الواحد والسبعون

1.7K 231 326
                                    

استمرت الشمسُ تنشر دفئها فوق بطاح "جلوسترشير" الشاسعة و بدت فرصة مناسبة ل"جاري" و"دورندا" لاستغلال رفض "آن ماري" مرافقتهما إلى الكنيسة، فاقترح "جاري" على رفيقته القيام بنزهةٍ خاصةٍ تعويضاً عمَّا فاتهما خلال رحلة الصيد.

انتقى بقعةً جميلةً فوق تلٍ مرتفعٍ يمكنهما من رؤية نهر "سيفيرن"، والاستمتاع بانعكاس أشعة الشمس الذهبية على زرقته الساحرة.

بقيت "دورندا" تتأمل الفراشات المحلِّقة حول الشجيرات المنتشرة ضمن تلك البقعة الساحرة والتي ضمَّت جذع الشجرة الجالسة فوقه. بعد لحظاتٍ من الغرق في ذلك المشهد الخلاب، التفتت إلى "جاري" الذي يشاركها ذلك الجذع لتشاركه أفكارها... إلا أنَّها عدلت عن الحديث عندما وجدته غارقاً في تأملها هي.

لم يبعد عينيه الخضراوين عن ملامحها الخجلة فشعرت وكأن تلك الفراشات انتقلت إليها لتحلِّق داخل معدتها، فحاولت مداراة خجلها وهي ترغم نفسها على التساؤل بصوتٍ شابه المرح المحرج:

- هل كنتَ تحاصرني بنظراتكَ هذه طوال الوقت؟

- فضَّلت مراقبتك على مراقبة الفراشات.

تهللت ملامحها الجميلة برضا العشق لكنها تعمَّدت إبقاء عينيها الزرقاوين نحو تلك الفراشات قائلةً بنبرةٍ، لم تنجح كثيراً في السيطرة على ارتباكها الملفت:

- أحب مراقبتها وهي تتجمع على هذا النحو، وكأنَّها ترسم لوحةً مبدعةً بألوانها الزاهية، مثيرةً بهجةً منقطعة النظير.

لم يصلها منه تعليقٌ، فأعادت عينيها إليه.. لكنها لم تسمح لخجلها بفقد لحظتهما الساحرة، فبادلته النظر بجرأة رغم قربهما الشديد، وقد غابت كل كلماتها مكتفيةً بحديث خضراويتيه الغارقة في زرقتها الصافية.

- هل تحبين أن أصطادها لك؟

- أتستطيع؟!

هز رأسه ايجاباً وهو يعترفُ بابتسامة جادة:

- قرأت -قبل أيام- طريقة عجيبة في اصطيادها، وأرغب في التحققِ منها.

رفعت حاجبيها قليلاً لتتمتم بنظرة جادة لا تخلو من النعومة:

- الأمرُ ليس سهلاً، فهي رقيقة، وعليكَ الإمساك بها دون قتلها.

- لا تقلقي، الطريقة التي أطلعتُ عليها سهلة للغاية.

ضحكت وقد أثار فضولها نحو هذه الطريقة التي بدا واثقاً منها.. وعندما أعادت نظراتها إليه وجدته ينظر إلى الفراشات المنتشرة في المكان، ثم ردد نظراته بين تلك الفراشات وبين وجهها قائلاً:

- ألم تلاحظي أن من الغريبِ تجمع الفراشات في هذه البقعة بالذات.

-حقاً؟!!

أصدرت ضحكة قصيرة عذبة وهي تستشعر الغرابة في نظراته وحديثه، لكنها لم تفصح عن ذلك وهي تركز نظراتها على وجهه لتتساءل بتعجبٍ باسم:

جلوسترشير..   مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن