الفصل السبعون

53 6 4
                                    


آلبا

حان موعد سفريتي أخيرا، فركبت اول قطار متوجه لمادريد بعد ان قطعت المسافة السابقة جريا بسبب خروجي من البيت ربع ساعة قبل موعد تحرك القطار فقط، هناك اشياء لا تتغير مهما مر الزمن و عدم التزامي بالمواقيت اولها...

اخدت مقعدي الذي تواجد قرب النافذة و اسندت رأسي عليها مشاهدة ابتعادنا السريع عن سيفيلا و اقترابنا البطيء من مادريد، بطيء بشكل محزن يذكرك بأشياء لم تعشها في المناطق الذي يمر منها القطار الآن بالذات الا انها تأتيك لسبب ما، كشريط ذكريات يمر في السكة هو الآخر.

آه مادريد... بكم انا ممتنة لك بالضبط و بكم ممتنة انت لي؟ بكم ان كنت اخدتي والداي و انا طفلة، ثم اعطيتني أخا كبيرا، ان كنت سحبتي مني هذا الاخ ثم اهديتني مكانه... لحظة، هي لم تعطني شيئا هذه المرة.

حتى جينو ليست من مادريد و غابرييلا نفس الشيء ان كانت ولدت في بيلباو... نعم، مادريد لازالت مدينة لي بالكثير، و هكذا سيبقى لآخر الزمان فسامويل ليس بشخص تستطيع تعويضه من جديد.

اشتاق للصغيرة غابرييلا بشدة حتى و انا اذهب لزيارتها اكثر من زياراتي لأمها حتى، و لازلت اشفق عليها من اعماق فؤادي، فعلى الحياة ان تكون ذات حس دعابة سخيف لتعطيكِ والدا كسامويل ثم تأخده منك قبل ان تريه حتى...  انه والد عظيم حتى لو استمررت في تكرير تعبير انه كأخ كبير لي فحسب، لكنه رباني و صرف كل ما اوتي لتعليمي! من يفعل هذا في طفلة لا يعرفها في زمننا فحسب...

جل الناس يحنون طفولتهم بل و يتمنون العودة لها و البقاء هناك للأزل، لكن انا العكس تماما،  فطفولتي كانت مشينة حتى للحكي، كلها عبارة عن سرقة، جوع و تعنيف. فوالداي ماتا قبل ان يعلماني قيمة كرامة المرء تقريبا، و جدتي بعدهما لم تطق وجودي اساسا... فمن كان ليخبرني بأن ماكنت افعله سيء مثلا؟ سيداتي و سادتي: سامويل آلداي!  فهو بسنواته العشرين فقط و عقله الخالي من اي تجربة غدر فالحياة تكلف بهذه المهمة التي اتمها بجدارة، حتى في فترة "انحطاطه" بسبب ابنة اورسولا و اخيه كان لايزال مصرا على تربيتي، كان يعلمني كم هي سيئة السرقة في الوقت الذي يسرق فيه، و كم هو مؤذي للنفس الكذب في الوقت الذي لم يكن يتوقف فيه هو عن الكذب ليل نهار و يذكرني بقيمة حبنا لذاتنا في الوقت الذي كان هو فيه مكسورا منتهيا، تلك الدروس كانت عميقة لدرجة عدم معرفتي لإن كانت لي في الاصل او له.

انا آلداي، و مفتخرة بإسمي حتى آخر الزمان فحتى لو لم اكن كبرت بين صانعي اجمل مجوهرات مادريد انا لازلت فردا منهم، و حتى و انا لا اريد سنتا من ارث تلك العائلة الا انني لازلت فردا منها، فرد فخور للغاية و بنفس لون الشعر و العينين.

جينوفيفاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن