الفصل الثامن عشر

60 10 2
                                    

جلست لوسيا بهدوء في فراشها بلباس نومها الحريري ، قضت ساعات و ساعات في ذاك السرير و الوحدة و الشعور بالضعف بدءا يحزناها. ابتسمت بعينين براقتين عندما لمحت فيليبي يدخل الغرفة فهو لم يدخل بيتها لسنوات بل كانت هي من تزوره دائما.
-مرحبا، تشعرين بتحسن؟

ربت على يدها فتنهدت براحة

- رؤيتي لك تتحسن انت تشعرني بتحسن، انت تبدو اخيرا كإنسان، بعد خمس سنوات
- آسف_ابتسم_ لكن نحن لا نتكلم عني انا الآن ، بل عنك انت، مابك؟ لم ارك هكذا في حياتي...
- ربما اصبت ببعض البرد، من يدري...
- لوسيا ارجوك، لست غبيا، منذ متى مريضو الزكام يخرجون دماء عند السعال ؟

اشار الى قطرات الدماء في لباسها فأومأت نفيا

- سأشرح لك في الوقت المناسب صدقني... و الآن، مادمت هنا اريد ان اطلب منك طلبا صغيرا

نظر لها بقلق قبل ان يطلق تنهيدة قصيرة غير مقتنعا بكلامها

- تفضلي
- تعرف كم هو قاسي ادوارد صحيح؟
- طبعا
- لا يستحق احد العيش معه، لهذا قررت... قررت ارسال ابني ماتييو للعيش مع والده البيولوجي، تيلمو...

حاول فيليبي التكلم لكنها قاطعته

-سأخبرك بالتفاصيل لاحقا ، لكن اريد اعطاء كل تروثي لابني حينها، و بما انك محامي تستطيع مساعدتي.
- لوسيا زوجك سيشتعل غضبا...
- فل يغضب، لا يستحق ان يكون ابا ولا ان يأخد تروثي
- لماذا اشعر ان هذه وصية؟
- ليست وصية، فقط بما انني..._تنفست بعمق_ لا استطيع التصرف براحة بأملاكي و تروثي بسبب ادوارد قررت اعطائهما لصغيري، انا لا استطيع استغلالهما لانني متزوجة .
-كما تشائين اذن
- شكرا

امسكت يديه مبتسمة

-انت و ماتييو عائلتي الوحيدة، و انا فخورة بكما انتما الاثنان
- لوسيا انت تقلقينني، تبدين كأنك تستعدين لترك هذه الحياة، كأنك…_
- انا احاول انقاذ مستقبل ابني فحسب
- "مستقبل" لا ترين نفسك فيه
-ستفهم كل شيء قريبا
- كما تشائين... بالمناسبة، اين زوجك ؟
- سمعته يخبر اورسولا بأنه سيذهب للطبيب، هو ايضا مرض فجأة
- فل يمت، موته سيكون الشيء الجيد الوحيد الذي فعله في حياته
- فيليبي! مالذي تقوله، تعرف انني لا اتمنى الموت لأحد
- لوسيا، مهما اصررتِ في الاعماق انت تعرفين ان هنالك اشخاصا كان العالم ليكون مكانا افضل دونهم، احيانا تذكرينني بسيليا، انتما الاثنتان تتبعان قلبكما و تتجاهلان العقل، لم يكن عليها الموت هي ولا عليك المرض انت، كل مني انا و ادوارد لا نستحق العيش

قاطعته

- لا تقل هذا، لابد من ان سيليا ايضا تريد منك العيش
- و ها انا حي_يسخر_ اعرف ان العالم كان سيكون افضل من دوني، ان الناس سيفرحون لمغادرتي، لكنني فرضت نفسي على الحياة و حتى هاته اللحظة لم تعترض

في الجهة المعاكسة فتحت جينوفيفا ضرفا بين يديها بتوتر ، الرسالة كانت تيليغرام و من بيلباو، لابد انها من مارلين لكن ان كانت قد اُرسلت على هذا الشكل اذن اخبارها ليست مطمئنة ولا عادية، ترددت في قراءة التيليغرام ربما سيكون من الافضل لو تنتظر سامويل لكنها اجتمعت قواها و تنفست بعمق ثم بدأت بفتحها ببطئ داعية الاله بحمايتها هي و عائلتها ، لتنقطع انفاسها و يحتل الرعب عينيها عندما بينما تلك السطور القصيرة " جينوفيفا انا مارلين، اكتب لك هذه الرسالة لتحذيرك، كريستوبال يعرف انك في مادريد، انه آتي و لن يتستغرق حتى اياما للوصول اليك، اسرعي في الهروب رجاء".
تجمدت الدماء عند سيقان جينوفيفا فجلست بينما تنادي خادمتها بصوت لا يكاد يسمع
- كارمين، اذهبي للبحث عن السيد بسرعة
- سيدتي انت بخير؟ تشعرين بشيء ما ؟ تريدينني ان اتصل بطبيب؟
- لا، فقط نادي سامويل ارجوك _امسكت بطنها_ اخبريه انه امر طارئ
عند وصول سامويل كانت جينوفيفا تنتظره عند الباب، لتحضنه عند دخوله باحثة عن الامان ثم يذهب كلهما الى غرفتهما
- مابك ؟ اهدئي _اجلسها على السرير_ مالذي حدث؟
- كريستوبال... كريستوبال يعرف اننا في مادريد !
- ماذا ؟ كيف؟!
- لا اعرف، ربما وصل الى علمه انني زوجة آلداي ،و الكل يعرف ان الآلداي يعيشون في مادريد!
-جينوفيفا عائلتي لم تعد مشهورة اصلا، و حتى ان كان الامر كذلك فكيف عرف انك زوجتي انا و ليس زوجة دييغو الذي لا اعرف حتى في اي مدينة هو الآن ؟ هذا ليس منطقيا بالمرة
- من يهتم لكيف عرف! مالذي سنفعله؟
- جينوفيفا لا يمكننا الهروب طول حياتنا ، يجب ان نضع حدا لهذا
- كيف؟! انه خطير للغاية ولا اريد المخاطرة لا بك ولا بجنيني
- ولا انا بسلامتك، لكن اذكرك انني عشت حياتي مؤمنا بمقولة "السن بالسن و العين بالعين" ان اراد قتلنا فليس علي سوى حمل مسدسي و انهاء هذا الهراء للابد
- لن تستطيع، سامويل لا اعرف كيف كانو من... قتلتهم انت لكن كريستوبال لا يأتي وحده ابدا ، لديه رجال سيقتلوننا قبل ان ترفع مسدسك حتى... الامر بهذه البساطة : او نهرب او نموت _نظرت اليه بحزم_
- لنعد لباريس اذن

امسك جبينه و صمت للحظات قبل ان يردف

-نحتاج المال للذهاب و في وقت قليل كهذا لن استطيع اخد ارباح اي من مشاريعي ، نحتاج ثلاث آلاف بيسيتا على الاقل و انا امر بأزمة مالية لدى فسيكون علي ان آخد قرضا... لابد ان اصدقائي مِن من يعيشون هنا يستطيعون مساعدتي _اومأ بشرود_ و انت جينوفيفا، اذهبي للمبيت في نزل حتى اجد المال

قاطعته

- لا لن اهرب و اتركك وحدك، افضل الموت قبل هذا

قاطعها

- من المستحيل ان يكون متأكدا من كونك زوجتي لذا فإن رآى انك لست هنا، اقصد انه لا اثر لك لا في المنزل ولا في انحاء الحي فسيظن ان الخبر الذي وصله زائف، او هذا ما اتمناه... كما انه يبحث عنك انت و ليس عني انا
- و ان كان يريد الانتقام ؟
- سأحصل على المال في ظرف ساعات لا تقلقي، ليبيرتو اعز اصدقائي لا يمكنه خذلاني، و كل من هنا اغنياء على كل حال _امسك يدها_ هيا جهزي حقيبة صغيرة و لنذهب، سآخدك انا.

جينوفيفاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن