عند نزول جينوفيفا للشارع لفتت انتباهها فتاة ترسم امام مقهى الحي، الشابة كانت كالطيف، شعر اسود حريري مربوط بشريطة حمراء و عينان صغيرتين دابلتين كسواد شعرها ، فوق فستانها الازرق الطويل كانت تضع دفترا بينما تخربش فوقه بتركيز ، نظرت اليها جينوفيفا للحظات فتذكرت اختها ميكايلا، كانت تعشق الرسم هي الأخرى ، حتى ان الفتاة كانت تبدو بنفس عمرها تقريبا... الفضول لرؤية الرسمات و الحنين دفعا جينوفيفا للاقتراب من الفتاة من الخلف ، و وقفت لدقائق تتأمل جمال المنظر الذي رسمته ، حتى قفزت الشابة هلعا عند استدارتها و رؤيتها لجينوفيفا هناك .
- آسفة ، انا احقا اسفة اخفتك انا اعلمحملت الدفتر الواقع على الارض
-يمكنني رؤية الرسمات؟
اومأت الفتاة مبتسمة بخجل و ابتعدت لتستطيع جينوفيفا الجلوس
- انت كامينو صحيح؟ _تتصفح الرسمات_ يا الهي هذا جميل للغاية... كامينو انا جينوفيفا ، الجارة الجديدة ، حسنا جديدة... انا هنا منذ اربع اشهر لكن بالنسبة للكل لازلت الجديدة_ضحكت_ موهبتك رائعة للغاية... في المرة المقبلة حاولي رسمي انا _غمزت لتخرج الفتاة ضحكة صغيرة_ يقول الجيران انك بكماء لكن ان كنت تضحكين هكذا و تسمعين كلامي دون مشاكل اذن لا تستطيعين الكلام لأسباب اخرى صحيح ؟ _ اومأت كامينو نفيا_ كلنا لدينا اسرار لا نريد اخبار احد بها، لكن في بعض الاحيان من الجيد حكيها، انا مثلا احكي كل شيئ الآن لزوجي، الكلام يبدو مؤلما حينها لكن بعد ذلك _تنهدت براحة_ تشعرين كأنك تركت ورائك عبئا ثقيلا و انت صغيرة للغاية لحمله لذا... يمكنك الوثوق بي
نظرت كامينو لها للحظات ثم ابتسمت من جديد و استمرت جينوفيفا في الحديث
- الآن علي الذهاب و تذكري ، يمكنك الوثوق بي _قبلتها على خدها ثم نهضت من مكانها_ .
تتأمل كامينو جينوفيفا بينما تبتعد، تركز في تفاصيلها... فستانها الاحمر ، شعرها البني المموج و مشيتها السريعة لتفتح صفحة جديدة في دفترها، تضع قلمها و تطلق العنان لموهبتها... طريقتها في الكلام... صوتها الافتراضي .تمشي جينوفيفا مسرعة في اتجاه منزلها ، تستدير للنظر خلفها للحظات فتلتطم فجأة مع لوسيا التي كعادتها ، كانت تمشي مسرعة ايضا.
- آسفة، لا افهم مابي اليوم التطم مع الجميع _تضحك_
- لا لا انه خطئي ، دونيا جينوفيفا لم أرك منذ فترة كنت اخشى ان تكوني مريضة او شيء من هذا القبيل...
- لا لا كنت متعبة قليلا فقط
- متأكدة؟ انت شاحبة كالموتى..._تمسك يدها_ جينوفيفا انا ايضا كنت في علاقة مع سامويل و اعرف القساوة التي قد يصل لها في بعض الأحيان، ان كان يؤذيك... _قاطعتها ضاحكة_
- لا لا صدقيني . سامويل لم يعد الشاب الذي تعرفتي عليه انت.. _صمتت للحظة_ تعرفين ماذا؟ سأخبرك بسر _تمسكها من يدها آخدة اياها الى مقعد_
- اي سر ؟_تضحك_
- انا حامل، لهذا كنت مريضة بعض الشيء لا اكثر
الدهشة ضهرت على عينا لوسيا المتسعتين كالاطباق لتبتسم و تمسك يد جينوفيفا :
-جديا! مبارك جينوفيفا اتمنى ان يولد بصحة جيدة، اخبرني ابني باللطف الذي تعاملينه به ، لابد انك ستكونين اما رائعة ، و... _تتوقف للحظات_ و لابد ان سامويل سيبدل جهده كأب ايضا...
- انه سعيد للغاية ايضا ، كان عليك رؤية تعابيره عند اخباره لي ! _تنهدت_ كأن حياتنا بدأت تتحسن فجأة...
- ستقيمان حفلة لتعلنا الخبر؟
- لا، يأسنا من الحفلات منذ ان تركتني كل الجارات اتأمل طاولة المقبلات وحدي و سامويل منزعج منهم لذا لا يريد مشاركتهم اخبارنا.
- سكان هذا الحي هم الاسوء _ضحكت_ عندما تبناني والدي و احضراني الى هنا لم يهتم السكان لوجودي ، لكن عندما... _تضحك_ عندما ماتا و ورثت كل املاكهما بدأت تظها الاحاديث من كل الجوانب، الكل كان ينعتني بالطفيلية التي تريد التحول الى سيدة بثروة ليست من حقها حتى، لم تتوقف الاحاديث الا عندما تزوجت بإدوارد .
- انت يتيمة ؟
- نعم ، مات والدي البيولوجيان عندما كنت في السابعة من عمري فقط ، بعدها عشت في الميتم حتى الرابعة عشر و هناك وجداني والدي بالتبني _ابتسمت ماسكة الصليب في قلادتها_ فليرقدا في سلام
-فقدان الوالدين للغاية اعرف ذلك _تبتسم بحزن_
- مات احد والديك ايضا؟
- لا ، لكنني اضطررت للابتعاد عنهم _تبتسم ناظرة الى لوسيا_ اخشى ان يكون ابي قد مات بالفعل دون ان يعرف انني بحال جيدة، انني غنية او انني متزوجة حتى...
- ليس في مادريد ؟
- لا، كنا نعيش في آفيلا ، كل عائلتي هناك
- لكن سامويل قال انكما التقيتما في فرنسا، خلت انك كنت تعيشين هناك
- نعم التقينا هناك _تبتسم_ لكن قبل فرنسا كنت في بيلباو
- بيلباو بعيدة جدا عن آفيلا ، لهذا لم تستطيعي رؤية عائلتك؟ كنت تعملين هناك او شئ من هذا القبيل؟
- لا، انا اضطررت للمغادرة منذ سن الخامسة عشر ، سأعفيك من سماع القصة _تضحك_ المهم ان بعد هذا ذهبت الى بيلباو و بعدها الى لألتقي بسامويل و تتغير حياتي للابد و ها انا هنا.
كانت لوسيا على وشك البدأ بالكلام من جديد عندما وصلت اورسولا ماسكة ماتييو في يدها ، نظرت لهما في صمت للحظات ثم شرعت في الحديث .
- سيدتي حان وقت العودة _يندفع ماتييو اتجاه والدته_ ماتييو انهض لقد اتينا لأخد والدتك ليس للجلوس معها
نظرت لهما لوسيا بإحراج قبل ان تهمس لأورسولا
- اورسولا القي التحية اولا
- سيدتي تعرفين انني لا أعز سامويل فكيف لي ان اعز زوجته؟
- اورسولا !قاطعتها جيوفيفا بسخرية
- ولا هي تعزك
- اراك لاحقا دونيا جبنوفيفا... اورسولا هيا
- وداعا- زوجة سامويل؟ انت جادة سيدتي ؟
نطقت بينما تبتعدان لترد لوسيا بٱنزعاج
- اورسولا انت مربية ماتييو لست مربيتي انا ، اضنني ناضجة بما فيه الكفاية لٱختيار صداقاتي
- انت ادرى... ايا يكن ، ذهبتي لرؤية دون تيلمو ؟
- نعم _توقفت عن المشي للحظة_ اورسولا لا يمكنني التحكم بمشاعري نحوه خصوصا و هو لازال يحبني!
- يحبك انت او تروثك؟
- الشرطة اكدت برائته من قضية العصابة التي كانت تريد سرقة تروثي ، كان قد انسحب من العملية بالفعل
- بريء او لا ، انت متزوجة و لديك ابن لن يريد رؤية والدته بين ذراعي شخص آخر غير والده
- اورسولا..._تتردد_
- ماذا؟
- لاشيء ، لنصعد بسرعة لابد ان ادوارد عاد بالفعل
أنت تقرأ
جينوفيفا
Historical Fictionكنجمة سقطت في ظلام المحيط فنسيت اصلها... في بعض الأحيان تكون الخيارات المعروضة ضئيلة جدا.. فتعقد الحياة صفقة بعنوان تعاني أو تستفاد من معاناة الغير . و هنا تقرر جميلتنا جينوفيفا برحابة صلب مثخن بالخيانة الخيار الثان.. لتقاتل قبل السقوط و تجشع قبل ا...