الفصل السادس

2.3K 281 358
                                    

تهيأت حديقة آل"كونيليوس" تماماً لاستقبال أهالي "جلوسترشير" لمشاركتهم الاحتفال بإنهاء الحصاد بخيرٍ. ولم تقتصر الدعوة على أهالي الريف، بل ضمَّت عدداً من وجهاء "لندن".

عجَّ المكان بالحضور وبدت الحديقة تضجُ بالحياة بألوان الفساتين المبهجة للنساء والفتيات؛ وقد تأنقت كلٌ منهن على نحوٍ ملفت دون أن ينتقص حضورهن من جاذبية الرجال بستراتهم الأنيقة باختلاف أقمشتها وألوانها وتصاميمها.

بعد مأدبة الغداء الفاخرة تفرَّق الحضور، وفتح السيد" كونيليوس" صالون الضيافة في منزله الواسع ليسمح لمن يفضِّل الأجواء الهادئة البقاء بعيداً عن الصخب؛ الذي عمَّ الحديقة في الخارج. خاصةً لكبار السن وأصحاب الأعمال الذين يفضلون قضاء الوقت في النقاشات الجادة.

خلت الحديقة لمحبي المرح؛ لقضاء وقتٍ ممتعٍ في الرقص واللهو، وقد اتخذت الفرقة الموسيقية مكانها لتصدح الأجواء بشتى أنواع الموسيقى.

حتى "ميليسا" وجدت العزاء في غياب "هوارد" بهذه الأجواء المبهجة، ولم تفارق الابتسامة الساحرة شفتيها وهي تتابع تلك الرقصة الجماعية الجميلة باستمتاعٍ كبيرٍ.

لم تتوقف الموسيقى، ولم تخلُ ساحة الرقص عن الراقصين سواء في رقصة جماعية أو ثنائية على المقطوعات المتنوعة.

كان "مارك" يقف برفقة "رونان" بمفرده ينتظر عودة "جايسون" من ساحة الرقص. على حين اتسعت ابتسامة هذا الأخير بخبث بينما كان يقترب من "مارك" الذي لم يحوِّل عينيه عنه حتى لحظة اقترابه منه. أخذ "جايسون" كأس الشراب من كف صديقه دون استئذانٍ ليرشف منه قليلاً وعيناه تتجهان نحو الطرف المقابل من الحديقة دون أن يتلفظ بكلمةٍ. وبقي في انتظار تعليقاً خاصاً من بين شفتي "مارك" الذي اعترض قائلاً:

- ليس من اللائق مشاركتي شرابي، تصرفٌ كهذا سيثيرُ سخطَ الماركيزة.

ضحك "رونان" بينما لم ينظر "جايسون" إلى "مارك" وهو يكتفي بالقول بنبرة يشوبها المكر:

- ليس هذا التعليق الذي انتظره.

استعاد "مارك" كأسه ليوجه نظراته حيث ركز صديقه اهتمامه، ثم قال ساخراً:

- من الواضح أنك استمتعت في مراقصة ابنة "بارينغ".

لم يبعد "جايسون" عينيه الفيروزيتين عن "مونيكا" حتى انضمت إلى مجموعة من الفتيات؛ كانت "باتريشيا" إحداهن، ثم وجِّه اهتمامه إلى صديقه متسائلاً بهدوءٍ عابثٍ:

- ألم يعجبك الأمر؟

رفع "مارك" الكأس إلى شفتيه وعيناه تعكسان استخفافه بسؤالِ "جايسون" الذي اتسعت ابتسامته وهو يعيدُ عينيه الغائرتين نحو "مونيكا" مؤكِّداً:

- لم يكن سيئاً مراقصتها، ولولا علمي الأكيد بموقفك نحوها لنصحتك بالتجربة.

أطلق "مارك" آهةً ساخرةً كانت كافيةً لتؤكِّد ل"جايسون" موقفه فأردف هذا الأخير دون أن يبعد نظراته عن ابنة "بارينغ":

جلوسترشير..   مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن