الفصل الحادي عشر

123 14 8
                                    

بعد اشهر...
في ضوء النهار الساطع يجري طفل بشرته بيضاء كالثلج ، و ببريق عينيه السوداوتين و ابتسامته المشرقة كالشمس انطلق لعناق والدته التي حملته بين ذراعيها ناظرة اليه بعيناها الدافئتين كالنور ، ضحكة الصغير كانت تعلو محياه اكثر فأكثر حتى اختفت فجأة عندما نظر خلف والدته ليرى اباه ادوارد واقفا كالتمثال بنظرته الباردة و تعابيره القاسية، رجل قليل الابتسام دائم الشكوى صارم و متشبت بالعادات القديمة، تنهد ادوارد بغضب ليبدأ بالتحدث لامسا كتف زوجته لوسيا.
- ضعيه في الارض فهو ليس رضيعا، و انت _ اخفض الطفل رأسه بخوف_ هاي انظر الي عندما اكلمك فأنت رجل ! مالذي تحمله في يدك؟

رفع الصغير كفيه ليريه قطعة السكاكر الذي حصل عليها، فتنهد ادوارد من جديد بغضب و هو ينظر الى مربية الطفل

- اورسولا، الم اقل لك ان لا تعطي سكاكر للطفل ، كم مرة يجب علي اعادتها تبا !
اورسولا بفستانها الاسود و تعبيرها الاكثر قسوة من ادوارد امسكت يد الطفل مبعدة اياه عن والدته
- اسفة سيدي، لا اعرف متى حصل عليها ولا كيف

نظرت الى الطفل بجدية

- ماتيو ، من اين حصلت عليها؟

ماتيو الذي كان على وشك على البكاء من الخوف لجأ الى والدته التي امسكته من جديد محتضنة اياه.

- انه مجرد طفل ! انتما تضغطان عليه كثيرا ، الا تدركان ذلك؟!

قاطعها ادوارد بٱنزعاج

- لوسيا ، لا تتدخلي
- ان لا اتدخل ؟! انه ابني ! و انتما تعاملانه كحراس السجن ، ان لم يستمتع بطفولته الآن متى سيفعل ؟ ها؟
- لو تركنا تربيته لك لكنت حولتيه لحيوان بري يفعل ما يريد وقتما يريد ،انه رجل و بعد سنوات قليلة سيصبح من الأسياد*، فٱتركي التدلل للبنات، هيا احضريه و لنعد للبيت اورسولا، فقدت شهية الخروج بسببكم على كل حال ، و انت يا لوسيا اذهبي لتحضري ساعتي من المحل فقد اكملوا اصلاحها ، و اسرعي في العودة فليس عليك التحدث مع اي كائن حي في الطريق كلما خرجتي .
خفضت لوسيا رأسها و توجهت الى المحل بعينين منطفئتين شبه ميتتين، هذا حالها منذ خمس سنوات، منذ ان تزوجت بادوارد لم تبتسم الا بجوار ابنها ، "ما كان ذنبي في الحياة يا ترى؟" هي العبارة التي كانت تتكرر في عقلها كلما رأت حالها ، لطالما كانت فتاة تساعد الجميع دون مقابل ، توزع حبها و كرمها على الخدم قبل الأسياد ، و تمد يدها للمحتاجين قبل الاغنياء و هذا ما اعطتها الحياة في المقابل، مآسي لا متناهية و حياة مظلمة... لمست قلبها تم تنهدت متذكرة تيلمو ، حبها الوحيد الذي لم يتردد في خداعها لكن لم تستطع نسيانه بعد قضاء معه ما لم يكن بإمكان اي قلب نسيانه، "آه تيلمو لو انك اخترتني انا بدل تروثي..." همست لنفسها لتبتسم بحسرة بعد تذكر كم من شخص حاول الاقتراب منها لأجل المال فقط "ربما هذه هي الحقيقة، انت مثيرة للشفقة كما يقول ادوارد. ثروتك هي الجانب الوحيد الذي قد يغري اي احد للاقتراب منك...".

جينوفيفاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن