الفصل الرابع و الاربعون

38 8 7
                                    

جينوفيفا

مشيت بين انحاء المقبرة بخطوات ضعيفة، لازلت لا اعرف ان كانت هذه فكرة جيدة فأنا لم ازر المكان منذ ليلة الدفن، حاولت المجيء بضع مرات لكن فقط بإقترابي للمدخل كنت اشعر بدوار رهيب، فالذكريات كانت تهاجمني كالجاثوم، خانقةً اياي و جاعلةً من جسدي تابثا كالحجر ، غير قادرا على التقدم .

الارجاء كانت كئيبة للغاية كعادتها، اناس بلباس الحداد في كل مكان و صوت نحيب من حين لآخر ، بقيت اتعمق شيئا فشيء محاولة تجاهل الاجواء حتى وصلت لقبر كان شعاش الشمس منعكسا عليه كأنه يحييه او يؤنس وحدته... كان قبر سامويل الذي اهتز كياني لرؤيته كالمرة الاولى، هذا صحيح، الالم لم يتغير حتى بعد كل هذا الوقت، ربما لن يفعل ابدا.

جلست قربه بهدوء ثم وضعت باقة الورود فوقه و تفحصت بشرود صورة له بحجم البيضة كانت معلقة قرب اسمه، الرخام كان لا يزال لامعا و سنتي ولادته و وفاته المكتوبتين بالذهب ايضا. و بدأت بالحديث معه كالعادة، كما لو لم يكن تحت التربة بل فوقها.

- آسفة على تركك وحيدا كل هذه المدة_ابتسمت_ كان الامر لايزال صعبا اتعرف؟ لكنني اتذكرك اكثر من تذكري لإسمي... ربما كان علي احضار غابرييلا لتراها ايضا ، و سأفعلها يوما ما صدقني، فقط سيكون عليك الانتظار... الانتظار حتى اكمل كل هذا... ان فعلت. آسفة للغاية سامويل ، انا خائنة لترددي في تحقيق العدالة لك، انا مدركة بأن روحك تستحق كل هذا لكن... لكنني ايضا مدركة بأن لا شيء من هذا سيعيدك للحياة، و هذا كل ما احتاجه... رؤية عينيك حيتين من جديد، عناقك...

شعرت بيد توضع على كتفي فجأة فقفزت من مكاني بهلع ثم استدرت لأجد فيليبي هناك، تأخرت بضع ثواني لاسترجاع نفسي و حاولت السيطرة على نبرتي المرتجفة، نظرة صارمة و جسد توقف عن الارتجاف، ممتاز.
- البدأ باللحاق بي هو مستوى آخر من الهوس الا تظن ؟

بدت عليه الدهشة للحظة لكنه ابتسم نافيا

- درجة من الهوس لم اصل لها للأسف_هز كتفيه_ كلنا لدينا اموات لنزورهم جينوفيفا... كنت عند قبر زوجتي و لمحتك هنا ، الأمر بهذه البساطة، انا آتي الى هنا مرة او اثنتين كل اسبوع، سيليا لا تستحق البقاء وحيدة رغم انني لا اعرف ان كان كانت تفرح بزياراتي او لا

ضحك مزيلا قبعته فأدرت انا وجهي ناظرة للقبر بشرود

- في المقابل هذه اول مرة ازور فيها المكان، حسنا، ثاني مرة ان قمنا بحسبان ليلة الدفن ايضا

- يبدو فاخرا للغاية صحيح؟

قال مشيرا للقبر، لم افهم الى اين كان يريد الوصول لكنني اومأت

- انهم يعتنون بالقبور جيدا هنا على ما اعتقد...
- لا، لا يفعلون

تكلم بنظرة و نبرة واثقتين و اكمل

جينوفيفاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن