وقفت جينوفيفا بتوتر عند الباب غير دارية بما قد يستطيع مغادرة شفتيها و اصلاح الوضع... حاولت الشابة الابتسام لتلطيف الجو لكن تعبير سامويل بقي جامدا كالحجر و تعابير الخيبة لم تفارق ملامحه المنعكسة على النافذة قربه... اقتربت جينوفيفا منه قبل ان تنطق مالم كانت لتصدقه هي حتى:
- آسفة للغاية لم اجد سواري و ...
قاطعها صارخا
- كان عليك رؤية نظرات الجميع لي في الكنيسة !
- اتمنى ان يعجبهم ما رؤوه اذن ! ولا تصرخ في وجهيترك سامويل الكأس في طاولة امامه و اتجه نحوها تائرا كالبركان:
- ما رؤوه... هو شخص لا تحترمه زوجته ، كنت كالابله انتظر وصولك طوال الوقت... اين كنت بحق الجحيم ؟!
- كم مرة علي قولها لك! ابحث عن سواري
- اها و لم تجديه لا ؟_نطق بسخرية_
- لا ، لابد ان احدا ما اخده
لمس سامويل شعره المتعرق بٱنزعاج قبل ان ينظر لجينوفيفا بخيبة امل:
- لا اعرف اذا كان يؤلمني اكثر انك تخدعينني او اعتقادك انني ابله ...
- اخدعك؟ الآن تناديني بالكاذبة؟
- لا اعرف ، انا حقا لا اعرف... انت هكذا من بضع ايام بالفعل، متوترة ، ضعيفة و ترفضين مغادرة البيت و الآن تهربين دون سابق انذار ، مالذي يحدث ؟ لا تثقين بي؟
- ليس هناك شيء اصلا لأخبرك به صدقني !
- انظري الى عيني ، هل استحق ان تكذبي علي هكذا ؟ _تجنبت النظر_ لا تجيبين اذن... قطعنا وعدا بعدم الكذب على بعضنا البعض ابدا و ها أنت تكسرين وعدك في اول فرصة .
- انت تعطي الامر اكثر من قيمته، و توقف عن التصرف هكذا، انت تعرف انني لا احب ان يتحكم احد بتصرفاتي
- هذا ليس عدلا يا جينوفيفا دائما ما اعطيك الحرية المطلقة و لم اشك فيك ابدا حتى الآن
اتسعت عينا جينوفيفا من التعبير الذي استخدمه زوجها للتو و لمست صدرها الذي بدأ في الانقشاع الما قبل ان تنطق بصوت مكسور
- "حتى الآن" ؟!
- نعم ،حتى الآن ، و بيدك جعلي استرجع تلك الثقة، انت ادرى يا جينوفيفا... انت ادرى...
غادر المنزل مغلقا الباب خلفه بقوةعند تأكدها من مغادرته البيت، انهارت جينوفيفا بالبكاء على الارض حاضنة ركبتيها و لاعنة بكل كلمات الارض آريزا و ماضيها اللذان اضطراها للكذب هكذا... قبل ان تشعر بالارضية تهتز من حولها بعنف و سرعة شديدتين... نهضت الشابة من مكانها محاولة المشي فلم تتقدم لأكثر من ثلاث خطوات قبل ان تسقط مغشي عليها و تأتي كارمين التي كانت تختلس السمع مسرعة في اتجاهها بهلع، صرخت الخادمة محاولة مناداة سيدها لكنه كان قد غادر بالفعل ...
استيقظت جينوفيفا بعدها بساعات في فراشها ، كان منتصف الليل قد وصل بالفعل و سامويل لم يكن بقربها بعد ، حاولت الفتاة تذكر متى استلقت في الفراش او ماذا حدث... و فشل محاولاتها و القلق على زوجها دفعاها للخروج من الغرفة باحثة عن اجوبة لتجد كارمين جالسة في غرفة المعيشة بعينين شبه نائمتين فٱندفعت الخادمة نحوها فور لمحها لها تغادر الغرفة.
- سيدتي استيقظتي اخيرا! _تمسكها_ عودي الى غرفتك هيا
- اين سامويل ؟
- لا اعرف، هو لم يعد بعد. حاولت البحث عن طبيب لك عندما اغمي عليك لكن لم اجد احدا، كنت انتظر وصول دون سامويل لأخدك للمشفى لكنه لم يأتي_ساعدتها على الجلوس في الفراش_
- اغمى علي ؟
- نعم ، دخلت... دخلت فجأة لأجدك فاقدة للوعي ، كنت على وشك السقوط انا ايضا، لوهلة ظننتك ميتة ! _تلمس يد جينوفيفا_
- لماذا تأخر سامويل هكذا... _عيناها بدأتا بعكس قلق عميق _
- لا اعرف انا ايضا قلقة..._يُسمع صوت مفاتيح في الباب_ ها قد وصل!
كانت كارمين على وشك الانطلاق نحو الباب قبل ان توقفها جينوفيفا ممسكة بطرف من ثوبها و تكلمها بنبرة جادة
- لا تخبريه بما حدث ، انا نائمة في سلام و لم يغمى علي ابدا ، حسنا؟
- لكن سيدتي... _قاطعتها_
- هذا امر
- كما تحبين _تنهدت_ ان لست بحاجة لشيء آخر سأذهب لجناح الخدم
- تصبحين على خير
سامويل لم يدخل الغرفة ابدا، و جينوفيفا معانية من تأنيب الضمير طوال الليل، خرجت من غرفتها بضع مرات للاطمئنان عليه خلسة حتى تأكدت من نومه... طلع الصباح و استيقظ كلاهما على صوت عربات الحي و رائحة قهوى كارمين ، اقتربت جينوفيفا ناحية المائدة بينما كان سامويل يقرأ الجريدة بهدوء .
- صباح الخير
- صباح الخير _لم يرفع عينيه عن الجريدة_
- اين كنت البارحة؟ _سألت بخجل_ قلقت عليك...
- كنت ابحث عن ساعتي
ابتسمت جينوفيفا ببرود ثم عادت لغرفتها دون النطق بالمزيد.
ظلت كارمين صامتة للحظات لتطلق تنهيدة هادئة و تبدأ بالكلام بينما تحمل صينية الطعام.
- سيدي عليك..._قاطعها رافعا يده_
- كارمين لا تتدخلي في مشاكل الاسياد
- صحة السيدة ضعيفة بالفعل و لن تتحمل هذا الضغط
- صحتها؟ _وضع الجريدة_
-البارحة... فقط دقائق بعد مغادرتك البيت اغمي عليها، اقسم انها كانت ساكنة لدرجة انني ضننتها ميتة
- لم تنادي طبيب حتى ؟! كارمين لابد انك تمازحينني، هذا واجبك!
- كيف كان لي ان اجد طبيبا في الساعة الثامنة ليلا؟ حاولت البحث عنك لكنك تبخرت !
- سأذهب للبحث عن طبيب_نهض من مكانه مسرعا_
- لا اظنها سترغب في رؤية طبيب في حالتها هذه...
- و اذا؟
- انتظر حتى الغد سيدي
- لا اظنها فكرة جيدة... و ان كان الوقت ضدنا؟
بدى القلق على صوته رغم تباثه
- السيدة لازلت شابة لابد انه ليس شيئا مهما لا تفزع
- سأخرج لتصفية ذهني قليلا... ان حدث اي شيء ارسلي شخصا لمناداتي، سأكون في مقهى الحي
أنت تقرأ
جينوفيفا
Historical Fictionكنجمة سقطت في ظلام المحيط فنسيت اصلها... في بعض الأحيان تكون الخيارات المعروضة ضئيلة جدا.. فتعقد الحياة صفقة بعنوان تعاني أو تستفاد من معاناة الغير . و هنا تقرر جميلتنا جينوفيفا برحابة صلب مثخن بالخيانة الخيار الثان.. لتقاتل قبل السقوط و تجشع قبل ا...