بعنف و سرعة شديدتين... نهضت الشابة من مكانها محاولة المشي فلم تتقدم لأكثر من ثلاث خطوات قبل ان تسقط مغشي عليها و تأتي كارمين التي كانت تختلس السمع مسرعة في اتجاهها بهلع، صرخت الخادمة محاولة مناداة سيدها لكنه كان قد غادر بالفعل ...
استيقظت جينوفيفا بعدها بساعات في فراشها ، كان منتصف الليل قد وصل بالفعل و سامويل لم يكن بقربها بعد ، حاولت الفتاة تذكر متى استلقت في الفراش او ماذا حدث... و فشل محاولاتها و القلق على زوجها دفعاها للخروج من الغرفة باحثة عن اجوبة لتجد كارمين جالسة في غرفة المعيشة بعينين شبه نائمتين فٱندفعت الخادمة نحوها فور لمحها لها تغادر الغرفة.
- سيدتي استيقظتي اخيرا! _تمسكها_ عودي الى غرفتك هيا
- اين سامويل ؟
- لا اعرف، هو لم يعد بعد. حاولت البحث عن طبيب لك عندما اغمي عليك لكن لم اجد احدا، كنت انتظر وصول دون سامويل لأخدك للمشفى لكنه لم يأتي_ساعدتها على الجلوس في الفراش_
- اغمى علي ؟
- نعم ، دخلت... دخلت فجأة لأجدك فاقدة للوعي ، كنت على وشك السقوط انا ايضا، لوهلة ظننتك ميتة ! _تلمس يد جينوفيفا_
- لماذا تأخر سامويل هكذا... _عيناها بدأتا بعكس قلق عميق _
- لا اعرف انا ايضا قلقة..._يُسمع صوت مفاتيح في الباب_ ها قد وصل!
كانت كارمين على وشك الانطلاق نحو الباب قبل ان توقفها جينوفيفا ممسكة بطرف من ثوبها و تكلمها بنبرة جادة
- لا تخبريه بما حدث ، انا نائمة في سلام و لم يغمى علي ابدا ، حسنا؟
- لكن سيدتي... _قاطعتها_
- هذا امر
- كما تحبين _تنهدت_ ان لست بحاجة لشيء آخر سأذهب لجناح الخدم
- تصبحين على خير
سامويل لم يدخل الغرفة ابدا، و جينوفيفا معانية من تأنيب الضمير طوال الليل، خرجت من غرفتها بضع مرات للاطمئنان عليه خلسة حتى تأكدت من نومه... طلع الصباح و استيقظ كلاهما على صوت عربات الحي و رائحة قهوى كارمين ، اقتربت جينوفيفا ناحية المائدة بينما كان سامويل يقرأ الجريدة بهدوء .
- صباح الخير
- صباح الخير _لم يرفع عينيه عن الجريدة_
- اين كنت البارحة؟ _سألت بخجل_ قلقت عليك...
- كنت ابحث عن ساعتي
ابتسمت جينوفيفا ببرود ثم عادت لغرفتها دون النطق بالمزيد.
ظلت كارمين صامتة للحظات لتطلق تنهيدة هادئة و تبدأ بالكلام بينما تحمل صينية الطعام.
- سيدي عليك..._قاطعها رافعا يده_
- كارمين لا تتدخلي في مشاكل الاسياد
- صحة السيدة ضعيفة بالفعل و لن تتحمل هذا الضغط
- صحتها؟ _وضع الجريدة_
-البارحة... فقط دقائق بعد مغادرتك البيت اغمي عليها، اقسم انها كانت ساكنة لدرجة انني ضننتها ميتة
- لم تنادي طبيب حتى ؟! كارمين لابد انك تمازحينني، هذا واجبك!
- كيف كان لي ان اجد طبيبا في الساعة الثامنة ليلا؟ حاولت البحث عنك لكنك تبخرت !
- سأذهب للبحث عن طبيب_نهض من مكانه مسرعا_
- لا اظنها سترغب في رؤية طبيب في حالتها هذه...
- و اذا؟
- انتظر حتى الغد سيدي
- لا اظنها فكرة جيدة... و ان كان الوقت ضدنا؟
بدى القلق على صوته رغم تباثه
- السيدة لازلت شابة لابد انه ليس شيئا مهما لا تفزع
- سأخرج لتصفية ذهني قليلا... ان حدث اي شيء ارسلي شخصا لمناداتي، سأكون في مقهى الحي

جينوفيفاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن