الفصل السادس

180 18 22
                                    

هبط الليل بعد ساعات و ساعات من الحديث بين التائهين ، على الاقل الكلام بينهما الآن كان مبهجا اكثر فقد بدأ سامويل بسرد طرائفه و قصص والده ليشاهد ابتسامة الفتاة طول الطريق ناسيا هكذا مآسيه للحظات، و وصل القطار اخيرا لوجهته، باريس.

الظلام كان دامسا ، بدأ كل المسافرين بالنزول الا هذان الاثنين، بقيا جالسان كالتماثيل في مقعديهما ينظران لبعضيهما البعض بحيرة ، لمس سامويل شعره البني ثم نظر الى جينوفيفا بينما ينهض من مقعده:

- و الآن ماذا ؟
هزت جينوفيفا كتفيها كإشارة حيرة ثم نظرت الى النافذة متوجهة الى الباب

-لننزل اولا ان لم نكن نرد ان نطرد كالمتشردين المختبئين في العربة الخلفية

توجه سامويل الى الباب قبل جينوفيفا ، مطر باريس الغزير كان قد حول الارضية الى برك مياه و طين، و الشاب بنية اغراء الفتاة بمهاراته ك "فارس" وقف عند عتبة سلالم القطار و هو ينظر خلفه، لجينوفيفا و مد اليها يده مبتسما لكي يساعدها في النزول ، لكن حظ الفتى السيء و رطوبة السلالم كان لهما رأي آخر ، فإنزلق سامويل و سقط في احد البرك لكي يغطى منظره الانيق و ملامحه الجذابة بالطين!

نزلت جينوفيفا بسرعة قلقة من ان يكون قد تأذى ، لتبدأ بالضحك عند رؤية مظهره و يفعل هو نفس الشئ عند رؤية حالته المثيرة للسخرية او اصح قولا للشفقة ... ساعدته جينوفيفا على النهوض بينما تهمس في اذنه "الاغراء ليس واحدا من مواهبك " ، و في منتصف الليل كانت ضحكاتهم تكسر صمت النجوم و تقاطع غناء القمر...باريس مدينة الحب !

صمت الليل و غناء النجوم ، ضوء القمر و صوت اليراعات كانو رفاق سامويل و جينوفيفا الوحيدين في تلك الليلة "الغريبة". جينوفيفا لازالت لا تستطيع كبح ضحكتها كلما نظرت الى وجه سامويل حتى و هي تحاول تنظيفه بمنديلها ، هذا الاخير كان لايزال محرجا قليلا من فشله، و هي تنهدت ضاحكة ثم نظرت الى عينيه مباشرة:
- دون سامويل
انزلت المنديل و وضعته جانبا
- ماذا ؟
- و ماذا الآن؟ نحن ضائعان بالكامل ان لم تكن قد ادركت ذلك بعد
- لا انا لست ضائعا انت الضائعة

نظر الى عينيها مبتسما بتحدي

- هل اثرت ضربة قبل قليل على رأسك ؟ انت لا تتحدث الفرنسية حتى...

قاطعها الشاب بتحدي من جديد

- حسنا الآن اتكلمها ، كما قلت لست ضائعا بالمرة لذا...
- اذا لم اكن مخطأة ... بعض الاشياء في ذاك الدماغ لم تعد في مكانها _همست مبتسمة_ او ربما تلك البركة علمتك لغتها عندما عانقتما بعضكما ؟
- شاهدي و تعلمي _اقترب من وجهها_ بونجور مادام
- عجبا عجبا يجب علي الانحناء لهاته المهارة ؟ شاهد و تعلم _نظرت اليه بتحدي و عينين براقتين_ Je suis genoveva salmeron j'ai venu içi pour travaller ça c'est mon ami, samuel alday
- لم افهم ولا كلمة من ما قلته لكن سمعت اسمي في الجملة... لا يهم، ايجادك لجملة واحدة لن يفيدنا في اي شيء على كل حال
- انا اتكلم بطلاقة تقريبا لذا لا تقلق ، هذا مثال فقط، جئت الى هنا عدة مرات في السنوات الماضية و لدي صديقات فرنسيات لذا فلا قلق من هذه الناحية _نهضت من مكانها_ نذهب معا؟ انقذتني منذ لحظة لذا اريد رد الجميل لك على الاقل، نذهب من هنا؟
- سيظنونني متشردا بمظهري هذا

جينوفيفاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن