الفصل الثامن و السبعون

52 6 5
                                    

جينوفيفا

جفلت عيناي و تسارعت نبضات قلبي بعنف بينما أمسك بتلك الرسالة بتردد، منذ متى يراسلنا الاموات؟ لا، بالأصح السؤال هو: لما قد تصلني رسالة مِن مَن لم تسبب لي اخباره اي خير حتى في محياه؟

اخدت نفسا عميقا و توجهت للمطبخ، فتحت الشمع التي قفلت به بحذر و من ثم شرعت في قراءتها:

" الى آخر بناتي، عزيزتي جينوفيفا
ان كانت هذه الرسالة بين يداك الآن فالمعنى واحد: أنني ميتة و ما من قاتل لي غيرك، أستطيع تخيل فرحتك لحظتها بالفعل، أستطيع رؤية عيناك تلمعان بمكر و شفتيك يرسمان ابتسامة نصر ذات زوايا بمثالية بقية ملامحك... يال العار، يال العار و هذه الفرحة لن تكتمل، تخالين الحرب انتهت؟ تخالينك فزت و ستمشين في درب ورود بعيدا عن خط الدماء الذي رسمناه معا ؟ يال المأساة فجحيمك يبدأ هنا و الآن، اقسمت هنا ولازلت سأقسم في ملاذي الأخير بسحبك نحوي عبر سبيل أليم. كنت أعرف تماما خططك فأنا من علمتك يا ابنتي، كنت أعرف ان ايامي معدودة امامك و تجهزت لها: منديل مارسيا الذي معي، تظنينه صدفة تعيسة الحظ؟ و كأن هذه الأشياء موجودة في الواقع! أنا من حملته، و هدفي سهل و بسيطة: ايقاع كل من يدعمك في شبكة واحدة، و من ثم سحقهم كالجردان! مع مارسيا في السجن فيليبي سيحاول استرجاع ما فات ليهجرك كدمية مكسورة، سانتايغو؟ ذلك الشيطان الذي ربيته ليحمي جناحيك سيكون من يقطعهما بعد رؤية محبوبته في خطر، انت التي هجرت من خطيبك سيكون عليك تحمل تهديدات و أذية مستمرة مِن مَن وثقث به يوما، لتذبلي يوما عن يوم و تفقدي آخر و اثمن من لديك: جنين بطنك و ثمرة خطاياك، سأحصده هو الآخر و انتظرك لتلحقي بي و في قلبي يقين بكونك لن تهجريني لأكثر من نصف سنة! "

عرق بارد يتصبب من كل جسدي، دموع غل تغطي عيناي و رعشة تستحوذ على كل جزء من جسدي بينما أقرأ تلك الجمل الملعونة واحدة تلى الأخرى، تريدين الإطاحة بي حتى بعد مماتك اورسولا؟ لنرى الى اين ستصلين بذاك المنديل اللعين.

لن أُهجر الا لو انا قررت ذلك، و لن يأخد احد ابني مني الا لو قتلته انا بيدي، و الاله شاهد على كون وعودي من ذهب!

نهضت من مكاني و خبأت الرسالة بأحد الادراج بحيث لا يجدها غيري، الأرض كانت تهتز بي بعنف، حتى بعد قسمي بالانتصار لازال الخوف يغزو كياني و يكسره كأوراق شجر في الخريف، تلمست بطني بقلق، ليس الأمر و كأنني في افضل حالاتي لأي حرب و خوفي على ابني يفوق خوفي على نفسي الآن بعشرات المرات...

الأمر يحدث من جديد... بطني كأنها ستنشق و نفسي يديق شيئا فشيء، استندت على المنضدة خلفي دون جدوى، و بدأ جسدي ينزلق عنها شيئا فشيء و لم تكفي جهودي لشيء غير اسقاطه على الأرض بنعومة بدل الارتطام.

جينوفيفاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن