الفصل السادس عشر

66 12 2
                                    

عند نزول جينوفيفا للشارع لفتت انتباهها فتاة ترسم امام مقهى الحي، الشابة كانت كالطيف، شعر اسود حريري مربوط بشريطة حمراء و عينان صغيرتين دابلتين كسواد شعرها ، فوق فستانها الازرق الطويل كانت تضع دفترا بينما تخربش فوقه بتركيز ، نظرت اليها جينوفيفا للحظات فتذكرت اختها ميكايلا، كانت تعشق الرسم هي الأخرى ، حتى ان الفتاة كانت تبدو بنفس عمرها تقريبا... الفضول لرؤية الرسمات و الحنين دفعا جينوفيفا للاقتراب من الفتاة من الخلف ، و وقفت لدقائق تتأمل جمال المنظر الذي رسمته ، حتى قفزت الشابة هلعا عند استدارتها و رؤيتها لجينوفيفا هناك .
- آسفة ، انا احقا اسفة اخفتك انا اعلم

حملت الدفتر الواقع على الارض

-يمكنني رؤية الرسمات؟

اومأت الفتاة مبتسمة بخجل و ابتعدت لتستطيع جينوفيفا الجلوس

- انت كامينو صحيح؟ _تتصفح الرسمات_ يا الهي هذا جميل للغاية... كامينو انا جينوفيفا ، الجارة الجديدة ، حسنا جديدة... انا هنا منذ اربع اشهر لكن بالنسبة للكل لازلت الجديدة_ضحكت_ موهبتك رائعة للغاية... في المرة المقبلة حاولي رسمي انا _غمزت لتخرج الفتاة ضحكة صغيرة_ يقول الجيران انك بكماء لكن ان كنت تضحكين هكذا و تسمعين كلامي دون مشاكل اذن لا تستطيعين الكلام لأسباب اخرى صحيح ؟ _ اومأت كامينو نفيا_ كلنا لدينا اسرار لا نريد اخبار احد بها، لكن في بعض الاحيان من الجيد حكيها، انا مثلا احكي كل شيئ الآن لزوجي، الكلام يبدو مؤلما حينها لكن بعد ذلك _تنهدت براحة_ تشعرين كأنك تركت ورائك عبئا ثقيلا و انت صغيرة للغاية لحمله لذا... يمكنك الوثوق بي

نظرت كامينو لها للحظات ثم ابتسمت من جديد و استمرت جينوفيفا في الحديث

- الآن علي الذهاب و تذكري ، يمكنك الوثوق بي _قبلتها على خدها ثم نهضت من مكانها_ .
تتأمل كامينو جينوفيفا بينما تبتعد، تركز في تفاصيلها... فستانها الاحمر ، شعرها البني المموج و مشيتها السريعة لتفتح صفحة جديدة في دفترها، تضع قلمها و تطلق العنان لموهبتها... طريقتها في الكلام... صوتها الافتراضي .

تمشي جينوفيفا مسرعة في اتجاه منزلها ، تستدير للنظر خلفها للحظات فتلتطم فجأة مع لوسيا التي كعادتها ، كانت تمشي مسرعة ايضا.
- آسفة، لا افهم مابي اليوم التطم مع الجميع _تضحك_
- لا لا انه خطئي ، دونيا جينوفيفا لم أرك منذ فترة كنت اخشى ان تكوني مريضة او شيء من هذا القبيل...
- لا لا كنت متعبة قليلا فقط
- متأكدة؟ انت شاحبة كالموتى..._تمسك يدها_ جينوفيفا انا ايضا كنت في علاقة مع سامويل و اعرف القساوة التي قد يصل لها في بعض الأحيان، ان كان يؤذيك... _قاطعتها ضاحكة_
- لا لا صدقيني . سامويل لم يعد الشاب الذي تعرفتي عليه انت.. _صمتت للحظة_ تعرفين ماذا؟ سأخبرك بسر _تمسكها من يدها آخدة اياها الى مقعد_
- اي سر ؟_تضحك_
- انا حامل، لهذا كنت مريضة بعض الشيء لا اكثر
الدهشة ضهرت على عينا لوسيا المتسعتين كالاطباق لتبتسم و تمسك يد جينوفيفا :
-جديا! مبارك جينوفيفا اتمنى ان يولد بصحة جيدة، اخبرني ابني باللطف الذي تعاملينه به ، لابد انك ستكونين اما رائعة ، و... _تتوقف للحظات_ و لابد ان سامويل سيبدل جهده كأب ايضا...
- انه سعيد للغاية ايضا ، كان عليك رؤية تعابيره عند اخباره لي ! _تنهدت_ كأن حياتنا بدأت تتحسن فجأة...
- ستقيمان حفلة لتعلنا الخبر؟
- لا، يأسنا من الحفلات منذ ان تركتني كل الجارات اتأمل طاولة المقبلات وحدي و سامويل منزعج منهم لذا لا يريد مشاركتهم اخبارنا.
- سكان هذا الحي هم الاسوء _ضحكت_ عندما تبناني والدي و احضراني الى هنا لم يهتم السكان لوجودي ، لكن عندما... _تضحك_ عندما ماتا و ورثت كل املاكهما بدأت تظها الاحاديث من كل الجوانب، الكل كان ينعتني بالطفيلية التي تريد التحول الى سيدة بثروة ليست من حقها حتى، لم تتوقف الاحاديث الا عندما تزوجت بإدوارد .
- انت يتيمة ؟
- نعم ، مات والدي البيولوجيان عندما كنت في السابعة من عمري فقط ، بعدها عشت في الميتم حتى الرابعة عشر و هناك وجداني والدي بالتبني _ابتسمت ماسكة الصليب في قلادتها_ فليرقدا في سلام
-فقدان الوالدين للغاية اعرف ذلك _تبتسم بحزن_
- مات احد والديك ايضا؟
- لا ، لكنني اضطررت للابتعاد عنهم _تبتسم ناظرة الى لوسيا_ اخشى ان يكون ابي قد مات بالفعل دون ان يعرف انني بحال جيدة، انني غنية او انني متزوجة حتى...
- ليس في مادريد ؟
- لا، كنا نعيش في آفيلا ، كل عائلتي هناك
- لكن سامويل قال انكما التقيتما في فرنسا، خلت انك كنت تعيشين هناك
- نعم التقينا هناك _تبتسم_ لكن قبل فرنسا كنت في بيلباو
- بيلباو بعيدة جدا عن آفيلا ، لهذا لم تستطيعي رؤية عائلتك؟ كنت تعملين هناك او شئ من هذا القبيل؟
- لا، انا اضطررت للمغادرة منذ سن الخامسة عشر ، سأعفيك من سماع القصة _تضحك_ المهم ان بعد هذا ذهبت الى بيلباو و بعدها الى لألتقي بسامويل و تتغير حياتي للابد و ها انا هنا.
كانت لوسيا على وشك البدأ بالكلام من جديد عندما وصلت اورسولا ماسكة ماتييو في يدها ، نظرت لهما في صمت للحظات ثم شرعت في الحديث .
- سيدتي حان وقت العودة _يندفع ماتييو اتجاه والدته_ ماتييو انهض لقد اتينا لأخد والدتك ليس للجلوس معها
نظرت لهما لوسيا بإحراج قبل ان تهمس لأورسولا
- اورسولا القي التحية اولا
- سيدتي تعرفين انني لا أعز سامويل فكيف لي ان اعز زوجته؟
- اورسولا !

قاطعتها جيوفيفا  بسخرية

- ولا هي تعزك
- اراك لاحقا دونيا جبنوفيفا...  اورسولا هيا
- وداعا

- زوجة سامويل؟ انت جادة سيدتي ؟

نطقت بينما تبتعدان لترد لوسيا بٱنزعاج

- اورسولا انت مربية ماتييو لست مربيتي انا ، اضنني ناضجة بما فيه الكفاية لٱختيار صداقاتي
- انت ادرى... ايا يكن ، ذهبتي لرؤية دون تيلمو ؟
- نعم _توقفت عن المشي للحظة_ اورسولا لا يمكنني التحكم بمشاعري نحوه خصوصا و هو لازال يحبني!
- يحبك انت او تروثك؟
- الشرطة اكدت برائته من قضية العصابة التي كانت تريد سرقة تروثي ، كان قد انسحب من العملية بالفعل
- بريء او لا ، انت متزوجة و لديك ابن لن يريد رؤية والدته بين ذراعي شخص آخر غير والده
- اورسولا..._تتردد_
- ماذا؟
- لاشيء ، لنصعد بسرعة لابد ان ادوارد عاد بالفعل









جينوفيفاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن