جلوسترشير.. مكتملة

الفصل الخامس

تلألأت الخضرة الساحرة تحت وهج الشمس المشع ليعكس سحر ألوان الطبيعة المتناثرة فوق أديمها النضر. الأزهار البرية المتنوعة تتمادى في تتسللها بين صخور الجبال والطرقات الممهدة لسير العربات. بينما الظلال الوارفة تضفي لوناً قاتماً على العشب حول أشجارها الكثيفة لتمنحها بهاءً خاصاً بها.

تحدثت "جرايس" الجالسة في حديقة المنزل برفقة ابنتها "ميليسا":

- أفكر في مرافقة "اليزابيث" في زيارتها لفتيات "ديكنز".

أصدر قلب "ميليسا" خفقة ذات ايقاعٍ مختلفٍ ومجرد ذكر اسم "ديكنز" يجسِّد صورة "هوارد" في مخيلتها. أثارتها رغبة والدتها في تلك الزيارة بسبب وجود "هوارد"، فاكتفت بالتمتمة بهدوء متصنع:

- ستسعدان بزيارتك بالتأكيد.

- سنذهب غداً بعد الظهيرة، فاليوم لديَّ ارتباط برفقة والدك.

لم تعلِّق "ميليسا"، واحتمال لقاء "هوارد" يثير العديد من المشاعر داخلها. الا أن "جرايس" لم تتركها لتسترسل بأفكارها عندما أردفت بابتسامةٍ راضيةٍ:

- سنذهب جميعنا الى العشاء بعد غد عند آل "باركر"، ف"إليزابيث" ترغب أن نجتمع معاً؛ احتفاءً بوجود "رونان".

هزت "ميليسا" رأسها موافقةً دون أن تبدي الحماس الذي رغبته والدتها، فأبقت هذه الأخيرة عينيها على وجه ابنتها قائلة:

- "رونان" شابٌ رائع. من الجميل أنه سيبقى لفترة في "جلوسترشير".

نظرت "ميليسا" الى والدتها دون تعليق، فاستطردت الأخيرة بتأكيد:

- أفكر في دعوته على العشاء خلال بقائه هنا.

كانت "ميليسا" واعيةً لما تطمح إليه والدتها من هذا الاهتمام ب"رونان باركر"، لذا لم تستطع تصنُّع السعادة التي تنتظر منها والدتها إظهارها، واكتفت بالقول بصدق:

- "رونان" يستحقُ الاهتمام.

- كثيراً. في الحقيقة يفاجئني دائماً بذوقه ولباقته. تلك الهدية التي أحضرها من أجلك تعكس كرمه، ورقيه. ألا توافقينني الرأي؟

- بلى، بالطبع.

وأشاحت "ميليسا" بوجهها عن نظرات والدتها لتردف بشيء من التوتر:

- لقد فوجئت بها أيضاً؛ فلم يكن مضطراً لإحضار هديةٍ كتلك.

- هديته تشيرُ إلى الكثير.

ازداد اضطراب "ميليسا" وانعكس ذلك في نظراتها ومحاولتها تغيير دفة الحديث عندما أطلقت آهة قصيرة قبل أن تترك مقعدها لتنظر الى والدتها موضحة:

- لقد وعدت "دورندا" بإرسال تلك النوتات إليها، لكنني نسيتُ الأمر تماماً. سأرسلها حالاً بما أنني تذكرت.

ثم أسرعت تغادر لتخلِّص نفسها من التلميحات التي قد سمعتها مسبقاٌ من والدتها نحو استحسانها لفكرة ارتباطها بشابٍ ك"رونان باركر".