جلوسترشير.. مكتملة

الثالث والستون

التقى "استيفن ميكايلز" ب"ساشا" في ممر الطابق العلوي من القصر فاستوقفها مطالباً إياها بكوبٍ من القهوة تحضرها إلى حجرته، فاكتفت بالقول دون أن ترفع وجهها إليه بينما كان يقف على يسارها:

- حالاً سيدي.

لكنها لم تبتعد لخطوةٍ واحدة ٍإذ منعتها قبضته وهو يتعمَّد القول بخفوتٍ وبنبرةٍ ذات مغزى:

- لا ترسليها مع أخرى كما فعلتِ بكأس العصير الذي طلبته عند الظهيرة.

كانت نبضاتها تتسارع بتوترٍ حاولت ألا تظهره في صوتها وهي تبقي عينيها على سجاد الممر موضِّحةً:

- خدمتك ليست من مهامي سيدي.

شدَّ قبضته حول ذراعها دون أن يؤلمها ليقرِّبها منه مؤكِّداً:

- بما أنني وجَّهتُ لكِ أمراً، فعليكِ تنفيذه حتى إن لم تكوني مسؤولةً عنه. أم أنكِ بحاجةٍ لأذكِّرك بعملك.

كان قربه وصوته يثيران قشعريرةً مزعجةً في جسدها، فحاولت إبعاد ساعدها عن قبضته بلباقةٍ وهي تؤكِّد؛ متجاهلةً نظراته الثابتة على ملامحها المضطربة:

- لا حاجة لذلك سيدي. أعلم مهامي جيداً، وخدمتك ليست من ضمنها. أعذرني الآن فلدي....

بترت حديثها بشهقةٍ متفاجئةٍ عندما ضغط على ذراعها بقوةٍ لتواجهه. وما إن نظرت بفزعٍ في عينيه الزرقاوين حتى تساءل بنظرةٍ متهكمةٍ:

- من أين أتيتِ بهذهِ الجرأة؟!! أذكر أنَّك كنت تنتفضين فزعاً ولا تجرؤين على محاورتي، فهل تستمدين شجاعتك الآن من زوجك؟!!!... تأكدي أنَّ باستطاعتي جعله يحضرك بنفسه إلى حجرتي الليلة، فلا تتصرفي بهذهِ الثقة التي لا تليق بخادمة.

لم تفلح في التحكُّم بارتجاف حروفها وهي تؤكِّد دون أن تواجه نظراته الرافضة:

- أنا لا أتلقى الأوامر من زوجي. اللورد فقط من يحقُّ له أمر الجميع هنا.

وعادت محاولتها لتخليص ذراعها فتركها لتبتعد وهي تنظر إلى وجهه بينما كان يتساءل ببساطةٍ لم تخفِ امتعاضه منها:

- إذاً، لو أمرك اللورد بزيارتي الليلة فستفعلين؟!

كانت تستمع لخفقات قلبها المتسارعة بجنونٍ. ورغم تلك الأفكار المتزاحمة في عقلها إلا أنَّ ثقتها ب"جايسون" دفعتها للإجابة بثباتٍ استطاعت تزييفه بصعوبةٍ:

- نعم.

أطلق آهةً متفاجئةً قبل أن يتمتم بتهكمٍ يشوبه التعجُّب:

- لم أتصور أنَّ ذلك لا يحتاج سوى أمراً من صهري العزيز.

ثم منحها غمزةً عابثةً وهو يقول:

- حسناً يا جميلتي.  لنلتقي الليلة.

بقيت هي متجمدةً في مكانها تتابع ابتعاده نحو حجرته وهي تراجع تصرفها بقلقٍ عظيمٍ.