الواحد والثمانون

1.8K 235 321
                                    

قررت "باتريشيا" الذهاب إلى منزل السيد "بارينغ" لزيارة "مارك".

لم تكن هذه المهمة أمراً سهلاً أبداً، لكنَّها كانت ملزمةً بالقيام بها، وبأسرع وقتٍ ممكنٍ. حتى الآن لا يمكنها أن تعي الخبر الذي سمعته على لسانِ جدتها.

لم تحاول مسح الدموع التي تمردت لتأخذ طريقها على وجهها. من الأفضل أن تنهمرَ الآن؛ محررةً معها وجعها وألمها قبل أن تصل العربة إلى وجهتها؛ كي تتمكن من التماسك أمام "مارك". شعرت بوخزٍ قاسٍ يخترق قلبها بضراوةٍ. لا يمكن لشيءٍ أن يخفِّف عنه فجيعة فقده لـ"مونيكا"، وبهذه الطريقة الموجعة.

أطلقت تنهيدةً عميقةً لم تخفِّف شيئاً من الألمِ والضيق الجاثمان فوق صدرها. بدأت تشكُّ في قدرتها على مواجهته، وقبل أن تفكر في التراجع توقفت العربة في انتظار فتح البوابة الحديدية الضخمة لحديقة المنزل الأمامية.

نظرت "باتريشيا" عبر النافذة بينما العربة تشق طريقها خلال الحديقة الواسعة، منظر النوافذ التي أُسدلت جميع ستائرها ضاعف من دموع "باتريشيا"، ولفتها الوحشة التي استشعرتها حتى في أرجاء الحديقة الساكنة.

لم تستطع التحمُّل وعيناها تقعان على الشريطة السوداء المعقودة حول مقبض الباب الرئيسي، فغطَّت وجهها مستسلمةً لبكاءٍ مريرٍ لم يتوقف حتى شعرت كأنَّها لم تعد تملك المزيد من الدموع. حررت آهةً متعبةً موجوعةً وهي لا تعلم شفقتها الأكبر نحو "مونيكا" أم "مارك". كم كان قلبها يحترق لوعةً على كليهما.

إنها تعايش ما كانت تخشاه طوال تواجدها في "لندن" وحلال طريق عودتها إلى "جلوسترشير". أحباؤها ليسوا بخير، لقد فقدت أحدهم، وعلى وشك فقد أقربهم.

عاد صوت بكائها ليصل إلى "كارل" الذي بقي جالساً في مقعده أمام الخيلين بينما الوجوم يغلِّف ملامحه دون أن يفكِّر في الترجُّل لفتح الباب لسيدته.

قبل أن تأمره "باتريشيا" بالمغادرة، اقتربت "مارغريت" القادمة من أحد أطراف الحديقة برفقة "روميل" لتطرق باب العربة بخفةٍ. وعندما فتحته لها "باتريشيا" وتبادلت معها الحديث، علمت أنَّ "مارك" لم يحضر إلى هنا اليوم، وأنَّه مستقرٌ في منزلِ والده.

دُهش أفراد أسرة السيد "بلير" برؤية "باتريشيا" تعبر مدخل المنزل. وسيطر سؤالٌ على ذهن الجميع وهم يرحبون بقدومها بدهشةٍ عظيمةٍ.

- هل فُتحت الطرقات؟!!!

انطلق ذلك السؤال من بين شفتي السيد "بولين" بينما كانت "ميليسا" تعلنُ سعادتها برؤيتها. أنهت "باتريشيا" عناقها لـ"ميليسا" لتوجه إهتمامها إلى "بولين" مجيبة:

- لا.

- إذاً، كيف سمحوا لكِ بالعبور؟!!!

نظرت "باتريشيا" إلى "جرايس" لتجيبها:

- ضمن الراهبات المتطوعات للمساعدة في الكنيسة. لم يكن الأمر سهلاً أبداً، لكن من حسن حظي أنني وجدت من يساعدني.

جلوسترشير..   مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن