الخامس والثلاثون

1.5K 228 150
                                    

غادر "هوارد" برفقة ضيفيه إلى "لندن"، ومع غياب الجميع استطاعت "دورندا" استلام رسالة "تشارلز" بكل سهولة واطمئنان.. وكم غمرتها السعادة وأملها لم يخب نحو اهتمامه بالتواصل معها.. وقد حوت رسالته من الشوق والاعتذار والحسرة بشأن حفل الأمس ما عوضها انتظارها له طوال غيابه في "لندن".

كانت في مزاج رائعٍ للغاية عندما انضمت إليها "آن ماري"-في حجرة المعيشة- معلنةً بحماسٍ كبيرٍ وهي تخلع قبعتها:

- لقد التقيتُ ب"جاري"، ودعوته لمشاركتنا العشاء.

- لماذا؟!!!

أصدر قلب "دورندا" خفقة قوية وهي تعلن انزعاجها من تصرف شقيقتها التي بررت ببساطة:

- منذ وقتٍ طويلٍ لم يشاركنا الطعام، منذ أن عدت من كوخه.

وضعت قبعتها على سطح المدفئة. وبعد أن احتلَّت مقعدها نظرت إلى "دورندا" موضحة:

- لن يأتي الليلة فلديه ارتباط آخر، لكنه وعدني بمشاركتنا عشاء الغد، لذا بإمكانك استيعاب الأمر والاستعداد له بوقتٍ كاف، كما سأستعد أنا له بطريقتي الخاصة

ثم تساءلت بحماس:

- ما رأيك؟ ماذا نصنع على العشاء؟.. وماذا عن الحلوى؟ و...

 قاطعتها "دورندا" مؤكِّدةً باستهجان :

- لا شأن لي بما تريدين صنعه. اذهبي إلى "مسالا"،  فهي تعرف أكثر منِّي الأطباق التي يفضِّلها.

عبست "آن ماري" لتحدج شقيقتها الكبرى بنظرةٍ منزعجةٍ. كانت واثقةً أنَّ "دورندا" لن تشاركها حماسها، فأسرعت من فورها بتركِ الحجرة لتبدأ بالاستعدادِ لضمان عشاء مميز لضيفها الخاص.

تسلل انقباض غريب إلى صدر "دورندا" وهي تفكر في هذه الزيارة.. هما بالفعل لم يحظيا بوقت طويل برفقة "جاري" منذ عودتها إلى المنزل.. حتى عندما يقوم بزيارته التفقدية لا يبقى لمدة طويلة رغم إصرار "مسالا" و"آن" عليه في كل مرة.

كان ذلك الوضع مريحاً للغاية بالنسبة ل"دورندا" فهي حتى الآن لا تعرف كيف ستتصرف معه بعد ما اكتشفته نحو مشاعره الصادمة نحوها.. منذ عودتها وهي تحارب بشدة رغبتها في استرجاع كلماته التي تخصها؛ فرغم روعتها فهي ترعبها أكثر مما تسعدها.. لا تريد تصديقها ولا التعامل معه على أساسها..

لكن الآن، مجرد التفكير بأنها ستجالسه وستضطر للتحاور معه غداً -طوال بقائه على العشاء- يثيرُ توترها، ويُحدِثُ وخزاً مزعجاً في صدرها.

زفرت بعمق وهي تسند رأسها على ظهر الأريكة.. وبعد لحظات من الشرود حدثت نفسها أن من المعيب الاستمرار بمعاملته بجفاء.. رغم ايمانها الشديد بأن مشاعره لا تمنحه أي حق فيما فعله معها، وتدخله في حياتها وعلاقتها ب"تشارلز" إلا أنها قررت منح نفسها الفرصة لتفهمه على الأقل.. ليكن حبه مبرراً له عن كل ما ارتكبه في حقها؛ فتلك الكلمات عاشقة وإن لم يرضها سبب تسطيرها، وإن لم يكن من سطرها يجسد تطلعاتها.

جلوسترشير..   مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن