بعد التخرج، انقطعت الصلة بين الصديقتين بشكل طبيعي. وعلى الرغم من توفر العديد من الفرص الوظيفية، رفضت يوديت جميع العروض وعادت إلى مسقط رأسها بسبب شعورها بالخيانة. أثناء مرورها بمرحلة صعبة، وقعت في حب صديق طفولتها وقررت الزواج به.
جاءت رسالة من صديقتها في أحد الأيام خلال التحضيرات للزفاف، تهنئها على الزواج وتطلب منها لقاءً واحدًا للاعتذار عن كل ما حدث في الماضي. رغم أن صديقتها كانت قد جمعت شجاعتها لتقوم بخطوة المصالحة، إلا أن يوديت رأت الأمر مضحكًا ولم تستطع الرد بلطف.
"هل الأمور تسير بشكل سيئ معكِ؟ هل تتوقعين أن أسامحكِ لتشعري بالراحة؟ لكن الحقيقة هي أن كل متاعب حياتكِ هي نتيجة أفعالكِ. لقد عادت إليكِ الأضرار التي تسببتِ لي بها. هذا هو عقابكِ."
مرت سنتان منذ أصبحت صديقتها تلميذة لدى البارون لانزكوي، ولكنها لم تحقق أي إنجاز أو تظهر في أي وسيلة إعلامية كتلميذته. الصديقة التي كانت تبدو وكأنها ستحلق عاليًا بموهبتها كانت لا تزال تكافح دون نجاح، كما لو كانت دجاجة على الأرض. في تلك اللحظة، أرادت يوديت أن تسخر منها بكل قسوة.
"لقد مسحتكِ من حياتي تمامًا. لذلك، لا أفكر في أن أكون مذكرتكِ العاطفية مرة أخرى تحت ستار الصداقة. أتمنى ألا نلتقي أبدًا مجددًا كما لم نلتقِ حتى الآن."
يبدو أن صديقتها فهمت الرسالة، إذ لم تتلق يوديت أي رد منها.
قبل أسبوع واحد فقط من حفل زفافها، علمت يوديت صدفةً من أحد زملائها في مدينة باسنتشوف أن صديقتها قد انتحرت قبل بضعة أشهر. تزامن توقيت انتحارها بشكل مأساوي مع الوقت الذي أرسلت فيه يوديت الرسالة المليئة بالكراهية. لم يمضِ وقت طويل بعد تلقي الرسالة حتى فارقت الحياة.
بعد أن ألغت يوديت حفل زفافها، عادت إلى باسنتشوف وكأنها مسحورة، وذهبت إلى الفندق حيث قيل إن صديقتها ماتت. كان الفندق شبه مهجور بسبب الإشاعات حول ظهور شبح الفتاة المتوفاة.
'لماذا انتهى بكِ الحال هكذا؟ لماذا لم ترغبي في العيش؟'
راودتها مشاعر الذنب تجاه صديقتها، وكأن كلمات رسالتها كانت الطعنة الأخيرة التي دفعتها إلى الانتحار.
ذهبت يوديت إلى الغرفة 404، الغرفة التي قيل إن صديقتها أقامت فيها قبل أن ترمي بنفسها من الشرفة.
'إذا كان شبحكِ سيظهر هنا بالفعل، فأنا أريد أن أراكِ حتى لو كنتِ مجرد طيف.'
'أريد أن أقول لكِ إنني آسفة.'
أدركت يوديت أن كراهيتها لصديقتها كانت الطريقة الوحيدة التي استطاعت من خلالها مواصلة حياتها. فقد كانت تظن أن صديقتها سرقت ما كان من حقها. دفعتها مشاعر الخيبة إلى ملء حياتها بالكراهية لتخفيف الألم.