الفصل التاسع و الستون

48 6 7
                                    

جينوفيفا

حان اليوم الموعود و وصلت محاكمة كريستوبال، لم انم الليلة بطوله من شدة ديق صدري، و لم استطع تصفية ذهني ولو لثانيتين متتاليتين بسبب تفكيري المستمر لما سيكون علي قوله عند الادلاء بشهادتي، لكنني في لحظة معينة _لا اذكر متى بالضبط_ قررت تحرير كل هذا و الدخول دون التخطيط لأي جملة، سأدع قلبي يحكي كل ما خطر له كل هذه السنين، فلقد كذب كلانا للكثير من الوقت بالفعل.

وقفت امام باب المحكمة اشاهد دخول الناس ساكنة في مكاني كالحجر، ثم تنفست بعمق مستديرة نحو فيليبي

- سأدخل انا لوحدي، اما انت فٱنتظر حلول دورك لإدلاء الشهادة للدخول... لا اظنني جاهزة لسماعك كل ما حدث لي مع ذاك الوغد الذي في الداخل

رأيت بؤبؤ عينيه يتسع بخيبة بينما اتكلم، ثم امسك كتفي موجها لي نظرة اشعرتني ببعض من الذنب

- نحن معا في كل شيء لما ليس في هذا؟ لا ثتقين بي كفاية

- انه ليس الوقت المناسب فحسب

- الآلداي كان اجدر بالثقة اذن؟

- لا تقارن ارجوك _لأن اجابتي كانت حتما ستكون اجل_ و لا تعقد الامور، انا اقول هذا ببساطة لأنني اود حكي هذا لك بنفسي بدل ان تسمعه بين جدران هذا المكان المشؤوم

تنهد بٱنزعاج قبل ان يومأ مشيرا لي بالدخول فأعطيته ابتسامة جانبية كإشارة امتنان و دخلت مندفعة لمقعدي بعد ان كنت آخر الحاضرين في الدخول.

بدأت المحاكمة و انهالت التهم على كريستوبال من كل مكان بينما لم اتوقف انا عن التساؤل عن سبب عدم اعتقالهم له كل هذه السنين ان كانت ثابتة عليه كل هذه الجرائم، ثم وجهت لي انا بضع اسئلة عن كيفية تجهيزي لخطة القبض عليه كأن ذلك مهم اساسا.

استمرت الاستجوابات الروتينية بملل حتى طرح علي أخيرا السؤال الذي يشرح سبب وجودي هنا في المقام الاول، ذلك السؤال كان: "ما علاقتك بكريستوبال لتقبضي عليه؟"

تنفست بعمق مخرجة اي ذرة ديق من صدري ثم وقفت من مكاني بحزم مستعدة لتحرير ما كتمته لكل هذه السنين

- هذا كان اقل ما بإمكاني فعله، لقد سلب مني كل شيء منذ مراهقتي و يا ليته اكتفى بذلك فحسب ففي النهاية جشع و حقد هذا الوغد جعلاه يأخد مني أعز ماملكت يوما، لقد قتل زوجي و حب حياتي سامويل آلداي... شاب مات و ذنبه الوحيد كان حبه لي، لقد ذهب للأبد تاركا اياي ارملة في سن الاربع و العشرين فقط و تاركا خلفه ابنتنا غابرييلا يتيمة، الطفلة التي خصصنا شهورا نرسم و نتخيل مستقبلا مثاليا لها جاء كريستوبال و نزع اهم جزء في هذا المستقبل: والدها. لكنني ان اتحدث عنا فحسب سيدي القاضي فهذا ليس حولي ولا حول عائلتي، بل حول كل من آذاهم كريستوبال كابريرا يوما، في حالتي انا خُطفت في الثامنة عشر لكن البقية كانو اغلبهم خطفوا في طفولتهم، بعضهم ماتوا امام اعيننا بينما استمرينا نحن البقية نتمنى الموت كل يوم يمر علينا هناك، ما الذي سيعوض كل هذا؟ ما عزاء من ماتوا هباءً؟ حتى من عشنا، مالذي سيشفي الضرر النفسي في نظركم؟ الكوابيس و كره الذات باتا جزءا مني لا امل لي في مفارقتها مدى حييت، انا محظوظة نوعا ما لاستطاعتي التقدم و جني كل هذه الثروة و الشهرة لكن... ما الهدف؟ ما الهدف من كون البقية معجبين بي ان كنت انا اكره نفسي؟ ابنتي في الثانية من عمرها الآن و لم تعش معي ولو شهرا واحدا خوفا من ان يتكرر معها مصير والدها، حتى خطيبي، انني على وشك الزواج منه و لم اسمح له الآن بالدخول للقاعة حتى حلول دوره في الحديث كشاهد لأنني لا استطيع تحمل فكرة سماعه لبقية ما كان يحدث في جدران بيت كريستوبال، اخشى ان يحذفني بذلك في اول شجار بيننا مهما تظاهر بالتفهم الآن، هكذا هو الوضع انا لن استطيع الوثوق بأحد ابدا طوال حياتي... حسنا تخيلوا هذه القصة تتكرر بتفاصيل اسوء مرات و مرات لأنني لم اكن سجينة هذا الكريه الوحيدة بل كنا عشرات و لكل منا قصته رغم ان الكثير لم يعيشوا ليحكوها لذا فنحن مدينون لهم بما نحكيه الآن...

جينوفيفاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن