جلوسترشير.. مكتملة

التاسع والأربعون

وصلت عربة الليدي "جيسيكا" إلى القصر أولاً، وصعد "جايسون" من فوره إلى حجرته ولم يمضِ سوى وقتٌ قصيرٌ قبل أن تنضم إليه "جوزيت".

- أرجو ألا أزعجك سيدي.

كان قد خلع جاكيته وبقي واقفاً أمام النافذة الوسطى لحجرته الواسعة عندما أذن لمربيته بالدخول.

وقفت على بعدِ خطواتٍ منه قائلةً:

- منح القس "مارتن" موعد عقد القران لبعد الغد، سيدي.

التفت إليها "جايسون" بتعجبٍ فأردفت بإحراجٍ:

- لذا سيبقى هو و"ساشا" ليومِ الغدِ أيضاً.

شرد "جايسون" للحظةٍ قبل أن يقول وهو يحاول التحكُّم بنبرة صوته الهادئة:

- لا بأس.

أرسل بصره عبر نافذته دون ان يضيف حرفاً بينما قالت "جوزيت" برصانة:

- ستقوم "ساشا" بمهامها نحوك سيدي.. كما يقتضيه بقاؤها.

- لا، لا تكلفيها بشيء.

نظرت إلى وجه سيدها الذي التفت إليها ليوضح بملامحٍ متحفظة:

- لا حاجة لها للعمل لتبقى هنا، فلتقضِ يومها الأخير في ضيافتك.

فوجئت "جوزيت" بحديثه فأبدت امتنانها العظيم، إلا أنَّ العبوس ظلِّل قسماته الوسيمة وهو يشيح بوجهه نحو النافذة مؤكداً:

- لن أكون هنا على كل حال، فأنا أفضِّل المغادرة إلى لندن غداً.

- حقاً.. برفقة الليدي "جيسيكا"؟

- لا، جدتي لديها التزاماتٌ ولا ترحِّب بالمغادرة، لكنَّني أحتاج إلى الابتعاد لفترة.

- بالطبع سيدي. لقد استهلك هذا السباق الكثير من طاقتك ومشاعرك.

اكتفى بالإيماء بهدوءٍ، ثم ابتعد نحو فراشه، فعادت لتشكر كرمه ولطفه قبل أن تغادره.

إلا أن القدر كان له قرار آخر، ولم يتمكن "جايسون" من المغادرة إلى "لندن" كما خطط؛ إذ رفضت "باتريشيا" مرافقته بسبب وعدها ل"مونيكا" بزيارةٍ خاصةٍ. وكذلك "بياتريس" التي أصرَّت على مرافقة "باتريشيا" في تلك الزيارة، مطالبة إياه بتأجيل الذهاب إلى "لندن" لليوم التالي. وعندما قرر الذهاب بمفرده رفضت "جيسيكا" رفضاً باتاَ؛ موضِّحة أنَّه ليس مضطراً للسفر بعد سباق الأمس، واصرت أن ينال قسطاً كبيراً من الراحة بعد أيامٍ من التدريب والأرق.

استسلم "جايسون" أمام حنق جدته، إلا أنَّه لازم حجرة نومه، ولم يغادرها مطلقاً إلا للمشاركة في وجباتِ الطعام.. حتى شاي ما بعد الظهيرة رفض تناوله مع جدته و"استيفن" في الحديقة.

كذلك "ساشا" قضت يوم إجازتها في حجرتها، متعلِّلةً بتطريزِ الوشاحِ الذي أصرَّت جدتها أن ترتديه غداً في الكنيسة.. لذلك كان احتمالُ التقائها بسيدِ القصرِ غير واردٍ بتاتاً.